|
رنة الخلخال خلخلت عقول الصناديد في التاريخ توما شماني – تورونتو / عضو اتحاد المؤرخين العرب مازال الخلخال له رنين وقوة مذ وجد التاريخ، فله دور كبير غير منظور اهمله التاريخ عمدا، والمدنون القدامى انفوا من الكتابة عنه لان اهتمامهم كان منصبا في ارضاء السلاطين والعساكر في وقت كان يدور في اوساطهم في حياتهم الخاصة، لذا لعب دورا كبيرا خلف حجب واستار التاريخ. فاذا كان الرجال الصناديد حملة السيوف البتارة قد كتبوا التاريخ بعضلاتهم القوية وبفروسياتهم ملء ارادتهم، بيد ان رنة الخلخال كانت اقوى محرك للتاريخ، ولولا الخلاخيل لما كان للتاريخ عطره واريجه وسناءه مهما بلغت قوى العساكر والسيوف البتارة التي حملوها. وفي السعودية الآن تقوم الآن الفتيات والنساء الملفوفات بالجلابيب وبقوة المرأة اما او اختا او بنتا بممارسة قوتهن المخملية باثبات ان المرأة امرأة وان قبعت خلف الحجب بقوة عضلات الرجل. وكثير منهمن الآن يشن المناورات امام الرجال بلبس الخلاخل ذات الأصوات الرنانة والمجلجلة، متبخترات متبهرجات في الأسواق والمولات الحديثة. السعوديات والخليجيات الآن يفضلن الخلخال في وقت اندثر في البلاد العربية الاخرى واصبح من ذكريات الماضي وليس هذا فحسب، فهن الان يلبسن مايعرف بالزمام على الأنف من الحلي القديمة والفتخ وهو خاتم ذهبي في إبهامي القدمين، وهذه من مكملات زينة القدم، اما (الحجل) فمايزال حيا يرزق هناك، وهو عبارة عن طوق صامت ليس له قوة الخلخال وهو مستدير له حواشي من الأجراس كروية الشكل، ويفتح ويغلق لأجل اللبس، ولهذا يقول شاعر منهم (وتعطرت في فلها تلك الربا ...بل أطربتها رنة الخلخــال) والواقع ان رنة الخلخال جننت الرجال في كافة العصور، اما العطر النسائي الفواح فقد دوخ الصناديد وانطربوا به ومايزال قائما في امبراطوريات للعطور والكريمات والشامبوات وحمران الشفاء ذلك لان ثورات النساء المخملية اقوى من جبروت الصناديد. انه اندحار هورمون التستيرون امام هورمون البروجستيرون. أما الخلخال الصدَّاح فإنه، كما يخيَّل لنا، يماثل تلك الموسيقى الصدَّاحة في الشعر. إنه يعلن عن الجَمَال عبر نغم حاد، محرض، صارخ رنَّان يسمع وينعش في دفعة واحدة من رجل حواء. هل الهدف من موسيقى كهذه هو الجميل لجماله أم شيئاً آخر؟ انها انطلاقة انثوية لإثارة مشاعر الرجل ليس الا. (الخلخال) الذي يزين اسفل قدميها الساحر، يدفع الشاعر مجننته الى تقصير ثوبها الذي يغطي (الخلخال) عند مشيتها التي تسحره فيقول (خلي (الحجل) ينشاف.. كَصري زبونج، وكَولي شحيح (الخام) لو ينشدونج). وفي قراءة اخرى يقولون (قصري زبونك، لاينتلف بالطين) لكي يظهر الخلخال مخلخلا عقول الرجال. العقال الذي يحصر راس الرجل والدشداشة التي يدشدشها بقيا في جمود رغم ان الوانه ونسيجه قد تبدل بفعل النفط والدولار الامريكي، بينما تطور الخلخال بفعل المرأة وسخاء الرجال على الرغم من انه مايزال قواما عليها والتاريخ يذكر ان اغلب الدسائس كانت بتدبير من موسيقى الخلاخل التي تنطلق من ارجلهن. مع هجمات الحداثة والدولارات تطور الخلخال الذي هو سوار ذهبي غليظ يطوق القدم يحتوي سلاسلا واجراسا صغيرة وله فتحة وقفل اتذكره حين كنت صغيرا في البصرة ان الحجية نبيهه وابنتها خيرية كانتا ترتديان الخلاخل وكانتا متحجبتان وكانتا تطلبان مني ان اقوم ببعض السخرة في المفهوم العراقي. وبالاضافة الى ذلك فهناك ماهو اكثر من مزينات اصابع المرأة كالفتخ وهو خاتم ابهام القدمين الذهبي اظافة الى الحناء الذي كان يخضب اليدين والرجلين في الماضي. اما الآن فمع حلول جينات برمودا الضيقة على اجسامهن فقد حل عصر الحناء المنقوش بصور من الزخرفة والنقوش مايثير جنون الرجال بهن بالاظافة الى مايفعله الخلخال ومحابس اصابع الرجلين واليدين. اما الخلخال فهو مايزال في مسيرة التجديد وباشكال مختلفه, فغدى رفيعا أو عناقيد فضية صغيرة بعضه صامتا وبعضه مجلجلا واخذ يشق الطريق بعنف في الحفلات الكبرى واللقاءات الاجتماعية يل حتى الجامعة وظهر ايضا أقدام الراقصات على وحدة ونص. الخلخال شق طريقه في اشعار القدامى فالشاعر الماجن وضاح اليمن قال (ولقيتها تمشي بابطح مرة بخلاخيل وبحلة اكباشي) واقتحم الأغنيات الشعبية كـ (ياخالي كبر خلخالي ومهري غالي) وأغنية (رنة خلخالي)، وفي الاقوال الدارجة كـ (هزي الخلخال يابنيه) و (يا خالي كبر خلخالي) بمعنى وصول الفتاة لسن الزواج. ذكر التاريخ ان سيدات الاغنياء وأميرات القصور و والعبيد وصيفاتهن في زمن الأسر الفرعونية ولبسن الخلخال في القدم وكان مصنوعا من الذهب ومطعما بفصوص الأحجار الكريمة أما نساء الطبقات الدنيا فلبسنه من النحاس. وعرف الخلخال في الحضارات القديمة. وقد وجد الخلخال منقوشا ومكتوبا على برديات فرعونية. الخلخال لبسه الرجال أيضا في عصر الأسرة الرابعة إلا أنه كان من الخشب أو العاج وكان له رأسان. في تاريخ المجتمعات القديمة لبست المرأة الخلخال الذهبي والمرصع بفصوص الأحجار الكريمة، ولهذا فان الخلخال عريق في التاريخ منذ ان جعل الرجل المرأة لعبة له. واذ انحسر الخلخال في الاقطار العربية فانه مازال يخلخل ويجلجل ويرنرن ويدوخ الرجال في الجزيرة العربية، وهو ليس جامدا فهناك الكثير مما يسمونها بالتقليعات لما فوق الحداثة يقبل بها الرجال قديماً كان للخلخال مكانة احتماعية عالية فالعروس تزف إذا أحضر لها العريس خلخالاً من الذهب أو الفضة حسب مقدرته المالية والمرأة إذا رغبت بالتزين والتبرج لا تظهر بدون الخلخال وإلا بدت عارية من كل زينة حتى ولو لبست عددا من الأساور والخواتم، كل ذلك يجري خلف الحجب تحت العباءات والجينات الباريسية بالطريقة الخليجية من التبهرج بالاضافة الى العطور الآتية من باريس بانواعها الشهيرة. انها القفزات التي أتت مع الدولارات النفطية بينما العراق يسير متسارعا نحو الخلف والجهالة والافكار المتحجرة التي عفى عليها الزمن.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |