الإرهاب الوهابي والدعاية السلفيّة السعوديّة

 محسن ظــافــرغريب / لاهاي

algharib@kabelfoon.nl

يعترف د. أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم " القاعدة " السلفي الذي إحتضنته السعوديّة وتعهدته بالرعاية سيدتها الولايات المتحدّة الأميركيّة وقبلتها العمليّة واشنطن وكعبتها الفعليّة البيت الأبيض الأميركي، بأنّ ثلثي نشاط تنظيمه الدعاية ويعزز صدق قوله حقيقة تسييس الدين في العالم اليوم وفي قاعدة الإرهاب الدولي بلاد الرافدين، العراق الذي واجه في القرن الماضي والآن يواجه الإرهاب الوهابي نيابة عن العالم، مبرهنا على أن إرهاب البدعة الباطنيّة الوهابيّة المنافقة لكعبة الإسلام الحنيف الحقيقي على رأي دين ابن تيمية الذي يذهب الى ظاهر الخبر مجافيا العقل والنقل والنظر، والمنافقة لكعبته البيت الأبيض في آن معا، لتشابه لوبي آل سعود وآل سلول الصهيوني الضار بيهود العالم وأوربا الأمس القريب بعد معايشتهم الإسلام في صدره الأوّل بجزيرة العرب والعراق والشام ومصر، بدعة ضالة مضلة باغية لاتستهدف العراق العربي المسلم بدعوى الإحتلال، بقدرما تستهدف سماحة مهد الحضارات والخيرات العراق العريق قبل ما يُسمّى بدار الحرب الغرب المعتدي الكافر الذي يعيث فسادا في عاصمة الخلافة الإسلاميّة مدينة السلام بغداد، بؤرة الإشعاع ورياح الإصلاح والحوار الحضاري المُتمدّن. دعاية مردوخ البترو بداوة دولار ممثلة بوعاظ سلاطين آل سعود وأبنائهم تبع الليبراليين الجدد في قبلتهم واشنطن، في قنوات فضائيّة وصحافة إلكترونيّة وتقليديّة مدعومة من تبع أيتام المجرم المُدان في العراق صدّام السجين من ذوي الضمائر الرخيصة المشتراة بكوبونات نفط العراق. ففي حين كانت دعاية بعض المرتزقة المأجورين تروّج لتلميع شخصيّة القمىء صدّام المجرم، سوّغت ذلك بعد فراره من شرف المسؤوليّة الى سلة مهملات أسياده الأميركان الذين خلعوا تنظيم القاعدة وصدام من ربقتهم بعد حرب الخليج الأولى التي كان ختامها نهاية العصر السوفيتي ولعبة الحرب الباردة، وسوّق مثل رئيس تحرير صحيفة" القدس العربي" اللندنيّة عبد الباري عطوان، بأنّ صدّاما مجرّد دكتاتور ضمن دكتاتوريّة تحكم اليوم بلاد العرب والمسلمين، للتخفيف قدر الإمكان من جرائم العصر التي إقترفها حزب البعث العيثي العدمي مجانا، وزينت له سلوكه الأخرق الذي برهن الإحتلال الأميركي للعراق على فشله، حيث كان الإحتلال ذاته جريمة الخيانة العظمى التي إجترحها صدّام المُدان بفراره عندما إقتضت المسؤوليّة الحسم لصالح شرفها المخذول، تلك الجريمة التي كان على محكمة الجنايات العراقيّة محاكمة صدّام وعصابته الخائنة وكيلة الإحتلال في التمهيد للإحتلال ثم للإحتلال بدلآ من مهزلة جعل المحكمة منبر دعاية إضافي مدفوع الثمن أيضا من مُقدّرات أجيال مُضيّعة من الشعب العراقي داخل وخارج العراق حتى اليوم لهذه العصابة، كي لا يُدان الوكيل مع الأصيل المحتل للعراق. عطوان هذا للأسف نفسه ضيّع رأسمال الصحافي والصحافة؛ الصدثيّة، قبل قبض صدّام المُدان في مثل هذه الأيّام من سنة الإحتلال 2003م، كان يكرر عبر منبر قناة قطر" الجزيرة" الفضائيّة، في عدّة لقاءات ولعدّة مرّات في اللقاء الواحد!، بأن صدّام ملك التخفي ولن يصله قدم العم سام الذي إستقدمه صدّام نفسه ليفتش مخدعه في القصر الجمهوري الرمز السيادي العراقي كبداية هوان وإستهانة وإهانة مهّدت للإحتلال. أمثال دعاية آل سعود وعطوان صنعت أشياخهم يدن لادن والظواهري وزرقاوي، وهذا الأخير أيضا بعد قبره حاول أمثال عطوان إعتباره عبئا على تنظيم القاعدة الذي سوف لن يُخيّب آمالهم في تدمير بؤرة الإصلاح العراق الحضاري وأثر هذه البؤرة على أطراف البداوة الجافية بعد قبر حليفها السابق صدّام من قبل أسياده لنفاد مهامهم ونفاذ صلاحيته الإفتراضيّة، وأن القاعدة في بلاد الرافدين سوف تتحرر بعد أن شبّت عن طوق صناعها الأميركان كما شبت دعاية كوبونات نفط البداوة الليبي والسعودي مع عودة هذه البداوة في طرابلس الغرب والرياض لحضن الغرب. بينما يظن الخبير الفرنسي في شئون الحركات الإسلامية دومينيك تومان، بأن هلاك زرقاوي سيكون وطأة رمزية على الإرهاب. في هذا السياق يقول تومان مؤلف كتاب: "لندنستان، صوت الجهاد"، أن الرجل كان زعيم حرب ولم يكن داعية أو يمتلك أي تأثير ديني. كما إنه لم يكن يلعب دورا عالميا سوى في بعض المناطق العراقية. وبالتالي فان مصرعه "لن يضعف إطلاقا تنظيم القاعدة المتشعب دوليا". ويشير الخبراء إلى أن بنية تنظيم القاعدة "اللامركزية" تمكنه من التعاطي مع كل المتغيرات بمرونة كبيرة بحيث أن فقدان أي من القيادات لا ينعكس بالضرورة على عمل التنظيم. يذكر هنا أن القاعدة ذاتها سارعت إلى التوكيد على أن عملياتها لن تتأثر بغياب زرقاوي.
ويرى الخبير الألماني أولريش شنيكينر إن "القاعدة" سيحاول إثبات إنه ما زال موجودا رُغم غياب زرقاوي من خلال تكثيف عملياته. ويضف شنيكينر إن "المقاومة في العراق ستستمر"، مشيرا بأن "تنظيم زرقاوي" ما هو إلا أحد التنظيمات الكثيرة والمتعددة في العراق. ويشير الخبراء إلى أنه من ضمن الأسباب التي لن تجعل مقتل زرقاوي يؤثر على ما يسمونها "بالحركة الجهادية"، أن المقاومة العراقية من جهة وواشنطن من جهة أخرى تعمدتا تضخيم دوره في العراق. فالمتمردون العراقيون الذين ينبثق العديد منهم من صفوف أيتام صدّام وأجهزتهم الإستخباراتية كانوا يُبرزون زرقاوي لإلقاء مسؤولية عمليات قد لا تحظى بتأييد شعبي على عاتق أردني. أما بالنسبة للأميركيين الذين يواجهون في العراق عدوا متشعبا ومتعدد الأوجه، فان إستخدام إسم "زرقاوي" يمَكِن من تبسيط الصورة، كما يُبسّط عطوان صورة المجرم المٌدان صدّام على أنه مُجرّد دكتاتور(يّة)، وتوصيف عدو يصعب تحديده، كما يعتبر الخبراء. على ذلك تواصلت أعمال العنف بعد هلاك زرقاوي، حيث شهدت بغداد ومناطق عراقية مختلفة عمليات تفجير واختطافات خسيسة من جنس دعاية الإرهاب، بما في ذلك اختطاف مسؤولين في حكومة غطائها الإحتلال.
الصحافة العالمية من جهتها حذرت من أن مصرع زرقاوي يرتدي أهمية رمزية بإمتياز. كما توقعت تعيين خلف له وعودة التحالف بين البعث الصدّامي وأسياده الأميركان في بلاد الرافدين مما يعني بقاء الولايات المتحدة في مستنقع مستمرة إلى أجل غير مسمى هناك. واعتبرت أبرز الصحف الأميركية أن هلاك زرقاوي يُشكل فرصة للحكومة العراقية لتثبيت سلطتها و للولايات المتحدة "للعودة إلى الهجوم العسكري. ووصفت صحيفة "واشنطن بوست" إن مصرعه مكسب كبير. لكن أجمعت الصحافة على أن ذلك لا يُشكل منعطفا حادا بالنسبة للعراق. ونصحت "وول ستريت جورنال" الحكومة العراقية بإقتناص الفرصة لإعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية المتداعية، حيث كانت كلّ الخطط يُعلن عنها زمانا وتحدد مكانا،
بشكل ملفت مُريب، يُعيد خلاله الإرهاب إنتشاره، إلآ خطة 5 كانون الثاني يناير 2007م أعلن عنها زمانا فقط وليس زمكانا حتى الآن.
من ناحيتها اعتبرت الصحافة العربية مصرع زرقاوي فرصة للوحدة العراقية، لكنها شككت هي أيضا في انتهاء دوّامة العنف، فيما لزمت الحكومات العربية الصمت حيال هلاك زرقاوي. واتفقت آنذاك كل من صحيفة"الوطن" و"أراب نيوز" السعوديتين و "الإتحاد" الإماراتية وكذا صحيفة "الحياة" السعوديّة اللندنية على أهمية أن يتجاوز العراق الماضي وإرث زرقاوي ويسعى إلى إعادة بناء نفسه وتوحيد صفوفه.
العراق قاعدة تنظيم القاعدة التي فرقعت دعايتها بالونات إختبار إرهاب نيروبي ودار السلام ونيويورك. سلسلة تفجيرات سُميّت غزوات تشويها للإسلام لوصمة بالإرهاب، تلك التفجيرات والفرقعات الدعائيّة التي نفذت بعد طرد الأميركان من قلب أفغانستان ومازالت مستمرة ومازال العديد من العمليات في جنوب أسيا وأوروبا الغربية والمغرب والعراق يحمل بصمات القاعدة الدموية. ويبدو أن منفذي تلكم العمليات لم يتلقوا تعليمات مباشرة من ابن لادن. ولكن هؤلاء يتفقون مع الأهداف التي تنطلق منها القاعدة ويعرّفون على أنفسهم من خلالها.
رأسا القاعدة انحصر دورهما على ما يبدو في التوجيه الروحيبعد الغزو السوفييتي لأفغانستان عزم ابن لادن على محاربة من وصفهم بغير المؤمنين وتجنّد لذلك الآلاف من الشباب المسلم الذين قدموا من بلدان عربية مختلفة لتحرير أفغانستان. هؤلاء الشباب لم يساهموا في دحر قوات العصر السوفيتي فحسب، بل انخرطوا في حلقات فكرية وأيديولوجية على أيدي عدد من المُنظرين السلفيين كما كان الحال في بداية الأمر في مدينة بيشاور الباكستانية. هؤلاء المقاتلون لم تنحصر رغبتهم في تحرير أفغانستان، بل أرادوا التدرّب على كيفية إسقاط الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية بوصفها غير شرعية ومنها لانظام صدّام وحزبه البعث العبثي المنقسم على نفسه اليوم. مثل هذا الأمر لن يستغرق وقتا طويلا لتشرب مثل هذه الأفكار وأن هذه الأنظمة ما هي إلا مجموعة من الأشرار وانها لا تستطيع الصمود إلا بدعم من الغرب وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية كما صورها لهم منظّروهم.
بعد سيطرة مدرسة المشاغبين التي عادت تطلّ بقرنيها اليوم، طالبان وحكمها إمارة أفغانستان التي ألهمت صدّام آنذاك حملته الإيمانيّة المزعومة، كما يلهم تنظيم القاعدة البعث دعاوى الجهاد الإسلامي اليوةم، أقام ابن لادن معسكرات تدريب خاصة، حيث لم يعد إسقاط أنظمة الحكم العربية هو الهدف الأكبر، بل دعاية محاربة الغرب وإسرائيل بوصفهم "بالكفار" من أهم الأهداف التي وضعتها القاعدة لنفسها.
نوع حديد من القاعدة يعد أكثر خطورة من القاعدة القديمة في عمليات الإرهابمثل هذه الدعاية وجدت لها أرضية خصبة عند الملايين من المحبطين الأثرياء من المسملين؟، لأن الفقر والبطالة تأخر تدخلهما كعوامل مساعدة في التفاعل لا فاعل أصيل للإرهاب الوهابي العالمي، وكذلك من جيل الشباب الذي نظر إلى أسامة بن لادن بعين الإعجاب في حربه ضدّ أميركا مصّاصة دماء الشعوب والشيطان الأكبر. مثل هذا الإعجاب في العالم الإسلامي كان أيضا من نصيب صدام السجين خلافا لمنطلقات الرئيس الإيراني الشاب أحمدي نجاد.
استطاعت سموم دعاية القاعدة أن تبقى على قيد الحياة رُغم طرد القاعدة من كابول وقندهار وكذلك رُغم الضربات التي طالت قواعدها ومراكز القرار فيها. إذ نشأ نوع جديد من "القاعدة" لا يتسم بالمركزية، بل يضمّ خلايا صغيرة وأفرادا على مستوى العالم لا يوجد فيما بينهم نوع من التواصل. مثل هذه المجموعات تتغذى على خطاب الكراهية من قبل أشخاص مازالوا يتدربون في أفغانسان أو من أشخاص جمعوا خبراتهم من العراق. هم يتعلمون من الإنترنت كيف تصنع القنابل وكيف تختار الأهداف وكيف يتم تحديدها.
نحن هنا في الإتحاد الأوربي وأقطاره الغربيّة وعموم الغرب بدأ بعضنا يتعرض لمزيد من الضغوط بسب الأعمال الإرهابية التي تنفذ في أوروباالعجوز. أن الدعاية سوّقت إن مثل هذه المجموعات مستمرة في تخطيطها وتحضيرها لضربات جديدة دون كلل أو تعب وأنها أيضا لم تأت من دوائر يمكن أن تكون مشبوهة أو أن أفرادها موجودون على لائحة المطلوبين. الحديث هنا عن أشخاص لم يتم تصنيفهم تحت أية لائحة ملاحقة أو متابعة هنا غربي الإتحاد الأوربي.
الإنتماء للإسلام والإحباط وعدم الرضا عوامل وحدها لا تكفي أن تكون معايير لدرجة الخطورة. ولذا على الرغم من الضغط على ابن لادن والظواهري فإن القاعدة الجديدة باتت أكثر خطورة من القديمة. إذ أصبح من غير المقدور تفكيكها والسيطرة عليها. تماما هنا تكمن المعضلة، كما لم يكن ممكنا السيطرة على القاعدة بالأساليب التقليدية فإن القاعدة الجديدة تبدو أكثر مقاومة لذلك.
صحيفة عبد الباري عطوان( القدس العربي) اللندنيّة، نشرت الدعاية اللآزمة بإمتياز للقاعدة الوهابية السلفيّة ورموزها، ومن ضمن ما عودتنا على نشره، حوارا متسلسلآ مع المدعو ناصر أحمد ناصر عبدالله البحري( أبو جندل)، من محافظة شبوة اليمنيّة أصل أسرة ابن لادن السعوديّة، أبو جندل الذي وُلد سنة 1972م في جدّة من أب وأم يمنيين، كما هو حال ابن لادن الأب(الإبن أسامة من أم سوريّة)، وأسرته النازحة لمملكة آل سعود، وأبو جندل هذا أبوه عامل ميكانيكي يعمل في ورشة هندسيّة، تركه ينشأ في ظلّ الوهابيّة السعوديّة الظلاميّة وغادر سنة 1993م، وتزوّج مطلع سنة 1999م من العاصمة اليمنيّة صنعاء قبل شهر ونصف الشهر من اصطحاب زوجته معه الى أفغانستان حيث حملت ووضعت له بكره ولدا سمّاه"حبيب" في مُجمّع أسر المجاهدين مطار قندهار، ثمّ إبنتين هناك، وبعد 4 أشهر، إستحضر 15 عاما من عمر التزامه الوهابي متأثرا بخطب أئمة مساجد ضرار الوهابيّة التي تحضّ الناس على الجهاد، بتعبئة أميركيّة من وراء الكواليس السعوديّة بحضور قوي للوبي السعودي- الصهيوني والمحافظين السلفيين السعوديين – الأميركان الجُدد، وبسماع أشرطة الداعية السعودي د. عائض القرني ولاسيّما باكورة أشرطته" ليالي في أفغانستان" . وبحلول جيش صدّام المُنحل والمُحل في الكويت، جهز الشيخ السعودي السلفي سلمان العودة، الشباب للجهاد ماديّا – معنويّا. وبدء بطاجيكستان إعتقلوا، لتبدأ الأعمال الخيريّة الخرافيّة ماليّا، على شكل؛ دور ضيافة ومستشفيات علاج حكوميّة سعوديّة. وكان أوّل من جهر ونفر الى الجهاد إمرأة تعمل مُدرّسة تبرعت براتبها الشهري في سبيل البوسنة والهرسك. ومع أمر واشنطن لصنيعتها السعوديّة وربيبتها الوهابيّة الشيطانيّة الكافرة بتجفيف منابع الجهاد، غادر ابن لادن
الى السودان ثم الى أفغانستان قبل عقد من الزمن، سنة 1996م، بعد فتحة فروعا للقاعدة في السعوديّة واليمن وغيرهما من أقطار دار الإسلام. وكانت الدعاية السعوديّة أداة صناعة الداعية السلفيّة، وكان أبوعبد العزيز أنموذجا لها ، وأوّل المجاهدين العرب في البوسنة الشيخ الوهابي محمود باحاذق، أجريت معه مقابلة من 6 حلقات وحاضر في ظلّ آل سعود بالسعوديّة ووزعت أشرطته، ومثله الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني. ويصف أبو جندل، الشيخ ابن لادن بأنه سلفي
تربى على المنهج الوهابي حيث كانت تدرّس كافة المدارس السعوديّة كتاب(التوحيد)، دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهاب، ويقول أبو جندل؛ كنا نلقن فيها(المدارس السعوديّة قبل فرض واشنطن على آل سعود تغيير مناهج مدارسهم) هذه الدعوة صباح مساء، مثـلما ترضع الأمهات أبنائها الحليب( لبن أربيل بالنسبة لأمثال ملآ كريكار)، حتى أصبحنا نحفظ شخصيّة محمّد بن عبد الوهاب أكثر من حفظنا لتاريخ الصحابة، فالشيخ أسامة بن لادن خرج من تحت عباءة الدعوة السلفيّة السعوديّة. وكانت بشاور الباكستانيّة لاتصلها سوى الطائرات السعوديّة لقضاء مثل العشر الأواخر من رمضان حتى إعتقال آل سعود مشايخ السعوديّة بين سنتي 1993-1998م، وكانوا صمّام أمان، فتلقف أسامة بن لادن شبابها لتسليحهم، فزجتهم السعوديّة بسجونها. ويخلص أبو جندل الى النتيجة- الحقيقة؛ الأميركان محتلون والحكومة السعوديّة عميلة ومرتدّة.
أنموذج توكيد آخر
إن هجمات 11 أيلول الأسود الأميركي في سنة أولى ألفيّة ثالثة 2001م، قد جعلت موضوع الإرهاب الوهابي من أهم المواضيع على الساحة العالمية. ويتخيل كثير من الناس أن تلك الهجمات قد نشأت من لا شيء. أما الواقع فيقول بأن لها تاريخ طويل سبقها. فمنفذوها ينتمون إلى تنظيم كبير، نشأ وتطوّر في غفلة من الغرب، ألا وهو تنظيم القاعدة.
وهذا كتاب* موسوم بعنوان "حياتي مع القاعدة، قصة جاسوس"، بقع في 500 صفحة، يروي قصة مواطن مغربي تحت اسم مستعار، كان قد دخل في صفوف جماعة جزائرية ذات نشاط إرهابي، لم يستطع مغادرتها؛ وكانت بداية معرفته بتلك الجماعة مصادفة في بلجيكا عن طريق شقيقه، إذ لم تكن للرجل أية أهداف دينية، إنما كان شخصية ذات ميول إجرامية، وظفتها تلك الجماعة في تنفيذ عمليات تهريب للأسلحة.

عميل مزدوج
خاف الرجل على أسرته أن يحيق بها شيء من تبعة ذلك، فسلم نفسه للمخابرات الفرنسية، التي بدورها جعلته عميلاً مزدوجاً، يتجسس لصالحها على الجماعات الإسلاميّة، وهو ما إصطلح عليه بالخط المائل الذي يدور حول محوره هذا الكتاب يعمل بطله بأسماء مستعارة، وله لقاءات سرّية ومغامرات، ويعيش في خوف دائم من الإنكشاف، وما بحكم ذلك.
تدور ذروة أحداث رواية الكتاب على إقامة دامت عامين في معسكريي تدريب في أفغانستان. ويصور الكتاب هذين المعسكرين تصويراً إبداعيّا، كمسرح للمغامرات والأسلحة الخطيرة والإسلاميين من جميع أقطار الدنيا. وبعد أن غاص الرجل لعدّة أشهر بدأ في تغيير مفاهيمه بصدد تعامل الغرب مع المنظمات الإرهابية، إذ يقول: "لقد فهمت الدوافع التي تقف وراء هؤلاء الناس، إنهم ما كانوا مجرمين بالفطرة، لكنهم وُلدوا مسلمين؛ ورأوا بلدهم ينهب، فكان من واجبهم كمسلمين أن يذبوا عنه".

كلّ شىء ممكن والمعنى في قلب الشاعر الراوي
الكتاب بترك انطباعا مشوشا عن إدراك الكاتب لخطورة الأعمال التي إضطلع بها فيروي بطله هذا أنه بعد أفغانستان عاد إلى أوروبا، فيسرت له المخابرات طريق التسلل إلى جماعة إسلاميّة في لندن. حيث تجلى له أن من كلفه بمهمّة التخابر تنقصهم المؤهلات الأساسية في كيفية التعامل مع الإرهابيين، واصفاً ذلك بقوله: " بما أن الغرب كان رافضاً لمجرّد أن يحاول فهم الفكر الإسلامي ومنطق الجهاد فإن تلك الهجمات كان صدّها مستحيلاً. لا أحد أراد أن يسمع"!.
الكتاب يترك لدى القارئ إنطباعاً ضبابيّاً عن الراوي الذي لا يدرك تماماً مدى خطورة الأعمال التي قام بها، حيث إنه يعلم تماماً أنه قد شارك في القتل والهجمات الإرهابية؛ فضلآ عن كونه يُعلن أنه قد فعل ذلك من باب الضرورة القاسية، للوصول إلى الرؤوس المدبرة في تنظيم القاعدة.

الكتاب* باللغة الألمانية:
Omar Nasiri: Mein Leben bei Al-Qaida. Die Geschichte eines Spions,
Deutsche Verlags-Anstalt, München.
I
SBN3-421-04271-3

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com