الإعدام اليوم بحقّ صدّام هو الخيار الأمثل لكلّ الأطراف ولصدّام ذاته. فبالنسبة للحكومة المُنتخبة من قبل مكوّنات الشعب العراقي بما فيها المغيّبة في ظلّ تسلط صدّام
وحزبه، وبالنسبة لرموز القيادة العراقيّة المُنتجبة على خلفيّة الإنتخابات الوطنيّة العراقيّة في ظلّ الإحتلال، بات أكثر من ضرورة بعد سنوات عدّة من فرار صدّام و
حزبه وإسقاطهما هما بالذات ما سُمّي بمصطلحات النصف الثاني من القرن الماضي التي لم تعد تناسب روح العصر في النصف الثاني للعقد الأوّل للألفيّة الثالثة للميلاد، بالشرعيّة الثوريّة على خلفيّة خيانة عسكر القصر الجمهوري النايف والداوود في17 تموز التي سرقها بعد13 يوم حزب صدّام في30 تموز1968م، ثم إنفراد صدّام بالتسلط وإجتثاثه قيادة وقواعد حزبه ورفاق ما سُمّي بالجبهة الوطنيّة والقوميّة التقدميّة في غضون العقد التالي من زمن التصفيات والحروب وإرهاب السلطة والبيعة لشخص صدّام تمهيدا وجسّ نبض للشعب العراقي الواقع تحت ظلّ ذاك الزمن الذي لن تعود مأساته ملهاة أبدا، لإنتخابه ثمّ إعادة إنتخابه من قبل حتى فاقدي الأهليّة بدالة نسبة الإنتخاب100% التي رشحت منها بعد الفرار الكبير لصدّام وحزبه، الفرار الذي يعني التخلي، في مثل هذه الحالة وبالشكل المُخزي المُدوّي الذي لم يخجل منه صدّام وإن فضل حماية حلفاء الأمس الأميركان له في سجنه وفي قفص الإتهام مستفيدا من دعاوى الديمقراطيّة لغير الأميركيين، فإنبرى ينسخ إنطباع الآخرين عنه في فراره وفي حفرته الحقيرة كماضيه بمهاتراته الصبيانيّة التي ألبست محكمة الجنايات العراقيّة الخاصة به وبعصابته لبوس المهزلة، ذلك الفرار الذي يرقى بكلّ المقاييس الى جريمة الخيانة العظمى، وعقوبتها في كل أقطار الدنيا الإعدام ناهيك عن إسقاط شرف المسؤوليّة عمّن يُقصّر ولو برتبة وزير أوموظف عادي في العالم الذي يحترم نفسه، في حين يواصل هذا المخلوق الصفيق صدّام بجاحته دون أدنى قطرة حياء تشبثا نرجسيّا جبانا بحياة الذلّ التي ضحّى لأجلها بخيرة شباب العراق، خشية وتوجسا في زمن السلم القليل وخلال مفاوز حروبه العبثيّة التي ضيّعت حقوق وأرواح العراقيين التي قتل من لم يؤمن وفرّ
منها، وهو الذي لم يبرهن على أهليّة بعد وصوله تلك السلطة التي وصفها في بداية تسلطه في تصريح له بأنها ملعونة، وبما يُعرف بالفقه القانوني؛ ما قام على باطل فهو باطل، وما نجم عن وصول تلك المسؤوليّة في غفلة من ضعف في ذاك الزمن الردىء، لأفراد هم صدّام وعصابته الضالة المُضلة الباغية من ضرر وضرار للوطن العراقي المُهدّد ولمكوّنات الشعب العراقي ولمقدّرات أجياله المُضيّعة في داخله وخارجه وهم أحراره وصفوة عقوله ومثقفوه وهم ملايينه الحيّة الحيويّة وقضيّته الوطنيّة وسيف مشارب الشتات المسلط على شتى مشاربها، والتي رشحت من نسبة 100% الكبيرة التي إنتخبته بالترهيب والترغيب بعد حقبة من الدعاية مدفوعة الثمن في الداخل والخارج مثل أسلحة الدمارالتي دُمّرت، من مقدّرات الشعب المُستلب، وتلك نسبة معقولة شاركت في إنتخابات وطنيّة عراقيّة بنيّة طيّ صفحة الماضي السوداء من إختلال وإحتلال في آن معا، الماضي الذي كلف الوطن وأجياله المضيّعة الوقت، زهرة العمر الثمين مع المقدّرات والسعي بإتجاه السعادة. ذلك الوقت القصير بعمر الزمن، الكارثة بعمر هذا الإنسان الذي تكمن قوّته في ضعفه الإنساني. إعدام صدّام إن لم تنفذه حكومة العراق المنتخبة وقيادته المنتجبة في ظلّ الإحتلال فسوف يطمع فيها أوّلآ الخارج الطامع بخيرات مهد الخيرات والحضارات العراق العريق بكلّ مايعنيه على المستويين الإقليمي والدولي، وما يعني ذلك من مزيد من الوقت والمال يستنزفها صدّام في محبسه وفي قفص الإدانة وكأنه ما زال يبني بإسم الشعب " قصورالشعب " ويوزّع نفط الشعب في سبيل البعث(التاج)، المختزل بشخصه القمىء على مرتزقة دعايته في الخارج قبل الداخل!. الخارج الذي يعني سيف مشهور قلق يدور على الرؤس متخطيا الرقاب، متناوب، ذو حدّين؛ حدّ الوطني وحدّ المُجند لأجندة غير وطنيّة عراقيّة. وثانيا الداخل المتداخل مع الخارج؛ تنظيم القاعدة الرافض لصدّام وحزبه، وحزب صدّام المنشقّ على نفسه الرافض لصدّام قلبا وقالبا، ويُشكل الخطر الحقيقي المباشر على صدّام إن لم يجد الرئيس المالكي خيار الإعدام لصدّام لحلّ إشكاله مع رفاق وحلفاء الأمس وهم بدورهم ينتظرون خيار تنفيذ حكم محكمة الجنايات العراقيّة بصدّام وعصابته، لأنهم يطمعون بإرث أسلاب صدّام، كما يطمعون بهذا الإرث وهو بيد الأخ المالكي سواء بسواء، في معادلة النفاق السياسي. فتنفيذ المالكي كسلطة تنفيذيّة لحكم المُدان صدّام، إراحة للطرفين الحاكم المالكي والمحكوم صدّام المُدان، إزاء الشعب العراقي وضحاياه وأسر شهداء العراق ورموزه الوطنيّة، تعزيزا لثقة المواطن بالوطن وبقيم الخير والإنسانيّة والتحضّر والمدنيّة والأمن المفقود وما يفضي الى ضياع كلّ شىء، فالتفيذ إذا؛ راحة وإراحة، من أن يطمع طرف يلمس ضعفا وهوانا بالطرف الآخر فيستهين به ويرفع سقف مطالبه ومن ثمّت المشاركة في لعبة الكراسي الدائرة على الأقاليم وكركوك والنفط الخ، بالمحاصصة القائمة مع التطلع؛ لوضع حدّ لها كشرّ لابدّ منه بتقليبه وضربه على وجهيه ذاتيّا- موضوعيّا بإتجاه إزالة آثار الإختلال- الإحتلال كعملة رائجة للإستهلاك السياسي تفقد رصيدها من إحتقانات مع تراكمات أزيد من40 سنة تتلوّن وتتمظهر طائفيّا وإثنيّا كجزء من التصافق على صفة الأسلاب، بالنفاق السياسي، حتى ينتهي تداولها في السوق المحلي والعالمي. دعك من مزايدات وتسويق سماسرة السياسة، كإتهام الرئيس بوش الإبن بترتيب موعد النطق بالحكم في قضية الدجيل للإستفادة منه في المعركة الانتخابية، وتشكيك بعض الخبراء السياسيين في مدى تأثير الحكم على فرص الجمهوريين في إنتخابات الكونجرس بسوقيه النوّاب والشيوخ ودور اللوبي المالي الصهيوني والعالمي، وشراكة الرئاسة الجمهوريّة، رئاسة الجمهوريّة الأميركيّة ورئاسة البرلمان الديمقراطيّة، والتفاهم على أجندة وطنيّة تلتقي وتتقاطع مع الأجندة العراقيّة، إذ يعتقد ستيفن هيس، الخبير السياسي في معهد بروكينغز، إن الأثر الذي يتركه حكم محكمة الجنايات العراقية على صدّام وعصابته، على توجهات الناخبين الأميركيين
"متواضعاً"، مضيفاً أن"معظم الذين يدلون بأصواتهم موقفهم محسوم من الوضع في العراق". لكنه يرى أنه من الممكن أن يؤثر الحكم على المترددين( توكيد حذرحكومة العراق من التردد في تنفيذ حكم القضاء العراق كي لا يطمع في عدل القضاء وفيها من في قلبه مرض مع غرض) . أيضا هيس هيس:"يتصدر ذلك بالطبع عناوين الصحف ويستخدمه الجمهوريون والرئيس بوش لتذكير الأميركيين بالسبب الذي شنت من أجله الولايات المتحدة الحرب على العراق"، أي أسلحة الدمار الشامل التي تمشي على الأرض، صدّام وعصابته المُدانة بالإبادة الجماعيّة للجنس
البشري في العراق وجواره.
وفي أول رد فعل على هذا التطور، قال السفير الأميركي في العراق، ظلماي خليل زادة، إن الأحكام التي صدرت "خطوة تاريخية هامة" بالنسبة للعراق وتظهر "التزام الشعب العراقي بمحاسبتهم". وقال خليل زادة "جرت محاكمة دكتاتور سابق كانت تخشاه الملايين قتل مواطنيه دون رحمة أو عدالة وشنّ الحروب على الدول المجاورة, وجرت محاسبته داخل بلاده أمام محكمة أدلى فيها مواطنون عاديون بشهاداتهم". وبُعيد بدء الجلسة، طرد القاضي من المحكمة أحد محامي الدفاع عن صدام المُدان، الأميركي رامسي كلارك الوزير الأسبق بسبب موقفه من المحكمة. وقال القاضي "أخرج من المحكمة. لقد جئت إلى العراق لتسخر من الشعب العراقي ومن المحكمة". وكان كلارك قد إنتقد توقيت إصدار الحكم قبل يومين من الإنتخابات التشريعية في الولايات المتحدة التي جرت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم.
ففي معرض تعليقه على التطورات الأخيرة قال جوست هيلترمان، مدير شؤون الشرق الأوسط في مجموعة "إنترناشونال كرايزس غروب": "حكم الإعدام عزز السلطة الرمزية لصدام بحيث بات اليوم شهيدا حيا". وأضاف أنّ صدام "لا يزال لديه تأثير على المتمردين السنة، وأعتقد أن هذا التأثير سيزول سريعا بعد موته، لكن إعدامه سيؤدي إلى رد فعل أكثر عنفا".
ومن جانبه أشار وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما الى معارضة إيطاليا لعقوبة الإعدام. وفي هذا الصدد نقلت وكالة الأخبار الإيطالية إنسا عن الوزير تشديده على "ضرورة التوصّل الى الحقيقة والعدالة الكاملين في العراق وقلقه من عواقب احتمال تنفيذ حكم الإعدام على عملية المصالحة الوطنية الصعبة في العراق"، وهي مصالحة سمسرة تسوّغ تسويق العراق وطوائفه في مناقصة بالمزاد العلني والخفي في سوق هرج للأسلاب . وكان ماسيمو داليما صرح من سانتياغو في تشيلي حيث يقوم بزيارة رسمية إنه "ما زال يأمل في أن ألآ يُنفذ الحكم". كما قال في تصريح أوردته وكالة إنسا "نحن نعارض عقوبة الاعدام. بصفتنا إيطاليين وبصفتنا أوروبيين"(مثالي مصير موسوليني وهتلر). وعبرت متحدثة بإسم منظمة العفو الدولية عن خيبة أمل المنظمة الشديد من قرار المحكمة. وقالت:" نحن ضد قرار عقوبة الإعدام من حيث المبدأ، لكننا ضدّه في هذه الحال تحديدا لأنه يأتي بعد محاكمة شابها القصور"، إرباك صدّام وعصابته ومحاميه واللعب على عنصر الزمن الضائع كسبا للوقت والعطف بعد ضياع السلطان والصولة والصولجان، الوقت الذي ضيّع العراقيين ومقدرات وطنهم الأغنى وطن في العالم الذي يضم داخله وخارجه أفقر شعب في العالم في مفارقة على متن هامش جرائم وعبث البعث.
لندن عاصمة بريطانيا العظمى ثمّ الجزر البريطانيّة، مدينة الضباب والطقس السياسي الذي تغيّر، التي عادت من زمن الإنتداب عندما كانت إذا زُكمت عطست بغداد، عادت شريكة أساس للإحتلال، جددت حكومتها معارضتها لحكم الإعدام بحق صدام المُدان. وقال المُتحدث بإسم الخارجية البريطانية إن رئيس حكومته طوني بلير أوضح بأن الإعدام من صميم القضاء العراقي المستقل، وإنّ هذا الموقف لم يتغيّر. كما جدد معارضته لعقوبة الإعدام، بيد أنّ القرار يعود إلى السلطات العراقية على حدّ تعبيره. للحكومة العراقيّة حق حماية الوطن المهدد بالإبتزاز الداخلي والإستهلاك المحلي والدولي الطامع بما لديها من سلطات شحيحة وثروات ينطبق عليها المثل؛ المال السائب يُعلم السرقة!، وهو ذاته حقّ تنفيذ حكم القضاء العراقي خلال 30 يوما إعتباراً من اليوم الأربعاء (27 كانون الأول/ ديسمبر 2006م).
ومن جانبه، إعتبر البيت الأبيض اليوم أن توكيد حكم الإعدام الصادر قصاصا وفاقا بحقّ المجرم المحترف صدام المُدان، يُشكل حدثا "تاريخيا" بالنسبة للعراقيين معتبرا أن "الطاغية" السابق نال محاكمة عادلة. وقال المُتحدّث بإسم البيت الأبيض سكوت ستنزيل إن "هذا اليوم سيشكل حدثا تاريخيا في الجهود التي يبذلها العراقيون لكي تحلّ دولة القانون مكان قانون الطاغية". وأضاف أن "صدّام حصل على محاكمة سليمة وعادلة ونال حقوقا قانونية أنكرها على العراقيين". وقال المُتحدّث في الطائرة التي تقل الرئيس الأميركي بوش الإبن الى تكساس (جنوبي الولايات المتحدّة الأميركية) إن "العراقيين يستحقون التهنئة على استمرار استخدام المؤسسات الديموقراطية لإقرار العدالة. إنه بالتالي يوم هام بالنسبة للعراقيين". إلآ أن المُتحدّث بإسم البيت الأبيض لم يعلق على الحكم القضائي نفسه مشددا على ضرورة أن يصدر خطيّا "قريبا"، حيث قال بهذا الخصوص: "ننتظر شأننا شأن سائر العالم رؤية هذا الحكم مكتوبا". الأهم إستقلال القرار والقضاء العراقيين كخوة على تحرير إرادة إدارة العراق. حمى الله الحمى الحبيب.