مترو بغداد!!!

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

 بغداد ... دار السلام .. مدينة العلم والعلماء .. والشعر والشعراء ..عاصمة الخلافة ألأسلامية ..حزينة كئيبة من يزورها لايصدق أطلاقأ أنها بغداد !!. .. صحيح أن مدينتنا الجميلة شاهدت أحداثأ محزنة ومؤسفة  بدأ بالهجوم المغولي أولئك الوحوش المتعطشون للدماء الذين أحرقوا ألأخضر واليابس وحاولوا محو أسمها من التأريخ لذلك قتلوا وخربوا ودمروا حتى باتت دجلة الخير أحمر اللون بسبب الدماء والمخطوطات التي رميت فيها ..للأسف الشديد هذه المرة طال عذابها و أزعاجها حتى بدت وكأنها عجوز في العقد التاسع من عمرها .. وتلك حالة يزعج كل من عاش في بغداد .. وترعرع في بغداد .. وشرب من ماء بغداد ونام في أسطح منازل بغداد وتناول تمور بغداد وصلى صلاة الجمعة في حضرة الكيلاني وأبو حنيفة النعمان وألأمام موسى الكاظم وجنيد البغدادي وشيخ معروف الكرخي وأدى التناول في كنيسة ألأرمن في ساحة الطيران و مريم العذراء في ساحة الميدان أو كنيسة العلوية وزار مندائية أهلنا الصائبة في القادسية  وكل من تناول ( كباب ذاك الصوب ) وباجة الحاتي وكبة ( عمعم ) في الفضل و شربت الحاج زبالة في الحيدر خانة وجلس في مقاهي [ البرازيلي وحسن عجمي والزهاوي وأم كلثوم والكسرة وبغداد الجديدة] وأكسبريس فلسطين وجبار أبو الشربت و تكة وفشافيش ـ تالي الليل ـ وأكلات بن سمينة حيث رز عنبر ودهن حر وتشريب ـ يرد الروح ـ وكبة السراي و مشويات رشيد مقابل ـ سوق الصفافير ـ !!.

نعم لقد أمست كل تلك ألأماكن وغيرها ـ حزينة كئيبة ـ ولم لاء ؟؟ نعم حينما يشاهدون عروستهم ـ بغداد ـ ملطخة بالدماء فلابد من أن يشاركوها ألأحزان !!.

عواصم ومدن كانت حتى ألأمس القريب مجرد ( قرية ) بمعنى القرية ولاتتوفر فيها شىء يذكر.. بعد عقود من الزمن تتربع على قمة النهضة العمرانية والعلمية حتى باتت كل واحدة تنافس العواصم ألأوربية ...الا عروستنا الجميلة / بغداد .. صارت في كل سنة تعود عقودأ من الزمن الى الوراء .. حتى باتت مظلمة .. كئيبة .. حزينة .. لاترى أية أبتسامة على وجهها الحزين .. أكاد لا أصدق حينما أسمع أخبارها وأحزانها !!!.

 ــ كل مدن وعواصم العالم تتقدم نحو ألأفضل الا بغداد !!.

ــ كل مدن العالم تحاول أن يراها أبنائها بحلة جديدة لا بغداد !!.

ــ كل المدن ـ التعبانة ـ حصلت على الكثير من ألأمتيازات والتقدم والرقي ... الا بغداد !!.

ــ كل المدن المنسية أصبحت لها مكان واضح على الخارطة الابغـداد!!.

لماذا تفعلون هكذا بعروستنا الجميلة .. ماذا تريدون بالضبط يا أحفاد هولاكو وجنكيز خان ؟؟؟.

العواصم .. وكل العواصم أنشاءالله عاصمة ( جزيرة واق واق ) يجب أن تتميز عن بقية المدن لأسباب معروفة .. لذلك تسعى الحكومات في أنحاء المعمورة أن تجعل من عاصمتها مدينة متميزة .. حيث الحدائق والتماثيل ومدن لألعاب ألأطفال وشبكات من الطرق الحديثة .. منها ... المترو !!.

المترو حالة حضارية وأقتصادية وخدمة كبيرة للمواطن حيث لا أزدحام ولا أختناقات مرورية وألأهم ألأجور .. حيث أنها ألأقل قياسأ بالوسائط ألأخرى .. لذلك أسرعت العديد من الدول وأنجزوا المشروع بنجاح تام وكانت خير هدية للشعب وجمالية العاصمة .. من هذه الدول التي خطت تلك الخطوة الحكومة المصرية .. حيث تعاقدت مع شركة فرنسية متخصصة وأنجزت العمل بشكل تام .. وأتذكر أن الرئيس الفرنسي الراحل / فرانسوا ميتران حضر حفل ألأفتتاح جنبأ الى جنب الرئيس مبارك .

في العراق وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي ، حاولت الحكومة السابقة أن تخطو هذه الخطوة .. لقد أوكلوا المهمة الى ( طه ياسين رمضان ).. وفعلأ تم التشاور مع مجموعة شركات وأخيرأ ( رست ) العملية على شركة عالمية .. وقد جاء كادر الشركة وبدأوا بالتخطيط وفحص التربة .. كانت التقارير النهائية مشجعة للغاية !!.

حددوا منطقة ـ باب المعظم ـ لتكون المركز الرئيس لأنطلاق المترو الى أنحاء بغداد .. كم فرحنا بالخبر ومتابعة كل خطوة وكل تصريح من مسؤلي الحكومة والشركة !!.

ولكن ( يافرحة اللي ماتمت ) .. لقد أشتعل الحرب مع أيران ولذلك بسبب الضروف ألأمنية وألأقتصادية تم تأجيل المشروع الى أشعار أخر... ولليوم !!!.

قبل أيام قرأت تصريحأ للسيد أمين العاصمة / صابر العيساوي حول مشروع مترو بغداد وقد قال :

بدأنا بوضع الخطوط الاساسية لعملية انشاء هذا المرفق الحيوي فخلال العام القادم سنبدأ بالمرحلة الاولى في جانب الرصافة ببغداد لان المشروع يتضمن 3 مراحل دقيقة وطويلة وبعد اخذ موافقة رئاسة الوزراء بتخصيص الميزانية الجديدة للعام القادم للامانة والبالغة مليار و281 مليون دولار وتعادل هذه الميزانية ماخصص لمدينة بغداد خلال 10 سنوات مضت من سنوات .

لا أخفي عليكم لقد كان الخبر بمثابة أجمل هدية لى وقد أثلج صدري .. ولكن لا أخفي عليكم أيضأ تراودني الشكوك حول القيام بهذا المشروع العظيم في هذه ألأيام و لاسيماأذا أستمر الوضع هكذا لأكثر من سبب في المقدمة ماهي الشركة التي تجازف بفنييها وعمالها وتأخذ على عاتقها هذه المسألة ؟؟ وبالتالي ياتري ماذا سيكون ردة فعل (اللي مايخافون من الله ) أخشى أن يفجروا بغداد ومافيها !!!.

مجرد أفكار وتنبئات .. أرجو أن أكون مخطئأ .. وياترى بماذا يختلف سكان بقية العواصم عن سكان عاصمتنا الجميلة الصبورة ... دار السلام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com