|
الطالباني إلى دمشق .. صدام إلى جهنم* مصطفى المهاجر / استراليا من بين ما أدخل الفرح والسرور إلى قلوب العراقيين المضطهدين عند سقوط صدام، بالإضافة إلى السقوط ذاته ودلالاته العظيمة ، تولي ضحايا الدكتاتورية والقمع لحكم بلادهم – مع الغصص التي رافقت ذلك – فصار أولئك الضحايا الذين كانوا مشردين في أصقاع الأرض بعيدا عن وطنهم وأهلهم وشعبهم صاروا مسؤولين ووزراء وبرلمانيين وصار رئيس العراق السيد جلال الطالباني المعارض العنيد لحكم صدام طوال تأريخه النضالي – وإن شابته فترة تقارب وصلح معه – والوحيد الذي استثناه صدام وبالاسم من قرارات العفو الصورية التي كان يصدرها بين فترة وآخرى عن السجناء والمعتقلين والهاربين خارج البلاد من المعارضين وإن كانت حفلات العفو تلك ليست إلا وهما وخداعا وذرا للرماد في العيون ومحاولة لاسترضاء الرأي العام العالمي وإسكاتا لمنظمات حقوق الإنسان الدولية ، وطبعا لم يقصد استرضاء الرأي العام العربي والإقليمي أو حتى العراقي ببساطة شديدة لأنه لم يكن هناك لأنه لم يكن هناك مثل هذا الرأي..؟؟! وكان مصدر فرح الكثيرين بتولي السيد الطالباني لرئاسة جمهورية العراق العتيدة انه أول علامات التبدل الحقيقي باتجاه الحرية السياسية وإعادة الإعتبار للأقليات وحقوقها المهدورة فضلا عن حقوق الأكثرية التي كانت تنال النصيب الأكبر من الظلم والاضطهاد وفوق ذلك أن الطالباني رجل سياسة محنك وشخصية عراقية مهمة وإقليمية ودولية أيضا بما له من علاقات سياسية ممتدة إلى كل مكان ووجوده في هذا الموقع تطبيق للرجل المناسب في المكان المناسب – وإن رافقت ذلك شبهة المحاصصة الطائفية والقومية - . وكانت التوقعات الكبرى منه ولا تزال أن يتصرف كرئيس جمهورية العراق بعربه وكرده وأقلياته القومية والطائفية والدينية العديدة وليس كرئيس ينتمي إلى الكرد ويدافع عن حقوقهم ويطمع إلى رفع الظلم والحيف عنهم فقط دون سائر الشعب العراقي وباقي مناطق العراق، وبعد فترة وجيزة تساءل عدد من العراقيين ما الذي استفاده العراقيون من تولي زعيم كردي زمام أمورهم؟؟! عدا إضافة ( موستاو هولير = لبن أربيل) إلى البطاقة التموينية للعراقيين – كما يتندر العراقيون بذلك –. مناسبة هذا الحديث ، قرار إعدام صدام الذي أصدرته محكمة عراقية رسمية بعد مسلسل طويل وممل من الجلسات –شابه المسلسلات المكسيكية – وبعد أن ميزته محكمة عراقية أيضا وأقرت الحكم الذي يتناسب مع جرائمه بحق العراق والعراقيين والمنطقة والعالم بإعتباره أقسى حكم ممكن أن يصدر ضد متهم- وإن لم يكن شافيا لغليل ضحاياه – ولا يزال الطالباني مصراً على عدم التوقيع على قرار حكم الإعدام لإسباب شخصية بحتة وهو ما زاد من خيبة أمل العراقيين به كرئيس لهم، إذن أن المشاعر الشخصية والإلتزامات الخاصة بالرئيس كشخص مستقل وإنسان له التزاماته الذاتية ومزاجه الخاص لا يعفيه من التصرف كرئيس للعراق بأكلمه وحريس على تطبيق قوانينه وتأييد أحكام محاكمه الرسمية ، ولطالما كان الذوق والمزاج والهوى والعلاقات الخاصة مقتل المسؤولين والرؤساء في تجاوز القانون والقفز عليه، وهذا ما يشكل الخطوات الأولى لولادة الدكتاتورية ونشوء ديكتاتور يضع إلتزاماته الخاصة مزاجه وهواه فقط قانون بلاده ومصلحة شعبه – أليس ذلك ما فعله صدام طوال فترة حكمه ؟!- فالمطلوب من رئيس جمهورية العراق الطالباني وليس الطالباني كشخص عراقي كردي لا يستنم أي مسؤولية رسمية أن يتنازل عن ذوقه الخاص ورأيه الشخصي لصالح الرأي العام وحكم القانون ويضع توقيعه المبارك مصادقا على قرار المحكمة العراقية الرسمية، لأن في ذلك وفي ذلك فقط إثباتا لكونه رئيسا للعراق يحرص على تطبيق القانون والنظام، ويكون بذلك قدوة للمسؤولين الآخرين في الدولة ولجميع أبناء الشعب العراقي ، وصدام على كل حال سيعدم سواء وضع الطالباني بصمته على قرار الحكم أم لم يضع ، وحسناً فعلوا مشروع الدستور العراقي إذ لم يشترطوا موافقة الرئاسة على مثل هذه الأحكام ، ولم يجعلوها خاضعة لمزاج الرئيس أو غيره .. فما جرّ الكوارث على العراق سوى أفرجة الحكام والرؤساء وأهوائهم الشخصية..!! وبخلاف ذلك أقترح عليه (الطالباني) كناصح محب أن تكون زيارته إلى دمشق دائمة وأن يستعيد جوزاه الدبلوماسي السوري الذي سلمه إليهم قبل فترة وجيزة مع رسالة شكر – كما صرح ممثل سوريا في الإمم المتحدة – وعندها سيحق للعراقيين جميعا أن يرددوا مع سكان أهوار جنوب العراق ذلك الشعر الدرامي الجميل الذي يقول: لا بسط لا حصران لا عدنا بردي::: فوق القهر والضيم ريسنا كردي
* ملاحظة: كتبت هذه السطور قبل ورود خبر إعدام صدام بساعات فقط.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |