صدّام في الشهر الحرام (2)

 محسن ظــافــرغريب / لاهاي

algharib@kabelfoon.nl

إثر مجزرة الجمعة17 أيارماي1995م، التي إجترحها صدّام الإجرام، ضدّ أهالي الرمادي ليومين متتاليين، إنتفضت عشائرالدليم وتضامنت معها الفلوجة، عشائر زوبع، البوعيسى، المحامدة، تميم، آل فيّاض، والوافدين عليها من غربها؛ آل كبيس، الراوي والعاني، والرصافي، وإستمرّت إنتفاضتهم5 أيّام. ولم يُشارك رئيس كبرى عشائرهم" البونمر"، في لقاء صدّام، إحتجاجا في آخر أيّام عيد الأضحى، مثل هذه الأيّام. وفي عيد الفطر سنة1416هـ من العام التالي 1996م، جعل صدّام كيده فيأقرب المقربين إليه، نسيبه زوج إبنته المقيمة في الأردن رغد، وصنيعته في الإجرام حسين كامل حسن؛ الذي وُلد في قريته العوجة"(قرية ومدفن صدّام في مبنى لتقبّل العزاء فيها، بناهُ صدّام) . حسين كامل هذا، أيضا من عشيرة"البيجات"، وهذا ما أهله ليكون برتبة ضابط صف في الجيش المُنحل بعثيّا عمليّا بفرار جنوده ومراتبه وضبّاطه ومن بعدُ المُحل أميركيّا بفرمان بريمر، وأحد مرافقي خال صدّام(الأشرّ طلفاح المُسلط) الذي أصبح محافظ بغداد. سنة1970م. نقل حسين كامل خدماته لمقرّ نائب أحمد حسن بكرالتكريتي(صدّام التكريتي. الأربعة؛ أحمد حسن بكر وطلفاح وحسين كامل وصدّام قبروا) في ما سُمّي بالمجلس الوطني، القريب من قصر البكر(الجمهوري، الذي بناهُ مؤسس جمهوريّة العراق الشهيد عبدالكريم قاسم ولم يسكنه) في كرّادة مريم. وكان ذلك سنة1973م، ليلتحق حسين كامل بدورة أمنيّة عسكريّة في بلغراد لمدّة نصف سنة فقط ليُمنح رتبة مُلازم ثان سنة1978م، ويُرفع خلال الحرب ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الوليدة الى مُلازم ومُرافقا لصدّام المقبور. منتصف عقد ثمانينات القرن الماضي تزوّج كبرى بنات صدّام، رغد، ليتزوّج شقيقه صدّام كامل حسن، إبنة صدّام الوسطى، رنا(الأخيرة، حلا، تزوّجت من المسؤول العسكري أحمد مصطفى التكريتي). أصبح حسين كامل مُشرفا على جهازالأمن الخاص الذي لعب دوره بتوجيه صدّام في الحرب ضدّ إيران ليقفز الى رتبة فريق أوّل ركن(عبدالكريم قاسم في آخر جدول ترقية له عندما كان الجيش جيش، بلغ مسلكيّا رتبة فريق ركن فقط، أي أدنى من سائق الدرّجة الناريّة حسين كامل!) ووزيرا للصناعة والمعادن رئيسا لهيئة التصنيع العسكري، وكان أحد ثلاثة ساهموا في إدخال القوّات العراقيّة الى الكويت في2 آب1990م مع ابن عمّ صدّام علي حسن مجيّد وأخ صدّام غير الشقيق سبعاوي إبراهيم الحسن، وقاد إقتحام أرتال الحرس الجمهوري مدينتي كربلاء والنجف المُقدّستين، لإخماد إنتفاضة ما بعد حرب الخليج الثانية. شغل حسين كامل لمدّة4 أشهر منصب وزيرالدفاع!، لكنه فشل فشلآ ذريعا بما لايمكن التستر عليه، في السيطرة على مدينة كلار الكرديّة أواخر1991م. عولج من ورم في رأسه في مدينة الحسين الطبيّة بالعاصمة الأردنيّة عمّان لمدة شهر. يتميّز حسين كامل بالهدوء وحسن الإستماع، وعليه أصبح شقيقه صدّام من ضباط حرس صدّام(الجمهوري) وزوج إبنته. في يوم8 آب 1995م، أعلن صدّام إنذار ج في الجيش القديم، للجوء حسين كامل وشقيقه صدّام وزوجتيهما إبنتي صدّام، وابن عمّ حسين كامل(عزّالدين محمد حسن) مع عائلاتهم ومعاونيهم ضمن عشرين آخرين مرافقين عسكريين، عن طريق البرّ وتوجّهوا فورا الى الديوان الملكي الأردني حيث إلتقوا والد الملك عبدالله الثاني(الحسين بن طلال) وخصص قصرالضيافة لإستضافتهم. وكانت قد سرت منذ العام الماضي شائعات عن رغبة أفراد من عائلة صدّام في القبول بعرض أميركي سرّي قدّم من خلال قطر عربي لضمان خروج صدّام ومائة من أقرب المُقرّبين له الى خارج العراق. وقيل أنّ لأرملة صدّام إبنة خاله المقيمة الآن في قطر ساجدة طلفاح، علم مسبق بنيّة إبنتيها رغد و رنا المقيمتان في الأردن بعد أن رملهما أبوهما المقبور وشقيقهما الطائش عدي وعمّهما مُهرج المحكمة المتظار بالرصانة سابقا(برزان)، وقريبهما علي كيمياوي، هؤلاء أدواة والدهما صدّام الذي يتم أحفاده ليلة أوّل/ ثاني أيّام عيد الفطر قبل عقد من الزمن، بعد عفوه الرئاسي الذي منحه بيده اليمين لينسخه غضبه بيده الشمال، وكأن شيئا لم يكن، لأنّ إبنتيه قررتا مرافقة زوجيهما الى الأردن. وهو ما أعتبر الهروب الأوّل الصغير لصهري صدّام وإبنتيه؛ قافلة قوامها35 سيّارة و15 شاحنة، نواة هروب البعثيين الى مضايف الأردن العروبيّة الأصيلة التي تعود لأيّام الثورة العربيّة الكبرى المتحالفة مع البريطانيين ضدّ العثمانيين، ثمّ الهروب الكبير الى الأردن والجوار وأقطارالعالم، بما لاسابقة له، وقد قيل؛ الناس على دين ملوكها، والسبب صدّام ابن أبيه، والعدواني الهالك عدي سرّ أبيه، الذي إعتاد إطلاق النار للقتل العمد، فأطلق النارعلى أخ والده غيرالشقيق وطبان الذي كان حتى1995م وزيرا لداخليّة صدّام، ومن ثمّ ثنى بإطلاق النارعلى زوجته ثريّا، وكأنه يتدرّب على الرماية، وفي المرّة الثالثة على ابن عمّه علاء وطبان ثمّ قتل ثلاثة من مُرافقي وطبان وذلك بعد حفل العشاء الأخير الذي أقامه صدّام بداره بتكريت مساء7/8/1995م. صدّام يُعلق فور فرار إبنتيه بحديث طويل؛" لقد خان حسين كامل وهو القريب منا، ولكن لن يكون له التأثيرالذي كان ليهوذا.. وأولى به أن لو أراد أن يُطهّرجانبا ممّا وقع أن يموت ولا يحيا حياة الذل.. سرق بضعة ملايين من الدولارات من الشعب العراقي". ( بعد أن يأس صدّام من جدوى الفرار الى حفرته والمراوغة الصبيانيّة في قفص المحكمة، إقتنع في حجرة الإعدام بأنّ الموت والله حق وطريق حياة الذلّ مسدود، مجبر أخاك لا بطل كي لا يحيا) ويردّ حسين كامل فورا في مؤتمر صحافي له بالديوان الملكي بعمّان على سيّده الذي خان سيّده قريبه بكر، إذ يعلن أنه خرج من العراق لأنه قرر تغييرالنظام ودعا كافة ضباط الجيش والحرس الخاص وموظفي الدولة العراقيّة وكلّ المجتمع العراقي للإستعداد للتغيير المُلح الذي سيجعل من العراق مجتمعا حديثا، وتأسيس علاقات حديثة متطوّرة نافعة للبلد والعالم وإعادة تطويرالمجتمع. وبدأ يتحرّك بسرعة لتنفيذ ذلك كله علنا وأنه حاول كثيرا الإصلاح من الداخل، ولكن دون جدوى. وأنه يُحذر تحذيرا شديدا من تناول " أمورا شخصيّة ليست صحيحة وغيرموجودة وإذا إستمرّت فسوف أفضح أمورا في غاية الخطورة.. سنعمل على رفع الحصار من خلال إتصالاتنا.. العمل سيكون من داخل العراق من الساحة العربيّة ولانتحمّل مسؤوليّة كشف أسرار البلد إلآ ما هو في مصلحة البلد"، ثمّ يردّ أيضا بأنه؛ تحدّث مع إبنتي صدّام قبل السفر بعشرة أيّام وشرح كلّ التفاصيل بدون تردد قائلآ:" كنتُ أخشى أن أخبرالعائلة ولم أبال وقلت إمّا أن تسافروا معي أو وحدي وفعلتُ، حضرتْ معي زوجتي والباقون الى عمّان. خرجتُ بشكل طبيعي لأنني معروف.. لم نأت لنضع في بالنا لنكون رؤساء لم أكن مسؤولآ عن التصفية. المنطقة الشمالية بعيدة عن سيطرة الدولة وليس هناك طريق سالكة ليلآ بين البصرة والعمارة والناصريّة أو الكوت أو السماوة. سنتحاور مع جميع العراقيين أكرادا وعربا.. لم أقتل صدّام لصلة القربى، إنتقدتُ طه ياسين رمضان وسعدون حمّادي"(على طريقة عدي في نقد طارق عزيز وإبنه زياد وسعدون حمّادي، في منافسة غير شريفة على النفوذ وما يدرّ من منافع بدعوى الأختلاف في الرأي!، شملت منافسة أعمامه) ويقول بأنّ السياسة العراقيّة الآن في عُزلة تامّة ولانهتمّ بإدارة شؤون البلد بل بتعقيد المشاكل مع العالم- وهو لاينكر قناعته بدخول الحرب ضدّ إيران لحماية العراق، مع دخول حرب الخليج. صحيفة عدي" بابل" تصف حسين كامل بالضابط الفار وأن لاجريمة أبشع من تلك التي إرتكبها، ولم يشهد عدي فرار والده منتحل أعلى رتبة في الجيش المُنتهك مسلكيّا" مُهيب ركن"!. وزير أعلام آل صباح(الشيخ سعود ناصر الصباح) يُعطى الضوء الأخضر لكسر رقبة صدّام وحسين كامل، بعد كسر صدّام للعظم والبادىء أظلم، وهو ما تمّ بدء بحسين كامل وإنتهاء ولو بعد حين بصدّام نفسه، فيقول وزير آل صباح؛" لو رجعنا الى من أطلق عليهم مجرمي حرب فسنجد حسين كامل في مقدمة القائمة. لكن الذي قتل حسين كامل في عيد الفطر سنة1416هـ شباط1996م، هو سيّده صدّام وأبُ مُطلقته". وفي زاوية" رؤية عربيّة " من صحيفة" الشرق الأوسط" السعوديّة اللندنيّة، كتب عبدالرحمن الراشد، في13 آذار مارس 1995م عراقيّون هائمون على وجوههم في أنحاء العالم وصاروا يُشكلون الرقم الثاني بعد بعد الفلسطينين..الحكومة التي زجّتهم في حربين متتاليتين دونما داع حقيقي يستوجب التضحية بمواطنيها. وهي رُغم كلّ مغامراتها التي فشلت في تحقيق طموحاتها لا تزال تعامل مواطنيها مثل فئران التجارب، تضعهم عرضة لمزاعمها المتلبسة رداء الوطنيّة"، ويعود الراشد ليكتب في العدد838 من مجلة"المجلة" السعوديّة اللندنيّة في آذار1996م؛" حسين كامل ليس بالرجل الذي يستحقّ أن نرثيه نظرا لأنّ يده مُلطخة بدماء كثيرة. فقد شارك في مجازر ضدّ الأكراد والشيعة والكويتيين وغيرهم، لكنّ مقتله وفر لنا دليلآ آخرعلى أنّ عقليّة الحكم لم تتغيّر رُغم آمالها في رفع الحصار. وقيامها بتصفية أفراد حسين كامل التسعة يُثبت رسوخ السلوك العدواني لديها حتى ضدّ الأبرياء". إحترق سيف من خشب كان مُسلطا من الخارج على الداخل العراقي، فهل تغيّرت الحكومة العراقيّة لتغييرالداخل العراقي، وهي أدرى بأجواء الخارج الموبوء وفيه رفاق الأمس على شتى مشاربهم في الشتات المنفى المنسى؟!. حمى الله الحمى الحبيب!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com