لماذا تاخر المسلمون وتقدم غيرهم؟؟

سعد البغدادي

saadkeion@hotmail.com

 لقد شكل اعدام الفاشية في العراق صدمة لاحرار العالم فما كان احد يتوقع ان يكون العقل العربي والمنظومة السياسية التي توجه بهذا القدر من السذاجة والتبسيط للامور. وكشف لنا اعدام الفاشية كيف يغرق العقل العربي في متاهات تفسر لنا لماذا طرح الامير شكيب ارسلان سؤاله الخالد

 لماذا تاخر العرب والمسلمون وتقدم الغرب؟

 هذا السؤال الملح لفهم العقلية العربية كان احد اهم الاسئلة المطروحة في زمن رواد الاصلاح جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وما تلاهم من نشؤء حركات اسلامية ونهضوية انتشرت في المشرق العربي استجابة لهذا السؤال الملح

 اعتقد الرواد ان سبب تخلف الدولة الاسلامية يعود الى بعد الامة عن النهج الصحيح وتمسكها بتعاليم دينها السماوي وسيرة السلف الصالح

 فكان ان اؤسس هذا المنهج على العودة الى التعاليم الاولية في المدرسة الاسلامية والتي ترتكز على جملة من المفاهيم نظر لها الافغاني ومحمد عبده في العروة الوثقى وكلها لاتخرج عن كون الامة الاسلامية قد تخلفت لانها ابتعدت عن ما اسماها الافغاني النقطة الاولى في الدين وسرة السلف الصالح

 ثم تلاهما جيل اخر من المفكرين لم يبتعد كثيرا على هذه الافكار جيل مالك بن نبي الجزائروحسن البنا مصر وابو الاعلى المودودي في باكستان ومحمد باقر الصدر في العراق سوى انه جيل اعتقد ان المشكلة تكمن في ان الامة متفرقة ولابد من لم شملها عن طريق الاحزاب والتنظيمات السياسية التي تاخذ على عاتقها ان الامة الاسلامية هي الاصل والفرد في خدمة الامة الاسلامية

 لم يكن الفرد يحظى باي اهتمام في التنظيرات الاسلامية سوى انه خادم لهذه الامة ومضحي من اجل مبادئها

اما الفرد كرؤية وكسياسية وكمواطن سوف لن نجد له ادنى تفكير في الاحزاب الاسلامية التي انشئت وفقا لهذ التنظيرات الفكرية وهكذا يتم تهميش المواطن الاسلامي والعربي وجعل ذاكرته تختزن روح العبودية والتضحية للاخر وبناء عليه سوف لن يكون هناك ادنى اهتمام بالشخص

 وحينما تم تاسيس الاحزاب الاسلامية الاخوان المسلمون في مصر وجماعة العلماء في باكستان

 وحزب الدعوة في العراق فانها لم ترى في الانسان كفرد مصدر الهام او قوة في كل ادبيات هذه الاحزاب

فحسن البنا يركز في كل رسائله على ان الاخوان مايجمعهم هو الاتحاد في سبيل نهضة الامة

 ومحمد باقر الصدر ينظر الى الفرد باعتباره جزء من المنظومة الاسلامية التي يجب ان يعمل لتحقيقها

كفرد له حقوق وواجبات وله دور في عملية التطور من خلال تسخير كل مؤسسات المجتمع في خدمته لم يكن احدا يناقش هذه الافكار

 لم يكن الفكر الاسلامي لوحده صاحب نظرية الاقصاء الفردي بل كان الفكر القومي هو الاخر يمارس هذه السياسية الفكرية

(الفرد في خدمة المجتمع واينما يكون المجتمع صالح فان الافراد سيتمتعون بقوة) نقطة البداية

 ميشيل عفلق

 هذا هو الخطا في الاجابة على سؤال الامير ارسلان لماذا تقدم الغرب وتاخر المسلمون

 المجتمع اولا والفرد ياتي لاحقا توهم رواد الاصلاح والحركات الاسلامية والقومية انها انما تستطيع الحاق بركب الحضارة لو قمعت الفرد وقدمت المجتمع هو الكارثة الاولى والخطيئة الكبرى التي سنها اولئك الرواد

 وما ان استلم القوميون السلطة في المشرق العربي حتى بدء الاضطهاد والقتل استنادا الى كل هذه المنظومات الفكرية . عبد الناصر بدء حملة الاعدامات الكبرى ضد الافراد في الاخوان والبعثيون في سوريا والعراق مارسوا نفس الدور قمع الافراد في الاخوان والدعوة باعتبارهم اشخاص سيئون وليس فكر منحرف لان الافكار الاخوانية والدعوية بقيت في مصر وسوريا والعراق بينما تم التركيز على عمليات التصفية الجسدية للاشخاص المنتمين لهذه الافكار تم ملاحقة الافراد حتى خارج بلادهم قتل البعثيون مهدي الحكيم في السودان باعتباره شخص على الرغم من خروجه من الدعوة الاسلامية اوائل الثمانينات وقتل البعثيون محمد باقر الصدر كشخص وليس كفكر لان الجميع يعلم ان محمد باقر الصدر اعلن خروجه من الدعوة

 لان المنظومة القومية انشئت وفق معادلة الافغاني ارسلان اعلاء شان الامة واهمال دور الفرد في قيادة الامة نحو النهوض

ولكن بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران اصبحت حظوظ الفكر الاسلامي للوصول الى السلطة اكثر ففي الجزائر شكل فوز جبهة الانقاذ املا لكل التيارات في المغرب العربي مثل حزب النهضة التونسي والحركة الاسلامية في المغرب لكن الحدث الابرز هو وصول حزب الدعوة الاسلامية الى الحكم في العراق وحركة حماس في فلسطين لتشكلان التجربة الجديدة القائمة على انقاض الفكر القومي؟

 الذي فشل في كل البلدان العربية لكن ماذا حدث

 مزيد من الانتهاكات التي يتعرض لها الافراد ومزيد من انهار الدم ومزيد من تهميش الفرد كفرد لان الافكار التي قامت عليها هذه الاحزاب هي سلسلة تاريخية من من افكار رواد الاصلاح لايمكن تجاوزها ويعتبر الخروج عليها من المحرمات التي يجب ان يحاسب عليها الفرد

 الفرد اذن سوف يستمر في خدمة المجتمع وعليه ان يخضع لكافة الضوابط والانظمة والمؤسسات القمعية مجرد تبادل ادوار واختلاف المسميات دون الرجوع الى اصل المشكلة والفرع الاول في السؤال لماذا تقدم غيرنا وتخلفنا نحن

 لاننا باختصار اهملنا دور الفرد وراينا فيه الة تخدم فيما كان الغرب يسير باتجاه الاعلاء من شان الانسان وفق نظريات جان لوك ومنظري العصور الوسطى

 الذين نادوا بحرية الانسان بكافة مجالات الحياة حتى ان ادم سميث دعا الى مبدء دعه يعمل دعه يمر استنادا الى هذه الافكار والمنظومات التاريخية

اما نحن فما زلنا نرى ان الانسان هو خادم للمجتمع الانسان عندنا كائن مقيد وعليه ان يسير وفق الضوابط التي نحددها له فاذا عرفنا هذا سوف نتعرف بصورة اكثر لماذا الحكومات العربية القومية والاسلامية منها دعت شعوبها الى الخروج بمظاهرات ضداعدام الفاشية في العراق ولماذا اقامت الجزائر صلاة الغائب في كل مساجد الجمهورية ولماذا اعتبرت السعودية ان الاعدام امر مستغرب ويفسر لك اكثر لماذا اختار القذافي ان تكون بلاده في حداد ثلاثة ايام

 لان الشعوب لاتملك قرارها ولان الفرد هو في درجة متاخرة من التفكير البشري سؤال الرواد الاوائل غدا علينا وبالا ومصيبة فيما كانوا هم صادقين في طرح هذا السؤال تحول لنا الى الة لقمع الفرد.

 علينا ان ننهض بالسؤال من جديد ونعيد صياغته بالشكل التالي

لماذا اخترنا ان نقصي الفرد الشخص وننمي ظاهرة المجتمع في كل ادبياتنا القومية والاسلامية؟

 علينا كي ننهض ان نحترم الخصوصية الفردية والحرية الفردية ونؤسس مجتمع قائم على اساس احترام الفرد الى على اساس الفرد في خدمة المجتمع

 هذا السؤال هو الغاية من طرح الاوائل ولكن مع الاسف تم تحويل الانظار اليه

الى قمع الفرد والجماهير وتحويلها الى مجرد ادوات لتحقيق الرغبة القومية والان يتم تحويلها الى تبني الفكر الاسلامي (السياسي) وليس الديني.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com