|
السيد نوري المالكي بين الحلم الناعم والواقع الخشن البروفيسور الدكتور عبد الإله الصائغ / الولايات المتحدة لا شيء يعلم الحاكم اذا لم يصغ الى المحكوم! وللاشيء يعدِّل ميل البوصلة سوى المفكرين وذوي الخبرة! ولاشيء يزيد النار اوارا أزيد من ظن الحاكم بأنه يعرف كل شيء ويتقن اي شيء! ولاشيء يؤدي بالبلاد والعباد الى التلف سوى ظن الحاكم بأن الله خوله برعي المحكوم! هذا باب اعتده مناسبا للحديث عن اوهام المصالحة والمحاصصة دون تمهيد لهما بالمصاححة والمصارحة! لشد ماكرهت في حياتي مصطلحا سياسيا كما كرهت مصطلحي المصالحة والمحاصصة! واعترف ايضا ان كراهيتي لهذين المصطلحين ستواجه بمعارضة الآخر المفعم بحب وحميمية للمصالحة والمحاصصة من لدو زملاء آخرين ولا ضير فلهم مسوغاتهم ولي مسوغاتي! وما علينا اذا تصارعت عقولنا وتعانقت قلوبنا مادام الرائد هو تبادل الخبرات وحوار الثقافات! كرهت المصالحة لأنني لم اقرأ في التاريخ مصالحة بين ابناء الشعب الواحد! الشعب الواحد يشبه القلب الواحد لن يتخاصم فيه البطينان ولا الأذينان! ومن اخترع هذا المصطلح الجهنمي كان عليه الحصول على براءة اختراع قبل اشهاره وتطبيقه! نعم يمكن لحزب ان يتصالح مع حزب آخر ضمن مؤسسة جبهوية! يمكن لنقابة ان تتصالح مع نقابة او صحيفة مع صحيفة او او او ! ولكن ان تطرح المصالحة بين ابناء الشعب الواحد فهذا عمل مفض الى نتائج كارثية! لأنه يعمق الشعور بوجود شروخ بين ابناء الشعب الواحد! وما بني على باطل فهو باطل! المصالحة تطلبت محاصصة! فمن اجل ان تصالح حزبا ما عليك ان تعطيه سوى هبة من قبضة وزارات! وحين وصلت المصالحة الى المحاصصة ووصلت المحاصصة الى توزيع الكراسي الوزارية! انشغل المتحاصصون المتصالحون بمصطلحات مقززة واعني مصطلحي الوزارات السيادية والوزارات الاعتيادية! ولنتخيل ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في نظر المتصالحين وزارة غير سيادية وهي عقل البلد وباب تنميته الحضارية والبشرية والتكنولوجية! وزارة الداخلية وزارة سيادية لان فيها شرطة وبنادق وقرارات سجن .. الخ! وقس على هذا المنوال! وكل ذلك يجري في غياب الديموقراطية المدنية التي وئدت ووريت التراب! نعم لقد غنينا للديموقراطية ثم اتضح ان هناك تفسيرات متقاطعة للديموقراطية! فديموقراطية التيار الديني المتشدد مثلا تعني قتل المغني والحلاق والفنان والمرأة السافرة والفتى المبتهج بوهم حريته في اطالة شعره او لبس القلادة مثلا! والتيار العلماني المتشدد يفهم الديموقراطية هي الالغاء التام للشعائر الدينية وحجر الفكر الديني او القومي بما يفرغ الساحة من الآخر!! وليس ثمة من هو مستعد لقبول الآخر! التيار المتشدد الديني يهدد بالتكفير والتيار العلماني المتشدد يهدد بالتجهيل! فاين تضع المصالحة والمحاصصة في واقع عليل منافق! كل يقول انا احترم الآخر ظاهرا لكنه يختنق منه واقعا! فهل المصالحة تذهب الى الوئام بين المتدين والعلماني؟؟ الجواب لا بل الجواب كلا! لأن العلمانية والدينية ليستا خصمين وليستا نقيضين! ومن زعم ان الدين لله والوطن للجميع فقد جهل الدين والوطن معا! الدين للجميع بمعنى ان الدين ينظر الى الجميع ومصالحهم الارضية باعتداد الدين ليس رهبانية ولا مظهرية ولا مؤسسة للقتل والمحق! الدين المعاملة مع الناس المتدين من سلم الناس من لسانه ويده! خير المتدينين من نفع الناس! اما الله فهو في غنى عن البشر وازعم ان الله غير راض عن الصحوة الاسلامية المزعومة التي قادها اسامة بن لادن والزرقاوي والقرضاوي ووهابيو الشيعة! اما الوطن فهو ليس دينا بالمعنى الظلامي! لايمكن ان نجعل الوطن كعبة فننحر له ابناءنا وبناتنا مفكرينا ومبدعينا! المتشدد يأمرنا بالموت او شد الاحزمة من اجل ارضاء الله او من اجل ارضاء الوطن! اذن ثمة غلط ينبغي ان نخضعه للمصاححة! من خلال المناصحة والمفاتحة نعدل البوصلة ثم نتصافح ونتعانق ومساحة الوطن العراقي تكفي لعدد من الناس يصل الى الستين مليونا! وخيراته تكفي لثراء ثلاثمئة مليون إنسان ! فما الذي حصل حتى تكون المصالحة مطروحة دون مسوغات حتى اخلاقية! نعم يمكن ان تتصالح الحكومة مع المعارضة كما طرح السيد حسن نصر الله على صدام حسين ان ( يتحلحل ) ويتفق مع المعارضة! ولكن واقسم لكم ولنفسي انا حتى الساعة لا ادري من وما المقصود بالمصالحة! هل نقصد البعثيين؟ واذا كان الجواب نعم فلماذا صنعتم قانون اجتثاث البعث الذي لم يجتث سوى البعثيين البسطاء او الخبراء او الأكاديميين والعلماء! اذا كان مدلول المصالحة منصرفا الى البعثيين فلماذا اجريتم محاكمة للحزب وكان ما كان مما نعرفه وما لا نعرفه ! لست معترضا على المصالحة مع البعثيين! ولكن المشكلة مع المصطلح ايضا! سمعنا ان هناك بعثي نجس متماه مع صدام! وبعثي طاهر لم تتلوث يداه بالدم العراقي! ومشكلة اخرى اصطلاحية! ما المقصود بالدم العراقي؟ يعني الدكتور سعدون حمادي هل تلوثت يداه بالدم ام لا؟ محمد سعيد الصحاف ولطيف الدليمي هل تلوثت ايديهما بالدم العراقي ام لا؟ وهل مفهوم التلوث ان يخرج البعثي سكينا ويجرح عراقيا او يذبحه!! حتى ترى الكريات الحمراء من البيضاء! واين تضع العقول التي كانت تشيع ثقافة الموت والخراب؟ وهل يزيد بن معاوية قتل الحسين بسكينه الخاص؟ وهل الذين تجسسوا على الحسين وارسلوا المعلومات الى القصر الأموي في دمشق بوساطة الحمام الزاجل وهم في بيوتهم واحضان جواريهم وسراريهم هل هؤلاء براء من دم الحسين؟ هذه الأسئلة مهمة قبل اية خطوة اذ لابد من مقياس ثابت وواع ومبدئي يراعي مصلحة البلد وقداسة الجسد حتى لايكون العيار بالقفزان وليس بالميزان! ثم ماحكاية المصالحة بين السنة والشيعة؟ الم يقل الشافعي في علي شعرا اتحرج حتى عن كتابته لان فيه ما يشبه التطرف لفرط حبه لعلي! ألم يقتل ابو حنيفة النعمان بن ثابت لوقوفه الى جانب ثورة محمد النفس الزكية! الم يسم الامام علي احد اولاده باسم عمر؟ من قال ان الشيعة خصوم للسنة؟ اذن اين تضع محلات الدليم في عدد من مدن الشيعة ومحلات للشيعة في المدن السنية؟ ألم يخرج السنة الى جانب الشيعة في الاربعينات في مظاهرات ضد السني نوري السعيد؟ الم يخرج الشيعة الى جانب السنة ضد الشيعي صالح جبر؟ من قال ان يزيد سني؟ بل من قال ان الحسين شيعي؟ اذن تكريس المصالحة بين السنة والشيعة تعني اشعال نار الفتنة بين الشعب الواحد! نسيت مثالا طريفا جدا وهو ألم يقف الشيعة جميعا عام 1914 للدفاع عن الدولة العثمانية السنية! ومن ينسى منا معركة الشعيبة التي قاوم فيها الشيعة زحف الانجليز ومحاولته القضاء على سلاطين آل عثمان! اذن ليس ثمة مسوغ لطرح مشروع المصالحة والمحاصصة بين السنة والشيعة لأن صدام حسين كان حقانيا في توزيع ظلمه على السنة والشيعة! فيا حكومتنا الوطنية اصغي الينا ولو مرة واحدة : صححي الاخطاء وتجاوزيها ولن تحتاجي الى مصالحة ولا محاصصة! ولعل الأستاذ نوري المالكي يعلم ان المصالحة عمل غير قانوني قد يقود اصحابه الى قفص الاتهام لا سمح الله! لأن السلطة التنفيذية وهي الحكومة لا تستطيع وفق القوانين العراقية والعالمية ان تصادر قرارات السلطة القضائية! السلطة القضائية هي المخولة بالتمييز بين العراقي الجاني والعراقي الصالح! وليس قانون اجتثاث البعث! وليس من حق رئيس الوزراء ان يخرج احدا من سجنه او يدخل احدا في سجنه فهذه صلاحيات السلطة القضائية! وقد حصلت التباسات بين حدود السلطات الاربع في عراق مابعد ابريل 2003 مع الاسف! وكان على مستشاري دولة رئيس الوزراء اشعاره بخطورة التدخل الهرمي! فالمؤسسة ليست هرما على راسه الوزير الاول وانما المؤسسة اربعة اهرامات متتكافئة هرم السلطة التنفيذية هرم السلطة القضائية هرم السلطة التشريعية هرم السلطة الرابعة ( الإعلام ) . وخلافنا مع نظام صدام حسين انه كان يجلس على فوهة الهرم بينا رجلاه تمسان السلطات الاربع وارجو ان لانكرر السلوك الصدامي! لقد هبطت مناسيب الروح الوطنية العراقية لاسباب كثيرة بينها ان الخطاب الطائفي كان ابلغ البلغاء في ادارة البلد ويقينا ان السيد بريمر والسيد سفير امريكا اسهما بوعي في صناعة هذا الخطاب الذي ذهب معه البسطاء الى الموت وهم يهتفون! لو ان البديل السلطوي لسلطة صدام حسين هو السلطة التكنوقراطية لما حصل الذي حصل! لو اننا احترمنا القضاء المستقل لما حصل الذي حصل! لو اننا ادرنا العراق ادارة مدنية لما حصل الذي حصل! لو اننا سلمنا وزارات النفط والخارجية والسياحة والبلديات والتعليم العالي والداخلية الى التكنوقراط لما حصل الذي حصل! لو اننا تركنا المواطن العراقي يعبر عن افراحه واحزانه دون تلبيس تعبيره بسلطة الدين او الحزب او الطائفة لما حصل الذي حصل! لو ان المغتربين العراقيين مناضلين وتكنوقراط اعيدوا الى العراق معززين مكرمين مع توفير الشرط الامني والمعيشي لهم لما حصل الذي حصل! لو ان الانتخابات لم تجر بهذه السرعة الكارثية واخضع الشارع العراقي قبل الانتخابات الى التربية المدنية الديموقراطية من قبل الاعلام والجامعات والحقول ودور العبادة والمعامل .. الخ لما حصل الذي حصل! لو ان السيد مقتدى الصدر اكتفى بدوره كرجل دين كما هم رجال الدين في كل زمكان فلم يشكل ميليشا اقوى من الجيش! ولو ان السيد عبد العزيز الحكيم اكتفى بما اعطاه الله وحل قوات بدر التي اتعبت الخزينة والامن لما حصل الذي حصل! لو ان الوزراء قاموا بجولات مكوكية في ارجاء الدنيا بحثا عن الكفاءات العراقية وتفعيل دورها في الواقع العراقي لما حصل الذي حصل! لو ان القضاء العراقي حاسب مؤسسة اعمار العراق التي لم ترق الى فجيعة البلد وخرابه وفرطت بالمليارات الفلكية ونشرت على الاعلام الخروقات لما حصل الذي حصل! لو ان الحكومات العراقية من المجلس الحاكم الى وزارة السيد المالكي ثبتت امام التدخل الامريكي والبريطاني في شؤونها وهددت بالاستقالة الكريمة واشركت الشعب في الأمر لما حصل الذي حصل! فعن اية مصالحة نتحدث؟ وقد اصبح للمصالحة مؤسسات ينفق عليها مليارات الدولارات ويدعى لها حتى المغفلين والنوكى ويغفل دور المثقف العراقي والخبير المتمرس ! ان فكرة المصالحة مسؤولة عن كل هذا العذاب الذي جعل حلم المرأة العراقية الآن ان تهرب زوجها او ولدها او اخاها خارج العراق وتقول له عساك بالعربان ولا بالتربان! المصالحة الشتيمة فرخت المحاصصة اللئيمة وكل من ينتقد الاداء الحكومي يوضع حوله دائرة بالخط الأحمر! ولم نعد نخشى الحكومة وحدها بل بتنا نخشى الناس المنضوين تحت خيمة السلطة! حتى ان صديقا قال لي وهو محق اوف ياصايغ ما رضيتو على الملك ولا قاسم ولا صدام معقولة راح ترضون على هاي الحكومة! عندها شعرت برغبة حقيقية للبكاء! انتقلنا اذن وهذا الكلام قلته من قبل : انتقلنا من ارهاب الحكومة الى ارهاب الجماهير! فإلى اين المصير؟ اننا ندعو حكومة السيدالمالكي قبل ان يقع المحظور وتنفق السانحة! ندعوه الى تكوين هيئة استشارية من المثقفين والخبراء من عراقيي الخارج لكي يصغي الى افكارهم وحلولهم وبي من الثقة لكي اقول لن ينقذ الواقع السياسي العراقي الكارثي الرث سوى المفكرين العراقيين والخبراء الميدانيين دون النظر الى مشاربهم فالعراقي هكذا خلقه الرب متنوع متعدد ولم يعد مقياس الشرف او المواطنة ان يكون العراقي علمانيا او متدينا! ولتكف الدولة نهائيا عن هيلمان المحاصصة والمصالحة وتبدأ ولو بعد فوات الأوان بالمصاححة والمناصحة ! لينقد كل منا مسيرته ويراجع خطابه ويكف عن الشخصنة والحزبنة فذلك انفع واجدى! ومن ظن ان بالإمكان تطبيق الدولة التي اقامها النبي صلوات الله عليه على العراق بالمقاسات اياها فقد جهل المحبة وادعى! لقد تبدل الزمن وتبدلت العقول وتبدلت الدنيا ولو لم يلتفت القرآن الكريم الى تأثيرات المكان والزمان لما كانت الآيات المكية قصارا والمدينية طوالا والمكية للتفقيه والمدينية للتشريع ! ولما نسخت آيات واستحدثت آيات ولما اهتم المسلمون بأسباب النزول وفي الحديث الشريف لما اهتموا بالجرح والتعديل!! ولنا ان نعيد قراءاتنا ليقيناتنا فلن يرضى الله ان تزهق الأرواح وتسرق الثروات ويمحق الأمن وتقتل الحريات باسمه تعالى ! او المذهب! ان قراءة التاريخ قراءة مغايرة تجعلنا على علم بان المأمون ( المستشيع ) الذي قتل اخاه السني الأمين كان كذابا فلقد اعمل سيفه في الشيعة الذين خدعهم في ايران وصاهرهم ووصل على اكتافهم! الخصومات سياسية ومن اجل الكراسي والمال العام فلماذا نزج الدين او المذهب في شأن بعيد عنهما! هل تريدون يا دولة رئيس الوزراء تجريب المصالحة وبنجاح مضمون مئة بالمئة؟؟ إذن تفضلوا بمصالحة المثقفين العراقيين التقدميين والخبراء المتمكنين واصغوا لهم قلبا وربا ولسوف تكتشفون انكم اضعتم جيشاً من الحكماء والخبراء في زحمة انشغالاتكم! وهي دعوة ليكون عام 2007 عام الوحدة العراقية والدولة العراقية القوية المؤسساتية المدنية التي تفصل بين السلطات الاربع وبينها وبين الدين! فالدين قداسة وروحانيات والسياسة مكر وكر وفر وحسابات فكيف السبيل ياقوم؟ عام 2007 فيه رقم 7 وهو رقم مبارك جدا جدا السماوات سبع والأرضين سبع والاسبوع سبعة والعجائب سبع والمعلقات سبع وللعروس سبعة والسلم الموسيقي سبع!! كل شيء جميل ميمون مرتبط برقم 7 فلنتفاءل حين لايكون امامنا سوى التفاؤل! لكن رقم 7 لايمتلك قوة الساحر في الخيال العلمي فيصنع روحا للميت ووعيا للجاهل ومروءة للظالم! مالم يوقن العراقيون ان جلدهم لايحكه سوى ظفرهم! ومشاكلهم وان كانت مستوردة من الخارج لكن الحلول لن تنجع مالم تكن صناعة داخلية ووطنية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |