هل إعدام صدام شأن داخلي أم شأن شيعي أم مالكي؟

 فينوس فائق

venusfaiq@yahoo.co.uk

 عندما يقول المالكي أن مسألة إعدام صدام حسين و الطريقة التي نفذت بها عملية الإعدام شأن داخلي ، الطريقة و ما رافقها من أهازيج و هتافات و ما إلى ذلك ، تلك المشاهد التي وضعت العالم أمام دكتاتور يعدم بطريقة غير حضارية ، و التي وقف إزاءها الكثيرون بالسؤال تارة و بالتعجب تارة أخرى ، أكيد يقصد السيد المالكي أن ذلك شأن شيعي فقط ، لأن كلمة (الداخلي) يضم السنة كما يضم الشيعة و ، يضم الكورد و العرب و التركمان و الكلدوآشور و غيرهم من الإنتماءات و الأطياف الأخرى ، و لا أظن أن أحداً من هذه الإنتماءات و الأطياف و المذاهب الأخرى كان موجوداً أثناء مراسيم تنفيذ عملية الإعدام سوى مجموعة تمثل الشيعة من التيار الصدري و بعض رموز الحكومة من الشيعة ، لأن بقدر ما ترقب إعدام صدام و تمناها الشيعة ، ترقبها و سعى إليها الكورد و كل الأطياف الأخرى ، و دليل آخر أنه حتى رئيس الجمهورية الذي هو كوردي لم يعلم (بضم الياء) بمكان و زمان تنفيذ عملية الإعدام ، ولأن طريقة إعدامه بتلك الصورة أفرحت الشيعة فقط ، و الإسراع في إعدامه على ذلك النحو بث الفرح في نفوس البعض و ليس الكل ، عليه فذلك كان شأن شيعي و ليس شأن داخلي ، إلا إذا كان في حسبان السيد المالكي أن العراق كله شيعة فقط لا غير!!

ولا ننسى أنهم بذلك ساعدو الطاغية على الخلاص من نيل الأحكام و العقوبات الأخرى التي كان يستحقها هذا الدكتاتور، وهذا يثبت عدم شرعية و قانونية إعدامه ، لأنه نال عقاب جزء واحد من الشعب ، في حين أنه متهم بإرتكاب جرائم أكبر في حق الأطياف الأخرى من الشعب العراقي.. لأنه لو كان يستحق الإعدام مرة واحدة على جريمة الدجيل التي راح ضحيتها 148 شيعي فقط ، فإنه كان يستحق الإعدام بعدد ضحايا الأنفال و بعدد ضحايا المقابر الجماعية و عدد ضحايا الأسلحة الكيمياوية ، عليه كان من المفروض أن يصدر بحقه أكثر من عقوبة إعدام واحدة ، رغم أنه كان سيعدم مرة واحدة في كل الأحوال ، لكن على الأقل لما كانت المحكمة تسقط عنه التهم لأنه ميت مثل الجرذ..

و حين يقول المالكي أن إعدام صدام بتلك الطريقة هو شأن عراقي داخلي ، إنما يقصد أنه يخرج الكورد و الطوائف الأخرى من المعادلة العراقية ، و عليه يكون المالكي قد ثأر لنفسه و للشيعة فقط من الطاغية و ساعد على تهريبه من دائرة العدالة و أنقذه من عواقب أخرى كان سيواجهها بعد محاكمته بكل الجرائم التي إرتكبها ، و حال دون تكملة محاكمته بجرائم الأنفال و الجرائم الكبيرة الأخرى ، و يكون بذلك قد أعدم أكبر مجرم و دكتاتور و طاغية في التأريخ بأصغر جريمة إرتكبها قياساً بالجرائم الكبيرة الأخرى التي إرتكبها ، و سيعدم مجرمون آخرون بدلاً من صدام الذي كان الرأس المدبر الأول لكل تلك الجرائم..

اليوم و أنا أتابع هذا المسلسل المروع لما يحدث في العراق أقول أن على الأكراد الإنسحاب و العودة إلى كوردستان اليوم قبل الغد ، لأنه هناك كوردي يحكم العراق ، لكن من خارج المعادلة العراقية ، فهو فقط رمز أو صورة داخل إطار لا أكثر ، فعدم إعلامه بمكان و زمان عملية إعدام الطاغية صدام لهو إهانة للوجود السياسي الكوردي و للقرار الكوردي بالعودة و الإلتحاق مجدداً بالخارطة العراقية. لأنه لم يضع المالكي أي إعتبار للجرح الكوردي و لم يحترم ضحايانا كما يحترم ضحايا الشيعة..

اقولها بصراحة أنني لم أندم لأنني لم أتابع مشاهد إعدام صدام حسين صبيحة أول أيام عيد الأضحى أي قبل يوم واحد من رحيل عام 2006 المصادف لـ 30 ديسمبر 2006 ، لماذا أترك هذا المنظر الشنيع في ذاكرتي المتعبة و المحملة بالوجع الأزلي و أزيده عفناً بمنظر موت آخر أبشع طاغية في الكون بتلك الطريقة غير الحضارية التي لم تحقق الحلم الكوردي بمحاكمته المحاكمة العادلة بكل الجرائم ، خصوصاً جريمة الأنفال التي هي أكبر و أعظم الجرائم التي إرتكبها –و إذ أقول أكبر جريمة فلا أصغر شأن الجرائم الأخرى ، فالجريمة التي تتسبب في قتل روح واحدة هي في النهاية جريمة و يستحق المجرم عقوبة الإعدام ، لكن الكل متفق أن صدام الحقير كان يستحق عقوبات و أحكاماً أكبر و أكثر...و لن أندم لأنني لم  أشاهد ذلك المنظر المقززبشكل كامل حتى الآن ، لسبب بسيط آخر ، لأن و بإعدامه بهذا الشكل المقزز ، جعلوا منه دكتاتوراً في الصفوف الخلفية من قائمة جميع دكتاتوريي العالم ، في حين أنه دكتاتور بدرجة ممتاز... إذ جعلوا منه دكتاتوراً صغيراً بإعدامه بجريمة واحدة الدجيل فقط التي راح ضحيتها 148 شخص فقط هذا أولاً !! لذلك فإعدامه على هذا النحو السريع و بدون إكمال كل فصول محاكمته و صدور كل الأحكام التي يستحقها كانت جريمة أخرى بحق ضحايا الجرائم الأخرى التي إرتكبها هذا الطاغية ، تضاف إلى الوجع الكوردي ، و جريمة في حق أهالي ضحاياه من شهداء المقابر الجماعية و الأنفال و إستخدام السلاح الكيمياوي و هدم و حرق القرى و غيرها من الجرائم البشعة التي إرتكبها .....

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com