بنت الرافدين

دعاء ورجاء

احمد ناصر عامر

تتنزل قطرات الرحمة والرجاء على ذلك الجسد البالي النحيل بعدما قضى اجل طويل في الدعاء والتسبيح 0 فتراه ينهج نهج الصحابة والمقربين في أزمان الدعوة المباركة ويتقلب من هنا وهناك بين المضاجع تحت رؤوس كل ماهو من شأنه ان يعيد المثل المحموده والقيم السمحاء التي طالما قد افتقدها ممن حوله من اناس يقال انهم مسلمون يستحضر لصلوات المباركة وينطوي بنفسه في زاوية تصب عليها صلوات الرحمن في اطهر بقعة كريمة الا وهي مسجد الله فنادى الناس ... فتأذن اغلب ساعاته تلك التوحلات الملكوتية في عالم شفاف لا يشوبه شيء من قبائح العصر ومزليات الانحراف 0 غارقا فيما بعد التكوين متدبرا فيها بعد الموت والرحيل00 يملئ قلبه من شعث الايمان ووحي الدعاء الناصح الخالص من كل زهو دنيوي معبرا عما تختلج به نفساته ويدور به واقع حاله تجاه الدنيا 0 وما ان يستمر بالدعاء المتواصل لبرهة من الزمن حتى ترى عينيه كعين يتفجر منها الزلال ليدفن بعبرة لاتنقطع يحنو اليه كل من يتدارك هذه الدنيا ويسلك مسلك الراحلين عنها 0 لتسيل على وجنتيه الذابلتين ولحيته البيضاء فلا يكفكفها حتى تأخذ مجراها لوحدها دون ان يبالي بما سيكون من الانظار 0 حتى يجن عليه الليل فلا يوفر لنفسه الا قسط قليل من الراحة الجسدية مقارنة بالتعب المعنوي 0 تراه وحياته التي اكمل منها كل هذه المتاعب وأعطاها بقدر الاستحقاق المرجو أليها فتقول عندئذا حياه حرة كريمة تتمنى ان تحيا مثلها في الحياة لساعات معدودة وتتمتع بها في الآخرة كحياه أبدية.

العودة الى الصفحة الرئيسية