ملاحظات ومقترحات قانونية حول المواد (111و112) من الدستور العراقي

 محمد الموسوي / باحث قانوني

mmjnet@hotmail.com

نصت المادة ( 111) من الدستور على أن ( النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات) وتثير هذه المادة الملاحظات الآتية:

1- أنها تتعلق بثروات العراق ومع هذا لم ترد في الباب الأول المخصص للمباديء الأساسية على الرغم من خطورتها وأهميتها. وإنما جاءت في الباب المخصص لسلطات الحكومة الاتحادية على الرغم من أن المادة التي تليها والتي نصت على طريقة إدارة هذه الثروات قد جعلت الاختصاص مشتركا بين الحكومة الاتحادية والحكومات المنتجة وهذا تناقض شكلي لا يفترض الوقوع فيه في تنظيم مواد الدستور.

2- أنها اقتصرت على موردين طبيعيين من موارد العراق الطبيعية وثرواته حيث اقتصرت على النفط والغاز حصرا وتركت الباقي دون تنظيم أو تركت للسلطات المحلية اليد المطلقة فيها وهذا غير منطقي وخطير.

3-إن وضع المادة بالطريقة التي وضعت بها كان مقدمة لما ورد في المادة التي تليها وهي المادة (112) التي تثير إشكالات عدة خطيرة.

4- لم يشر الدستور إلى ما يطمئن معه العراقي إلى آليات توزيع الثروات مما يجعل الغموض هو سيد الموقف في هذا الموضوع الخطير

5- أوردت عبارة في كل الأقاليم والمحافظات بعد عبارة كل الشعب العراقي وهذه العبارة وان كانت زائدة إلا أن وضعها قد يثير إشكالية صرف الموارد على العراقيين خارج البلاد كالموفدين والدارسين وغيرهم ممن قد يحتاجوا إلى مبالغ مالية حيث يمكن أن يفسر النص على إن هذه الموارد تعطى للعراقيين ماداموا داخل الأقاليم أو المحافظات.

كما نصت المادة (112) من الدستور على( أولا:- تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون. ثانيا:- تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الإستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مباديء السوق وتشجيع الاستثمار) وتثير هذه المادة الملاحظات الخطيرة الآتية:-

1- أيضا قد وردت هذه المادة في باب اختصاصات الحكومة الاتحادية في حين أنها يجب أن ترد في المباديء الأساسية لخطورتها ويجب أن تتسق والمادة التي قبلها

2- أعطت  (الفقرة أولا) منها حق الإدارة المشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة وهذا يناقض ما جاء في المادة (111) من أن النفط والغاز ملك الجميع إذ لا يعقل استئثار هاتين الفئتين( الاتحادية والمنتجة) بالإدارة بمعزل عن الأقاليم والمحافظات الأخرى التي يفترض أنها مالكة أيضا لهذه الثروات مما يعد تناقضا دستوريا أو مخالفة دستورية واضحة.

3- أعطت هذه الفقرة أيضا حق الإدارة المشتركة فقط للحقول الحالية فما هو مصير الحقول المستقبلية أليست هي أيضا ملك لجميع الشعب العراقي مما يعد مخالفة دستورية واضحة مع مبدأ الملكية العامة.

4- أشارت هذه الفقرة( أولا) أيضا إلى عبارة أخرى هي حصة الأقاليم المتضررة وقد وردت عبارة الأقاليم المتضررة ولم ترد عبارة المحافظات مما يشير إلى حق الأقاليم المتضررة فقط دون المحافظات المتضررة فضلا عن أن هذه العبارة كلها ليس لها محل في الدستور لأنها تفصيلية يمكن الاتفاق عليها لاحقا من خلال قانون تنظيم إدارة وتوزيع الموارد الوطنية الذي ننوي اقتراحه.

5- قصرت الفقرة ثانيا من نفس المادة حق رسم السياسات المتعلقة بالنفط أو الغاز بالحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات المنتجة فقط وهذا يخالف مبدأ الملكية العامة لجميع الأقاليم والمحافظات أيضا

6- أوردت الفقرة الثانية أيضا عبارة في نهايتها وهي ( معتمدة أحدث تقنيات مباديء السوق وتشجيع الاستثمار) وهذه عبارة غريبة ومبهمة فالفقرة تتحدث عن سياسات وهذه العبارة تتحدث عن تقنيات لكن ما المقصود بتقنيات مباديء السوق وما علاقة عبارة تشجيع الاستثمار الملحقة بها ونعتقد إن مثل هذه العبارة غامضة ركيكة وإذا كان المقصود بها أن السياسة النفطية في العراق ستعتمد اقتصاد السوق وتشجيع الاستثمار فالعبارة بشكلها الحالي لا تفي بالغرض وإذا كان المقصود الاستفادة من التقنيات الغربية فأيضا العبارة لا تفي بالغرض.

 وبناء على الملاحظات أعلاه ولتلافي القصور والغموض الذي وقعت فيه هاتين المادتين – إن لم يكن مقصودا- نقترح الآتي:-

1- وضع نص عام يحدد أن الموارد والثروات الطبيعية الوطنية كافة ملك للشعب العراقي دون الاقتصار على نوع معين من هذه الثروات. ويترك التفصيلات إلى قانون تتم الإشارة إليه في النص الدستوري

2-أن يكون هذا النص في الباب الأول من المباديء الأساسية في الدستور

3- أن تنظم طريقة توزيع وإدارة هذه الموارد بقانون يسمى قانون إدارة وتوزيع الموارد والثروات الوطنية وتلغى المادة (112) لترحل إلى هذا القانون

4- إلغاء فكرة استئثار الحكومة الاتحادية والحكومات المنتجة فقط برسم السياسات والتوزيع واستخدام عبارة توزيع عادل أو متساوي حسب عدد السكان واستبعاد  عبارة منصف لأنها تثير إشكالات بالتفسير

5- إلغاء فكرة الحقول الحالية وتعميم الإدارة على جميع الحقول الحالية أو المستقبلية

5-أن يلحق بالنص الدستوري بعد الإشارة إلى القانون المنظم لعملية التوزيع والإدارة عبارة يضمن التوزيع العادل والمتساوي حسب عدد السكان

6- أن يكون قانون إدارة وتوزيع الثروات متضمنا النص على اشتراك الجميع بالإدارة من خلال مجلس يضم ممثل الحكومة الاتحادية مثلا(نائب رئيس الوزراء لشؤون الموارد الطبيعية ) والذي يجب أن يكون الشخص المختار من الخبراء في هذا المجال إضافة إلى ممثلين عن كافة الأقاليم والمحافظات العراقية بدون استثناء لأنهم جميعا مالكين على أن يعزز هذا المجلس بالخبراء والمختصين ويعطى الصلاحيات اللازمة لرسم السياسات والتوزيع العادل المتساوي على جميع أفراد الشعب العراقي بما يحقق أعلى منفعة ممكنة كما ينظم هذا القانون عملية إدارة جميع الحقول النفطية الحالية والمستقبلية ومن قبل الجميع وليس المنتجة والاتحادية فقط إضافة إلى أن تكون قرارات هذا المجلس خاضعة لموافقة البرلمان.

وبناء على كل ما تقدم نقترح أن يكون النص المتعلق بالثروات والموارد الوطنية العراقية في الدستور بالشكل الآتي(( الثروات والموارد الطبيعية كافة ملك للشعب العراقي، وتنظم طريقة إدارتها وتوزيعها بقانون، يضمن الإدارة الجماعية لكافة الأقاليم والمحافظات، والتوزيع العادل والمتساوي حسب عدد السكان)) مع الإشارة إلى ضرورة وضع هذا النص في الباب الأول من المباديء الأساسية في الدستور وان يخضع تعديله إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان. أو أن يكون النص بالشكل الآتي((أولا:- الثروات والموارد الطبيعية كافة ملك لكل الشعب العراقي. ثانيا:- ينشا مجلس يسمى مجلس إدارة وتوزيع الموارد والثروات الطبيعية تنظم اختصاصاته والية عمله بقانون. ثالثا:- يكفل مجلس إدارة وتوزيع الموارد والثروات الطبيعية إشراك جميع الأقاليم والمحافظات في الإدارة إضافة إلى الحكومة الاتحادية كما يضمن التوزيع العادل والمتساوي وحسب عدد السكان لجميع هذه الثروات والموارد وبما يحقق أعلى منفعة وتنمية للسكان)).

ونعتقد إن هذا النص يستبعد أية محاولات لتفتيت الثروات الطبيعية التي يمكن أن يخلقها النص الحالي الوارد في الدستور والذي يعدّ من أهم نقاط الاختلاف بين العراقيين.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com