|
دراسة مستفيضة / الوهابية .. مشيخة القرية التي تحولت لدولة وداد فاخر* / النمسا
النشأة الأولى : محمد بن عبد الوهاب شيخ الوهابية ومؤسسها المولود سنة ( 1115 ) هجرية هذا هو المشهور في مولده وقيل: في عام ( 1111 ) هجرية، والمعروف الأول أنه ولد في عام (1115) هجرية ، والموافق للعام 1703 م ، وهو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي ، وكما يقال بأنه ادعاء نسب كاذب . ومن مواليد مدينة العيينة وهي قرية في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض في الجزيرة العربية مدينة مسليمة الكذاب . ومما يثير العجب أن تنسب الأسرة الوهابية إلى الشيخ عبد الوهاب والد محمد، وحين ظهر الداعية الوهابي محمد وسمي بالشيخ ، غلب عليها اسم آل الشيخ وسميت الدعوة بالوهابية نسبة إلى أبيه ومحمد هو الذي قام بها . وقد بدأ ابن عبد الوهاب دعوته دون سن العشرين ، وتوفى أثر مرض في آخر يوم في ذي العقدة 1206 هجرية الموافق 29 حزيران 1792 ميلادية . ، وأظهار دعوته وابتداء ظهور أمره في سنة 1143 هـ واشتهر أمره بعد 1150 هـ بنجد وقراها، زار مكة ، فأدّى فيها فريضة الحج ثم قصد المدينة، وهناك لا زم فترة العالم ابن سيف، ثم توجّه إلى نجد فالبصرة واشتهر من مشايخه هناك شخص يقال له: الشيخ محمد المجموعي، وقد ثار عليه بعض علماء البصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى، وعاد لبلده العيينة بعد تعرضه لمحاولة قتل ، وعندما رحل كان في نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الأحساء . أهداف الحركة الوهابية : زعم محمد بن عبد الوهاب ( إن مراده إخلاص التوحيد والتبري من الشرك، وانَّ الناس كانوا على شرك منذ 600 سنة فاستحل دمائهم وأموالهم وفرض على المسلمين تجديد الشهادة. فمفهوم التوحيد عند ابن عبد الوهاب هو أن نرمي بالشرك كل من: 1 – استغاث برسول الله 2 – ناداه 3 – سأله الشفاعة 4 – زار قبر النبي الشريف ، أو غيره من الأنبياء ، وكذلك الأولياء الصالحين . ) . وهو يخالف بذلك شعار الصحابة يوم اليمامة - ذكره ابن كثير- ( من زار قبري وجبت له شفاعتي ) أخرجه الدارقطني وابن خزيمة وسنده حسن . وقول رسول الله ( مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ) . وقول الرسول الكريم ( من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ) ، و ( الأنبياء أحياء في قبورهم ) . لذلك اعتمد السواد الأعظم من علماء المسلمين في رفض الدعوة الوهابية على قول الرسول الأكرم نقلا عن انس( إن أمتي لا تجتمع على ظلالة فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم – الفتن ابن ماجه - ). وقد اعتمدت دعوة محمد عبد الوهاب على الاستنباط والتفسير في اجتهاد غريب للغاية يتمثل في الخلاف التام عن الصحيح المروي في الصحاح ومخالفة الجماعة والشذوذ عنها . وقد اتهم الناس بالشرك ورد عليه الجماعة – أي جماعة المسلمين أو أهل السنة والجماعة في كتب العقائد إن الشرك هو إثبات الشريك في الألوهية أما بمعنى وجوب كالمجوس أو بمعنى العبادة كعبدة الأصنام فمدار الشرك وركنه هو اعتقاد تعدد الآله، كما إن التوحيد اعتقاد وحدة الإله. و نقطة الخلاف في مفهوم معنى الشرك عند محمد عبد الوهاب انه استدل بالآية القرآنية ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) - يونس 106- . ورد أهل السنة ( إن هذه الآية تدلُّ عن وعد في الاستقبال وليس بيان الحال، كما أنَّ المراد بـ (يؤمن) في هذه الآية هو قول خالقية الله. فحال المشركين من قريش أنهم كانوا على معرفة من إن الله هو الخالق وعلى رغم من ذلك كانوا يشركوا في عبادته ،( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنَّ الله ) - الزمر 38 - عن ابن عباس في تفسير هذه الآية - فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره، فذلك شركهم - أخرجه البخاري وغيره- ). وقد كان من
نتيجة ذلك التحالف المشبوه أن فقدت الأمة
الإسلامية والعرب تراثا إسلاميا من بيوت
وأماكن ومقابر ومكتبة جامعة لكل التراث
النبوي لا يقدر بثمن . ويذكر الشهيد ناصر
السعيد الذي اختطف من بيروت بواسطة النظام
السعودي وبتعاون مكشوف بين فتح عرفات : (
فقد أحرق آل سعود " المكتبة العربية "
الأثرية الإسلامية التاريخية العلمية التي
كانت في مكة المكرمة وهى التي تعد من أثمن
المكتبات في العالم إذ لا تقدر بالمال
أبدا ، ولا بمليارات العملات . لقد كان
بهذه المكتبة ( 000 و 60 ) من الكتب
النادرة الوجود الجامعة لمختلف المناهل
العلمية والتاريخية . وقد كفر احد أمراء الحجاز الهاشميين هذه الدعوة وهو الشريف مسعود بن سعيد الذي كان أول من تصدى لمحاربة الدعوة الوهابية لمنع خطر انتشارها في أرجاء الجزيرة العربية ، فمنع أهالي نجد من الدخول إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج. وحاول قادة الدرعية التعامل مع الموضوع بليونة فأرسلوا وفداً علمائياً لمناظرة علماء مكة حول مبادىء الدعوة، إلا أن علماء مكة أصدروا فتوى بعد مناظرات مع وفد الدرعية كفروا بها صاحب الدعوة وصادق عليها قاضي مكة ، وتم حبس علماء الوهابية الذين مات أكثرهم في السجن . لقاء المصلحة بين طرفي المعادلة السياسي – ديني : وترجع قصة الحلف المبني على المصالح المشتركة بين كل من محمد بن سعود أمير مشيخة الدرعية في الحجاز ، أو ما يطلق عليه من قبل الوهابيين ومؤرخي الحكم السعودي بـ ( الإمام )، الذي تولى الإمارة بعد وفاة أبيه سعود. و قام حلف ديني - عسكري بين محمد بن سعود، أمير الدرعية الذي قام بنصرة محمد عبد الوهاب ، ، والذي تزامنت ولايته مع ظهور الشيخ محمد عبد الوهاب ودعوته الجديدة ونشر دعوته وهو من بني حنيفة ، ولما مات قام بها ولده عبد العزيز ثم عبد الله / وللإطلاع على معلومات عن نسب آل سعود فهناك مصادر عدة : تاريخ آل سعود ج 1 ط بيروت لناصر السعيد ، كشف الارتياب للسيد محسن الأمين ط بيروت ، هكذا رأيت الوهابيين ، هذه هي الوهابية ، الغدير للأميني ج 5 / 66 - 207 ، مذكرات مستر هنفر الجاسوس البريطاني في البلاد الإسلامية وغيرها من عشرات المصادر . وقد تضمن الاتفاق الثنائي بين أمير مشيخة الدرعية محمد بن سعود ومحمد عبد الوهاب أن يكون هناك تقاسم في السلطتين الدينية والدنيوية ، فتكون زعامة الإمارة لورثة آل سعود ، والزعامة الدينية لورثة محمد عبد الوهاب الذين أطلق عليهم من بعد ذلك آل الشيخ ، وسميت أرض نجد والحجاز وما ضم لها من بعد ذلك من أراضي جزيرة العرب كحائل والأحساء والقطيف بـ ( السعودية ) ، بتعاون وتظافر بين بريطانيا التي أوفدت للمؤسس الحقيقي للملكة العربية السعودية ( الجنرال جون فيلبي ) أو ( الحاج عبد الله فيلبي ) من بعد ذلك ، وبين المؤسس للملكة عبد العزيز بن سعود . وقد أثمر هذا اللقاء الغريب عن احتضان الأول وهو أمير الدرعية للثاني ودعوته الغريبة ، ونشرها بعد ذلك بين بدو الحجاز بواسطة الحروب حيث حاربوا أهل مكة ابتداءً من سنة 1205 هـ ، ونزلوا في الطائف سنة 1217 هـ ، وقتلوا أهلها ونهبوا أموالهم وهدموا مسجد عبد الله بن عباس . وكانوا يأمرون كل من تبعهم بحلق رأسه رجالا ونساء ، ثم تم هدم القِبَبْ التي على قبور الصحابة والأولياء ، ونهبوا حجرة الرسول وأخذوا ما فيها من نفائس . وقسمت العهود السعودية لثلاث عهود بعد الاتفاق الثنائي ، فكان ما سمي اعتباطا بعصر الدولة السعودية الأولى (1744-1818م) ثم الدولة السعودية الثانية (1840-1891م)، فالدولة السعودية الحديثة ، وهي الدولة الحقيقية التي نشأت بعد أن كانت مجرد إمارة صغيرة منسية في مدينة من مدن الحجاز العديدة وهي الدرعية .
آيديولوجية الفتح التي تأسس بواسطتها النظام السعودي الحالي :
وقد ترسخت آيديولوجية الفتح في العصر الحديث وفي بداية القرن الماضي ، فقد نشأت حركة الإخوان في عام 1912م بعد تأسيس أولى المستوطنات في شهر ديسمبر ( كانون الأول ) من نفس العام في الارطاوية التابعة لقبيلة مطير. وقد بدأت هذه الحركة تستلهم تعاليم الشيخ عبد الكريم المغربي الذي يقول عنه ديكسون "كان المعلم الأكبر للمرحوم فالح باشا السعدون شيخ المنتفك ..وأصبح بعد ذلك معلماً لمزعل باشا السعدون والد إبراهيم بيك السعدون ، وعندما ترك عبد الكريم خدمة مزعل باشا غادر العراق إلى نجد حيث أظهر نفسه كمعلم ومصلح ديني في مدينة الأرطاوية التي كانت وكراً صغيراً للوهابية.." . ونشطت حركة الإخوان في الارطاوية لتتحول لاحقاً إلى قوة عسكرية ضاربة تحت قيادة المغربي أولاً ثم تسلمها فيصل الدويش زعيم قبيلة مطير . وقد شنت الحركة غارات متلاحقة على المناطق المجاورة وكانت ترفض الخضوع لأية سلطة مركزية . وهذا مما أثار مخاوف عبد العزيز بن سعود من قوة تعاظمها وانتشارها في المنطقة كقوة سياسية منافسة لنظامه الذي يفكر بإنشائه على أراض الجزيرة العربية خاصة بعد استيلائه على الاحساء عام 1913 وما لحظه من قوة الإخوان العسكرية والتفاني المفرط في المعارك ، وكذلك تخوفه من الغارات المتواصلة على حدود الدول المجاورة كالعراق والكويت وما يسببه ذلك من مشاكل مع الدولة الحاضنة له والتي شاركت في ترسيخ سلطته بريطانيا العظمى آنذاك . ففكر ملياً في منهج للتعامل مع الإخوان ، وكان أمام خيارين: أما القضاء عليها رغم المجازفة غير المضمونة والتكاليف الباهضة التي سيتكبدها حال الفشل في تحقيق هدفه، وأما احتوائها واستيعابها واستخدامها كقوة عسكرية إلى جانبه. لذلك استنبط عبد العزيز مصطلح ( الهجر ) بغية تشتيت القبائل وترحيلها عن مناطق سكنها ونفوذها ، بواسطة تهجيرها ، والانتقال من منطقة إلى أخرى والاشتغال بالزراعة والفلاحة بهدف تفتيت القبائل وإبعادها عن بعضها وخلطها في حواضر قبائل أخرى لتذوب ويتشتت شملها، وكان ذلك في العام 1915 م ، وبعد معركة جراب سنة، 1914م . وهي المعركة التي أبرزت حركة الإخوان وفتحت عيون ابن سعود على تفانيهم وتعاظم قوتهم . وأصدر نداءه للقبائل عام 1916م وكان ذلك في سبيل احتواء هذه الحركة وإخضاعها لمطامحه السياسية بعد زجها في الهجر تفاديا لقوتها العسكرية المخيفة . ويقول عسال( أقام عبد العزيز في حياته ما ينوف عن مائة واثنتين وعشرين " هجرة " وكانت كل هجرة منها لفخذ من قبيلة وكان سكان هذه " الهجر" يدعون الإخوان ويميزون أنفسهم بعصابة يلفونها على رؤوسهم بدل العقال التقليدي ) . وغلوا في الدين غلوا كبيرا لذا قال عنهم أمين الريحاني بما نصه: "وهم في غلوهم يعتقدون إن من كان خارجاً عن مذهبهم ليس بمسلم فيشيرون إلى ذلك في سلامهم بعضهم على البعض..السلام عليكم يالاخوان حيا الله المسلمين .وإذا سلم عليهم سني أو شيعي فلا يردون السلام " . وفكر ابن سعود بالاستفادة من تلك القوة الكبيرة ، والغلو المخيف في نشر إيديولوجيته الجديدة الممثلة في مفهوم ( الفتح ) ، وتوسيع رقعة حكمة والهيمنة على مجمل الجزيرة العربية بواسطة جيش الإخوان . وقد ساهمت التعبئة المذهبية في أوساط الإخوان بشكل كبير في جرهم لخوض حروب شرسة وارتكاب مجازر دموية في سبيل تحقيق مقاصد ابن سعود وفي توسيع رقعة سيطرته وقد كانت المعارك تزداد والقتلى بدون عدد ً كلما توسعت سيادة ابن سعود ، فقد كان إشباع شهوة الغزو والقتل مشتعلاً بالهوس الديني الظاهر في شعاراتهم مثل " أنا خيال التوحيد اخو من طاع الله .."و " هبت هبوب الجنة وين أنت يا با غيها .." ومقولة متطرفة مثل " من عادى آل سعود يعادي الله ، فخذ عدو الله لعهد الله واغدر به " . كل ذلك قوى من شوكة الإخوان وشجعهم على التمادي في اقتراف الجرائم العديدة في حروبهم المتواصلة داخل الجزيرة العربية ، وقد دخل الإخوان إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة كفاتحين وإنهم جاءوا لتطهير المدينتين من البدع فأزالوا المعالم التاريخية وحطموا الآثار الدينية وهجموا على المسجد النبوي وقد جاء في تقرير القنصلية الأمريكية في عدن بتاريخ 17/8/1926م ( أن ابن سعود أطلق النار على قبر النبي. ) . وعاد الطفل عبد العزيز الذي خرج مع عائلته هاربا للكويت العام 1890 م ملكا على الجزيرة العربية عوضا عن المشيخة الصغيرة التي كان يحكمها أسلافه في الدرعية في نجد . وتحولت مشيخة القرية الصغيرة إلى دولة اسمها ( المملكة العربية السعودية ) . إحياء الحركة الوهابية لإسناد النظام القبلي العائلي : لم يعرف عبد العزيز بن سعود أي نوع من إدارة الدولة على أسسها الإدارية الحديثة ، بل كان يديرها وفق عقليته البدوية العشائرية ، وحتى عندما استحدث نظام رئاسة الوزراء في اخريات أيام حياته لم يتم العمل به لان ذهنيته هي نتاج مجتمع قبلي طائفي لا تقبل التغيير ، ولا تقبل التطور الحديث ولم يكن ليفهم المتغيرات أو يقبل آلية الحكم وإدارة الشعوب في الزمن الحديث. وفي آخر أيامه وتحديداً في أكتوبر 1953، أصدر الملك عبد العزيز مرسوماً باستحداث مجلس للوزراء ولكنه لم يشرع بمزاولة أعماله إلا بعد وفاة الملك نفسه حيث توفي الملك عبد العزيز في 9 نوفمبر 1953م، في الطائف، ونقل جثمانه جواً إلى الرياض، حيث دفن وفق التقاليد الوهابية. وفي التاسع من (نوفمبر) 1953م أكد العاهل الجديد سعود تعيين شقيقه فيصل نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للخارجية، واحتفظ لنفسه برئاسة الحكومة . يقول الزركلي ( أن عبد العزيز حينما توفي كان عدد الأحياء من أبنائه 43 ولداً وبلغ العدد الإجمالي لأبنائه وأحفاده وحفيداته ـ عدا أبناء بناته ـ 160 فرداً، ويزيد العدد على الثلاثمائة إذا أضفنا ذرية بناته. أما الملك سعود المولود عام 1902م فكان الابن الثاني لعبد العزيز بعد تركي الذي توفي شاباً بسبب إصابته بالأنفلونزا عام 1919. وأم سعود من آل عريعر وهم شيوخ بنو خالد، وقد توفيت عام 1969، أي بعد وفاة ابنها الملك. وكان للملك سعود 40 ولداً وهو عدد مقارب لعدد أخوته، أما غريمه فيصل (المولود عام 1906) فلم يكن له غير ثمانية أولاد بعث خمسة منهم للدراسة في المدارس والجامعات الأمريكية وواحداً إلى أوكسفورد وآخر إلى كلية ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية.) ، وابرز أبنائه هما سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ، وتركي الفيصل مدير المخابرات السعودية السابق والسفير السعودي لدى واشنطن المستقيل قبل فترة قصيرة . وكانت خطوة عبد العزيز الأولى إحياء الحركة الوهابية التي لفها النسيان لدعم توجهه في تثبيت سلطتة القبلية الطائفية وإعادة التحالف بين آل سعود وآل الشيخ ، فكانت حركة الإخوان الذين كانوا السند الحقيقي له في توسيع رقعة سلطته والسيطرة على كل نجد والحجاز وحائل والاحساء باسم الدفاع عن الدين ووفق نظرية ( الفتح ) وبواسطة جيش قبلي مؤدلج من البدو الرحل وبدون أي تكاليف تذكر مستفيدا من جهل البدو وقوة الروابط البدوية فيما بينهم لنشر فكرة الوهابية باسم تصحيح الدين . وقد سار ابنه سعود بن عبد العزيز على خطاه عندما تسلم السلطة من بعده ، ففي آذار (مارس) 1954م أدلى سعود في أول اجتماع لمجلس الوزراء ببيانه السياسي الأولى بصفته ملكاً، وقد أعلن عن تمسكه بأهداب الدين، وعزمه على مواصلة سياسة والده وأساليب حكمه؛ وقال ( إن هدفه الأول هو تثبيت أصول الدين والشرع ) . وهكذا سار الحكم السعودي في تسلسل السلطة واستلام الحكم من قبل أبناء عبد العزيز فيصل وخالد وفهد وعبد الله الملك الحالي . فالمهم هو تثبيت التحالف السياسي - الديني بين عائلتي آل سعود وآل الشيخ لدعم وجود الدولة القبلية بالفكر الديني الوهابي . الدور البريطاني في صنع السعودية / الجنرال جون فيلبي : اختارت بريطانيا الطريق الأنسب لطرد حلفائها الرئيسيين من منطقة الحجاز بعد أن رأت تمردا خفيا من قبل الشريف حسين ، فعمدت لمد يد العون لعدوه اللدود وعدو آخر هو أمير نجد الأمير عبد العزيز بن متعب الرشيد سادس حكام إمارة آل رشيد حيث تولى عبد العزيز بن متعب الحكم دون معارضه من أسرة آل رشيد التي أصبحت تمر في ظروف صعبه بعد بدء ضعف حلفائهم العثمانين ، و في عام 1904 م ، استولى عبد العزيز بن سعود على الرياض . و في عام 1906 م قتل الأمير عبد العزيز بن متعب الرشيد ليلا غيلة أثناء أدائه العرضة الحماسية بواسطة أعدائه ممن أرسل لقتله بتصويبه من وراء أكوام الحطب من قبل الوهابيين . وكان الدور لبريطاني من مواليد سيلان العام 1885 م ، واسمه الكامل هو هاري سانت جون فيلبي ، المعروف بـ " جاك " أو الشيخ عبد الله " ، أو " الحاج عبد الله " بعد ذلك ، وهو ابن عم الماريشال مونتجمري . وتقول الرواية التاريخية أنه : ( في نوفمبر عام 1917 حدث ما غير مجرى حياة فيلبي كلها ، فقد اندلعت الثورة العربية في شهر يونيو من العام السابق ، وكانت السلطات البريطانية قلقة جداً بسبب المنافسة القديمة القائمة بين شريف مكة ، وبين ابن سعود حاكم نجد ، وحاولت قدر الإمكان منع تلك الخلافات من أن تبدد جهد الأشراف في الحرب ضد الأتراك ، وحاولت في نفس الوقت جلب حاكم نجد إلى جانب الحلفاء . لم يكن هناك أي اتصال رسمي بين ابن سعود وبين بريطانيا لمدة أكثر من سنتين ، فتلقى فيلبي الأوامر للذهاب إلى نجد لمعرفة الوضع السياسي هناك ، وقد وصل فيلبي إلى العقير قرب البحرين في أحسن الملابس التقليدية للإمبراطورية في الهند ، إذ كان يرتدي بنطلونا قصيراً وقبعة ، وفي أول توقف له أثناء رحلته طالبه مضيفوه بأن يقلل من مظهره الأوروبي الجلي ، بارتداء الزي المحلي لتسهيل عملية تنقله في تلك الأرض التي لا يرحب أهلها بوجود نصراني بينهم ، وبعد رحلة دامت سبعة أيام على جمل ، وصل فيلبي إلى الرياض ، وقابل هناك ولأول مرة عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود . و عاش في قصره المبني من اللبن في الرياض مع جنوده وخدمه . ) . وقد اقنع ابن سعود بأن يقوم بحملة عسكرية ضد ابن رشيد الذي يحكم منطقة تمتد بين ساحات المعارك في العراق وفلسطين . لقد كان ابن سعود في موقف حرج جداً ، فقد كانت المساعدات البريطانية تؤلف نسبة كبيرة من خزانته ، لهذا فإن فيلبي لم يجد صعوبة في إقناع ابن سعود بالقيام بالحملة العسكرية ، وطرد ابن رشيد من الرياض أولا . وكانت بريطانيا قد أرسلت قبل جون فيلبي الكابتن شكسبير لتقديم المشورة لعبد العزيز، بالإضافة إلى تدريب القوات السعودية على فنون القتال المدفعي.. لكنه سقط صريعاً في معركة "جراب" عام 1915م.. خاصة عندما علم الناس أن هناك "كافراً" يقاتل في صفوف (الموحدين).. هذه الحادثة خلقت مأزقاً حقيقياً لابن سعود ولبريطانيا، فطالب الأول الثاني، بعدم إرسال أو دخول خبراء أجانب إلى منطقة نجد، معقل الوهابيين، وتفهمت بريطانيا وضعية الملك وضرورة عدم إحراجه أمام رجال الدين وجيش الإخوان الوهابي. ولأهمية (ابن سعود) ضمن استراتيجيتها العسكرية والسياسية في تلك الفترة، أرسلت بريطانيا (خبيراً عسكرياً سياسياً) ألا وهو (جون فيلبي) ليلازم الملك الوهابي، وليكون (عينها) اليقظة داخل القلعة الوهابية. ولكن فيلبي ظل معزولاً عن المجتمع تقريباً، سنين طويلة، حتى اضطر، إلى إشهار "إسلامه" الظاهري في أوائل الثلاثينات ، لكي يتم تحركه بصورة علنية من دون اعتراض الإخوان على تواجده بينهم . ثم غيرت بريطانيا من تكتيكاتها فأرسلت دعاة مسلمين بصفة مستشارين لابن سعود وكان أولهم (الشيخ المصري حافظ وهبه بك ) في 1922م كمستشار للملك عبد العزيز في العلاقات الخارجية من أجل الدفاع عن حياض الإسلام!! . ثم السوري (يوسف ياسين) اليهودي الأصل الذي أنشأ أول جهاز أمني أخذ يبث الجواسيس والعيون في صفوف القبائل ويثير البلابل والإشاعات وينشر الشكوك والأكاذيب ، ويعتبر العامل الرئيسي في توطيد سلطة آل سعود في الجزيرة بواسطة دوره البوليسي الحديدي . التنكيل بصناع الدولة الجديدة من الإخوان : ولما بدأ دور الإخوان يتعاظم وخاصة حينما ظهرت قوة ومكانة قائدهم فيصل الدويش ، وهو (الشيخ فيصل بن سلطان بن الحميدي بن فيصل بن وطبان الدويش ، أمير قبيلة مطير أواخر القرن التاسع عشر . وينتمي الشيخ فيصل إلى قبيلة المطير النجدية ، وهو من عشيرة الدوشان وبطن علِوى ) . وقد كان فيصل الدويش ميالا للتسلط وبرز كقائد ميداني خطير اقلق ابن سعود حتى ثار عليه هو ومجموعة من رؤساء العشائر ، وبدأ رحلة الصراع مع الحكم السعودي اثر اختلاف بين الإخوان وبين الملك عبد العزيز حول عدة أمور تتعلق بالعقيدة والسياسة الخارجية ، فقاد حركة الأخوان مع الشيخ ضيدان بن حثلين رئيس قبيلة العجمان ، والشيخ سلطان بن بجاد رئيس قبيلة عتيبة وثاروا على ابن سعود وعندما بدأ الصراع العسكري انهزم الدويش في معركة السبلة قرب الزلفى وذلك في يوم 19 شوال 134هـ / 1929 م ، وقد مات الشيخ فيصل الدويش في سجن الرياض سنة 1931م . وطبقاً لشهادة فيلبي نفسه - من الإنكليز عبر مستر فيلبي.. تريد منه أن يمحوا من أذهان بل ومن صدور جيش الإخوان كلمة "الجهاد في سبيل الله" ، وبالفعل تم له التخلص من مناوئيه من الإخوان ، وقضى عليهم قضاءً مبرماً.. واستخدم أيضاً علماء ومشايخ ودعاة للتشهير بهم . ولولا دور فيصل الدويش وقبيلة المطير العمود الفقري للإخوان لما استطاع عبد العزيز بن سعود القضاء على حكومة الشريف حسين في الحجاز ، أو إمارة آل الرشيد في نجد وحائل . وقد شكل تجاوز الإخوان خطرا على الحكم السعودي الجديد بسبب من تذمر الأم الحاضنة للسلطة السعودية وهي بريطانيا لما حدث من تعديات على الدول التي تقع تحت انتدابها آنذاك كالعراق والكويت مما دعي بريطانيا لعقد مؤتمر في العقير أطلق على المعاهدة التي جاءت كنتاج له (اتفاق العقير ) حيث تم توقيع الاتفاق في العام 1922 مع الكويت ، و1923 مع العراق لرسم الحدود بين كل من السعودية والكويت والعراق وخلال اللقاء في اجتماع العقير هدد المندوب السامي البريطاني عبد العزيز بن سعود بان يرجعه لاجئا في الكويت كما كان سابقا إذا تمادى في الاعتداء على حدود البلدين المذكورين ، مما دعا عبد العزيز لان يردد بخوف : حاضر يا مْحَفوظ ْ . الدين الجديد الذي صنع الدولة الجديدة : وبعد أن انشأ ابن سعود دولته الجديدة بالمرسوم الذي صدر في الأول عام 1351هـ الموافق 10ــ أغسطس سنة 1932م اثر اجتماع الطائف بين ابن سعود وجمع من رجاله تم الاتفاق على الإعلان عن" المملكة العربية السعودية" ، ثم أعقب ذلك مرسومه الثاني في 22 سبتمبر ــ 21 جمادى الأول والذي قرر فيه هذه التسمية وأصبحت السلطة المركزية بيد ابن سعود وأصبح الحاكم المطلق في الجزيرة العربية بعد طرد الهاشميين والاستيلاء على الحجاز مركز حكمهم ، وآل الرشيد في نجد . عندها أحس ابن سعود بالخطر القادم من وراء الإخوان ، ومشروعه المتطرف الديني الوهابي ، وعدل مشروعه السابق بالفتح لكي يستقر حكمه وشكل لأجل ذلك ( المطاوعة ) ليستخدمهم في فرض الأمن الداخلي وترسيخ حكمه الجديد . وتم ذلك عبر ضمهم داخل لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخاضعة بدورها للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في مرسوم ملكي عام 1930م وبذلك تمكن من توجيه مهام المطاوعه وضبط حركتهم واستخدامهم كأداة ضبط سياسية تمتد إلى القرى والبوادي والأرياف وتحقق هدفاً مزدوجاً : تبليغ الدعوة الوهابية وتثبيت دعائم السلطة السياسية الحديثة في البلاد . وقد نشأت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على يد الشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ عام 1930م بالرياض ثم توسعت لتشمل مناطق أخرى في نجد والاحساء وضمت الشيخ عمر بن حسان آل الشيخ والشيخ عبد الرحمن بن اسحق آل الشيخ والشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، وانتظمت في داخل الهيئة لجان تابعة لنظام لابن سعود وقد تولى حاكم الحجاز وولي العهد فيصل بن عبد العزيز ، والملك فيما بعد إدارة الهيئة وهو بدوره كان مسؤولاً أمام أبيه الملك بن سعود عن أعمالها . وقد وظفت الدولة الدين بشخص الحركة الوهابية لخدمة الدولة الملكية ذات الحكم المطلق ، وكان الدين دائما بموجب فتاوى شيوخ آل الشيخ عونا للدولة ضد كل أعدائها ، وسيفا مسلطا على الشعب أيضا لقطع دابر أي تحرك جماهيري مهما كانت بساطة مطالبه الشعبية . وتحوّل العلماء إلى ورقة من أوراق اللعبة السياسية السعودية، جرى استعمالها في مناسبات عديدة لخدمة أغراض محددة. فإلحاق العلماء بمؤسسة الحكم أريد منه تحديداً توفير ختم المشروعية لإضفاء الطابع الإسلامي . فقد جرى توظيفهم في تأييد قرارات الحكومة الداخلية (الإعدامات واستقدام القوات الأجنبية، وقمع التمردات). ففي أحداث مكة في ديسمبر 1979 ، أي عند انتفاضة الحرم المكي التي قام بها الثائر من داخل الحركة الوهابية على الحركة الوهابية ( جهيمان العتيبي ) ، حصلت العائلة المالكة على أصوات 32 من كبار العلماء لاستخدام القوة ضد حركة جهيمان ، ودخلت القوات الفرنسية والألمانية مع رجال إدارة المخابرات المركزية ( CIA ) الحرم المكي الشريف وأغرقته بالمياه وسلطت التيار الكهربائي في المياه لإخراج الثائرين من مكامنهم داخل أروقة الحرم المكي . وفي واقع الأمر أن حركة العلماء جمدت عند حدود توفير الغطاء الديني لممارسات السلطة، وكان قبول العلماء بهذا الإطار فرض عليهم الخضوع للعبة السياسية بكافة أشكالها، وان تطلب اتخاذ مواقف متناقضة . وهناك مثل جلي على اتخاذ جمهرة علماء السعودية لتلك المواقف المتناقضة أنهم أفتوا بجواز دخول القوات الأمريكية ومعها كل قوات التحالف الدولي في قضية تحرير الكويت للسعودية بموجب فتوى تقول : ( تجوز الاستعانة بقوات الكافر الغير مسلم لقتال المسلم ) ، بينما أفتوا بكون قوات التحالف الدولي هي قوات محتلة عندما جاءت لإزاحة حكم البعث في العراق ، وحرضوا ولا زالوا يحرضون على إرسال المتطوعين لقتل العراقيين وتخريب مدنهم ووضع العراقيل في سبيل توحدهم ، وقالوا حينها – أي سنة تحرير الكويت - : ( حرب الخليج ، كان فيها استعانة ، لا إعانة .. وحرب الخليج .. كانت الاستعانة فيها ، بكافرٍ على كافرٍ ، هو صدّام .. وقد صدرت الفتاوى من عدد من العلماء مبيّنة كفر صدّام.. ) ، بينما اعتبروه شهيدا بعد إعدامه !!!! . وتعود العلاقات السعودية الأمريكية ابتداء من سنة 1940 حيث أنشئت بعثة دبلوماسية في المملكة. وفي سنة 1943 منح الملك الأمريكيين حق بناء قاعدة جوية كبيرة في الظهران واستعمالها لمدة ثلاث سنوات تعود بعد ذلك ملكيتها للمملكة ، والتي لازالت للآن من اكبر القواعد الأمريكية في المنطقة هي وقاعدة الدمام ، وفي الوقت نفسه بدأت بعثة عسكرية أمريكية بتدريب الجيش السعودي وتزويده بالأسلحة.وفي 15 شباط 1945 تم عقد لقاء بين الرئيس الأمريكي روزفلت والملك عبد العزيز . ومن قبلها منح عبد العزيز بن سعود امتيازات التنقيب عن النفط إلى شركة« ستاندرد أويل أوف أوف كاليفورنيا». وفي تموز وقع الملك المرسوم رقم 135 مانحا الامتياز إلى الشركة المذكورة . جامعة الإمام محمد بن سعود نواة الإرهاب في العصر الحديث : تعتبر جامعة الإمام محمد بن سعود في السعودية النواة الأولى كمصنع لتخريج الدعاة الوهابيين ، والذين ظهر منهم العديد من القيادات المتطرفة من حركات التطرف والتكفير ، وخاصة قيادات حركة طالبان الإرهابية ، وسندها حركة القاعدة . وقد وضعت النواة الأولى لتأسيس الجامعة مع إنشاء معهد الرياض العلمي (أي الديني) الذي افتتحه الملك عبد العزيز آل سعود في عام 1949، وأسندت مهمة الإشراف عليه إلى مفتي المملكة آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم، وفي عام 1952 افتتحت كلية الشريعة بالرياض، ثم بعدها بعام كلية اللغة العربية، وتتابع افتتاح ما يسمى بالمعاهد العلمية وكانت منضوية تحت مسمى " الرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية". وفي عام 1973، تمت الموافقة على إنشاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي ضمت هذه الكليات والمعاهد العلمية والمعاهد العليا. ويوجد بالجامعة حاليا 11 كلية منها خمس في الرياض وست في كل من مناطق القصيم والأحساء والجنوب والمدينة المنورة، ومعهدان في الرياض أحدهما للقضاء والآخر لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، بالإضافة إلى ست معاهد في الخارج لتعليم العلوم الإسلامية والعربية في كل من رأس الخيمة وموريتانيا وجيبوتي وإندونيسيا والولايات المتحدة واليابان، وستون معهداً علمياً منتشرة في مختلف مدن السعودية . وقد توجهت الأنظار نحو هذه الجامعة التي خرجت العديد من الأشخاص المتهمين بالإرهاب ، فإن العديد من قادة التنظيمات الإسلامية المسلحة، قد مروا من هذه الجامعة، أكان تنظيم القاعدة أو التنظيمات الأخرى في أندونيسيا والفلبيين إلى بنغلاديش والشيشان وكشمير وحتى الولايات المتحدة ن وخاصة بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001 . وكان على راس من خرجتهم هذه الجامعة ثلاثة شخصيات إرهابية من قيادة القاعدة و يعتبرون من المنظرين للتنظيم في السعودية ، وهم كل من : - فارس أحمد جمعان آل شويل الزهراني، سعودي الجنسية. يعتبر الزهراني المنظر الأول للتنظيم في المملكة العربية السعودية. اعتقلته السلطات في عام 2004، حاصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في أبها. - عيسى سعد محمد بن عوشن سعودي الجنسية من مدينة الرياض وهو المنظر الشرعي الثاني بعد فارس آل شويل الزهراني. عمل قاضياً بعدما تخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد قتل العوشن في مواجهات مع قوات الأمن السعودية . - عبد الله محمد راشد الرشود، سعودي الجنسية، الثالث في قائمة منظري القاعدة في المملكة. تخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وعرف الرشود بتشدده وتزمته البالغ . وجاء في تقرير نشرته صحيفة الوطن السعودية (30 مايو 2006) أن مراسلها التقى اثنين من السعوديين المعتقلين في سجن شقلاوة بكوردستان العراق بتهم الإرهاب، تبين أن أحدهما وهو المطلوب رقم 17 على قائمة الـ36 خارج السعودية عبد الله محمد صالح الرميان، (مواليد عام 1982 ) في مدينة بريدة وهو طالب في السنة الأولى في جامعة الإمام محمد بن سعود فرع القصيم . أما الباحث الوهابي السعودي ناصر سعيد الغامدي فقد قال في كتاب أصدره عام 2003 ، بعنوان " الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها" ، وهو في الأصل رسالة دكتوراه ممنوحة له بامتياز مع درجة الشرف من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض: ( أن دعاة الحداثة وكتابها وشعرائها ومفكريها في العالم هم كفرة يجوز قتلهم ) . ولا زالت هذه الجامعة تستقبل الطلاب من داخل السعودية وخارجها ، وتعتبر من أمهات الجامعات الإسلامية في السعودية والتي تعتمد في نهجها التدريسي قيم ومباديء ابن تيمية التي تضمنها كتابه ( منهاج السنة ) المليء بالمغالطات والكذب والتدليس على الشريعة الإسلامية السمحاء . خطورة الحركة الوهابية في العصر الحديث : لعبت الحركة الوهابية دورا دينيا واجتماعيا وسياسيا مخربا ، وساعدت كل تحركاتها وانتشارها على رقعة واسعة من بلدان العالم وجود سند مادي وسياسي ممثل بوجود الدولة السعودية التي وفرت المال والسلاح لنشوء نواة ( حركة طالبان ) في افغانستان ما بعد منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي ، ومن ثم نشوء وتطور ( حركة القاعدة ) أيام الحرب الباردة بين العالمين الرأسمالي والاشتراكي ، بالتعاون والتآزر بين قطبين أساسيين في العالم وهما أمريكا والسعودية ، حيث أمدت أمريكا طرف المعادلة المناوئ لعدوها الرئيسي السوفييت آنذاك بكل وسائل الحرب عليه من سلاح وعتاد ومدربين وقادة عسكريين – حديث للكاتب في جدال داخل المستشفى الأميري في الكويت مع احد رجال إدارة المخابرات المركزية الأمريكية في اليوم الثالث لتحرير الكويت الذي تحدث العربية وسأله الكاتب أين تعلمها ؟ ، واعترف رجل المخابرات الأمريكي بأنه تعلمها من "المجاهدين" في أفغانستان ، وكان ضمن تشكيلات" المجاهدين" حسب اعترافه – وبأموال سعودية وخليجية . وقد تم تدريب جيل كامل من الشباب الوهابي المتطرف الذين أصبحوا قادة كبار في الوقت الحالي لحركات اسلاموية متطرفة تشكل خطرا واقعيا على الأمن العالمي بدءا من أفغانستان والشيشان فالبوسنة والهرسك . والأخطر من ذلك أن حكومات الخليج وبعض الدول العربية أصبحت ندا لتلك الحركات بعد أن استنفذت الغرض المنشود منها ، وأخذت تطاردها مما حدا بأفراد تلك الحركات أن يفدوا على دول الغرب وأمريكا هربا من حاضناتهم السابقة ، وأدى انتشارهم المخيف في دول العالم لإعادة برمجة عمل وتحركات شخصيات إرهابية وقيام تحالفات عديدة خاصة مع بعض الدول المتهمة بالإرهاب ، أو الأحزاب الفاشية كحزب البعث وبعض الأطراف الشيعية المتطرفة كحزب الله وأطراف رسمية داخل السلطة الإيرانية ، ومع حركة حماس الفلسطينية على الطرف العربي ، وحركات دينية طائفية متطرفة في كل من باكستان ودول شرق ووسط آسيا . وكان هناك عاملان مهمان في سرعة انتشار ظاهرة التطرف الديني وبروز الاسلامويين الجدد تمثل في الفقر المدقع لجمهور كبير من المسلمين في دول يمثل الفقر فيها نسبة كبيرة كالباكستان وأفغانستان واندنوسيا ومصر وفلسطين والأردن ، إضافة للركود الاقتصادي العالمي .َ وَسببَ التكاثر الانشطاري لهذه الجماعات الاسلاموية الإرهابية مشاكل ومآسي للبشرية كان من نتاجها ( غزوتي نيويورك ومانهاتن ) في 11 سبتمبر 2001 وما تلا بعد ذلك من حرب على طالبان في أفغانستان والحرب على الفاشست البعثيين في العراق ، وبروز خطر الفكر الوهابي في كلا البلدين وبلدان أخرى في العالم . وقد ظهر إن 15 من 19 إرهابيا من منفذي ( غزوتي 11 سبتمبر ) هم من اصل سعودي ، وهم نتاج ظاهرة ما سمي بـ ( الأفغان العرب ) الذين بشروا بفكرهم المتطرف الجديد ( النمط الوهابي السعودي ) ، والذي يبشر بـ ( الحكومة الإسلامية السلفية ) ، وهي حركة لإعادة حركة التاريخ للوراء واسلمة العالم المتحضر بموجب نظرية ( آية السيف ) التي لم يتوصل حتى الإسلاميون لها وتفرقوا في تحديدها ضمن آيات القرآن الكريم ، ولو أنهم اتفقوا على إنها آية من آيات سورة التوبة لكن هل هي آية: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.." - التوبة5 -، أو هي آية: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" - التوبة: 29 - أو هي آية: "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" التوبة – 36 - ، أو هي آية: "انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله" – التوبة 41 - . لكن الأخطر من كل ذلك هو تداخل الفكر الاسلاموي بالفكر العروبي المتعصب في تحالف ضمن نهج ( حلف الكراهية ) الذي يعقد بين الأضداد ، والإيحاء من قبل العروبيين المتاسلمين بأن هناك صراع حضارات بين الفكر القومي العروبي المتاسلم حديثا وحليفه الفكر السلفي الوهابي الذي لا زالت تغذيه أموال السعودية ، وبين الإمبريالية الأمريكية . ولا زالت هناك مؤسسات سعودية رسمية داعمة للإرهاب مثل ( دائرة مكة المكرمة لدعم المجاهدين ) ، وكذلك في بعض الدول العربية حيث لا زالت دولة داعمة للإرهاب مثل ليبيا تستحصل مبلغ وقدره دينار ليبي ضمن رسوم كل معاملة أو فيزا في سفاراتها بعنوان ( رسم الجهاد ) ، و فتاوى رجال الدين الوهابي السعوديين والخليجيين الذين يجيزون تواجد القوات الأجنبية في بلدانهم ويحرمونها على غيرهم ويطالبون بـ ( الجهاد ) ضدها لهو مثال غريب للتناقض الفكري ، أمثال الشيخ القرضاوي وسفر الحوالي وسلمان العودة ، وغيرهم من شيوخ الوهابية المساندين للإرهاب بدعاواهم وفتاواهم التكفيرية للشيعة ووصمهم بـ ( الصفويين ) . وقد كتب احد الصحفيين المصريين دراسة عن الارتباط بين الوهابية والإرهاب بعد تفجيرات الرياض في 12/5/2003م وهو الصحفي وائل الابرشي مساعد رئيس تحرير مجلة روز اليوسف المصرية الأسبوعية المستقلة وهو خبير في الحركات السنية الإرهابية أيضاً بأن ( احد شيوخ الوهابية السعوديين حذر الشباب بعدم التحدث باللغة الإنكليزية وعدم دراستها حيث قال " أنها لغة الكفار. فهي تحتوي على كلمة Please المشتقة من كلمة إبليس "الشيطان.. أنها لغة الشيطان" ). ويضيف كاتب المقال ( بمقدور أي شخص أن يأتي ويقول بأن هذا الشيخ لا يمثل كل الوهابيين، ولكني أجيب بأن اغلب شيوخ الوهابية قد حرموا في الماضي دراسة الجغرافية والإنكليزية والفلسفة والرسم، ثم ما هو الفرق بين ما قاله هذا الشيخ وفتوى الشيخ ابن باز : " بأن كوكب الأرض لا يدور" ) . وتمنع الوهابية المرأة من العمل والسياقة وتحرّم الديمقراطية وتعتبرها دينا مقابل دين الله وقد حرّم ابن عثيمين التدخين والصلاة خلف احد المدخنين وحلق اللحية ولبس الملابس الأوربية . وبهذا تحولت الحركة الوهابية من حركة ( تكفير ) في باديء الأمر وعند أول نشوءها إلى حركة( تدميرية) للمجتمع المتحضر والانتكاس به للوراء في ردة غير حضارية للبشرية التي تسمو إلى التحضر والرقي . الحل : أصيبت الحركة الوهابية وكل الحركات الاسلاموية المتطرفة بانتكاسة كبيرة بعد أحداث سبتمبر 2001 ، وجرت ملاحقة عالمية لجميع المشكوك بهم من قادتها وناشطيها ، لكنها عادت للظهور بقوة وشراسة بعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشي في بغداد وبدعم وإسناد كبير من دول وحركات ومنظمات إقليمية ودولية بحجة محاربة الأمريكان المحتلين للأراضي العراقية ، وبغرض أمريكي بحت هو لتجميع قوى الإرهاب وقتالها على الأرض البديلة ، وبذا أصبحت الأرض العراقية الساحة البديلة التي نفذت فيها أمريكا نظريتها الفاشلة في مكافحة الإرهاب . وحدث تزاوج روحي وفكري ومعنوي بين كل من حزب البعث الفاشي والحركة الوهابية والقوى الاسلاموية المتطرفة في المنطقة والعالم غذتها مليارات الدولارات المنهوبة من خزينة الدولة العراقية والتي لازالت بحوزة البعثيين ، مضافا لها تبرعات جماعات وحركات خليجية ومؤسسات دولية وهيئات للإغاثة الإسلامية تعمل من مختلف دول العالم بحجة إغاثة المسلمين ، وكل القوى المعادية للتوجه الديمقراطي في العراق ، وبوجود حواضن لحماية الإرهابيين المتسللين للأراضي العراقية من البعثيين ممن فقدوا امتيازا تهم السابقة أيام نظامهم الفاشي في عديد من المدن الشمالية الغربية والغربية في العراق . وما لم يجري مسح شامل وبقوة عسكرية هائلة لكل المدن العراقية المشبوهة لتنظيفها من البؤر السرطانية الممثلة في التحالف الشرير البعثو – وهابي ، وبتعاون أمني من الدول الإقليمية ورصد تام للحدود العراقية ، مع ملاحقة حقيقية لكل الأموال التي تدعم الإرهاب في العالم ومراقبة عمليات غسيل الأموال التي تجري بصورة منتظمة وخاصة في دول الغرب ، وإصدار قرار من الأمم المتحدة باعتبار الفكر الوهابي والفكر البعثي فكرين فاشيين يجب ملاحقة ومعاقبة كل المروجين والداعين لهما ، وألا فسيعم بلاء الإرهاب المطعم بالفكر البعثو – وهابي أرجاء المعمورة وسيصيب شراره كل مدن العالم المتحضر بعد عملية إعادة تصدير الإرهاب والإرهابيين الذين تدربوا على الساحة العراقية ، وأصبحوا وقودا للعمليات الإرهابية القادمة . فحل القضية العراقية بتظافر كل دول العالم من اجل واد الإرهاب المتفشي فيه هو العلاج الناجع لإيقاف عملية امتداد الإرهاب لبقية دول المنطقة والعالم . * ناشط في مجال مكافحة الإرهاب / فيينا - النمسا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |