العراق يشوّر

غفار العراقي / كاتب يعشق العراق

gaffar_1370@yahoo.com

حين كنا صغارا علّمنا الأهل أن لا نكذب ولا نسرق ونحترم الكبير ونعطف على الصغير وغيرها من التقاليد السائدة في المجتمع الإسلامي عموما والعراقي بشكل خاص .

وكانوا يستخدمون مصطلحا غريبا على مسامعنا آنذاك لكي يخيفوننا به ويعتبرونه أداة للردع والتهديد فيقولون إذا كذبتم أو سرقتم فالله ( يشوّر بيكم ) فكانت كلمة ( يشوّر ) مخيفة لنا وكنا نعتبرها خطوطا حمراء !

وكبرنا وكبرت مداركنا واستمر هذا المصطلح العراقي الشعبي يتداول في المجتمع ، فيقال مثلا وباللهجة العامية ( لا تسب السيد لان يشوّر بيك ) وذلك لان السيد ينتمي نسبيا إلى الرسول الأعظم محمد ( صلى ) ولا يجوز لأحد طبعا التعدي على ذرية رسول الله (ص) ، كان هذا قبل أن ندرك انه ليس كل سيد يشوّر خصوصا بعدما انتمى وارتمى بعض السادة وللأسف إلى حزب العفالقة وطلبوا من الناس أن لا تناديهم بكلمة سيد وإنما بمصطلحهم المشهور ( رفيقي )!!

وبالمقابل كان هناك أناس عاميين ( كما يسمونهم بالعامية) أي لا ينتمون نسبيا للرسول (ص) ولكن لدماثة أخلاقهم واحترامهم لأنفسهم وللناس كانوا مقدرين ومحترمين من الجميع فلا يجرؤ احد أن يغتابهم أو يمسهم بكلمة سوء لأنهم وبكل بساطة ( يشورون) ..

وأنا أرى أن جميع الصفات الحميدة والحسنة منطبقة على العراق وشعبه ، فهو الكريم مع الجميع وهو الشجاع المتسامح وهو الغفور المظلوم وهو المعذب الرحيم فلم يظلم أحدا والجميع يظلمه ، ولم يقتل أحدا والجميع يقتله فهو بعد كل ذلك سيد على الجميع ، سيد على العرب وسيد على المسلمين فهو بالتأكيد (يشوّر)..

ومثلما شوّر بظالميه البعثيين وطاغيتهم الأرعن وجعلهم لعنة تتجدد على السن الناس ، فهو بالتأكيد سيشوّر بظالميه الجدد الذين يعذبون أبناءه ويغتالون فرحهم ، وسيشوّر بجميع الطائفيين ودعاة التقسيم سيشوّر العراق بالمرتشين والسارقين والابتزازيين سيشوّر العراق بجميع العملاء والمندّسين سيشوّر بالإقطاعيين الجدد سيشوّر بالاستغلاليين والمغفلين وسيشوّر ويا ويلهم من شارته سيشوّر بالبرلمانيين الذين تركوه وحيدا يصارع الإرهاب والتكفير والتفخيخ وذهبوا إلى السعوديين لأداء مناسك لا اعتقد أنها قبلت منهم لأنهم لم يؤدّوا ما عليهم من واجبات ولم يعطوا حقوق الناس ولم يبرأهم الشعب الذمة عن المال الذي أخذوه مقابل عمل هم غير مؤدوه وبراءة الذمة هي أهم شروط الذهاب للحج ..

فهل هم منتبهون ؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com