|
عاشوراء ثورة الفكر لا مهنة اللطم
عمار العامري أن من الملفت للنظر الاستعدادات الكبيرة التي تقوم بها المواكب والهيئات الحسينية قبل وإثناء شهر محرم الحرام وخاصة أيام عاشوراء من قبيل الأموال الطائلة التي تدفع لشراء أدوات اللطم كالزنجيل والدمام والبوق وغيرها وآلاف الأمتار من القماش بألوانه المختلفة وخاصة الأسود منها إضافة إلى دعوة الشعراء والرواديد من مناطق ومحافظات بعيدة بعروض كبيرة قد تصل ألاف الدولارات ناهيك عن تعطيل الأسواق والأماكن التجارية بما في ذلك العيادات الطبية أمام المرضى وتوقف حركة المرور وطليت عشرة أيام يرافقها الاستعدادات الأمنية التي تتدخل أجهزة الشرطة والجيش في حالة تأهب وأنظار طلية الفترة. حيث نشاهد ألاف الرجال والشباب تنزل في شوارع على شكل كراديس منظمة(مواكب) تتقدمها حملة الإعلام والصور المباركة ثم مجموعة الموسيقى (الدمام والطبل) بعدها تأتي صفوف الزنجيل وقد تستقبل هذه المواكب الحسينيات والمواكب والجوامع الأخرى بالتحية الترحيب مما يزيد من حماس وعزم المواكب وترد مشكورة بما يسمى(الوقفة) التي هي بمثابة رد جميل لهذه الحالات ويضيف لذلك تمثيل واقعة ألطف(التشابيه) قد تعتبر من طقوس شيعة العراق دون غيرهم من الموالين لآهل البيت(ع) في العالم لكن كل هذا يرافقه سلبيات مع وجود ايجابيات التي تكمن في إن إحياء شعيرة عاشوراء هي امتداد لثورة الإمام الحسين من الجانب العاطفي وهذا المظاهر رغم أنها طقوس شيعية خاصة إلا أنها تخلو من الإستراتيجية الحقيقية التي تجعل ثورة الإمام الحسين مستمرة وفعالة من الناحية العملية كما أرادها الإمام (ع) نفسه ثورة ضد سلب الحقوق العامة للمسلمين وعدم التجاوز على حق الآخرين في ممارسة حياته اليومية بشكل اعتيادي الذي كانت تستعمله السلطة الأموية في بداية حكمها وهذه السلبيات التي من شأنها التأثير هي. أولا: إحباط العمل إذا لم يكن خالص لوجه الله ولثواب الحسين(ع) وذلك عن طريق الرياء لا سامح الله الموجود لدى البعض للأسف. ثانيا: ظاهرة خروج النساء وخاصة الفتيات للتفرج لا خروجهن على شكل عزاء زينبي مما يكشف عن تصرفات غير مسؤولة وحالات لا مرضية حدثت أو تحدث قد تشوه الصورة الحقيقية للعزاء وتنشر لون من الألوان القبيحة غير اللائقة ولأسف عن طريق هذه الطقوس الحسينية. ثالثا: البذخ في صرف الأموال الطائلة على كثرت المواكب التي تصل إلى 200 موكب في المحافظة الواحدة تقريبا بدون فائدة لمجرد العرض الفارغ من الأجر والثواب والخالي من الإيمان ولو جمعت هذه الأموال في عدد قليلة من المواكب لكان الدور اكبر والفائدة أعظم والاستفادة من المبالغ الفائضة لإقامة المشاريع الخيرية لنفع الصالح العام ونحن أحوج لمثل هذه المشاريع مثل خدمات الماء وتعبيد الطرق وإسكان الفقراء والمهجرين ورعاية الأيتام والمعوزين وغيرها كإنشاء إذاعة أو قناة فضائية لنشر فكر ومبادئ ثورة الإمام الحسين(ع). رابعا: وهي الأهم ابتعاد الكثير من القائمين والعاملين في المواكب عن الأهداف الأساسية لثورة الإمام الحسين(ع) فان مولانا أبا عبد الله قال حينما خرج((أني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا أنما خرجت طلبا لإصلاح لأمة جدي رسول الله(ص) لأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) أذا لم يذكر القران الكريم ولا السنة الشريفة (الطم والزنجيل والتطبير) فان هذه حالات الثلاثة لم يكن فيها أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر ولا نفع للناس سوى إحياء الذكرى الأليمة من جانب عاطفي ولم تتطرق للجانب الفكري من أبعاده السياسية والاجتماعية والفلسفية والروحانية فان الإمام(ع) خرج على حكم الطاغية يزيد(لع) وظلمه وجوره بحق المسلمين عامة الذي بدوره نشر الفساد في البلاد والفجور والبغاء بلا حياء والإمام(ع) لم يرضى لذلك فنهض بأهله وعياله وأصحابه ليعلن ثورة الحسين(ع) المباركة في كربلاء عن طريق الدم الذي انتصر على السيف وفكر العقيلة زينب وزين العابدين(عليهما السلام) اللذان لم يذكر التاريخ عنهما قد استخدما اللطم والتطبير في نشر مبادئ الثورة بل أن زينب(ع) استخدمت مسجد يزيد(لع) في البداية منبرا للإرشاد والتوجيه للناس واستمرت في ذلك أما الإمام السجاد(ع) ترك لنا ارث عظيم إلا وهو(الصحيفة السجادية) وما تحويه من قيم ومواعظ وتوجيهات على شكل أدعية إذ جعلها دستور عبادي لهذا الخط المبارك. إذا ظاهرة اللطم وما يرافقها لم تكن ناجحة ومثمرة ولو أنها كانت ناجحة لوصي بها الأئمة المعصومين(ع) وأصبحت هي الحالة العامة في كل البلدان الشيعية وبنفس ما يطبق في العراق مع أنها موجودة ولكن ليس بهذا الحجم بل في حسينيات خاصة وأدوات مناسبة والتركيز على الخطب والمحاضرات والمؤتمرات التي تظهر مظلوميات أهل البيت(ع) ومواليهم فالإمام الحسين(ع) كان هدفه فكري وموعظي وإرشادي ليس مجرد إثارة العواطف والمشاعر في إسقاط وفضح الحكم اليزيدي والأموي ويبقى نذكره بالدموع واللطم رغم إنهما حالتان لا ننتقص منهما ولكن استخدم العقل ليكون أفضل في مثل هذه الأيام والعالم بأكمله متكالب علي شيعته يريد أن يقلعنا من الجذور والفتن كالسحب المظلمة تلوح بنا لتجعل منا طرائق قددا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |