|
ما بين المالكي والحكيم وبين الامريكيين ياسر سعد / كندا في مقال لي بعد إعدام الرئيس العراقي صدام كتبت: "الامريكيون الذين حاولوا التنصل من سيناريو الاعدام البغيض والقاء اللوم على حكومة المنطقة الخضراء هم من يتحمل المسؤولية الاخلاقية والمعنوية على كل ما حدث ويحدث في العراق, فبالاضافة إلى أنهم المسؤولون عن تداعيات إحتلالهم للعراق فهم من يأمر ويحرك الحكومة العراقية والتي يتولى الاحتلال حمايتها ورعايتها. الامريكيون يحاولون بتقديري الاستفادة من الحادثة على عدة محاور: تعميق الانقسام الطائفي في العراق والدفع بإتجاه حرب أهلية تشكل حلا ومهربا من الاندحار والتراجع الذي يعاني منه الجيش الامريكي امام ضربات المقاومة العراقية, إظهار الحكومة العراقية كزمرة من القتلة وعصابات المافية وبالتالي الانقلاب عليها في حال تضاربت المصالح الامريكية والايرانية الى حد التصادم, وتجريد الموقف الايراني من إي دعم شعبي ورسمي إسلامي في المسالة النووية وربما التمهيد لحلف امريكي و حكومي سني لحصار إيران وإفشال مشروعها النووي." لم تمض ايام حتى خرج علينا الرئيس الاميركي جورج بوش في مقابلة تلفزيونية لشبكة بي.بي.اس ليقول بأن الطريقة التي نفذ بها حكم الاعدام بصدام حسين جعلته يبدو «عملا انتقاميا» طائفيا وان حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تفتقر الى النضج. وأضاف بوش بان شنق صدام «عزز الشكوك» حول المالكي. وبات من صعوبة اقناع الاميركيين بمواصلة دعمه. وأضاف «عبرت عن شعوري بخيبة الامل للمالكي عندما تحدثت اليه في اليوم التالي». الانتقادات الامريكية الحادة وتوقيف القوات الامريكية للعديد من الايرانيين لا يشير بالضرورة إلى حتمية المواجهة بين الامريكيين والايرانيين على الساحة العراقية, بل ربما تكون تلك التطورات محاولة تسجيل للنقاط وتحسين للمواقف تمهيدا للمفاوضات بين الطرفين حول العراق وعليه تكون على حساب العراق ومستقبله وسيادته وقدراته ودماء ومعاناة ابنائه. المالكي – او المملوك حسب التسمية التي اطلقها عليه بيان برلماني جزائري بعد اعدام صدام حسين- الذي استأسد في موقفه تجاه الدول العربية احتجاجا على المواقف الشعبية المحتجة على اعدام صدام حدثا وتوقيتا واسلوبا, مهددا ومتوعدا بمواقف عقابية وحازمة تصل الى حد قطع العلاقات والروابط معها, لم نسمع له ردا ولو دبلوماسيا على تصريحات بوش الشديدة عنه وعن حكومته. المالكي والذي يحكم ظاهريا لا يجرؤ على إغضاب الامريكيين او ازعاجهم فهو تحت حمايتهم وفي قبضتهم وهم من أتى به الى الحكم الورقي وهم القادرون على خلعه إن ارادو, بل وعلى محاكمته إن شاؤو بعد ان يفتحوا ملفاته ويفضحوا تجاوزاته والتي تمت بموافقتهم الضمنية ومباركاتهم الصامتة والصريحة. من جهة اخرى أدان "رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، عبد العزيز الحكيم، عملية اعتقال القوات الأمريكية لعدد من الإيرانيين في مدينة أربيل. معتبرا الغارة التي نفذتها القوات الأمريكية على مكتب تمثيل إيراني في عاصمة كردستان العراق، أربيل، تعديا على السيادة العراقية. حديث الحكيم عن السيادة العراقية مدعاة للسخرية المرة, فإين هي السيادة العراقية عندما تكون قوات الاحتلال منتشرة على الاراضي العراقية وعندما يكون السفير الامريكي هو المندوب السامي والحاكم الفعلي وإين هي تلك السيادة العراقية عندما حج الحكيم من اسابيع للبيت الابيض مناشدا الرئيس الامريكي عدم سحب قواته من العراق ومتوسلا إياه ضرب مناطق المقاومة بعنف اكبر وشراسة اشد؟ وما هو تعريف السيادة والكرامة والوطنية في قاموس الحكيم حين يطلب من القائد العسكري لقوات الاحتلال المساندة والمساهمة معه في عمليات التطهير الطائفية ضد مواطني بلاده المقاومين للاحتلال تمهيدا لتقسيم العراق وتفتيته؟! الحكيم والذي كانت من اوائل تصريحاته عند ترؤسه ما سمي بمجلس الحكم العراقي تحت مظلة بريمر مطالبته بأن يدفع العراق المنهك والمحتل لإيران –والتي تعيث فسادا وتدميرا بالعراق- تعويضات ضخمة, لا نسمع له احتجاجا ولا نرى له موقفا رجوليا من الاحتلال الامريكي الا عندما يتعلق الامر بإيران ومصالحها واطماعها فعندها يتحدث رجل ايران في العراق عن السيادة ويتذكرها. لم نسمع له موقفا من الانتهاكات الامريكية في ابوغريب او التجاوزات المالية الضخمة في عهد بريمر وما بعده او المجازر الامريكية في القائم والحديثة وغيرهم والاعتداءات على الاعراض كما حصل في مأساة الطفلة عبير وغيرها والهجوم الامريكي على النجف والغارات الامريكية القديمة على مدينة الصدر. كل ذلك واكثر منه لم ولن يحرك ساكنا عند الحكيم ولكن ما ان يصل الامر الى الايرانيين والى مصالحهم غير المشروعة حتي يتنفض منافحا ومدافعا ومنتقدا. سياسيو الاحتلال ابعد ما يكونون عن الوطنية او الغيرة او الحمية عن العراق واهله وكرامته, فهم الذين يشاركون وبحماس في تدمير النسيج الاجتماعي العراقي وفي نهب البلد وتفتيته وتدميره وإخراجه من دوائر التاريخ والجغرافيا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |