التبادل والغزو الثقافي

لعل من المشاكل التي يعاني منها العالم اجمع وخصوصا البلدان الاسلامية ، هي مشكلة الغزو الثقافي الذي بات مهلكا للشعوب ويشكل انعطافة خطيرة للبلدان وخصوصا الاسلامية . فعندما يكون هناك توجها خاصا وفكرة خاصة ستؤثر سلبا عليها . فكما نلاحظ ان شعبنا العراقي في زمن كانت هناك ثقافة التدين واضحة ومعلومة الا انها الان وخاصة بعد الغزو الامريكي وانفتاحه على العالم كله بتوجهاته وثقافاته وتياراته . ان الغزو الثقافي يختلف تماما عن التبادل الثقافي المعرفي فالغزو هو فرض افكار وتوجهات معينة لجهة على امة ما عكس التبادل الثقافي الفكري التي هي حالة حضارية. والتبادل الثقافي هو نوع من التلاقح الفكري بين العلوم والمعارف المكتسبة في حياة الامة والتي لا يمكن لاية امة من الامم ان تستغني عنه . فلو تصفحنا التاريخ ، نجد ان الامة شهدت مرحلة زمنية متطورة نتيجة التبادل الثقافي والفكري بينها وبين الامم الاخرى في مرحلة من المراحل .

فعلى مستوى الافكار والتقنية والمعلوماتية ، فان هذا التلاقح والمزج الفكري يولد حالة من التطور المعرفي او التجديد الثقافي فكما يقول احد المفكرين ( التبادل الثقافي امر ضروري ولا يمكن لامة ان تكون في غنى عن ان تكتسب العلوم والمعارف من الامم الاخرى في كافة المجالات ومن ضمنها المجال الثقافي او ما ينضوي تحت هذا العنوان ..) .

ان العقيدة الاسلامية تمتلك من الرصيد الفكري ما لا حد له اضافة الى القاعدة الرصينة القوية التي تميزت بها .

فلم يستخدم الاسلام ثقافته في الغزو الثقافي كما يعبرون بل اعتمد على الحوارات والدلالات العقلية . وهذا الاسلوب هو الذي يعبر بوضوح عن معنى التبادل الثقافي . فهذه الثقافة التي نهض بها الاسلام تمتد جذورها الى الف واربعمائة عام وهي ما تفند حتما مزاعم بابا الفاتيكان بقوله ان الاسلام يؤمن بالعنف ، وقد قام بالقوة . فهذا القول افتراء فلو كانت هذه ثقافته لما بقي الى هذه الساعة . بل نرى الكثير من سكان البلدان الغربية قد امنت به ، فالصين مثلا فيها ما يقارب قرابة 60 مليون مسلم وقسم منهم من اتباع مدرسة اهل البيت (ع) . فان الدين الاسلامي يمتاز بروح التسامح والعفو والرحمة لذا انضوت شعوب تحت لوائه . فبالقدر الذي يحدث يحققه التبادل المعرفي من تطور فكري وثقافي في حياة المجتمعات البشرية ، يحدث الغزو الثقافي عكس ذلك فالغزو الفكري يستخدم كل ما يمكن افساد المجتمعات سواء في الاقتصاد او الاخلاق او السياسة بل يحاول سلب هوية الامة ويزرع افكاره بها . فالتبادل الثقافي هو ركن هام من ثقافة الاسلام والغزو الثقافي منسوب الى اعدائه. لذا لا بد لنا ان نفرق بين هذا وذاك لمعرفة عدونا والطريقة التي يمكننا ان نكافحه او نصده.