بوركت يا حبل الإعدام

كوثر الكفيشي

kawtharamer@yahoo.com

ها قد جاء العيد وكالعادة اجتمعت عائلتي الصغيرة في السيارة وأخذ والدي يقود بنا ليس إلى منتزه أو مطعم كما هي العادة عند باقي الأمم الإسلامية أو إلى زيارة قبور الأحبة الذين يفتقدونهم أهاليهم في الأعياد حيث نحن نتحول لنزور أحبتنا الغائبين في المقابر الجماعية، واليوم توجهت عائلتي لزيارة مقبرة من هذه المقابر عسى أن يكون رفاة خالي الوحيد أو أن يكون جزءاً من أشلاء أعمامي الشباب هناك.

هذه المرة ركبت السيارة وكلي شوق لأصل بسرعة إلى مكان يفر منه الجميع بسرعة، هذه المرة شعرت بأن الطريق أطول من كل مرة وبأن عقارب الساعة بالكاد تتحرك والسيارة لا تسير بل هي تزحف.

ها قد ترآت المقابر الجماعية عن بعد فطارت روحي إلى شهدائنا قبل جسدي وتناثرت دموعي قبل وصولي، أخيراً توقفت السيارة فنزلت مهرولة صارخة: يا شهداء العراق... أيها المظلومون...

ها هي اليوم تطبق العدالة على أرض الوطن

ها هي اليوم تطبق عدالة السماء

ها هي اليوم تصرخ مشنقة العراق.. ياصدام.. العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم فذق ما أذقته لغيرك ظلماً وبهتانا ذق ما أذقته لآلاف الشباب والفتيات والرجال والنساء والأطفال ها أنت قد ذقت بالأمس طعم ألم الإنسان الفاقد لماله وسلطانه ها أنت قد ذقت بالأمس طعم ألم الإنسان الفاقد لبنيه ها أنت قد ذقت بالأمس طعم ألم الإنسان السجين وها أنت تذوق اليوم طعم ألم الإنسان الذي يفقد حياته ..لكن ليس زوراً وبهتانا ها أنت قد ارتديت بالأمس كل تلك الأثواب التي ألبستها لشعبك بهواك لا بهواهم وبأمرك لا بأمرهم فما بقي سوى هذا الثوب وعندما ارتديته تجلى القول الصادق: الله يمهل ولا يهمل فناموا... فناموا يا شهداء العراق... قريري العين فعدوكم اليوم بين يدي الخالق الجبار، عدوكم اليوم لايحصل سوى على عدل الله دون إحسانه.

نعم العدل، كلمة نطقت بها شفاه الكثير من الحكام بحق صدام فأين كان عدلكم عندما عدم خالي في ليلة عيد الأضحى وبالخطأ (كما زعموا)؟ أين كان عدلكم عندما عدم عماي بجرم انتساب أخيهم إلى حزب مشبوه؟ أين كان عدلكم عندما مات الآلاف في الأنفال؟ أين كان عدلكم عندما حفرت المقابر في كل مكان؟ أين كان عدلكم بالله عليكم أين...؟!!

وأنتم أيتها الأمم الأجنبية هل ترون إعدام الطاغية ليس بالعدل فما هو العدل عندكم يا ترى؟ وكيف هو؟ وما لونه؟ بالأمس قام رجال دينكم في إسبانيا وفي كنيسة سانت جيروم بالذات بصنع شارة برباروس من ملابس رجل عربي شهم، رجل طهر أرض المغرب والجزائر وتونس من أقدام الإحتلال الأجنبي، رجل دفع حياته ثمن حرية شعبه، رجل دفع ماله من أجل إشباع جياع أهله، رجل حاولتم تخليد أنفسكم من خلال انتصاركم على جسده المبارك غير أنكم أقررتم آنذاك في أعماقكم بروجولته وبطولته فخلده التاريخ رغم تشويهكم له، وظل عملاقاً رغم تحجيمكم له، وظل بطلاً في كنيستكم رغم أنوفكم لأنه النور وأنتم الظلمة.

هذا البطل لم يكن سوى الشهيد خير الدين برباروس، ذلك الشهم الذي فعل ما فعل من أجل شعبه ومن أجل دحركم أنتم أيها الغزاة وها هو تاريخكم يتبجح اليوم بقطع رأسه وإرسال ثيابه إلى الكنيسة ليبقى رمزاً لإنتصاركم وأنتم تعلمون بأنه الحق وأنتم الباطل، فهل هذا هو معيار عدلكم فبئس ذلكم العدل عدلكم!!

فاصمتوا بالله عليكم تعيبون علينا عدلنا وتسمون عدلكم عدلا فأين كان هذا عندما أحرقتم الآلاف من المسلمين واليهود في البيت المقدس أثناء حروبكم الصليبية أو التحريرية كما تطلقون عليها؟ أين كان عدلكم عندما دخلتم القدس وقتلتم من الصباح حتى المساء إلى أن وصلت الدماء إلى الركب وطارت العقبان في السماء ووصلت الرائحه إلى مدن الجوار ومات ملككم غودفري دي بولون بعد عام بمرض كان قد أصابه أثناء تطبيق عدلكم على أرض بيت المقدس؟ فبورك عدلكم ذلك وأدامه عليكم وطهرنا من أمثال عدلكم هذا.

فاصمتوا ولاتعيبوا علينا عدلنا الحق هذا والأكثر عدلا من هذا كله هو أن نأخذ تلك المشنقه وذلك الحبل المقدس الذي التف حول رقبة ذلك الطاغية ونضعه في متحف بغداد ليكون عبرة لمن يعتبر وأمثولة للتاريخ ورمزاً لتطبيق العدالة الإلهية وسيلة تحرير العراق إلى الأبد.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com