مجلس النواب ومناقشة القضايا المصيرية

 

سناء صالح / هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

بعد غياب طال بسبب توجه بعض السادة والسيدات من أعضاء مجلس النواب الى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج تاركين خلفهم العراق يغوص في بحر الدماء, والكثير من المشاكل التي تزداد تعقيدا بشكل يومي دون وجود أفق للحلول

في أحدى جلسات المجلس في منتصف الشهر الحالي  كانون الثاني وبعد العودة الميمونة لحجّاجه  كان جدول عمله دراسة وأقرار ميزانية 2007  وكالعادةاعترض بعض النواب على أقراره اليوم متعللين بأن النصوص لم تصلهم ولم يطّلعوا عليها لنقص في عدد النسخ ,على كل حال لم تتح لنا الفرصة للمتابعة أيضا كالعادة حينما طرح السيد عبد الكريم العنزي افتراحا بضرورة دراسة مسألة جدولة أنسحاب الجيش الأمريكي  من العراق لاسيما وأن الكتلة الصدرية قد علّقت عضويّتها في المجلس لهذا السبب مماينبغي التوقف عندها  وأعطاء رأي في طرح بوش بأرسال عشرين ألفا من القوات الأمريكية ومناقشة هذه الأمورلما لها من أهميّة على مستقبل العراق ,وأعتقد أن السيد العنزي محق تماما في مقترحه هذا ومع الأسف لم يلق تثنية الاّمن السيد (حميد مجيد موسى ) الذي ثنّى علىضرورة دراسة هذا الموضوع باعتباره بالغ الأهميّة  ,لقد كان الباقون رافضين لمناقشة هذا الموضوع عدا كما قلت( أبو داود )بدا من صمتهم , وقد لاحت على وجوههم أمارات من لاحول له ولا قوّة .

 لم يقف الأمر عند هذا الحد بل انبرى مثال الآلوسي مدافعا أمينا عن وليّةالنعمة أمريكا بقوله بالحرف الواحد لولا أمريكا لما سقط صدّام ,لولا أمريكا لما عثروا عليه في الحفرة ,لولا أمريكا لما أنتم هنا(جالسون)ويريد بذلك السادة النواب ,ثم ّتلاها  بقوله أنّ أمريكا ممثلة بسيده بوش قد أخذت موافقة الحكومة العراقية (يعني شكد أمريكا مهتمة بحكومتنا العتيدة وتحسبلها حساب ) كما اجتمعت بقيادات الكتل الكبرى  وهم موافقون وأعتقد يقصد المقابلات التي أجراها السيد بوش مع القيادات السنية والشيعية  وكان السيد الحكيم رئيس أكبر كتلة في البرلمان العراقي على ماأ ذكروحسب ماشاهدته على  الفضائيات يجلس منكمشا أمام الديك بوش يقرأ كلمته مكتوبة له مسبقا مرتبكا أمام جبّار العالم  ذكّرني بطالباتي في  المتوسطة حينما يلهوجن القصيدة أمامي في الأمتحانات الشفويّة  .

كما أكّد على أهمية الشراكة العراقية الدولية وهنا استعاض عن الأمريكية بالدوليّة لأنّه وجد المسألة(ثخنت)وهو أصبح أكثر من الأمريكان حرصا على مصالحهم .

ان ماقاله السيد الآلوسي صحيح في الدور الأمريكي بأسقاط النظام والعثور على الجرذ ولايمكن أن نسلب منهم هذه الفضيلة ولكن مايستثير المشاعر هو المحاولة دائما الأشارة من باب التذكير بعجز شعب كان يبذل الغالي والنفيس في سبيل التخلص من وباء الدكتاتورية .

لو سلّمنا جدلا أنّ الأمريكان قد شاوروا السادة القادة السياسيين والسادة رؤساء الكتل المتنفذة في البرلمان ,وهؤلاء قد بصموا بالموافقة فهل يحقّ لهم مصادرة آراء الكتل الأخرى مهما كان حجمها وألاّفلماذا لدينا مجلس نيابي وماذا سيضع ويناقش في جدول أعماله , على الرغم من أنّ الآلوسي طرح ضمنيا مهمات المجلس وأنها لايمكن أن ترقى الى مناقشة هذه المسألة المصيرية حيث أنّ لها من يقررها كما أنه شكك في أمكانيات أن يقوم العراقيون لوحدهم بالمهمات المقبلة وذهب الى أبعد من ذلك بالتشكيك بذممهم يقصد المسؤولين من بعض الوزراء والقادة الحكوميين .

 أنّ مايفصل الصراحة عن الوقاحة خيط رفيع وقد كان الآلوسي سمجا وقحا تجاوز خطوطا حمراء حينما ذكّّر سادة المجلس بحقيقة الديمقراطية الوافدة الينا مع الة الدمار, انّ مايهمني هو   تجاوزالملايين الذين تحدوا الأرهاب والمفخخات للتصويت لمن اعتقدوه أهل لها حينها اعتبروه عرس الديمقراطية وهاهو واحد من النواب ينزع عنهم هذا الفضل في أعطائهم شرف النيابة في البرلمان ,فهل الأمريكان هم من حددوا عضوية مجلس النواب أيها النائب !!

 لقد صوّر بطريقته الصلفة العراق  خاليا من أناس لهم كرامة  ,ولهم اعتزاز بوطنهم ومقدرة في التضحية من أجله , أهانهم , وأنا هنا استعدي كل الشهداء الذين سقطوا على أرض العراق منذبدايات القرن العشرين منذ وطأت أقدام المستعمرتربتنا  ثوار العشرين الذين طردوا الأنكليز بالفالة والمكوار ,بهيجةشهيدة الجسر الثورات والأنتفاضات على مر العصور والحقب و هي ليست حكرا على فئة دون سواها   .

وبعد الأخذ والرد وأصوات قليلة مستهجنة لما تحدث به النائب مثال احتجّ أحد الأخوة من التحالف الكردستاني من كثرة المناقشا ت  وقدأصيب بالصداع بسبب النقاش حول أقرار بيان احتجاج حول ماحدث للحجاج العائدين ولو أن للسيد بعض الحق في الهرج والمرج اللذين سادا كالعادة أجواء الأجتماعات للبرلمان العراقي بسبب عدم الأنضباط ولكن مأود قوله للسيد النائب من الكتلة الكردستانية صبرا فالأخوة محقين والأوضاع في مناطق الوسط والجنوب ليست مضبوطة كما هي عندكم في كردستان (اللهمّ لاحسد )ثم أن وجودك في الأجتماع مدفوع الثمن وعلى ماأعتقد هو ثمن مجز ومرة أخرى (الله يباركلك بيهن )حينما تصل نهاية الشهر يضيع وجع الرأس ولكن المصيبة العراقي البسيط سواء في الداخل أو الخارج ماذنبه أن يرتفع الضغط والسكربحيث يؤديان الى الجلطة و في أحسن الأحوال الصداع الفظيع بسبب متابعة لوقائع المجلس الموقّر وكل ذلك بالمجّان .

 أثناء ذلك  الأجتماع كان للسيد رئيس المجلس صولات وجولات وله في كل جلسة أقوال مأثورة خاصة به , أقترح بعد انتهاء المدة المقررة لولايته أن تجمع في مجلّد يوضع في أرشيف المجلس النيابي  وفي هذا الأجتماع  غلبت لفظة عوراء  في حديثه حيث كررها في أكثر من مناسبة على سبيل المثال( أن ننظرالى الوضع بعين عوراء ) (,نرى الأمور نظرة عوراء ) الخ ...كما بدا لنا حكيما قد غدر به الزمان من استشهاده بصدر بيت شعري :

ومن نكد الزمان أن يرى الحرّ

 ولم يكمل, حيث غطت على صوته ضوضاءالمجلس الذين يريدون الخروج بعد جلسة فوضوية  لم أستطع كمشاهدة أن أعرف  هل سيناقش المجلس مسألة جدولة الأنسحاب الأمريكي من العراق وكذلك استقدام قوة تقدر بعشرين الف جندي للمساهمة  في دعم الخطة الأمنية الجديدة كل ذلك سنعرفه لاحقا ...

  وبعد ذلك بأسبوع أي يوم الخميس 18 كانون الثاني نوقشت مسألة غياب رؤساء الكتل عن الأجتماع وقد علل أحد ممثلي كتلة الأئتلاف  من المعممين ذوي الوجوه النورانية التي يبدو عيها النعمة الى جانب شدة الأيمان  بأن رؤساء الكتل لديهم ماهو أعظم وهم منصرفون الى قضايا أهم بكثير ما يناقش في المجلس  فعلى الرغم من أنه محق حيث أننا لم نر شيئا من مجلسنا الموقر تم تنفيذه أو تبنى المطالب البسيطة للشارع العراقي الغارق في مأساة وواقع بين أياد خلت من قلوبها الوطنية ألاّ أنّ ايالسيد المتحدث  جعل لهؤلاء الرؤساء أعني رؤساء الكتل السياسية  مرتبة تفوق المكانة التي منحتهم  أيّاها الصناديق الأنتخابية , أمّا السادة ممثلوا حزب الفضيلة فقد أكدوا على لسان أحدهم بأنهم الأقلّ غيابا  ماعدا فترة الحج التي شهدت غيابهم   .

,أمّا آخر المقترحات في الحد من الغيابات فهو أن ينشر اسم الغائب في الصحف بعد أن فشلت طريقة قطع الراتب التي يبدو لم تكن ناجحة فأغلب ممثلي شعبنا لهم مصالح وموارد أخرى وأن ما سيقتطع لايشكل شيئا ذا قيمة من الواردالى الحسابات في البنوك ,  وهذا ذكّرني بالعصر العباسي وطريقة العقاب بالتشهير  حينما كان المنادي الذي هو بديل عن الصحيفة اليومية بجول شوارع بغداد وأزقتها ليطلع الناس على آخر المستجدات وأن كان هناك من يحكم عليه بالتشهير يصاحب المنادي وهو راكب حمارا بالمقلوب وهو على ماأرى أفضل وأنجع لأن العراقيين بهمومهم التي لاتوصف ولكثرة الصحف الغثة والسمينة  وغلاء المعيشة وانتشار البطالة لاأعتقد أنهم سيهتمون بذلك ويقرأون .

 أمّا لازمة السيد رئيس المجلس الموقر لأجتماع 18 كانون الثاني بقوله من بدأ المأساة ينهيها ولا أدري لمن هي موجهة  : للنواب االغائبين بسبب أو بدونه  !! أو الحكومة !! أم للأمريكان !! أم للشعب العراقي الذي وضع ثقته بمن لايستحقها فعلبه أن يبادر ,يصرخ وأن يزيح الآفات من طريقه فيصحح المسار  ....

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com