أبو طالب أول مظلوم في الإسلام

احلام عبد الرحيم

ma30ah20@hotmail.com

صوت الحقيقة سراج يضيء الضباب ,انه كشجرة مثمرة جذورها راسخة بتراب الأرض ومعلقة بكونها.

الحقيقة التي مهما حاولت القلوب القذرة والأقلام المأجورة أن تتمرد عليها ,وان تطفىء سراجها لم ولن تستطيع ذلك ,لأنه صوت ينمو بداخل القلوب السليمة النقية والقوية بالإيمان ,انه صوت الإنسان الذي يكره مفردة الظلم وابخاس الناس حقوقهم ..ولكن تلك الأقلام المأجورة صدق عليهم قول الله تعالى (وما يضلون إلا بأنفسهم 69) (آل عمران).

قال الراغب الأصفهاني (في مفردات القران ) أي أنهم يتحرون أفعالا يقصدون بها ان تضل فلا يحصل من فعلهم ذلك إلا ما فيه ضلال أنفسهم ) وقد ضلوا ضلالا بعيدا ......

أهِ لو تعلمون ما في النفس من لوعة وحرقة, لسيف الظلم الذي سلط على صوت الحقيقة.والذي اتخذته العصبية والفكر المتحجر المتوارث سبيلا لها ..... سببا لإسدال الستار على حقائق تخرق صخر الدهر بل تحطمه,لكن مهما حاولوا اختلاق الأقاويل ,ومهما زمروا وسخروا أقلامهم لإبعاد الناس عن نبع الحقيقة .لن يقدروا على ذلك أبدا...

تلك الأقلام المأجورة التي تضافرت منذ أمد بعيد,على أن تتلاعب وتعبث بشخصية تاريخيه نضالية وعظيمة ولطالما حاولوا انتقاصها وبخسها حقها .

إنها شخصية سجد لها التاريخ احتراما وتبجيلا .انه سيد بطحاء مكة وسليل الهاشمية .وعم الحبيب المصطفى أبو طالب عليه السلام .

فقد توجهت الأقلام المأجورة الحاقدة بشكل متعمد وسافر للنيل منه والحط من مكانته ودوره الريادي العظيم .

لم يكن التعمد قسرا عليه بل امتد بامتداد الزمن تجاه أبنائه عليهم السلام ,وكان الإمام علي عليه السلام له النصيب الأكبر من هجماتهم الشرسة ضده, وتسخير أقلام قذرة من اجل النيل من شخصه العظيم, مما أدى بهم التجاوز إلى سبه على المنابر طيلة سبعون عاماً ,فقد جرت محاولات حثيثة من إبعاد أبي طالب قسرا عن حاضر الأمة وتراثها الأصيل , رغم تضحياته ,وانجازاته العظيمة لحفظ الإسلام وصيانة مركز الأمة من أن يناله كيد الأعداء ...... (أبو طالب عقيدة وكفاح)ناجي زواد

لا اعلم أي فكر هذا الذي لا يميز بين الغث والسمين ,بين المبدأ الصادق وبين المبدأ الخاطئ , بين الحق والباطل, أيعقل أيها المثقفون النبلاء أن نرمي إنسان شهد له التاريخ بالنبل والشرف, ومن قدم جل الإمكانيات لكي يرفع قواعد الإسلام شامخا عزيزا .بان نرميه بالكفر .في أي دين هذا,وأي عقل يصدق بذلك !!!!!!!!!!

علينا أعزائي أن نعلم أن مكانة أبي طالب عليه السلام لا تأخذ إلا من عين تنظر الحقيقة, لا من ينظر من خلف أنقبة الظلم وتزييف الحقائق ..

يجب أن نأخذها من أفواه تنطق الحق وبه يعملون ,من أبنائه الهداة الميامين :

من ابنه ومن سفكت دمائه الزكية من اجل دين الله ورسالة السماء علي عليه السلام

قيل لأمير المؤمنين علي عليه السلام(يا امير المؤمنين انك بالمكان الذي أنزلك الله وأبوك معذب في النار) قال له أمير المؤمين: (مه فض الله فاك والذي بعث محمداً بالحق نبيا لو شفع ابي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله أأبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار ان نور ابي طالب يوم القيامة ليطفيء انوار الخلائق إلا خمسة أنوار والله ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مـناف صنماً قط).

ويوضح أمير المؤمـنين السر في كتم ابي طالب ايمانه بقوله (كان والله ابو طالب مؤمـنا مسلما يكتم ايمانه مخافة على بني هاشم ان تنابذها قريش), ويقول مرة أخرى (مامات ابو طالب حتى اعطى رسول الله مـن نفسه الرضا)

قال له رجل (ان قوما يزعمون ان ابا طالب كافر) قال (واعجبا كل العجب أيطعنون على ابي طالب او على رسول الله وقد نهاه الله تعالى ان يقر مؤمـنة مع كافر في غير آية مـن القرآن ولايشك احد ان فاطمة بنت اسد رضي الله عنها مـن المؤمـنات السابقات فانها لم تزل تحت ابي طالب حتى مات ابو طالب).

ان القول بشرك ابي طالب هو طعن برسول الله وعندما سمع الإمام الباقر الحديث المختلق (ان ابا طالب في ضحضاح مـن نار) قال (لو وضع ايمان ابي طالب في كفة ميزان وايمان هذا الخلق في الكفة الاخرى لرجح ايمانه, الم تعلموا ان امير المؤمـنين عليا كان يامر ان يحج عن عبد الله وآمـنة وابي طالب في حياته ثم اوصى في وصيته بالحج عنهم) ونحن نعلم ان الحج ركن مـن اركان الاسلام فلا يجوز لعلي ان يامر به لمـن لم يدخل الاسلام. ويسمع الإمام الصادق نفس الحديث الذي لهجت به افواه بني امية ومـن على شاكلتهم فيقول (كذبوا، إن مثل ابي طالب مثل اصحاب الكهف اخفوا الايمان واظهروا الشرك فآتهم الله اجرهم مرتين وان ابا طالب اخفى الايمان واظهر الشرك فآتاه الله اجره مرتين وما خرج مـن الدنيا حتى اتته البشارة مـن الله تعالى بالجنة كيف يصفونه بهذا وقد نزل جبرئيل ليلة مات ابو طالب فقال (يا محمد اخرج مـن مكة فـمالك بها مـن ناصر بعد موت ابي طالب) ويسمع الحديث مرة اخرى ليرد بقوله (كذب اعداء الله ان ابا طالب مـن رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا) وكيف يكون كافراً وهو القائل:

الم تعلموا انا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في اول الكتب....

فدعونا نقتبس بضع كلمات من حياته المملوءة بالعطاء والتضحيات....

أبو طالب واحتضان الدعوة :

لما نزلت: (وأنذر عشيرتك الأقربين) خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصعد على الصفا فهتف: يا صباحاه. فاجتمعوا إليه، فقال: \"أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقي؟\" قالوا: نعم ما جربنا عليك كذباً. قال: \"فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد\". فقال أبو لهب: تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم أحضر قومه في داره، فبادره وقال: هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصبأة (3) واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأن أحق من أخذك فحبسك بنو أبيك، وإن أقمت ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن ينب لك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئتهم به. فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يتكلم, ثم دعاهم ثانية وقال: «الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له. ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إل هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنما الجنة أبداً والنار أبداً».

فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب.

قال الأميني: لم يكن دين عبد المطلب سلام الله عليه إلا دين التوحيد والإيمان بالله ورسله وكتبه غير مشوب بشيء من الوثنية، وهو الذي كان يقول في وصياه: إنه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة. إلى أن هلك ظلوم لم تصبه عقوبة. فقيل له في ذلك، ففكر في ذلك، فقال: والله إن وراء هذه الدار داراً يجزى فيها المحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء باساته.

استسقاء أبي طالب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم:

أخرج ابن عساكر في تاريخه في تاريخه \" عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم واستسق. فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابه قتماء وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام، ووما في السماء قزعة

( 24 )

فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا، واغدق وأغدودق، وانفجر له الوادي، وأخصب البادي والنادي، وفي ذلك قول أبو طالب:

وأبيض يستسقى الغمم بوجهه * ثمـال اليتامى عصمة للأرامل يلـوذ به الهلاك من آل هاشمٍ * فهم عـنـده في نعمة وفواضل وميـزان عدل لا يخيس شعيرةً * ووزان صـدق وزنه غير هائل

كان أبو طالب بن عبد المطلب لا يغيب صباح النبي ولا مساءه، ويحرسه من أعدائه ويخاف أن يغتالوه فلما كان ذات يوم فقده فلم يره وجاء المساء فلم يره وأصبح الصباح فطلبه في مظانه فلم يجده فلزم أحشاءه وقال: واولداه، وجمع عبيده ومن يلزمه في نفسه فقال لهم: إن محمداً قد فقدته في أمسنا ويومنا هذا ولا أظن إلا أن قريشاً قد اغتالته وكادته وقد بقي هذا الوجه ما جئته، وبعيد أن يكون فيه واختار من عبيده عشرين رجلاً، فقال: امضوا وأعدوا سكاكين وليمض كل رجل منكم وليجلس إلى جنب سيد من سادات قريش، فان أتيت ومحمد معي فلا تحدثن أمراً وكونوا على رسلكم حتى أقف عليكم، وإن جئت وما محمد معي فليضرب كل منكم الرجل الذي إلى جانبه من سادات قريش. فمضوا وشحذوا سكاكينهم حتى رضوها، ومضى أبو طالب في الوجه الذي أراده ومعه رهطه من قومه فوجده في أسفل مكة قائماً يصلى إلى جنب صخرة فوقع عليه وقبله وأخذ بيده وقال: يا بن أخ قد كدت أن تأتي على قومك، سر معي، فأخذ بيده وجاء إلى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عند الكعبة، فلما رأوه قد جاء ويده في يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: هذا أبو طالب قد جاءكم بمحمد إن له لشأناً، فلما وقف عليهم والغضب في وجهه قال لعبيده: أبرزوا ما في أيديكم فأبرز كل واحد منهم ما في يده. فلما رأوا السكاكين قالوا: ما هذا يا أبا طالب؟ قال: ما ترون؛ إني طلبت محمداً فلم أره منذ يومين فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم، فأمرت هؤلاء أن يجلسوا حيث ترون وقلت لهم: إن جئت وليس محمد معي فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه ولا يستأذني فيه، ولو كان هاشمياً، فقالوا: وهل كنت فاعلاً؟ فقال: أي ورب هذه وأومى إلى الكعبة، فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان من أحلافه: لقد كدت تأتي على قومك؟ قال هو ذلك. ومضى به وهو يقول:

إذهب بني فما عليك غضاضة * إذهـب وقر بذاك منك عيونا والله لـن يصلوا إليك بجمعهم * حتــى أوسـد في التراب دفينا ودعوتني وعملت أنك ناصحي * ولقــد صدقت وكنت قبل أمينا وذكــرت ديـناً لا محالة أنه * من خير أديان البرية دينا (1)

فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت إليهم.

قال الأميني: هذا شيخ الأبطح يروقه أن يضحي كل قومه دون نبي الإسلام وقد تأهب لأن يطأ القوميات كلها والأواصر المتشجة بينه وبين قريش بأخمص الدين، فحياها الله من عاطفة إلهية، وآصرة دينية هي فوق أواصر الرحم.

تضحية أبو طالب بابنائة خوفا على ابن أخيه

كان أبو طالب كثيراً ما يخاف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيات إذا عرف مضجعه، فكان يقيمه ليلاً منمنامه ويضجع ابنه علياً مكانه، فقال له علي ليلة: «يا أبت إني مقتول»، فقال له:

أصبــرن يا بـني فالصبر أحجى * كــل حــي مصيــره لشعـوب قــد بذلنــاك والبلاء شــديـد * لفــداء لحبــيب وأبـن الحبيب لفــداء الأغــر ذي الحـسب الثا * قــب والبــاع والكـريم النجيب إن تصبك المنون فالنبل تبرى * فمصيــب منــها وغـير مصيب كــل حــي وإن تـملى بعمر * آخــذ من مــذاقها بنـصـيــب

فأجاب علي بقوله:

أتأمرني بالصبـر في نصر أحمد * ووالله ما قلـت الذي قلت جازعا ولكنـني أحببت أن ترى نصرتي * وتعــلم أنــي لم أزل لك طائعا سأسعى لوجه الله في نصر أحمد * نبي الهـدى المحمود طفلاً ويافعا

وذكره ابن أبي الحديد (3) نقلاً عن الأمالي (3 / 310) وهناك تصحيف في البيت الثاني والثالث من أبيات أبي طالب صححناه من طبقات السيد على خان الناقل عن شرح ابن أبي الحديد المخطوط، وذكر القصة أبو علي الموضح العمري العلوي كما في كتابه الحجة (4) (ص 69).

قل الأميني: إن القرابة والرحم تبعثان إلى المحاماة إلى حد محدود، لكنه إذا بلغت حد التضحية بولد كأمير المؤمنين هو أحب العالمين إلى والده، فهناك يقف التفاني (افلا يتدبرون) كم يؤلم أن يلبس الحق بالبطل !!!!!!

أتمنى من المسؤلين ان يقوموا بعملية صناعة وتطوير المنهج المدرسي وفق النظرة المنصفة للحقائق , وإعادة صياغة مفرداته,لنواكب سنة الله في الكون ,تغير وتبدل إلى حين يرث الله الأرض من عليها.وان يحدث تحت إشراف أناس عقلاء مطلعون ومثقفون .مع ملاحظةمهمه \" أن الجيل الذي يعيش التناقض في حياته ,سوف يكون جيلا متأرجح .وغارق في ظلمات الجهل والتخلف. ولنعلم أيضا أن وراء كل امة عظيمة متحابة, منهجية منصفه عادلة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com