|
تتساوقها الاهات والحرمان ويعلو غضونها قلق الترقب والانتظار ..تلك النافذة التي صارت نديمة لعزلتها القدرية مع القلق تطوقها الهواجس والظنون ..ترى أهو القادم من بعيد ؟؟؟ أم أن ذلك هو ضجيج المأساة الذي يقرع ابوابها المدججة بالرتابة؟ اتراها كانت تنتظر مثل هذا القطاف ...حمل وولادة ...مشقات والم ..اطفال ترضعهم من قلبها ..دمائها ...ارق اجفانها ... دعواتها المتواصلة... الاولاد حين يكبرون يشعلون اضواء من الرضا في اعين والداتهم ...هذا ماكانت تزعمه كل النساء التي عرفتهن في حياتها.. ولكن الحال ليس على هذه الشاكلة دوما. فهناك مخبات تتلفلف تحت أبط الايام .....الايام المحكومة بالتغير والتبدل حتى في عدد ساعاتها.فهاهي اظفارها التي كسرتها سني القحط والحصار والام الفقر لم تعد قوية كما كانت في يوم ما للامساك بزمام اللحظة خشية الانحدار الى الهاوية . فالاطفال كبروا وصار منعهم من النزول الى الشارع ضربا من الجنون. ولكن الشارع مجنون هو الاخر ...و كل شيء خارج البيت هو متوحش وعدواني ..الاشياء المتحركة ..البشر ..جذوع الاشجار التي تطل منها عيون القناصة .. الذهاب الى المدرسة او العمل هو رحلة شاقة مؤلمة تموت فيها الام البغدادية كل لحظة مئات المرات.. فالشوارع التي تجرح وجوهها الشظايا الطائرة وتطارد اجنحة الفناء سابلتها الذين يفزعهم لهاث الموت المتربص بالمدارس وتجمعات الباعة ومواقف السيارات .. ولانها مجرد أم فليس في وسعها سوى الغاء الاحلام والاماني وتاجيل ومراجعاتها الطبية لتدمن القلق على الاولاد ...البنات ..المستقبل لم يعد مغريا كما كان ابدا طالما ان فيه انتظار لما هو ات .. كل ما ياتي بشع ...ممسوخ ...مؤلم ..كل شيء خارج بيتها هو عاصفة من القلق والخشية.. هي أم عراقية ..تعجز عن فعل اي شيء سوى الانتظار خلف باب موصد باحكام خشية الاتي من بعيد .. فالاتي في بغداد يصنعه غرباء لاترافقهم سوى الانباء المفجعة ورائحة موت وضياع اولاد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |