خطة بوش .. والسياسة الطائفية العربية

ستار الشاطي

tootyst@yahoo.com

ماأن اعلن بوش عن استراتيجيته الجديده في العراق والتي تضمنت فيما تضمنت تحذيرا شديدا لايران فيما اعتبره تدخلا سافرا في الشأن العراقي , وبعد الجولة التي قامت بها وزيرة الخارجية الاميركية للدول العربية الحليفة التي طلب منها بوش مساعدته في خطته لحلحلة الاوضاع التي بدأت بالتعقيد في العراق , وبعد ماخلفته الطريقة التي اعدم بها الطاغية الساقط من تداعيات , فقد سارعت تلك الدول العربية المعنية الى اداء دورها المطلوب خاصة ذلك الذي يتعلق بأيران ليس أرضاءا لاميركا فقط ولكن الانطلاق من موقف طائفي بحت للحفاظ على القليل المتبقي من ماء الوجه خاصة بعد الفشل الذريع الذي واجهته اسرائيل في حربها الاخيره ضد حزب الله الشيعي . تلك الحرب التي وضعت الانظمة العربيه بمواجهة صعبة امام الشارع العربي الذي صعق بالموقف المتخاذل لانظمته التي وجدت الان فرصتها السانحة لتحويل بوصلة الصراع من صراع عربي – اسرائيلي الى صراع عربي – فارسي غير مكترثة لمحاولات اميركا الفاضحة في تكريس الفتنة الطائفية في المنطقة للانطلاق نحو مشروعها الشرق اوسطي .

وبمجرد اعلان بوش عن تخليه عن التوصيات الداعية لاجراء حوار مع ايران واعتبار خطر المشروع النووي الايراني اكبر من خطر الفشل في العراق بدأت الانظمة العربية اول مابدأت بحملتها الاعلامية الموغلة في الطائفية في محاولة افهام الشارع العربي الى ان ايران ليست حليفة للشعوب العربية ولاتكترث للقضية الفلسطينية . وهي الفكرة التي تتبناها اميركا ايضا لغرض ان تخسر ايران الشارع العربي وتسعى في نفس الوقت الى تأجيجه طائفيا وهو الدور الذي تضطلع به الان تلك الدول العربية التي اشار اليها بوش في خطابه عن استراتيجيته الجديده في العراق والمنطقه والتي طلب معونتها في ذلك (( السعودية و الاردن ومصر )).

لقد دأبت تلك الانظمة العربية المعنية ومنذ سقوط نظام الطاغية في العراق والذي كانوا تواقين لاسقاطه سابقا الى الاشارة الى الخطر الايراني القادم بعد وصول الشيعة الى تسنم مقاليد الحكم في العراق وبعد اعلان ايران عن مشروعها النووي . ولعل اول من اشار الى الهلال الشيعي وتخوفاته منه هو ملك الاردن . كما زعم حسني مبارك الى ان انتماء الشيعة وولائهم ليس لوطنهم بل لايران في الوقت الذي كان للغضب الشعبي الكبير على مثل هكذا تصريحات هو اكبر دليل على انتمائهم القومي العربي الذي يحاول مبارك ذو القرنين انتزاعه منهم . هذا بالاضافة الى الاشارات الدائمة التي كانت تنطلق من السعودية عبر حكامها سياسيا او رجال الدين ومؤسساتهم الوهابية من خلال فتاواهم الطائفية التي كانوا يدعمون بها اهل السنة في العراق ليس حبا بهم ولكن كرها بالاغلبية التي وصلت الى الحكم الذي يفترض به ان يكون ( سنيا ) حتى قيام الساعة .

لقد تبنت تلك الانظمة العربية توجهات الكيانات السياسية والدينية السنية في العراق واحتضنت قياداتهم التي تسعى لافشال العملية السياسية في العراق والرجوع به الى نقطة الصفر كما هو الحال مع شيخ الارهاب حارث الضاري الذي استقر به الحال اخيرا في الاردن والذي يحظى برعاية تلك الانظمة الطائفية ليقود منها مشروعه الداعي لانسحاب الاميركان وقواتها وترك الامر لمقاومته ( الشريفة ) بتصفية المليشيات ( الشيعية ) التي يصورها والاعلام العربي على انها تشن حرب ابادة ضد اهل السنة وانها تمتلك مشروعا صفويا في المنطقة في محاولة تلفيقية منه لتشويه الحقائق واثارة الرعب في نفوس العرب السنة في العالم العربي والذي بدا ينجر تدريجيا للتصديق بتلك المخاوف المزعومة ليصل الامر بهم الى اعتبار ان الاردن مثلا اصبح هو البوابة الشرقية للوطن العربي بدلا من العراق ايام حكم الطاغية الساقط الذي ورطته ودعمته تلك الانظمة العميلة ليخوض حربا استنزافيه مع ايران بدلا عنهم والتي استمرت لثمان سنوات وخلفت ماخلفت من تداعيات وماسي لازال العراق وشعبه يعاني منها حتى الوقت الحاضر .أو كما هو الحال مع اياد علاوي الذي يرتبط اسمه دوما بأنقاذ العراق والذي كشف مؤخرا عن خطته الانقاذية التي تتطابق مواصفاتها وشروطها مع خطة الضاري التي يتبناها مع تلك الدول التي يسموها بالمعتدلة .

وفي محاولة منها لتحشيد الشارع السني العربي ضد مايسمى بالمد الصفوي – الشيعي في العراق سارعت تلك الدول المعنية التي يسموها معتدله الى حربها الاعلامية الطائفية المكثفة انطلاقا من عقد مؤتمر اعلامي سري في عمان تمت الدعوة فيه للخروج بخطاب اعلامي عربي ( مؤدلج ) يحمل لواء مظلومية اهل السنة في العراق الذين يتعرضون الى حرب ابادة من قبل الشيعة بمساعدة ايران التي تقترب من اكمال مشروعها النووي .ومن هذا المؤتمر انطلقت حربهم الاعلامية التي تتناغم مع بعض ماجاء في استراتيجية بوش الاخيره ومنها الترويج والمبالغة لدور ايراني كبير في العراق وصل الى حد اعتبار ان البصرة اصبح ابنائها يتحدثون بالفارسية في تعاملاتهم اليومية بدلا من العربية .... ومنها محاولة ايجاد ثغرة في العلاقات الاميركية وحكومة المالكي عبر تلفيق تصريحات كاذبة للاخير ..... ومنها تصوير مايجري في العراق على انه ابادة للسنة عبر اظهار احصائيات ملفقة كما ظهر مؤخرا من ان 98% ممن يقتل في العراق هم من اهل السنة وهو الامر الذي حدى برئيس الجمهوريه الطالباني الى تفنيده بأعلانه ان اكثر من 77% ممن يقتل هم من الشيعة (( هذا مايجري مع الاسف في حين كان على الجميع ان يطلعوا علينا بأحصائيات عن عدد القتلى من العراقيين )) .... ومنها محاولة الاساءة للمرجعيات الدينية الشيعية في العراق عبر الترويج عن تواطئها مع المحتل او تلفيق فتاوى لها مزعومة تدعو فيها الى تكفير وقتل السنة .... ومنها الترويج لفتاوى بعض علماء الدين السنة في تكفير الشيعة كما حصل مؤخرا في فتوى ابن جبرين اللعين التي يقول فيها ( ان الشيعة كفار وان نطقوا الشهادتين ) .... ومنها ايضا الترويج للاتهامات التي وجهها القرضاوي – قرضه الله – مؤخرا لايران بتبنيها نشر المذهب الشيعي في الدول العربية عن طريق دفع الاموال وهو الامر الذي هزء به السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير واعتبره امرا ساذجا حسب تعبيره ..... ومنها محاولة التركيز على الاحداث التي تجري في العراق ذات العلاقة بالسنة واهمال الاخرى كما حصل في العاشر من محرم الحرام حين أستأثر خبر ضرب الاعظمية بصواريخ لوحده بأهتمام الفضائيات العربيه بينما لم تهتم بكل ماجرى من مفخخات وعبوات وصواريخ كانت تطال المواكب الحسينية في المناطق الشيعيه في بغداد ...... ومنها مايوزع مؤخرا في المساجد من كتيبات او نشرات تحذر السنة من الشيعة كما حدث مؤخرا في عمان بعد اكتشاف تشيع مجاميع كبيره من الاردنيين ..... ومنها التباكي على اهالي شارع حيفا في بغداد والذي تعرض مؤخرا الى حملة تطهير قام بها الجيش العراقي لتخليص الاهالي من الزمر الارهابية وغالبيتهم من العرب والذين يستوطنون تلك المنطقة ويعبثون بأمنها حتى وصل الامر بأحد الكتاب العرب الى اعتبار ان ماجرى في شارع حيفا من عمليات تطهير لزمر الارهاب لايعدو عن كونه مجرد حقد على اسم الشارع كونه يحمل اسم مدينة فلسطينية . كما ان تلك العمليات قد كشفت وبشكل لايقبل اللبس تورط شيخ الارهاب الضاري بما كان يجري في تلك المنطقه بعد اعترافات المعتقلين والحصول على وثائق ادانة واضحة كانت السبب الرئيسي وراء اصدار مذكرة الاعتقال بحقه ..... ومنها مايدفع به الاعلام العربي الى توجيه انظار المشاهد العربي الى قناة الزوراء التي يديرها العار مشعان الجبوري المطلوب للعدالة كما حصل مؤخرا في نشر خبر يؤكد عودتها الى البث عن طريق عربسات بعد منعها من الاستمرار على قمر نايل سات والتي تكفلت به قناة العربيه السعودية التمويل . وكلنا يعرف ما لتلك القناة من دور في اثارة النعرات الطائفيه والتأسيس لحب اهليه في العراق والتأثير على الراي العام العربي عبر جملة من التلفيقات والتشويه تنطلق من حقد صاحبها ومن يدعمه وتدخل بالتأكيد ضمن المؤامرة العربية السنية ضد الطائفة الشيعيه المتهمة بعدم ولائها للوطن وتنفيذ اجندة الصفوية الايرانية ..... ومنها ايضا ماقام به البرلمان الاردني في تأبينه لصدام الساقط في عملية استفزازية لمشاعر الكثير من العراقيين او اقامة سرادق العزاء على روحه العفنه في الكثير من الدول العربيه وخصوصا ماتسمى ( بالمعتدله ) .... ومنها الكثير الكثير الذي نتعرف عليه يوميا والذي يدلل على مقدار الطائفية المقيتة التي تمارسها تلك الدول (المعتدله) والتي ليس لها ادنى علاقة بما يحاول التعبير عنه على اساس انه تهميش وابادة للسنة في العراق والتي بلغت ذروتها مؤخرا وبشكل ملحوظ بعد اعدام الطاغية ومحاولة اضفاء الطابع الطائفي على ذلك . كما انها اقترنت بالخطة الاميركية الجديده في العراق والمنطقه والتي يحاول الاميركان اشراك تلك الدول فيها مستغلة تخوفاتها من مد شيعي ايراني .وعبر هذه الممارسات الطائفية تعول تلك الدول كثيرا على اجراء الحرب الاهلية في العراق على اعتبار انها تقوي من احتمال اجراء مواجهة عسكرية بين ايران واميركا والتي يحاول المالكي وحكومته ابعادها عن الساحة العراقيه ويطالب اميركا وايران على حل خلافاتهم بعيدا عن العراق . في الوقت الذي تحولت فيه مهمة اميركا في العراق ( من اعادة تركيز جهودها على منع الحرب الاهلية الى احتواء نتائجها ) .

ان هذه الدول التي يسموها معتدلة تحمل في حقيقة الامر مشروعا طائفيا لايقتصر على العراق وحده بل انه يشمل الشرق الاوسط ( حسب المفهوم الاميركي ) وذلك لانحيازهم الواضح للجانب السني وتسويق المشروع الطائفي في المنطقة معللين ذلك بوقف المد الايراني او بالاحرى الشيعي نحو دولهم ( السنية ) اضافة الى التعويل على الوجود الاميركي في المنطقة واعتباره امرا لابد منه ولاغنى عنه بالنسبة لهم لاحداث موازنة مع التأثير الايراني الذي يؤمنون بتزايده في المنطقة ويعتقدون بأنه يهدد مصالحهم وامنهم القومي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com