|
الاعلام الشيعي بين الممكن والطموح سعد البغدادي الاعلام هو الواجهة التي تعكس طموحات ورغبات الفئات السياسية والاثنية المختلفة وقد كانت بداياته هي التعبير عن بعض الاراء قبل ان يصبح في فترات متاخرة وسيلة فعالة لخدمة تلك المكونات وايصال صوتها ونقل رغباتها الى الاخرين متخذا اشكالا عدة من التصورات. فحينما انتهت الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي انتهى دور اكبر واقدم اذاعة في العالم (صوت امريكا) وارتئ المشرفون عليها انها لم تعد تلبي الحاجات الاساسية للمجتمع الامريكي وتصوره للعالم فتم استبدالها باذاعة سوا ذات المنهج المختلف كليا عن سابقتها من حيث الشكل والمضمون فاذاعة سوا امامها مهمة عسيرة هي تعريف المجتمع العربي بامريكا ومخاطبة العقل العربي الحديث اخذت بنظر الاعتبار كل التغيرات التي طرات على المجتمع العربي والاسلامي من انكسارات وهزائم وانتصارات ورغبة الجيل الجديد الحداثوي في التغير وساهمت بشكل فعال مع كل هذه الرغبات حتى اننا نلاحظ ان اسماء برامجها وهذا تم اختياره مسبقا تتم عبر تسميات اجنبية ترددها دائما وبصوت رخيم وجميل من اجل ان يتقبلها المستمع العربي ويهضمها بدلا من لغته الاصلية. وفي المنطقة العربية والشرق الاوسط عموما انتشرت ظاهرة الاعلام بشكل كثيف جدا بعد ان بثت الجزيرة ثم تلتها العربية وقنوات عربية اخرى .كان الاهتمام واضحا بالشكل فالكرافك اجمل مايكون ثم سعة الاستديوهات واختيار مقدمي ومقدمات البرامج بشكل يستهوي القلوب .فلعب جمال الشكل دورا فعالا في هذه القنوات وبعد ان تحقق الكسب الجماهيري من خلال هذين العنصرين اتجهت اخيرا لتطوير المضمون من خلال استحداث برامج وثائقية وبرامج سياسية جريئة سرعان ما استقطبت اليها الجمهور العربي. حتى ان قناة مثل الحرة الامريكية تفقد بريقها امام تقنية تلك القنوات العربية. ثم تلتها المرحلة الثالثة تسويق الفكر الطائفي والعدائي وترسيخ الفكر التوليتاري وتجذيره في عقل الشعوب العربية يتزامن هذا مع منظومة اعلامية اخرى تابعة لذات الدول والشركات الفضائية على مستوى الطرب والسينما والعامة المتنوعة والرياضة وقنوات مثل العربية وmbc وmbc2وmbc3ووغيرها من القنوات هي تكملة لجذب المشاهد العربي بمختلف اتجاهاته واهتماته واستقطاب كل الجمهور العربي فضلا عن هدف اعلامي اخر وهو مشروع تجريد الاخر من جمهوره؟ مؤسسة العربية والجزيرة نجحتا في خلق مدرسة اعلامية كبيرة جدا حتى انها استطاعت ان تغير وجهة الرائ العربي في اي قضية تشاء كما حدث في تلفيق قضية معتقل الجادرية الذي تم تصويره بشكل مخالف للحقيقة واستطاع ان يستولي على مساحة اعلامية كبيرة ليصل تاثيره الى القنوات العالمية؟ وكذلك الحال في قضية الميليشيات الشيعية وفرق الموت في الوقت الذي يتعرض الشيعة الى حملة ابادة جماعية وتطهير عرقي في المفخخات والاحزمة الناسفة والتي يذهب ضحيتها في كل يوم اكثر من مئة شخص ونظرا لعدم وجود اعلامي شيعي ولامؤسسات اعلامية مترابطة مما افقدها لغة الخطاب الاعلامي المؤثر وجعلها تخسر الكثير من قضاياها ما السبب في ذلك ؟ الاعلام الشيعي في المحيط الاقليمي اثبت فشله فقنوات تشرف عليها ايران مثل قناة سحر والعالم والكوثر لم تكن القضية السياسية الشيعية في اهتماتها بل توجهت هذه القنوات الى ابراز الجانب الديني للشيعة وترك ماهو سياسي حتى ان نسبة البرامج السياسية في هذه القنوات لاتتعدى 5% من الممكن ان نفهم الجانب الايراني؟ ومن الممكن ان نفهم الجانب اللبنايي وقناة المنار التابعة لحزب شيعي لكنها لاتمثل اي وجهة نظر شيعية حتى في برامجها الدينية ؟ فضلا عن اهتمامها في الشان الشيعي في البحرين والسعودية والعراق والكويت كان هذا واضحا حينما اجريت الانتخابات البحرينية فلم نسمع من اي قناة شيعية اي نوع من الدعاية ولابشكل برامج حول تلك الانتخابات على عكس القوى السنية البحرينية التي لقت كل الدعم من كل القنوات العربية . اما القضية العراقية وشهداء المفخخات فلم نسمع لهم ذكرا ولاخبر ؟ يكمن الخلل في عدم وجود رؤية موحدة لخطاب شيعي موحد بل العكس هناك تنافرات في المواقف تصل الى حد القطيعة .واذ شكل سقوط الفاشية في العراق املا للشيعة العرب في السعودية والبحرين وبقية البلدان العربية باعتبار ان العراق هو عمقهم الاستراتيجي وهو الذي سيتبنى مظلومية الشيعة في كل مكان من خلال الحرية المتاحة للاعلام العراقي وحرية الصحافة والتعبير عن الرائ .واذا حدث هذا اصبح الشيعة يتطلعون الى عمقهم وينتظرون منه المزيد فشل الاعلام الشيعي في جعل قضية سامراء من اول اهتمامته امر يفسر لنا لماذا فشلنا اعلاميا في حين كسب الاخرون قضية تافهة مثل تهجير احد عشر عائلة فقط من مدينة الحرية ليجعل منها الدليمي واتباعه قضية العام وليبحث في بروكسل واسطنبول بشكل هزلي مسالة ابادة الاقلية السنية في العراق؟؟ لابد من وقفة ومراجعة للذات المريضة التي تشرف على هذه المؤسسسات صحافتنا من اردئ الصحف واقلها مبيعا حتى ان اهم صحيفة شيعية لاتصل مبيعاتها الى حدود محافظة الكوت؟ ترى لماذا رغم توفر كل الامكانات المادية لهذا اليوم لم نسمع باذاعة شيعية عراقية يتعدى بثها حدود المنطقة الجغرافية التي يقع برج الاتصال فيها هل سمع احدكم بتلفزيون اسمه تلفزيون الوطن؟ طبعا لا انه فعلا موجود؟ تلفزيون النخيل تلفزيون الاهوار تلفزيون الغدير وهل سمعتم بقناة النبا طبعا لا لكنها موجودة وتبث؟ عشرات القنوات الارضية وعشرات الصحف الشيعية فضلا عن اكثر من خمس محطات فضائية؟ واكثر من خمسين مجلة اسبوعية وفصلية ؟ لكن اين تاثيرها واين جمهورها ؟احسب نفسي غير مبالغا لو قلت ان تاثيرها لايغطي المساحة التي تملكها هذه القنوات. اسباب الفشل كثيرة . لعل اولها الفترة الطويلة التي عاشتها المعارضة العراقية قبل ان تقدم امريكا على اسقاط الفاشية في العراق مما افقدها لغة الخطاب الاعلامي الجريء نتيجة الترويض السياسي في بلدان اللجوء انعكس هذا الترويض على نشاة الاعلام الشيعي الذي دخل الى العراق في اوج حرية الصحافة .خذ مثلا صحيفة دار السلام التابعة للحزب الاسلامي كيف تستخدم لغة تحريضية ضد الخطة الامنية في افتتاحية الخميس الموافق 8 شباط /2007 وتتهم الحكومة بممارسة سياسية ابادة ضد التجمعات السنية تتحدث علنا بهذا الخطاب التحريضي في الوقت الذي تجد الصحف الشيعية تتحدث بخجل عن جرائم الدليمي بل ان بعضها لايتحدث اطلاقا ولايذكر خبر عثور سبع سيارات مفخخة في منزله.؟ وفي اذاعة دار السلام وهي ايضا تابعة للحزب الاسلامي تتهجم على دولة رئيس الوزراء وتتهمه بالطائفية في حين حين يخفت الصوت الشيعي لاتدرج خبر الزيارات العدائية التي يقوم بها طارق الهاشمي بصفة نائب رئيس الجمهورية لكنه كما قالت مادلين اولبرايت يتحدث عن الطائفة السنية ويحيك المؤامرات ضد المالكي؟ كثيرة هي اسباب فشل الاعلام الشيعي والمتتبع للاعلام الالكتروني الحديث او المواقع الالكترونية سيكتشف هذا الخلل الفاضح فمواقع اعلامية مهمة مثل موقع حزب الدعوة لم يتم تحديثه لاكثر من ستة اشهر وموقع اخر مهم جدا مثل موقع المجلس الاعلى للثورة الاسلامية تجده ضعيف جدا ولايتم تحديث اخباره الا بعد يوميين او ثلاثة ولايحتوي على اي اخبار ذات فائدة تذكر على خلاف المواقع السنية التي يبلغ الاهتمام بها الى اعلى المستويات وتجد فيها كل ما يريد المتتبع والمشاهد والقارئ ثقافة الانترنيت تكاد تكون معدومة لدينا صحفنا المهمة والتي تصدر عن اهم الاحزاب السياسية مثل صحيفة الاستقامة الصادرة عن المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ليس لها موقع الكتروني وكذلك صحيفة بدر .وكلنا يعرف ان المواقع العدائية تنشط في المواقع الالكترونية لتضيف لها علامة بارزة في التفوق الاعلامي. فضلا عن المواقع الالكترونية الشيعية تفتقر الى التقنية الحديثة في الاتصال والبرمجة والحصول على المعلومة بشكل سريع جدا اسباب هذا الفشل كما ذكرنا كثيرة جدا لعل اولها ضعف الكادر المهني والخوف من الاخر وعقدة المعارضة التي تستولي على اذهان اصحاب القرار الاعلامي وعدم التميز بين الاعلام المهني والسياسي هذا التداخل سبب الكثير من الارباكات للعمل الاعلامي فكما هو معروف ان هناك تميز بين الاعلامي وما يطرحه وبين الرائ السياسي. يضاف اليه ان اصحاب القرار يتوهمون ان ما يطرح في الاعلام ربما يكون مراقبا من قبل القوى الكبرى التي تراقب اداءهم السياسي؟ وبالتالي ينعكس هذا الخوف على الاداء السلبي في المؤسسات الصحفية والاعلامية واكثر من هذا ما يزال عامل الثقة غير متوفر في العراقي المبدع لذا غالبا ما يتم الاتكال على عناصر ذات تعليم ابتدائي او متوسط وزجها في المؤسسات الاعلامية بصفة رقيب لتتطور الى عقبة كاداء بوجه التطور الاعلامي .ومواكبة المؤسسات الاعلامية الاخرى وهي لاتملك ادنى مقومات المهنة بقدر امتلاكها صفات اخرى لعل افضلها .........؟ هذه جملة من الاسباب فاذا اضفنا لها ضعف الدورات التدريبية التي يتلقاها الصحفي العراقي عموما وعدم اختلاطه في الصحافة العالمية سنتعرف انذاك على حجم الكارثة التي تحيق بالاعلام الشيعي بوجه خاص . واذا اردنا ان نضرب مثلا على ضعف الاداء الاعلامي سنرى تلك الضجة التي اثارها البعض فيما يسمى الانتشار الشيعي في المنطقة او الهلال الشيعي ولاحظنا كيف تم التعامل معها في غرف الاخبار بصورة صارت من اهم القضايا الاعلامية في المحطات العربية حتى انهم رتبوا الكثير من القرارات السياسية على تلك السياسية في الوقت الذي تم تجاهل هذا الموضوع في الاعلام الشيعي وكان الامر لايخصهم. وحينما تطور الامر اصبح الاعلام الشيعي وكعادته ردة فعل وليس صانع سياسية والاعلام حينما يكون ردة فعل للاخر يعتبر في المقايس الاعلامية من افشل المؤسسات المهنية .علينا صنع القرار الاعلامي وليس العكس. وهذا لايتم الا من خلال تدريب الكوادر على كيفية التعامل مع الاعلام الحديث .يعتقد بعض ممن انيطت بهم مهمة الاشراف على بعض المؤسسات الاعلامية ان الاعلام شئ يمكن تحقيق نتائجه من خلال زج بعض الكوادر التي تتميز بالطاعة العمياء والتي تعودت الانصياع للاوامر من دون نقاش او دراسة ومن دون تحصيل ادنى مستوى علمي او مهني في مجال الاعلام . مادام الصحيفة تصدر في موعدها او تلك القناة او الاذاعة تبث نشراتها وهو المطلوب.؟؟ هذه النظرة ستؤدي بنا الى التاخر والتخلف وسنجد انفسنا بعد فترة ليس طويلة من دون زبائن لصحفنا او مشاهدين لقنواتنا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |