يا عـرب.. يا...!!

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

في بداية الستينيات من القرن الماضي، برز أحدهم ويدعى / عزيز علي .. كان فناناً

 بمعنى الكلمة.. له أسلوبه الخاص ، حيث قدم الكثير من ( المنلوجات ) السياسية وبسببها دخل المحاكم والسجون والمعتقلات.. كان يقدم منلوجاته بشكل يجلب النظر.. شخصياً كنت صغيراً ولكنني أتذكر شكله وربطة عنقه وبدلته ألأنيقة ، قدم الكثير من المنولجات وكلها سياسية ، أتذكر أن ألأكثرية حفظوا كلمات منلوجاته عن ظهر قلب وأنا أحدهم ... ومنها :

[ أنعل أبو الفن ، الراديو ، دكتور ، عشنا وشفنا ، كل حال يزول ، منه كلها منه ، ياعرب] .

حول المنلوج ألأخير عبر عن وضع بلده وموقف العرب.. والمسألة والحالة تلائمان هذه ألأيام..لذلك لايسعني الا أن أقول أعطاه الباري الصحة أذا كان على قيد الحياة.. ورحمه أذا كان قد أنتقل الى جواره .

شخصياً شاهدته في العام / 1998 في منطقة الفضل ، حيث يسكن ، كان لايزال أنيقاٌ ولكن خطواته كانت مثقلة وظهره منحي تماماً!!... وقفت معه وأبديت أعجابي به وبشجاعته.. فرح كثيراً وشكرني!!.

في منلوج ياعرب قال :

[ياعرب كثروا الملاليح وسفينتنا غرفة ماي

فوكاها أمعاكسنا الريح ، هذا الروج اليطوي طي

 * * *

يا أهل ألأفكار حالتنا عدم في عدم

ناحرنا تيار سايكنا سوك الغنم

من هذه ألأخطار لو نسلم يا أهل الرحم

هذولا الملاليح لابد مانحاسبهم

سلموهه للريح جنهه مو سفينتهم

بس بالتصاريح أقبض من دبش عنهم!!]

******

نعم هكذا كان ولايزال حال وطننا الجريح...؟؟ أين التبدل غير نحو ألأسؤ؟؟؟ حتى الذين كنا نطلق عليهم ونعتبرهم أشقاء في أيام المحنة تخلوا عنا...فأين المفر..؟؟.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 قبل أيام قدم السيد / مختار لمائي ـ ممثل جامعة العربية ـ أستقالته الى السيد / عمرو موسى ، ألأمين العام للجامعة .. في حينها كانت الأستقالة وأسبابها غامضة..والغريب أن السيد / موسى وافق على ألأستقالة فوراً!!.

هنا لست ( فقط ) بصدد ألأستقالة وأسبابها ومبرراتها ، ولكن الذي أريد أن أقوله:

ياترى لماذا هذه المفاجأة من رجل يمثل ( الجامعة العربية ) تلك الخيمة التي تنضوي تحتها كل العرب من المحيط الى الخليج..!!؟؟.

الرجل / لمائي مضى في وظيفته لمدة عام واحد.. وخلال فترة عمله كان نشطاً ، شخصياً كنت من المتابعين لأخباره..لقد التقى بالعديد من شرائح المجتمع العراقي.. من المقاومة الحقيقية ومن الذين يدعون المقاومة ( زوراً وبختاناً) ، ومن المعتدلين والمتشددين والمستقلين!!.

هذا الدبلوماسي المحنك..يقدم أستقالته..!! ياترى لماذا بهذه العجالة؟؟؟ هل له مبرراته أم أنه أستقال وبس؟؟؟ هل تعرض الى ضغوطات؟؟ هل يأس من الحالة ؟؟ هل وصلت مهمته الى طريق مسدود؟؟ هل بسبب عدم التعاون معه ..؟؟ هل بسبب تأنيب الضمير وبالتالي عدم أمكانه من تكملة المشوار؟؟؟.

ياترى أذا كانت ( جامعتنا ) تتصرف هكذا ..هل نستطيع أن نلوم ألأخرين من ألأجانب؟؟.

كنا نتابع أخبار تلك المفاجأة .. لم نحصل على ضالتنا المنشودة.. ولكن وفجأة تحاوره جريدة / شرق ألأوسط.. وأذا في جعبة الرجل الكثير الكثير من الهموم والمعوقات ..ومن خلال تلك الجريدة أفرغ ما في جعبته وضميره.. وليكن العراقيون أولاً وبالتالي العرب ومن ثم الدول ألأسلامية وأخيرأ بقية العالم حكماً !!هل كان محقاً في تقديم ألأستقالة؟؟ هل كان شجاعاً في قراره؟؟ أم العكس؟؟ وهل تنوي الجامعة العربية من ترشيح غيره؟؟ أم أنها هي ألأخرى ستبتعد وتدع العراقيون يفعلوا مايشائون؟؟؟ أم ماذا ؟؟؟...عشرات ألأسئلة يرد عليها السيد/ محتار المائي :

  • كيف تركت الوضع في العراق؟
    ـ الوضع في العراق وضع مأساوي.. لم أر أزمة في العالم وصلت تعقيداتها للتعقيد الحالي الذي وصلت إليه الحالة في العراق.. عندك ثلاثة مستويات أساسية.. المستوى الأول هو علاقات العراقيين بين بعضهم البعض وخطورتها.. العراقيون غير متفقين حتى على تشخيص ما هية المشاكل بينهم.. ثاني شيء هناك حالة انعدام ثقة تامة بين كل العراقيين.. وقضيت الشهور الأربعة الأولى هناك كمستمع لأفهم الوضع في العراق.

ياترى أية أزمة هذه حتى يصفها السيد / المائي بهذا الشكل..؟؟ وياترى هل ألأخوة ألأمريكان والمسؤلون العراقيون يعرفون هذه الحقيقة؟؟ أم أنهم ( يمهون ) أنفسهم بأن الحالة مجرد أقاويل وبمجرد البدأ بالخطة ألأمنية.. كل شىء تمام!! ياللعجب.. أن كنت تدري... وأن كنت لاتدري..!!.

· هل يستطيع العراقيون تحصين بلدهم بتوافق داخلي؟

ـ أنا مقتنع أنهم لا يستطيعون لأنهم الان في حالة احتقان وردود فعل.. ولا توجد ثقة.. كل واحد يرد فعل على الثاني.. أكيد يحتاجون مساعدة من الخارج.. وحدهم لن يستطيعوا.. على الأقل في الظروف الحالية، وأعتقد أنني كنت من القلائل إن لم أكن الوحيد في العراق الذي له اتصالات مع كل الأطراف العراقية من المقاومة للحكومة لهيئة علماء المسلمين.

طيب... من أين نأتي بالثقة.. وألأزمات تتفاقم يوم بعد يوم..هل نعتقد أن الرجل على خطأ؟؟ ... أنا أقول أن كلامه عين الصواب!!!!.

  • بالنسبة للأطراف الإقليمية.. العرب وايران كيف ترى مواقفهم ؟
    ـ اكتفاء العرب بالتفرج اللامسؤول بهذه الطريقة شيء مشين وليس لمصلحتهم، وإيران نفس الشيء يجب أن تراجع موقفها لأنها تستثمر حالة الفراغ في العراق للتغلغل بهذا الشكل وتريد أن تقيم علاقات مع بعض الأطراف بهذا الشكل وتلعب دورا.. هذا ليس في مصلحتها، وقد ابدى عدد كبير من الناس ومن العشائر من المناطق الجنوبية ممن كانوا يزورونني تذمرهم الواضح من التغلغل الإيراني وطريقته.. هذا لأن العراق مستباح نوعاً ما ، ولا توجد أية مراقبة للحكومة، إضافة للمشاكل الموجودة داخل الحكومة نفسها.. لا يوجد تناسق حكومي.. وهذه المحاولات التي كانت تهدف لإنشاء أغلبية معتدلة.. كل محاولات الإصلاح مالت للترقيع سواء على الصعيد الداخلي بين العراقيين أو على المستوى الإقليمي، وأعتقد أن انهيار العراق سيحرق الأخضر واليابس.

خوش تحليل.. ولكن على مايبدو أن ألأخ لمائي كان يتحدث بشىء من الضبابية ولم يريد أن يقول أن سبب كل تلك التي ذكرها هي ( غياب ) الحكومة الحقيقية التي تغض النظر عن الكثير من ألأمور والتي سببها دول الجوار..اليس كذلك؟؟.

  • كيف بدأت مهمتك في العراق؟
    ـ مكثت نحو 3 أشهر متنقلاًً في كل أرجاء العراق لأفهم الوضع. ولم تكن لدي أوهام بأنه ستكون هناك إمكانيات.. كانت البعثة تتكون من شخصين، أنا وآخر، مقارنة ببعثة الأمم المتحدة التي لها 4 مراكز في أربيل وبغداد وفي عمان 500 موظف وطائرات وإمكانيات.. يعني لا يمكن أن تقارن ما بين هذا وبين وضع بعثة الجامعة، إضافة إلى أنني اخترت أن أقيم في المنطقة الحمراء التي تشمل كل العراق ما عدا المنطقة الخضراء..لتسهيل التواصل مع كل الأطراف العراقية حيث لا أمن ولا أي شيء.. السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي قام مشكورا بتوفير حراسة خارجية للبيت من قوات البشمرجة (عناصر مسلحة كردية)، لأن المنطقة كلها.. كنا نسكن في حي اسمه منطقة السكك في الصالحية، هي منطقة وزارة الخارجية.. في العراق لكل وزير جماعة حراسة خاصة به من جماعته.. المنطقة التي كنا بها كلها كان يحميها البشمرجة.. «حاجة مليحة» أن تكون ممثل العرب وفي حماية الأكراد. كانت تجربة جديدة تماما بالنسبة للجامعة العربية فهي المرة الاولى التي يكون لها موفد دائم الى منطقة نزاع، وعلى مدى ما يقرب من عام امضيته تحت الخطر لم تكن لدي سيارة مصفحة في بلد تقتل فيه التفجيرات عشرات الابرياء كل يوم وتعمل فوق ارضه عشرات التنظيمات المسلحة المتنافسة، طلبت سيارة مصفحة ولم اتسلمها الا بعد سبعة أشهر، ايضا لم تكن لدي أية وسيلة آمنة للاتصال بالجامعة العربية، وكانت العديد من الرسائل التي أحاول إرسالها لمقر الجامعة في القاهرة تتعرض لتدخلات من عناصر مختلفة.. احذف هذه ولا ترسل هذه الفقرة، وهكذا.. طلبت فاكس مشفر يتيح لي إرسال المكاتبات بدون تدخل من الآخرين، لكن الجامعة لم تتمكن من إرساله حتى لحظة عودتي، كنت اعيش تحت الخطر ولا أبالي، تعرضت لتحرشات مسلحة وتهديدات لكن المخاوف الأمنية لم تكن أبدا سببا لعودتي والا لعدت قبل شهور من الان.

طيب.. والله ( خلف الله ) عالبيشمركة..نعم البيشمركة في حماية ممثل الجامعة العربية في بلد عربي.... خوش مسألة...وخوش عرب.. وخوش ضيافة عربية !!!.

  • لو افترضنا أن فيه شروطا محددة لتعود إلى العراق، فما هي هذه الشروط؟
    ـ أعتقد أن الذهاب للعراق وخدمة العراق بالشكل الذي كنت عليه شرف لي وإذا أتيحت لي الفرصة أذهب مرة ثانية وثالثة.. لكن بشرط وحيد أن تكون الأمور في اتجاه المساعدة الحقيقية لأهل العراق لمساعدة بلدهم من الداخل. وكما تعرف فان علاقتي بالعراق بدأت منذ 1991 واتمنى ان استطيع ان اقدم شيئا لكننى لن اذهب من اجل ان اصب الماء فوق الرمال ليضيع سدى، فالعراق في اللحظة الراهنة ربما وصل الى طريق مسدود وبات ساحة صراع بين قوى خارجية على ارضه وهذا خطير جدا.]

الم أقل : كيف يمكننا أن نعتب على ألأجانب...؟؟؟.

  • هل ترى ثمة أمل في اللحظة الراهنة ام ان الصورة قاتمة والطريق مسدود؟
    ـ هناك مشروع سياسي فاشل.. لا مصالحة نجحت ولا أي شيء ناجح.. وهناك من الاطراف الاقليمية من تخندق وهناك من تغلغل وهناك من اكتفى بالفرجة وكأنه بمنجى عن آثار ما يحدث في العراق ..وهذا واقع.. وضع أمني كارثي، وكارثي ووضع معيشي كارثي.. سكان بدون كهرباء بدون مياه بنيان المجتمع العراقي مضروب في العمق.. معدلات الناس التي تهاجر يومياً 3 آلاف عائلة.. لكن أن يصل الأمر إلى الأقليات الصغيرة كالمسيحيين.. الكل يعاني.. وأن تصل الأمور إلى مثل هذه الدرجة يصعب أن تعود إلى ما كانت عليه.. وهذا مع الوضع الأمني ومع المشروع السياسي مع إعادة البناء.. ما يحزنني هو أن الوجود العربي لم يكن على المستوى.. حتى أنني ذهبت إلى هناك بدون أية إمكانات..القرار الذي ذهبت بموجبه للعراق ينص على الوجود الدبلوماسي العربي، وخلال سنة رأيت الكثير من الدول عينت دبلوماسيين لكن طلب منهم الإقامة في عمان، رغم أن لديهم إمكانات أمنية ومادية.. لم يكن هناك أي شيء في حقيقة الأمر يمكن تقديمه.. وقناعتي أن علاقاتي الطيبة مع كل الأطراف العراقية لن تحل المشكلة لأنني أصبحت مثل الراهب الذي يقدم النصح، لكن الأمر يحتاج إلى المشاركة في المفاوضات وهذا ليس بيدي بل بيد الدول، ولم يكن يلوح في الأفق أن تلك الدول ستلعب دوراً في التقريب بين العراقيين، ولدي قناعة أن هذا لن يحدث.

من هنا توصلنا الى بعض النقاط :

ــ أن ألأخوة العرب.. من غير أستثناء لايهم مايحصل في العراق.. أنهم متفرجون فقط!!.

ــ أين دور الشقيقة الكبرى ( مصر )؟؟؟؟ وأغنى وأقدس دولة عربية ( السعودية )؟؟ ، أين دور بقية الدول من كافة النواحي..يصرفون ملايين الدولارات لشراء

( مهرة ) أو سباق ( للبعران ) وهذا هو حال أشقائهم العراقيون؟؟؟.

ــ أين دور ألأمم المتحدة وسيده ألأمين العام الجديد؟؟؟.

ــ أين الدور ألأوربي؟؟ أم أنهم يخشون السلطان؟؟ وجبروت سلطان؟؟ ولسان السلطان المستر / بوش وألأنسة المصونة / رايس؟؟؟.

ــ أين دور المؤسسات الدينية العربية؟؟ رجال الدين؟؟ منظمة المؤتمر ألأسلامي؟؟؟..أين؟؟ وأين ؟؟ وأين ؟؟؟.

ما العمل حينما لايرضى بنا أحد... ؟؟ الشكوى لغير الله مذلة ياناس!!.

أستمر يا أخي .. يافناننا ( عزيز علي ) لعل بعضهم يسمعك و( يصحى ) من السُبات!!!......... آخ من العرب....!! آخ..أي أشقاء أنتم ؟؟.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com