من منحهم رخصة الرقص على أوجاعنا ؟!

طاهر حسن

taher_ab2003@yahoo.com

إنه لمن المؤلم والمحزن أن يمثل المشهد العراقي اليوم مادة دسمة -كما يسميها تجار الكلام- يغترف منها المشرّق والمغرّب وفق التصميم الشرقي أو الغربي على حد سواء .

فباتت فاجعة العراقي لاتتأطر بدائرة العبوة الناسفة التي تفتت اجساد المارة والمتسوقين أو العصابة التي تخطف نفرا من العزل لتصنع منهم وليمة نصف ليلية يشاركهم فيها ارباب المساجلات المذهبية  وفناني ابتكار الاوجه الايمانية بعد غسل مكياج ذواتهم البهيمية ،أو الرشقات النارية التي تنتقي ارواح بؤساء اليوم والأمس ممن خلعت على وجوههم السنين العجاف أسمالها الزمهريرية لينتظروا ميعاد اللحاق بالركب الجنائزي أسوة بمن سبقهم من الماضين ..

 بل أنها تمتد الى مساحات اخرى اكثر تشعبا وأبعد عمقا واشد تعقيدا،انها تمتد الى ذلك الصوت الموبوء بكوليرا الطائفية المرقطة بطحالب القرون الغابرة والبقع التي لم يبق من اثرها بعد العين سوى انتفاخات واورام سرطانية،لايختلف اثنان عدلان في ان سرطانيتها متأتية من قارورة التدشين لنهاية امبراطور المملكة الدموية في بلاد  السواد   .

انها كوليرا الـ(أنا )المسبوكة بأيادي الـ(هم) فكيف سيكون حجم الفاجعة وهي رهينة من عضوا على النواجذ وشمروا عن السواعد ،وتمنطقوا بنطاق المجاهد ليبثوا ذلك الداء الاصفر في ربوع أرض النخلة المحمدية، ويزرعوا زرعهم الملقح بمرارة الذاكرة على طول التاريخ وعرضه.

كيف سيكون حجمها وهم آثروا نشوة الرقص على طلل الاعياد ومضغ الحلوى نيابة عن اطفال غادرتهم اجسادهم بعد ان حانت ساعة الانفجار وغلقت عليهم ابوابها البركانية.    

انهم يريدون منا التنقيب في ماوراء انفسنا وزماننا ومكاننا لنستحضر بعضا من مشاهد التسوس الطائفي في هذه البقعة الزمكانية او تلك علّها تأتي بأكل ثمرة الغي المرتجاة .

ترى من وكلهم النيابة عنا للإدلاء بشاهاداتهم المنجنيقية والنفخ في مزمار البويهية والسلجوقية ونبش قبور الصفوية والعثمانية؟!

ومن أودع في ألسنتهم نبوّات الثأر من آمالانا  وهي في طور الولادة،واجهاض زوجة الربيع القادمة من صحارى المتاريس ،وعواصف الحروب،وغيوم التعزية، ودخان الحفلات الليلية ؟!

ومن منحهم رخصة اللهو في سماواتنا وترحيلنا الى اقاصي الذبول، بعد أن عدنا الى بيتنا ونخلتنا ومائنا ؟!

ومن منحهم رخصة الرقص على أوجاعنا وتكفير دموعنا التي نحتت مع أذاننا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com