|
(أيها الناس، لقد أحببتكم، كونوا يقظين) عن الخيانة والحب والتعذيب وهمجية السلطة وقوافل الشهداء...! محسن الجيلاوي ( بالنسبة لي لم يعد فرق، خارج السجن، داخل السجن، كله سواء ) أحد أبطال جمعة اللامي أيها الناس، لقد أحببتكم، كونوا يقظين... !! يوليوس فوتشيك من البديهي أن الخيانة لا تسقط بالتقادم الزمني..فهناك أعراف ثابتة في التوصيف والمفاهيم والمواقف تبدو متقاربة في النظرة مع اختلاف المنطلقات وهذا ما نلمسه ونعرفه وتتحدث عنه الكثير من القصص والروايات وأفلام السينما والمسلسلات في توصيف حياة اللصوص والنشالين وقطاع الطرق ورجال المافيا والتهريب..بين كل هذه الفئات المغامرة من البشر الحد الفاصل بين الخيانة ونقيضها هو قصاص عادل( رصاصة واحدة في أغلب الأحيان ) لكي يستمر ( دسبلن ) المهنة...لكن في السياسة وخصوصا عراقيا هناك استثناء عجيب فهناك شروط خاضعة لاحتياج مصمم ومتلقي الحالة، هناك ثنائية عجيبة تشبه ( البزنس) فيها طرف رابح دوما وهو ذلك الغشاش الماهر اللابس ثوب الحداد الأبدي المزيف على كتائب من الضحايا الممتلئين طموحا وفتوة وأحلاما نبيلة والذين يذهبون إلى حتفهم حيث يريد وحيث يختار....فقد تكون هناك تعريفات محددة للخائن السياسي ولكن مع تقادم الزمن واستثمار السياسة بعيدا عن الأهداف الرومانسية والأحلام الواجبة التنفيذ استثمر السياسي المتنفذ غرض البطولة والضعف كمشروع ربح رخيص لتخليد حاصد( الغلة) الذي وجدَّ في سعي الناس للتغير وطموحاتهم بعالم أفضل مكانا هاما في بقاءه الأبدي سلطانا وقائدا وملهما وخالدا وبعيدا عن الشبهات وبالتالي أصبح وجوده ضرورة ومنفعة للأمّة أو للحزب أو للمجموعة...، فبعد مجتمع حيوي حد نهايات الخمسينات جاءت فكرة الدكتاتورية والقائد الأوحد لكي تقود مجتمعا كاملا حاكم ومحكوم نحو فكرة جوهرها واحد ألا وهي محاصرة الحرية ومصادرة تفكير الفرد وحقه بالاختيار والفرادة وتحطيم أي مقومات لأي مؤسسات تقف ضد الانتهاك وتحمي البشر من التغييب...لقد قرأت عدة كتابات عن توصيف السقوط السياسي كما في أعمال عبد الرحمن منيف أو القلعة الخامسة لفاضل العزاوي أو في إعمال الطاهر وطار وجمعة اللامي وغيرها..وجميعها تشترك في إدانة الخيانة التي متطلبات مسحها باهظة جدا تستوجب تضحيات تفوق التصور والخيال..طبعا أضاف لها الفهم الشرقي وفهم اليسار الكهنوتي عموما قساوة كبيرة عبر تلك المعالجة المبتسرة والسهلة والسطحية ومن خلالها تشكيل وعي جمعي في الإدانة الأكبر للضحية ففي مناقشة مثل هكذا قضية في تفاصيلها الجزئية تغيب إلى حد كبير مسؤولية السلطة القمعية ( سواء دولة أو حزب أو ماخور سياسي ) التي يجب أن توجه لها الإدانة الأولى في استلاب كرامة البشر.. لقد عشت شخصيا ارتباك هذه الأسئلة والتصورات في علاقتي بأشخاص أحبهم كثيرا لكن توصيفاتنا جعلتني أبتعد عنهم اجتماعيا ضمن إطار عزلهم كشكل من عقاب أبدي واجب وبالتالي إخراجهم عن الدائرة الطبيعية التي كانوا يحيون ويتنفسون داخلها، إنها فكرة تحطيم وعقاب شديدة الوقع والتأثير والغلو... فقسم من هؤلاء لم يستطع الصمود في التجربة مع الجلاد وما أن يخرج من المعتقل حتى نواجهه نحن جمهرة اليسار ( الصامد ) ولو مؤقتا أو بظرفية معينة بكلمة لها وقع كالرصاص على أي إنسان ألا وهي ( ساقط أو منهار ) وهنا يأتي دور المستثمر في الاستفادة من الضحية لحسابات زج الناس كوقود لإدامة ماكينة الشعارات ومذابح الشهداء...سؤالي لكل عاقل لماذا لا يوجد إنصاف في المماثلة بين خيانة مالك سيف الذي سلم تنظيمات الحزب لمؤسسات القمع وبين خيانة ( ع . م) الذي فر كقائد من المعركة ليترك جنوده عراة أمام همجية السلطة أو هزيمة القيادة المُذلة في بشتاشان ؟ولماذا يوصف صدام بجبان كونه ترك جيشه عاريا أمام الغزاة ليحتمي في حفرة وغيره لا يشترك معه في هذا الأمر وهو الذي ترك جمهرة الرفاق البسطاء مكشوفين أمام العدو، كلاهما في الجوهر يشتركان في خيانة تغييب الناس لكن الأولى سهلة التوصيف والثانية صاحبها في خندق امن للدفاع ولمواصلة غواية الاستثمار العجيب من منطلق معاكس وهمي في فكرة الصمود في عرين الزهور والفنادق الفارهة وأماكن الاستراحة الأممية..! نعم لقد أكلت قصيدة مظفر النواب ( البراءة ) الآلاف من شبابنا فلم يعد صالحا إلا الغياب في تأكيد الصمود وما عداه سيستمر التعذيب بوسائل لا تقل عن الجسدي المتعرف عليه ألا وهو التعذيب النفسي القاسي وبهذا صنعنا صورة مركبة ومستمرة ولا نهائية وعجيبة ومتشابكة النوايا والأهداف لماهية التعذيب الذي حرق شعبا كاملا وجعل ضحاياه بهذا العدد الهائل فالموت يحف بالناس سواء في السجون أو في الحياة بعد تجربة انكسار ما، خلقنا أمة منكسرة بلا حدود، فعواء الهزيمة يلاحقنا حتى قبورنا المرتبة بعناية والممتدة بلا نهايات وبلا ضفاف وبهذا حققنا نصرا وحيدا كوننا أمّة استثناء في استمرار دورة المأساة والقبول بها والخضوع إليها كبداهة منقطعة النظير ومستمرة في دورة لا نهائية وان تغير شكل الصياغات والترتيبات التي تنظم حتفنا بعناية وكفاءة لا مثيل لها.. (قد تناول ذلك بعناية عبد الرحمن منيف كما أعتقد...)! الشجاعة والصمود والبطولة تصنعها روح المواجهة الجماعية ووجود مثال حيوي ملهم أمامك وورائك وعلى جنبيك..دائما الانتصارات الكبرى في التاريخ صنعتها ارادات قوية وهيئة اركان (قيادة ) متقدمة مما أعطت دفعا لملايين من الناس العاديين والغير مرئيين في صناعة اسطورة وخلود الثورات وحروب التحرير ومعارك البقاء وأي خراب في هذه العناصر يعني اللعب بالنار وبحياة الناس ومستقبلهم وكامل احلامهم وطموحاتهم...! في براغ عام 1979 التقيت بشخص جاء تاركا وطنا وحبيبة وأهل ووظيفة حبا بالحزب لكن قبل أن يتسنى له ذلك مر بتجربة اعتقال رهيبة لم يصمد خلالها ووقع لهم على ورقة ( لن أعمل في السياسة ) ورغم اعترافه الصريح بذلك والاعتراف بخطأ ذلك مبديا استعداده اللامحدود للتضحية بحياته في أي مهمة يوكلها له الحزب لكن كل ذلك لم يشفع من إيقاف الهمس الدائم كونه رفيق (ساقط)، وفي ليلة سوداء حدثني عن مرارة الشعور بذلك مبديا أن مسح عار ذلك يتطلب العودة والموت هناك على أيدي نفس الجلادين فهم أرحم بلا حدود من جلادي جلدتك ورفاق طريقك ومن الذين يعتقدون بأنه جاء لمنافستهم على زمالات وامتيازات وصكوك ملكية إعطائهم حق الصوت العالي في توزيع الأدوار والأمكنة والمصير..غادر عائدا للعراق ولم أرى إلا اسمه في قوائم الشهداء ليضعه نفس صاحب الضبط بدل من (ساقط) إلى شهيد في حزب الشهداء...في كوردستان أستغل الضعف في خدمة السياسي، ففي قاعدة هيركي كان الشخص المسؤول الذي اكتُشف لاحقا انه ضابط امن يستغل ضعف البعض في استعدائهم على أي رفيق نظيف وقوي... في كل الأحوال صنعنا صورة محطمة للإنسان عبر استلابه لهذا المشرك للذين عليهم ملاحظة سياسية هو هز الرقبة والتملق والضعف وهذه طريقة تعذيب للبشر لا تقل عن التعذيب الجسدي لان كلا الحالتين ضد طبيعة الإنسان السوي المحب للكرامة وعزة النفس وصاحبها يعاني من الداخل معاناة فردية لا توصف يكنزها عميقا لذاته المحطمة كونها تمس منطقة خطرة من وعيه وفهمه المتراكم والأعراف القاسية المحيطة به فهو لا يريد أن يقاسم أحدا شجنه وعذابه من منطلق محنة التضامن المطلوب في مثل هكذا وضع سيكولوجي لكي تخفف وطاه المعاناة وهو بهذا يحاول أن يوهم نفسه بإخفاء السر الجرم ( المفضوح رفاقيا ) عسى أن لا تتحول أو تثار فضيحة الضعف كل لحظة فهو حساس ويترجم حتى النظرات البريئة بشكل مشوه ومختلط فكثير من الشامتين المؤدلجين حاضرين بكل يسر لوضع ذلك على طاولة المقارنات والتصنيفات السياسية...مقابل ذلك حاول بعض الرفاق الاندفاع بعيدا في تهور من البطولة مما جعل استشهادهم سهلا لتأكيد ولائهم( المشكوك) به للحزب..لكن بالمقابل تم مسح كل ذلك عندما عاد الحزب إلى الشارع وباحتياج السلال الفارغة فاتحا ذراعية للناس الذين أشبعهم قسوة وتوصيفات مذلة وبلا حماية انه مشروع الاحتياج لنهر الدم المتدفق بالمشاعر وحب الفضيلة مقابل وعي ماكر بالعبث في تقديم الناس قرابين ومشاريع موت تحث الخطى نحو الغياب الأبدي على طريق الحرية التي لا تأتي أبدا بعزائم اقل ما يقال عنها انها منخورة ومهزومة..! إنها كذبة كبرى للعب بعقول الناس ليس إطارها حزب بعينه فهي تمتد من البعث حتى أخر حزب معارض جديد أو سلطوي جديد، هي مشتركات (عراقية ) مذهلة أجمع عليها الكل بلا تكلف أو تعقيد مما جعل هذا الكم من الخراب ماثلا وحاضرا ومستمرا، هناك تجارب لا تحصى تحمل نفس المضمون وان تعددت تجليات ومظاهر القص..! قيادي وضع منظمته كاملة في ( سره ) طويل أمام دائرة الأمن للتوقيع ولما وصلنا كردستان وجدنا ذلك مبررا لان القائد أراد ذلك والسؤال لماذا هنا مسموح وهناك ممنوع..؟، انها عملية ضبابية تضيع فيها حتى الأخلاقيات البدائية للبشر..اما الأحزاب الأخرى فكانت تدخل وتخرج مؤسسات النظام تحت تعريفات مختلفة لكنها لم تكن بموضع الجلاد الأكثر قسوة وأن وجدت ضالتها بمكان اخر من دم وجسد الضحية, تلك الضبابية والاختلاط صفة صنعها اليسار المؤطر بالايدولوجيا ليجعل هناك قسرا تصنيفا لما هو طبقي في المجتمع إلى تصنيف تهميشي داخلي آخر عبر أبطال وضعاف إلى مهمين وغير مهمين إلى مشاريع شهادة وناس يجب المحافظة عليهم..كل هذا يجعل دائرة الضحايا مرعبة إنما دائرة المستفيد ضيقة إلى حد كبير لأنه صراع لا يحسمه إلا قله يمتلكون وعي ماكر وتجربة طويلة في إشاعة استخدام كل الأفكار الخيرة وتوظيفها شيطانيا فهم لصوص يلبسون ثوب الوراعة العصي على الكشف من ناس ينتمون في بلداننا بطريقة عاطفية وليست معرفية في أغلب الأحيان لهذا نجد سهولة انطلاء لعبة قيادة الناس نحو حتفهم، بل الأنكى التلذذ بذلك بسادية مذهلة كاستخدام رصين في كسب الجديد من الضحايا عبر جلجلة الشعار الخادع..! شخصيا كنت أخاف من هذه التصنيفات المدمرة فرغم استعدادي للتضحية لكني كنت أومن بالمثل القائل ( الذي يعد العصي مو مثل الذي يتلقاها ) لهذا كنت مستعدا لترك كل شيء من أهل وأم لأبن وحيد وأخت وحيدة وصداقات وحب لا يوصف لمدينتي ولبغداد ولوطني وللقضية التي كنت أومن أنها بدون الشعب الذي أناضل من اجل انتصاره لن تعني شيئا ومعها المغامرة بكل شيء لكي لا أقع في قساوة الأشد هو الحصار الاجتماعي والنفسي القادم..لهذا غادرت وطني بمعاناة لا يمكن أن يعرف وطئتها سواي، وأكرر سواي لان معاناتنا فردية دوما وكبح جماح المعاناة يجب أن يؤطر بحس جماعي تضامني مبدئي يسمو على علاقات الصداقة وتبويس اللحى ومفاهيم الجدات إلى حس سياسي وتنظيري وعملي وطبي احيانا في انتشال المناضل من محطات الضيق العسر الذي تحيط به كإنسان عادي في المقام الأول، يكفي انني عشت أحمل معاناة أمي التي كنت أتذكرها يوميا طيلة ربع قرن متصورا ومتخيلا كل لحظة معاناتها بسببي، حتى كنت أتناغم مع مرضها ووفاتها وقد وصفت إحساسي لأبناء عمي الذين عايشوا مرضها ولحظاتها الأخيرة حتى خيل لبعضهم انني كنت معهم....اقسم انني كنت أعيش معها ومع لوعتها التي سقاها قسوة اضافية رجال الأمن وأشباح الظلام في تلك الأكاذيب عن كوني وقعت في قبضتهم لكي يعرفون انعكاس ذلك على أهلي عسى أن يجدوا طريقا للوصول لي كونهم يعتقدون أني في الداخل وليس خارج الوطن...! لقد عشت حالة يأس مناضل( نصير ) في وادي الخيول في الفوج الثالث فبين موقفة الإنساني في السعي لمعالجة طفل مصاب بحروق خطرة وبين انتحاره سوى زمن قصير جدا لم يجد من يشاركه تلك الأزمة النفسية ولو لدقائق كان من الممكن أن تنقذه من براثن النهاية التراجيدية حيث أقدم على الانتحار وفي مكان لا يليق بالبشر مفلسفا الأمور بصدق عبر رسوم مدهشة عسى أن تحرك جدلا على وضع مزري يعيشه الجميع حيث انتحار المشروع الذي نعمل عليه..! الحقيقة التي أريد أن أقولها اننا كنا ضحايا لجريمة كبرى بحق الإنسان العراقي اشتركت بها نخب سياسية كانت ولازالت تستثمر دمنا ولحمنا وسواعدنا لكي تستمر في دورة العيش الرغيد وحب الزعامة وتقديم الناس قرابين على مذابح الدجل والشعوذة في الأفكار وفي الجمل الثورية أو الدينية أو مسوغ العصمة الهزيلة وملاذ الجنات القادمة...صحيح الحرية والحياة الكريمة ومجتمع أفضل يحتاج إلى تضحيات لكن يجب أن يكون ذلك في المكان الصحيح وتحت قيادات تتقدم المعركة لكي نتساوى في معايير الإلهام والمثال والتضحية والمساواة واختصار المعاناة والآلام وفي تحمل السهل والصعب وبالتالي أن تقود الناس لمعركة عالم أفضل ليس بطريقة طوباوية وإنما يجب ان يكون منعكسا وماثلا في الحقائق والوقائع والتفاصيل كما عملت الكثير من الشعوب وبالتالي دخول حلمنا الأزلي الذي لم يأتي حد اللحظة بتخطي وحل الفقر والأمية والتخلف والهزيمة....ومن المهم أساسا وفي المقدمة أن يكون الإنسان فوق أي مؤسسة سياسية أو حزبية طالما التنظير يقول أن الثاني جاء في خدمة الأول، لكن المؤسف اننا قدمنا هذه المؤسسات إلى مصاف قدسي وبالتالي أنتهك الإنسان على حساب تأليه هذه المؤسسات لأن التسلط والإقصاء والزعامة والدكتاتور قابع في كل ثناياها وبهذا نرى اليوم أصبح تغييب الإنسان العراقي أسهل من شربه ماء، انها فجيعة لانتشار ثقافة عدم احترام الإنسان على أيدي السياسي الذي تشظى أفقيا وعموديا متماهيا مع الجلاد الأكبر سواء كان وطني أم غيره...! اليوم في العراق نصف البرلمان والحكام من جلادينا، فالسياسة ارتضيناها (عاهرة) في العراق..أما دعاة فكر النظام وكتاب اطروحاته نراهم اليوم في الواجهة دعاة بطولة وتفرد..ولم أجد من مئات الكتاب من الذين صنعوا الجيش الأهم للنظام( جيش الكتبة) يعترف بماضيه بل أن مديح وكم مقالة إنشائية لأحزاب ودكاكين وعشائر أدخلتهم نسيج الحياة العراقية كأبطال بل بزوا الأنصار والبشمركة وأبطال المعتقلات الفاشية وعوائل الشهداء في قاماتهم وهم يحصدون غنيمة الفرهود التي لا تشرف أحدا، إننا شعب طيب يبهر بالبريق الخادع والكلام المعسول وبالشعارات وبالركض وراء قشة نجاة قد تأتي بعد دهر طويل لهذا ندخل الخراب مرة تلو الأخرى وبرضا عجيب..! أما نحن( اليسار المفترض) مشتت وأسير ماض تعيس وقيادات ميتة لا نريد أن نتحرك للأمام لإنقاذ الناس من براثن هذا الخراب والإجحاف، لا نريد أن نضع تصورات صلدة للحياة، لا نريد أن نتخلص من ارث العشائر من عنعنات احتكار الحقيقة، وأكثر العداوات قوة هي بين اليسار في محاولة لسرقة ماركس وخرافة التاريخ وأجساد الناس والذكريات الكاذبة وغيرها على انه ملك خاص كجزء من أثاث بيت الزعيم، نحن لا نريد أن نصدق أن البيت أصبح عتيقا لا ينفع الترميم بل مهمة بناء بيت جديد هو الشيء الوحيد والعملي القادر على تخليصنا من دائرة الأسئلة المحرجة التي جعلت ( يسارنا) أسير وضع تنظير خارجي وتقليد ساذج لن يجد فيه شعبنا مثالا يطمئن إليه، نحن ننبش ونتصيد أحدنا الآخر لتحطيمه رغم كل ما قدمناه وما عانيناه، وبهذا نسطح المشكلة وننزلها إلى مستوى مؤسف كونها بين الغلابة، بين الضحايا، بين المقهورين، بين الذين يلتقون( كرواد مقهى ثابت ) يومي مصدقين وبشكل ساذج ومضحك أنهم مصدر الهام وحيد للناس وللجماهير.. نحن نجلد بعضنا البعض بقسوة غير طبيعية ونضع الحزب أو المنظمة التي افترض انها جاءت لخدمتنا فوق المحبة التي يجب أن تسود بيننا وتلك هي أولى محطات تحطيم المنظومة الطبيعية لمشاعر الإنسان...هناك حقيقة فينا القوي والضعيف لكن الثابت اننا في كلا الحالتين كنا ضحايا لفن الاستثمار الرخيص..دعوة أوجهها بإخلاص وصدق ومحبة لأصدقائي الأنصار ولكل مناضل أن نوجه اخر ما تبقى من أعمارنا وإمكانياتنا لفضح اغتصاب وخيانة وطن بكاملة وذبحة من الوريد إلى الوريد لكي نصل إلى قناعة راسخة أن أي قضية مهما كانت نبيلة أو حزب مهما كان نظيفا لا يمكن أن يكون فوق أهمية البشر طالما أن الادعاء يقول أن ذلك جاء من اجل خدمة الأخير، انها معركة فكر وإمكانياتنا مجتمعة ليست قليلة في فضح السائد علينا أن نتعلم من الشعوب التي صنعت مجدا يحترم الإنسان، نحن نعيش بينها لظروف معروفة لكن فكرة طرد الماضي تبدو ثقيلة في وضع خطوات جديدة على طريق الحداثة والتقدم والحرية وبالتالي وقف هذا العبث المجون في استرخاص رقاب الناس ومعها نصل إلى يسار ديمقراطي يكون قريبا من الأرض والناس مبتعدا عن ارث الوقوف ضد الشعوب ومعها ثورات أزاحت تلك الإرادات الشعاراتية البغيضة...أخطائنا وموبقاتنا ( الفردية ) تبقى لا قيمة لها أمام هذا الغث السمين الذي يحاصر شعب كامل، المهمة الأكبر هو فضح القتلة وهم كُثر في هذا العراق المكلل بالأحزان والدم والبارود ورائحة الموت والفجيعة...لنؤجل بعض الحسابات فالاولويات تبدو ليست في صالح تحطيم بعضنا البعض، نحن نحتاج لزمن أكثر هدوءا لكي نحاسب على خيانة ملتبسة لظروف ملتبسة أو سقطة ( قد تكون غير موجودة أساسا فالحياة غنية بسوء الفهم والتصورات الخاطئة والتفاصيل الصغيرة التي قد تشكل موقفا قائما على الظنون رغم الحق في ذلك ) في مسيرة كنا فيها جيش متروك وخرب العدة في مواجهات غير متكافئة وهي بأي حال ليست دعوة للتسويف أو التأجيل بل دعوة لمحاصرة من يريد لأرض أن تبقى بلا بشر وبالتالي يبدو عبثيا السؤال من يحاسب من ونحن جميعا تحت التراب..!؟؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |