المساواة بين الشيعة والسنة في الحقوق النفطية في السعودية والبحرين قبل العراق

 

د. حامد العطية

hsatiyyah@hotmail.com

 تصاعدت في الآونة الاخيرة دعوات محمومة من داخل وخارج العراق تطالب باعطاء سنة العراق نصيباً عادلاً في موارد العراق النفطية المستخرجة من حقول النفط الجنوبية، وكان من أبرز الناعقين بهذا المطلب حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش والحكومات العربية السائرة في فلك المصالح الأمريكية والصهيونية في السعودية والأردن ومصر، وأقدمت الحكومة الأمريكية على ادراج هذا المطلب كشرط ملزم على الحكومة العراقية ضمن خطة الرئيس الأمريكي، وقبل أن يسارع البرلمان العراقي لاستصدار قانون يضمن حصة "عادلة" للسنة في نفط الجنوب لنسأل إن كانت الحكومات المؤيدة لهذا المطلب قد أنصفت الشيعة؟ وحري بالمطالبين بالعدالة والانصاف التمثل بهما أولاً في القول والفعل، ولنبدأ بالأمريكان، فهل سجلهم في المنطقة سوى صفحات مسودة بالظلم ونصرة الظلمة من الحكام الذين تعسفوا في التعامل مع الشيعة، وقبل أن يطالب الرئيس بوش حكام العراق بانصاف الأقلية السنية فليأمر أتباعه من حكام الخليج بحفظ حقوق الشيعة الأساسية في بلدانهم، ففي البحرين حيث يشكل الشيعة ما يزيد على الثمانين بالمائة يسيطر السنة على الحكم والمصالح الاقتصادية الرئيسة ويحتكرون المناصب الإدارية، ومن المعروف تاريخياً بأن حكام البحرين من آل خليفة غزاة، تطبعوا على النهب والسلب، وثبوا عليها من جزيرة العربان، وفيما يعاني شيعة البحرين من بطالة مزمنة يفضل أرباب العمل السنة توظيف الوافدين من العرب والهنود وغيرهم، كما تمارس الحكومة البحرينية الطائفية سياسة حرمان الشيعة من الوظائف الحكومية، بحيث يواجه خريج الجامعة الشيعي صعوبة بالغة في الحصول على أي وظيفة، ولو براتب غير مجز، وقد آثرت حكومة بوش وغيرها من الحكومات الغربية الصمت على اضطهاد الحكومة البحرينية للشيعة وسعيها الدؤوب إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للبحرين، من خلال توطين عشرات الألاف من الأردنيين وغيرهم من الغرباء السنة.

 أما حكومة السعوديين الوهابيين فهي آخر من يحق له المطالبة بإنصاف السنة في العراق، فمن المعروف بأن المنطقة الشرقية من مملكتهم هي مصدر ثروتها النفطية، كما هي موطن الشيعة، الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان هذه المنطقة وحوالي خمس سكان الدولة الوهابية (أي أكثر من نسبة السنة في العراق)، فماذا هو نصيب الشيعة من ثروات السعودية؟ الفتات أو دون ذلك، وقد اطلعت خلال عملي في ذلك البلد لأكثر من عشر سنين بصورة مفصلة على أحوال الشيعة، وتأكد لي من شهادات أخواني الشيعة ومن الإحصاءات الرسمية ومشاهداتي الميدانية فداحة الظلم الواقع على الشيعة، وسأفصل ذلك في مقالات لاحقة بإذن الله، ويكفينا هنا الإشارة إلى الحظر شبه العلني المفروض على توظيف الشيعة في الوظائف الحكومية، وفيما يحرم الشيعة من التوظف في الجيش والشرطة لا نجد شيعياً في منصب إداري رفيع، فلا وزير شيعي ولا وكيل وزارة ولا مدير عام، كما لا نجد موظفاً شيعياً واحداً بوظيفة إدارية عليا في شركة أرامكو السعودية، التي تختص باستخراج وتصدير النفط من منطقة الشيعة، وعلى الرغم من تفوق الشيعة في المؤهلات والأداء الوظيفي، وقد نقل لي أحد الأخوة الشيعة السعوديين بأن مالك إحدى الشركات الخاصة، من الذين يضعون حسابات أرباحهم قبل الاعتبارات الطائفية، جاهر بتفضيله توظيف الشيعي على السني النجدي لتميزه في الأداء والسلوك الوظيفي والانتظام في الدوام والتعاون.

 تكفي جولة واحدة على مدن وقرى الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية ليتأكد لك مدى الحرمان والاهمال الذي يتعرض له سكانها، فحتى وقت قريب كان سكان القرى يشربون مياه الأبار الملوثة، ولا يزال مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية بأدنى مستوى، وتظهر نتائج دراسات ميدانية بأن جودة الخدمات في القرى الشيعية هي الأدنى في البلاد، كما يقطن غالبية سكانها في مسكن تفتقر للمقومات الأساسية للسكن الصحي حسب مواصفات الأمم المتحدة، وبالرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة حول توزيع الناتج الإجمالي بين المناطق لكن من المؤكد تدني حصة الشيعة السعوديين منه، وهي بالتأكيد أقل بكثير من نسبتهم السكانية، أي الخمس، فإذا كان الشيعة أصحاب النفط في بلاد الوهابية لا يحصلون على نصيبهم العادل من عوائد النفط فكيف يجرأ حكام السعودية على المطالبة بنصيب عادل لسنة العراق؟ وماذا سيكون رد فعل هؤلاء الحكام المتسلطين لو دعوناهم لإنصاف الشيعة؟ ومن المؤسف جداً سكوت الحكومة العراقية على هذه الدعوات الباطلة والتدخل السافر في شؤوننا الداخلية، خاصة بعد أن أصبح معلوماً للجميع، على الرغم من تستر وتكتم الأمريكان والصهاينة، بأن قادة ودعاة وممولي الإرهاب وأعداد كبيرة من كوادره هم خليجيون، وغالبيتهم العظمى من السعوديين.

 يحتم مبدأ العدالة الاجتماعية انصاف المحروم قبل المساواة، ومنذ استخراج وتسويق النفط العراقي كانت حصة الشيعة والكورد العراقيين أقل بكثير مما جناه السنة، كما يتحمل الحكام السنة في العهود السابقة المسئولية عن إهدار ثروات العراق، بما فيها النفطية، وعلى مدى نصف قرن من الزمن، لذا فالواجب منح الشيعة والكورد حصة مضاعفة من عوائد النفط، ولفترة زمنية مقدرة تحقيقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية، وصولاً إلى رفع المستوى المعاشي لهذه الفئات المحرومة، كما ينبغي تخصيص نسبة كافية من الدخل النفطي للتنمية الشاملة، التي ستستفيد منها كافة شرائح المجتمع، وبعد اقتطاع هذه الحصص والمخصصات توزع نسبة من المتبقي على الأقاليم والمحافظات وفقاً لعديد سكانها.

 يتوجب على أعضاء المجلس النيابي، وبالذات كتلتي الائتلاف والكورد، التأكد من إنصاف قانون النفط للشيعة والكورد المضطهدين والمحرومين من حقوقهم النفطية منذ ما يزيد على نصف قرن قبل التصويت عليه، كما أدعوهم لتوجيه خطاب جوابي قوي إلى الحكومة الأمريكية وحكام الدول الخليجية لإنصاف الشيعة في دول الخليج ومنحهم حصصهم العادلة من نفط وخيرات بلادهم.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com