مَنْ يمتلك الوطنية؟

شوقي العيسى

shoki_113@hotmail.com

  سؤال سياسي بطبيعته الواقعية وله عدة إيضاحات منها ماهو المعنى الحقيقي للوطنية؟

هناك من عرّف الوطنية بأنها صلة الإرتباط بالأرض أو البلد الذي ولد وتربّى الشخص فيه ، ومنهم من وضّحها بأنها الحب الحقيقي للبلد والتعايش فيه في كل الظروف الصعبة واليسيرة وعدم مغادرة البلد وهذا دليل على تعلّق المرء بحب الوطن ولذلك فإنه يختزل الوطنية.

وهناك من عرّفها بأنها صلة الحب والتعامل بين أبناء الشعب الواحد والإمتثال للقوانين وتطبيقها ومراعاة مصلحة البلد بالدرجة الأولى. ومنهم من قال الوطنية تعني أن يكون المرء يعلن ولائه وإخلاصة للوطن وللحكومة الحاكمة في هذا الوطن حتى يضمن تطبيقة قوانينها السائدة.

والحقيقة هناك الكثير من التعريفات لمعنى الوطنية قدعرّفت كلٌ حسب رؤيته لمعناها ومن هو الذي يمتلك معنى وتطبيق الوطنية؟ وبما أن هذا المصطلح يكون إما أو إما يكون المرء وطنياً أو غير ذلك وتعني الكثير ، أي أن هناك نظرة أفقية للمجتمع يطلق من خلالها هكذا تلك العبارات والتي تكون سارية المفعول حسب النظرة والرؤية التي يمتلكها ذلك المجتمع من ثقافة إجتماعية وسياسية ووطنية وكل حسب تجاذباته الفكرية .

 وبمعنى آخر أن الوطنية تطلق على الشخص أو الشخصيات حسب نظرة ومفهوم المجتمع لها وليس بالضرورة أن تكون نظرة المجتمع قد تصيب الواقع بمفهومها الصحيح فمثلاً أختلفت الرؤية الوطنية لجميع الدول العربية على مصر عندما تم عقد إتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وإشراف جيمي كارتر عليها لوقف الصراع العربي الإسرائيلي آنذاك ولذلك فقد تغيرت السياسة العربية تجاه مصر وأعتبروها تنازلات لأسرائيل بحيث تم تعليق عضوية مصر من الجامعة العربية من عام 1979 الى عام 1989 ومن خلال هذه الإتفاقية تم تخريج مصر من كافة الأضواء الوطنية ليس فقط الرئيس المصري السادات الذي أشرف على توقيع الإتفاقية بل ينظر الى كل فرد مصري قد أخل بالنظم الوطنية ولا أريد أن أعلّق على الإتفاقية كإتفاقية بل أردت أنه تغيرت الرؤية العربية الى دولة عربية أخرى وبدأت بمقاطعتها على أنها خيانة عربية ،، أنتهت بمقتل السادات في مصر . 

ولو أخذنا العراق مثالاً آخر فنرى تلك الرؤية العربية التي أحجمت وحكمت على الوطنية العراقية كشعب كامل عندما إستبشر أغلبيته بإنهيار شبح الدكتاتورية ولذلك أصبحت نظرة الشعب العربي الى الشعب العراقي نظرة خيانة الأمة العربية حسب المنظور الذي يفهمه العرب من معنى الوطنية لديهم فأصبحت نظرتهم نظرة قصيرة الحدود مجحفة النوايا .

 

لذلك بدأت مرحلة جديدة من التعامل العربي مع الشعب العراقي في كافة الميادين والأصعدة الدولية على أن الشعب العراقي أدخل الإحتلال الأمريكي للعراق وهذا بحد ذاته جريمة كبرى لاتغتفر إن تم وأغتفرت الخيانة المصرية حسب المنظور العربي عام 1978 فلا تغتفر قضية العراق بل إبتعدت أكثر من مسألة الإحتلال برأيها الى قضية محاكمة رئيس عربي (( كصدام حسين )) ولهذا فقد أسدل الستار على قراءة المفاهيم الوطنية الأخرى وحكم على الشعب العراقي كما حكم على الرئيس المصري أنور السادات بينما لم يكن السادات يتفق مع إسرائيل مثلما تمت الكثير من الإتفاقيات المعلنة وغير المعلنة من رؤساء الدول العربية ولم يكن هناك مقاطعة أو نقصان في الوطنية حسب المنظور العربي ،، علماً أن هناك إتفاقية كامب ديفيد الثانية عام 2000 أشرف عليها الرئيس بيل كلنتون تمت بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك ولم تتغيّر النظرة العربية الى الرئيس الفلسطيني بل العكس تماماً ، لذلك فالنظرة للمفهوم الوطني تختلف من بيئة لأخرى ومن وقت لآخر وحسب المتطلبات السياسية ولذلك فالوطنية أصبحت مطلب سياسي بحت ومهما إستحدثنا من تعاريف وإيضاحات لمفهوم الوطنية تبقى كلها مجرّد وجهات نظر كاتبها وقائلها ولايمكن أن تدخل ضمن ضوابط دستورية محتمة حتى يمكن السير عليها أو الإقتناء بها .

 لذلك فالشعب العراقي يحمل مجمل قواميس الوطنية ولم يكن يوماً من الأيام أخطأ عندما سمح للأمريكان أن يسقطوا صدام لأن صدام الدكتاتور عند الشعب العراقي هو بطل الأمة العربية عند شعوب العرب كافة ولذلك تختلف وجهات نظر العرب بوطنية العراقي .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com