|
مع حسن العلوي في تناقضاته د. حيدر نزار السيد سلمان يبدو ان حسن العلوي الكاتب العراقي المعروف وهو يعيش في ايام شيخوخته الفكرية قد عاد به الحنين الى تاريخه البعثي حين كان قلمه يدمج المقالات والكتابات التمجيدية والتبريرية لمساوئ البعثيين وافعالهم المشينة وفي هذه الحالة لا يمكن للمتابعين ان ينسوا عما كان يكتبه العلوي كبوق اعلامي في مجلة الف باء من عبارات التقديس بحق البعث ورموزه اوكلمات الطعن بحق المعارضين والرافضين لحكم البعث فعلى سبيل المثال لا يمكن تناسي الهمجية الشرسة والتلفيقية التي قادها العلوي في المجلة المذكورة ضد المنتفضين على طريق كربلاء ايام زيارة الاربعين عام 1977 والتشنيع بحق عوائل واسر معروفة وهو الحال الذي ينطبق على المتصدين لنظام البعث وتزويره الحقائق وايجاد المبررات للقمع والبطش والتنكيل الذي استخدمه النظام حينها ضد الرافضين والمؤمنين من الاحزاب الاسلامية وغيرها، وفي صفحة تملقية اخرى لحسن العلوي كتب كراس صغير سماه (دماء على نهر الكرضا) في محاولة منه للتمهيد لحرب صدام على الجمهورية الاسلامية الايرانية عام 1980 منطلقاً من منطلقات شوفينية واضحة المعالم ومفضوحة الاهداف والحقيقة ان هناك المؤامرات وهي تشير بوضوح الى شخصية هذا الرجل الذي اجبرته الظروف وليس المبادئ او القيم على الهروب من العراق حين تم اعتقال ابن خالته عدنان حسين الحمداني احد الاعضاء البارزين للبعث ولم يكن العلوي راغباً بترك خدمة صدام والبعث لكن الاشارات التي وردت اليه ادخلت الرعب والخوف الى قلبه مما يمكن ان يفعله النظام الهمجي به ولا يمكن ان تشفع له كل محاولات التوسل والتملق وتبرير جرائمه وفي غفلة تحول العلوي الى كاتب ناشط ضد صدام والبعث وهو تحول لا يمكن النظر اليه ببساطة وسهولة اذا ما عرفنا التاريخ الطويل من الخدمة المتواصلة للسلطان الجائر ويبدو ان العلوي الذي اقام علاقات ممتازة مع قوى اقليمية ومعارضة راح يلعب على حبال الاعلام المضاد تارة بائعاً للتنظير والكلام لتلك الدولة او تلك وتارة لهذه الجهة المعارضة او هذه وكل ما كان يكتبه في سلسلة من الكتابات السريعة ومنها (الشيعة والدولة القومية في العراق) و(دولة المنظمة السرية) و(اسوار الطين) و(التأثيرات التركية على المشروع القومي في العراق) وكتب اخرى كان الهدف منها التقرب من قوى المعارضة والولوج الى عالمها تنظيرا ولتبيض صورته المشوشة اصلاً نتيجة مواقفه وكتاباته السابقة وفعلاً استطاع العلوي الوصول الى اكثر القيادات العراقية معارضة لنظام البعث وحاز على رضا بعضها حيث عمدت الى تسريب كتبه الى داخل العراق كجزء من الحملة الاعلامية المضادة ولكن العلوي لم يكن وهو في مرحلة الاعلامي المعارض قد ازال عن داخله الحنين الى البعث وعشق صدام وظهر ذلك واضحاً بعد انهيار البعث في 9 نيسان 2003 حيث لم يحصل على ما كان يصبو اليه وترتاح له نفسه الباحثة عن المنصب الرفيع فقد تم تعينه رئيساً لتحرير جريدة سومر التي صدر منها عشرة اعداد في بغداد ليعود مرة اخرى خارج العراق ناقماً على الكثير من الاوضاع لكن اسمه عاد مرة اخرى ليطرح كسفير للعراق في سوريا التي يعيش فيها العلوي مداحاً وبوقاً لبعثها ونظامها ويظهر ان هناك من يعرف حقيقة هذا الرجل ليمنعه من الوصول الى هذا المنصب فازدادت نقمة العلوي على الوضع في العراق واضاف الى ذلك اتهامات وتنظيرات غير مفهومه كما هو عليه الحال وحسب ما يظهر ان هناك من تبنى العلوي مستغلاً قلمه فنقلب بشكل دراماتيكي هذه المرة عائداً لكشف حقيقته البعثية بعد ان اصابه الاحباط من الحصول على منصب السفارة او منصب رفيع اخر يتوج به نهاية حياته المتقلبة فبدأ واضحاً حنينه الى صدام باعتراضاته الشاذة وغير المنطقية ثم تحاوله على شيعة العراق مطبقاً ما جاء في تنظيراته عن الضد النوعي بوصفه شيعياً يوجه انتقاداته الى الشيعة العراقيين ثم حدث التطور الاخر الذي يعطي توضيحاً لما بدأ عليه ومن يحرك الرجل حين امسى ضيفاً على قنوات فضائية معروفة بترويجها ضد الشعب والحكومة الوطنية وهذا ما اثار الرأي العام حول تصرفات الرجل واحاديثه وهناك من يتساءل عن العلاقة بين هذا الظهور المتكرر للعلوي والمواقف السياسية لبعض دول الجوار المتخومة مما تسميه المد الشيعي وهل لهذه الدول دور في تحريكه للبعث بأمور ليس للعلوي رأي سابق منها واذا اردنا استجلاء مواقف حسن العلوي الاخيرة وتناقضاته الفاضحة لابد من العودة الى جذوره البعثية وبوصفه واحداً من ابرز المروجين لانقلاب صدام على رفاقه والتخلص منهم واذا كان التحول الاخير للعلوي بحثاً عن دور سياسي غير ملائم له فالرجل الذي قضى مدة الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين معتاشاً على الاموال التي تغدق عليه من دول معروفة غير قادر على ايجاد شخصيته الا كمطبل ومنظر للاخرين ومن يدفع اكثر ويبدو ان حسن العلوي الذي خانته ذاكرته وطفرت منه الكلمات اثناء مقابلته ببرنامج اضاءات الذي بثته قناة العربية اخذ يضيع ما حققه في مدة زمنية معينة وتاه وسط العابثين والدافعين والمحرضين وفقد وزنه العلمي والثقافي ولعل ذلك من نتائج وصوله الى اخر العمر وما تخبئه العاقبة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |