|
الثامن من آذار مناسبة للتذكر سناء صالح / هولندا حفزتني شقيقتي في تذكرها لوالدتي على كتابة موضوع عنها فبحثنا في تفاصيل شخصيتها القوية الأيجابية وروح الأصرار التي تمتلكها رغم الظروف التي كانت تحكم المجتمع العراقي ومقارنتها بالسلبية التي تطغى على الكثير من النساء العراقيات اليوم رغم الفارق الزمني الذي يفصل بين واقع المرأة في منتصف القرن العشرين واليوم ,وقد استندنا في حديثنا على مانقرأ ومانسمع وعلى مشاهداتي حينما زرت العراق بعد السقوط وصدمتي بطرق تفكير بعض ممن التقيت بهن من المعارف والأقارب والتراجع الشديد في مواقفهن أزاء موضوعة استقلالية المرأة ومفهوم تحررها ودورها الأيجابي في المجتمع وحتى في الأمور البسيطة جدا كالملبس, وحينما اختمرت الفكرة جرني ذلك الى أن استذكر نساء أخريات كانت لهن مواقف تنم عن قوة الشخصية والقدرة على التحدي ولم تكن الظروف الأجتماعية أقل ضراوة فلا بد لي أن استذكرهن . والدتي : لاأريد ذكر اسمها لأنها تمثل واحدة من النماذج الأيجابية من نسائنا اللواتي تحدين الظروف واثبتن وجودهن ولئن أذكرها لقربي من تجربتها , الوالدة من مدينة الموصل من عائلة متدينة فوالدها الذي تركها وهي رضيعة كان أمام جامع في أحد جوامع مدينة الموصل ,ولما لم يكن لها من معيل سوى أخيها الأكبر قررت أن تدرس الأبتدائية وتلتحق لتعمل ممرضة بعد دورة تدريبية سريعة ولتحمل مع أخويها مسؤولية الأسرة التي هي من أصغر أفرادها ,كان عليها أن تلتحق بالعمل في مدينة كربلاء, لم تكن قد تجاوزت السادسة عشرة من عمرها وهاهي تخوض غمار الغربة في سبيل تحقيق ذاتها تحدت النظرة السلبية التي كانت تطارد الممرضات وفي مجتمع منغلق وبيئة مختلفة ولهجة لم يكن يفهمها الكربلائيون وهي بالنسبة لهم لغة أخرى ,لقد استطاعت بجهدها ودأبها مع زميلات لها حيث كن آنذاك ثلاث فقط قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها أن تثبت أنسانية هذه المهنة وأن تفرض احترامها على المجتمع في وقت كانت المرأة تباع وتشترى تحت اسم الزواج أو تساق كفصلية أو تنحر نتيجة لنميمة واش أو شبهات لم يتم أثباتها ,ودون أن يكون للمؤسسات الحكومية تدخل في درء الظلم عن المرأة بل يغطي هذه الجرائم بحق المرأة بقوانين تخدم القيم البالية التي تضر المجتمع وتحت مسمى قانون العشائر .. تحية لك ياجدتي يامن سبقت عصرك بمنحك الثقة لأبنتك التي لم تكن قد بلغت سن الرشد وفكرت بتفكير , تحية اليك ياأمي يامن غرزت فينا حب العمل والتحدي وكنت نموذجا نتشرف به سميرة مزعل : من( بفتح الميم) من ميسان أو العمارة لايعرف سميرة المصورة ,ان ممارستها لمهنة التصوير بحد ذاتها تحد كبير حيث اقتحمت هذا المجال الذي لم يكن مألوفا حينذاك أن تمارسه أمرأة وذلك أن أية مهنة فيها تماس بالمجتمع الذكوري يعاب على المرأة اقتحامه ,لكن سميرة وقفت وأثبتت أن المرأة من خلال عملها تنال التقدير وان مهنتها تعتمد على الحرفية والأجادة في العمل سواء كان المصور أمرأة أو رجل , تعرفت على سميرة من خلال العمل في رابطة المرأة العراقية بداية السبعينات ,كنا نلتقي موناليزا وسميرة وأناأحيانا كثيرة في بيتها الذي كان مفتوحا وكانت والدتها تستقبلنا بكرم ,كانت سميرة كتلة من النشاط في هذه المدينة لاتدخر وسعا في تثبيت تنظيم الرابطة الذي كان قد أعيد توا تتحرك على العوائل وعلى الشابات تجمع التيرعات لمد النشاط الرابطي, لم تثنها المعوقات الأجتماعية التي تقف حجر عثرة أمام تحرك المرأةلاسيما وأن احداث شباط الأسود لم تمحى من ذاكرة الناس وما لحق الرابطيات من ملاحقة وسجن وتشريد .فارقت سميرة منذ تجميد الرابطة ومرت السنوات وأخذتني الغربة ولكن لم أنسها ,في صيف 2005 حينما توجهت للمشاركة في أعمال مؤتمر رابطة المرأة العراقية كان الأمل يحدوني أن أرى وجوها لم أنسها ومنها وجه سميرة ولكنها لم تأت بل بعثت برسالة تحية ,حينها فرحت اذ لم تستطع سنوات القهر والظلم أن تنال من عزيمتها حيث بقيت مصرة على الأستمرار في طر يقها وأن التحدي ملازم لها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |