مؤتمر بغداد الإقليمي والدولي حول العراق

رشاد الشلاه

rashadalshalah@yahoo.se

يعتمد، عادة، نجاح أي مؤتمر على التحضيرات والمداولات التي تجرى في الأسابيع و الشهور التي تسبق  يوم انعقاده، فخلال تلك المدة توضع أهم مشاريع القرارات أو الاتفاقات التي تأخذ صيغة الاتفاق أو الإقرار النهائي يوم انعقاده. ولا أظن ان مؤتمر بغداد الإقليمي والدولي حول العراق، الذي عقد في العاشر من آذار / مارس في بغداد واستغرق يوما واحدا، استثناء من أعراف عقد المؤتمرات.

 ولدى قراءة ما تسرب وأعلن من مواقف، وما هو واقع على التربة العراقية في الفترة التي سبقت يوم انعقاد هذا المؤتمر، نجد ان هذه  القراءة لا تبعث على الثقة بأن حدثا جللا سينتج من قاعة المتحاورين الألداء، فالأطراف الأساسية الخارجية المتصارعة على الساحة العراقية لا تزال حتى لحظة دخولها قاعة المؤتمر، غير مستعدة للتفريط ببعض مصالحها في سبيل خلاص العراق من المحنة،عبر المبادرة مثلا بتقديم تنازل أو الموافقة على تنازل متوازن ومتبادل من شأنه ان يخفف من حالة الاحتقان السياسي العراقي المتفرجة عليه و المشجعة له. بل بعثت تلك الأطراف التي " دقت بينها عطر منشم" وهي عازمة على مقاتلة الولايات المتحدة حتى آخر مواطن عراقي،  "مداخلات " كانت أوضح من شمس ظهيرة يوم تموزي بغدادي. من هذه المداخلات ما ألفه العراقيون متمثلا بتفجير أجساد أبنائهم أينما تجمعوا، ومنها ما كان نوعيا في انحطاط أسلوبه وحقده وهدفه عند تفجير وحرق رمز للفكر والثقافة العراقية ـ شارع الشاعر العراقي المتنبي ـ شارع المطابع والمكتبات وما تختزنه من كتب و مخطوطات نفيسة. ولما كانت مصالح تلك الأطراف المتصارعة لا تتأمن إلا باستمرار حالة النزيف العراقي أو بأحسن الأحوال بقاء العراق بلدا ضعيفا منهكا يتقاتل نيابة عنها وكلاؤها العراقيون وفق الأجندات الخارجية و تحت يافطات العقيدة أو المذهب أو القومية، فستبقى الحالة العراقية مرهونة بتغير في ميزان القوى والمصالح ما بين دول الجوار وتحديدا سوريا وإيران وبريطانيا بالدرجة الأولى،وفي ميزان القوى والمصالح بين دول الجوار الأخرى وفرنسا وروسيا من جهة وبين الولايات المتحدة وبريطانيا من الجهة الأخرى.

 ومع الحذر في التفاؤل من النتائج التي ستحقق على الأرض من هذا المؤتمر رغم تأكيد وزير الخارجية العراقية  هوشيار زيباري على  ان"النقاشات التي جرت تركزت أساسا على تعاون الجميع وحرصهم على تحقيق الأمن والاستقرار في العراق، و ان أجواء الاجتماع كانت ايجابية واعتقد أننا توصلنا الى نتائج طيبة " إلا ان ما هو ملموس في تحققه انه عقد في بغداد وهذا يعني اعتراف جميع المشاركين بالكيان السياسي الحاكم ودعما لمسيرة العملية السياسية ، كما انه ومنذ سنوات سبقت التاسع من نيسان العام 2003 وبعده، جمع للمرة الأولى  فرقاء يزعمون أنهم حريصون على وحدة العراق وصون دماء أبنائه.

  وسيبقى مطلب  رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن  " ينبغي ألا يصبح العراق ساحة تصفي دول أخرى خلافاتها عليها وتتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، و ان تمتنع دول على الصعيدين الإقليمي والدولي عن التدخل في شؤون العراق الداخلية والتأثير عليه من خلال تأييد طائفة أو حزب أو عرق". مطلبا عصيا عن التحقيق إذا لم  توقف أولا الكيانات العراقية المتناحرة  استقواءها ببعض الأطراف المجتمعة في المؤتمر. فقد سبق وان عقدت مؤتمرات عدة وفي عواصم مختلفة وبمستويات ارفع في المسؤولية  و التمثيل ممن شارك في هذا المؤتمر، وردد المشاركون فيها ذات الزعم بالحرص على العراق وعلى دماء أبنائه، لكن حساب الحقل يشير الى ازدياد عدد " المجاهدين المتسللين "، ومزيد من ملايين الدولارات الموهوبة لتدمير العراق، وأسلحة متطورة، وخبرة " عربية وإسلامية" عالية التأهيل في تقطيع أشلاء المواطن العراقي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com