|
المساومة غير المباشرة على كركوك علي توركمن اوغلو قد يخفى على بعض العراقيين بأن اربيل كانت مدينة ذات اغلبية تركمانية في الستينات من القرن الماضي، مدينة جميلة تزهو بقلعتها الاثرية التي يؤلف التركمان غالبية سكانها . بينما كان الاكراد يشكلون الاغلبية في الاقضية والنواحي التابعة لها . ولكن منذ قيام حزب البعث بالانقلاب على حكومة عبد الكريم قاسم في 8 شباط من سنة1963 بدأت عمليات التغيير الديمغرافي المنظم لهذه المدينة مقترنة بعمليات التطهير العرقي للتركمان ، حيث تم تشكيل بعض الافواج تحت مسميات الفرسان وفي هذه الاثناء كانت عملية التكريد تسير بشكل منظم وكأنها تنتظم تحت اتفاق خفي مبرم مع القيادات الكردية او من يمثل الاكراد في المنطقة وذلك قيامهم بفتح مجالات العمل في محافظة اربيل والسليمانية وذلك للحد من هجرة اهل القرى والارياف من منطقة اربيل والسليمانية الى كركوك و توجيههم نحو اربيل مستفيدين من اغراءات القيادات الكردية بتوفير السكن و فرص العمل لهم . وبعد وفاة عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية انذاك وتسلم عبد الرحمن محمد عارف السلطة لوحظ زيادة في عملية تكريد اربيل خصيصا بعد قيام حزب البعث باستلام السلطة للمرة الثانية في 17/ تموز 1968 . وبعد اعلان اتفاق 11 اذار سنة 1970 بدأت حكومة البعث بزعامة رئيس العراق الاسبق الراحل احمد حسن البكر بتنفيذ الاستثمارات الاعمارية خلال تلك الفترة مع تزايد هجرة الاكراد من الاقضية والنواحي الى داخل اربيل ، في عملية تبدو وكأنها مساومة غير مباشرة بين قيادة البعث انذاك والاكراد، يهدف منع الاكراد من الهجرة للعمل في كركوك مقابل البدء بعمليات تعريب كركوك دون تدخل الاكراد ،حيث كان صدام حسين يهدف لضرب عصفورين بحجر واحد: اجراءعملية تكريد اربيل بعيدا عن مصادر النفط ، بتطهير التركمان وتعريب كركوك الغنية بالبترول . وتصديقا لما اذهب اليه اذكر الاخوة القراء بأن صدام حسين هواول شخص مسؤول في تاريخ العراق المعاصر الذي نطق وبالحرف الواحد:( أن مدينة (هه ولير) ستكون العاصمة الصيفية للعراق وبغداد العاصمة الشتوية واقسم ان اتعلم اللغة الكردية وان اخطب في عاصمة العراق ومركز الحكم الذاتي للاكراد خطابا باللغة الكردية) . وبعد مرور مدة زمنية اعلن ثانية اعتذاره من الاخوة الاكراد لعدم استطاعته تعلم اللغة الكردية في هذه الفترة لانه منشغل بحماية البوابة الشرقية للامة العربية ضد توسع الفرس المجوس . هكذا مرت الايام والاخوة الاكراد يتربعون ويبنون عشرات الاف من الدور ويستوطنون اربيل تحت مظلة الحكم الذاتي وبتأيد غير مباشر من الحكومة المركزية (بقيادة صدام حسين ) . تزايدت هذه العمليات و تطورت بعد فرض خط العرض 36 حيث قررت الولايات المتحدة جعل شمال العراق ملاذا امنا وامام عيون بعض الساسة التركمان الذين كانوا يرسمون سياسة التركمان في عمى واضح لما كان يحدث من عمليات تكريد اربيل وقضاء كفري. ان هذه العمليات لم تكن الا مساومة غير شريفة وغير عادلة بين القيادات الكردية في اربيل وحكومة البعث بقيادة صدام حسين في بغداد مخداعا الشعب بطريقة او اخرى وهنا اذكركم ايضا بأقواله في احدى اجتماعاته الحزبية حيث قال (ان حزب البعث ليس حزبا محصورا للعربي فقط بل لكل العراقيين) وأشر باصبعه الى السيد عبد الله بيردنه حيث ان هذا الشخص تركماني ومن احد اعضاء القيادة وكذلك اشر باصبعه الى طه ياسين رمضان وقال طه الجزراوي وهو كردي. ان التاريخ يبدو و كأنه يعيد نفسه مع كركوك ، فصدام حسين الذي اشرف في حياته و حكمه على تكريد اربيل و كفري و تحويل قضاء دهوك الى مركز محافظة الكرد لاكمال المهمة ( تكريد كركوك و تحويله عاصمة لدولة كردستان) بعد سقوطه واعدامه ( للسيد وولفوفيتش ، و بيرل ، وخليل زادة وغيرهم) من صقور المحافظون الجدد الامريكيين الذين تعهدوا عهدا مقدسا بأنشاء دولة كردستان . واعاروا الاخوة الاكراد لفظة القدس الفلسطينية لهم ليستخدموها كناية عن كركوك بعدما منحوهم في مؤتمر المعارضة الاخير في الولايات المتحدة الامريكية في ايلول من 2002( وعدا واضحا) لمساعدتهم في انشاء وطن قومي لهم في شمال العراق تكون عاصمتها كركوك .ان الاخوة الاكراد والذين يبدوا عليهم حسن تفكيرهم و بعد رؤيتهم اكثر من صدام نفسه و بعد ان اكملوا عملية تكريد اربيل توجهوا لتكريد كركوك متجاهلين اتفاقهم السابق مع صدام حسين ومبتدئين من مفهوم ( مسمار جحا ) و هنا اقصد حكاية المهجرين الاحد عشر الفا من الاخوة الاكراد و الذين ساقوهم قياداتهم للاستيطان بكركوك في خرق واضح لاتفاقهم القديم بعدم توجيه عمليات التوطن في كركوك والاكتفاء باربيل فقط . اننا يجب ان نعترف بأن الاخوة الاكراد او من يخطط لهم برنامجهم القومي برعوا في استخدام هذه الحكاية ، واذا ما تحدثنا بلغة لعبة الشطرنج ( احالوا قطعة الجندي الى قطعة وزير) اي ان ( 11000) من الاكراد المبعدين من كركوك رجعوا ستمائة الفا بأشراف المحررين الامريكان و من يدري لعل عددهم سيصل المليون بعد اكمال عمليات التطبيع ! وهنا تكمن المساومة الثانية ولكن هذه المرة بين الاخوة الشيعة وبين الاكراد، حيث تتمحورالمساومة الجديدة حول منح كركوك للاكراد مقابل تأييدهم لاقامة فيدرالية الجنوب( نزولا للمبدأالتفاوضي: انت تربح وانا اربح) . وهنا اناشد كل الشرفاء في العالم والامم المتحدة ودول الجوار وعلى راسها تركيا والدول الناطقة باللغة التركية ومنظمات الانسانية ان يساندوا الشعب التركماني للحد من التطهير العرقي من قبل الاكراد . وما على الشعب التركماني الا ان يكون يدا واحدة وتوطيد اواصر وحدة الصف والكلمة والوقوف بكل حزم واقتدار ضد هذه العملية الغير الحضارية والغير القانونية ( الكلام يعود الى السيد رزكار رئيس مجلس مدينة كركوك ) دون المبالات للعواقب التي تترتب علينا .......... فليعلم الجميع التاريخ لا يرحم ... لا يرحم .... لايرحم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |