مؤتمر بغداد وأفق التفاؤل

المهندس صارم الفيلي

sarimrs@hotmail.com

لكي يكون مؤتمر ما جادا ومنتجا لابد أن يكون هدفه واضحا ومساراته محددة مسبقا  , فلو كان الهدف غير واضحا أو متفقا عليه من الأطراف المشاركة فيه , فسوف تربك  المسارات وتتعارض بدرجة من الشدة والوضوح تتناسب مع التباين الحاصل بين  الفرقاء المشاركين . ذلك لأن كل دولة تحاول أن تحرك الحوار وتدفع به بإتجاه  أهدافها الخاصة التي لا تلتقي بالضرورة مع الهدف المركزي الذي يقع في دائرة  العنوان المعلن للمؤتمر .

بالنسبة لمؤتمر بغداد فقد جاء في إطار طلب مساعدة دول الجوار للجهد الأمني  والسياسي العراقي بإتجاه دعم الخطة الأمنية كسقف أدنى يرتفع بإستمرار وبالتزامن  مع التقدم في بناء الثقة البينية إلى التعاون البناء من أجل إستقرار المنطقة  ودفع شبح الحرب عنها .

إن ما يدعو للتفاؤل في إمكانية تحقيق إختراقات مهمة بإتجاه الهدف العراقي من  المؤتمر هو استقراء الواقع الإقليمي ببعده الدولي وما يفرز عنه من مخاطر تهدد  المنطقة بأسرها , بسبب تشابك وغليان الأوضاع فيها لتتحول إلى مرجل يغلي يوشك  على الإنفجار من شدة إرتفاع الضغط داخله وعدم قدرة أية دولة بمفردها على إدارة  الأوضاع الخطيرة من خلال التحكم بصمامات الأمان بالشكل الذي يدفع عنها خطر  الإنفجار المحتمل ويبقيها بعيدا عن التداعيات الخطرة لتدافع أحداث المنطقة .

إن توفر هذه القناعة كمشترك جامع للفرقاء الدوليين يساعد - على الأقل في هذه  المرحلة - في توفير فرصة لتضييق مساحات الإختلاف سياسية الجذور أو تهدئة  التدافعات وربما تجميدها لفترة ما بين الدوائر الإقليمية والدولية فيما يتعلق  بالتقاطعات على اساس الخلفيات السياسية والستراتيجية . ذلك أن إتساع دائرة  القناعات المشتركة على قاعدة تلاقي المصالح تزيح تدريجيا اجواء الصراعات  والتجاذبات وآلياتها المحتملة من تضاد وتخاصم في نطاق الجغرافية العراقية .

ويتفق الكثيرون إن الوقت مناسب لقطع الطريق على كل إحتمال من شأنه دفع العراق  والمنطقة إلى نقطة لا يمكن الرجوع عنها , وإن ثمة حاجة إقليمية متبادلة بدأت  تظهر على المشهد السياسي تدفع لإيجاد أطر لتهدئة الأوضاع في المنطقة بإنتظار  مستجدات تنقي المناخ السياسي والإقليمي وتبعث فيه الحيوية المفقودة وتحمي معظم  الكيانات السياسية في المنطقة من مشاريع قد تنفتح على آفاق غير واضحة المعالم .

أخيرا جاء المؤتمر الذي تم الإعداد له إنطلاقا من مبادرة عراقية صرفة وبهذا  الحجم الكبير للحضور الإقليمي والدولي كتأكيد على القبول عمليا بالعراق الجديد  وإحترام الإنجازات الإنتخابية والدستورية , ليضع حدا زمنيا لمرحلة حاولت فيها  بعض الإرادات السلبية مصادرة إرادة الشعب العراقي .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com