|
العدالة في الدم قبل النفط سلاح ضد الارهاب د. حامد العطية من المؤكد بأن الدم المسفوح في العراق، أي دم الأبرياء من الشيعة والكورد والسنة، أغلى من النفط، وقد دفع الشيعة والكورد، وهما المكونان الرئيسان في المجتمع العراقي، ضريبة دم باهضة، في كل المقاييس، وعلى مدى زمني طويل، فقد تعرضوا لصنوف من الاضطهاد والحرمان، وهجر منهم أو أجبر على الهجرة الملايين، وانتهب النظام البعثي وأعوانه ومحاسيبه أملاكهم، وبالتالي فإن لهؤلاء جميعاً حقوقاً على العراق وثرواته، وهي حقوق مقرة في القانون الدولي والتشريعات الوطنية، فقد اضطرت ألمانيا الغربية لدفع مليارات الدولارات للكيان الصهيوني تعويضاً له عما لحق بيهود أوروبا من تقتيل وتهجير وظلم على أيدي النازية، كما فرضت الأمم المتحدة على النظام البعثي دفع تعويضات ضخمة إلى الكويت ودول وشركات وأفراد لتعويضهم عن خسائرهم الناجمة عن احتلال الكويت وحرب الخليج الثانية، ولا تزال هنالك المطالبة الإيرانية بتعويضها عن الحرب المفروضة عليها، واستناداً إلى هذه السوابق في القوانين ومن منطلق العدالة لابد للحكومة العراقية من تعويض الشيعة والكورد وغيرهم من العراقيين المتضررين من النظام السابق، ومن العمليات الارهابية التي يرتكبها بقايا النظام البائد وأعوانه الطائفيون والعنصريون، وهذا التعويض بمثابة دين ممتاز، ينبغي عليها الوفاء به قبل غيره من الالتزامات. لا جدال بأن المسئول الوحيد عن الجرائم الارهابية هم مقترفوها من القتلة من داخل وخارج العراق، وهم جبهة عريضة من بقايا النظام البعثي البائد والجماعات السلفية الطائفية وأنصارهم من خارج الحدود، كما يتحمل ممولو العمليات الارهابية من أعراب الخليج وغيرهم مسئولية جنائية كاملة عن العمليات الارهابية ونتائجها المفجعة، ولو كان العدل سائداً في العراق وغيره، وكانت الحكومة مقتدرة تماماً وغير مقيدة من قوات الإحتلال الأمريكي والبريطاني لتحققت العدالة بإعدام جميع المسئولين عن العمليات الارهابية وإرسال مجموعات لإنزال القصاص بالممولين والمتواطئين في الدول الأخرى، وهذا ما يجب أن يتحقق عاجلاً لا آجلاً، ولأن الوضع الأمني مضطرب فإن المسئولية المدنية عن تعويض المتضررين من اضطهاد النظام السابق والعمليات الارهابية تقع على كافة العراقيين. لكن كيف نرد على شيعي أو كردي إذا انبرى معترضاً: لماذا تشركونا في المسئولية عن التعويض، فمادام الغالبية العظمى من ضحايا النظام السابق هم من الشيعة والكورد كما أن أكثر من سبعين بالمائة من ضحايا الارهاب منذ سقوط النظام هم من الشيعة فالواضح أن شرار السنة العرب يتحملون الوزر كله عن هذه المجازر والمظالم العظيمة، والواجب أن تقع عليهم وحدهم غرامات التعويض، وهم في موقفهم محقون، وقد يتحفظ السنة العرب على ذلك بدعوى أنهم هم أيضاً معرضون لعمليات قتل وتهجير، وبغض النظر عن كونها ردود فعل إنتقامية أم لا، ولا بد من إنصافهم أيضاً لكي يكون العدل كاملاً. نخلص من هذا التحليل إلى وجوب تحديد المسئولية عن العمليات الارهابية في البدء، أما بحسب الطائفة والجماعة العرقية التي ينتمي لها الارهابي أو على أساس انتماءه المناطقي للأقليم والمحافظة أو تغريم الحكومة العراقية باعتبارها مسئولة عن جميع العراقيين، كما أن من الضروري أن يكون التعويض كبيراً ومنصفاً ورادعاً، وأن لا يقل عن مائة ألف دولار لذوي كل شهيد أو شهيدة في عملية ارهابية، مثل تفجير إنتحاري أو مفخخ أو هجوم على تجمع سكاني أو قتل لفرد أو جماعة، كما ينبغي تحديد تعويضات مناسبة لأنواع الإصابات والأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن العمليات الارهابية، ولابد أيضاً من منح التعويضات بأثر رجعي منذ سقوط النظام البعثي المستبد بالنسبة لضحايا العمليات الارهابية، ويشرع وينفذ قانون خاص بذلك بالتوافق مع التوجه نحو اعطاء الجميع حصصاً عادلة من عوائد النفط، وبتقديري فإن اقرارهذه السياسة بصورة قانون لن يحقق العدالة فقط بل سيضرب الارهاب وأعوانه في الصميم. يتضح من التحليل السابق وجود ثلاثة بدائل لتحديد المسئولية عن التعويضات واستيفائها، وهي كالتالي: البديل الأول: تصنف الأقاليم والمحافظات على أساس طائفي (سنة عرب وشيعة عرب) وعرقي (عرب وكورد)، ويستوفى مبلغ التعويضات من حصص الأقاليم أو المحافظات من عوائد النفط المخصصة للتوزيع عليها وكالتالي: · تتحمل الأقاليم أو المحافظات الشيعية كامل التعويض عن العمليات الارهابية أو الانتقامية ضد السنة العرب التي لا يثبت تورط أطراف سنية أو غيرها فيها وتسدد من حصصها من عوائد النفط. · يحسم من حصة الأقاليم أو المحافظات السنية كامل التعويض عن العمليات الارهابية ضد الشيعة. · تدفع الأقاليم والمحافظات السنية والشيعية مناصفة التعويض عن العمليات ضد الكورد من حصصها من عوائد النفط. · إذا لم تكن حصة الأقليم أو المحافظة كافية لسداد التعويضات المفروضة عليها في إحدى السنوات تدور المبالغ المتبقية في ذمتها للسنة أو السنوات التالية. البديل الثاني: تحمل الأقاليم والمحافظات المسئولية عن تعويض ضحايا العمليات الارهابية التي يقترفها المواطنون والأجانب القاطنون فيها، فإذا ثبت على سبيل المثال أن الارهابي من سكان محافظة الرمادي أو انطلق منها لتنفيذ عمليته تتحمل المحافظة كامل التعويض ويقتطع من حصتها من العوائد النفطية، أما بالنسبة للمحافظات المختلطة مثل بغداد والموصل وديالي والحلة والكوت فيحسم التعويض من حصة المدينة أو البلدية التي سكنها الارهابي أو وجد فيها ملاذاً. البديل الثالث: تتحمل الحكومة نيابة عن الشعب العراقي كامل التعويض عن ضحايا العمليات الارهابية. وبتقديري فإن البديلين الأول والثاني أشد فاعلية، وهما بالتالي أجدر بالتطبيق من البديل الثالث، كما ينبغي على الحكومة العراقية وتزامناً مع ذلك اقرار مبدء مطالبة الدول التي يحمل الارهابيون جنسياتها المسئولية عن تقديم تعويضات إضافية تدفع للحكومة العراقية وتخصص بالكامل لتنمية المناطق التي يتضرر سكانها من العمليات الارهابية، وأن يعرض هذا الموضوع بصيغة قرار ملزم على مجلس الأمن لاقراره، تحت البند السابع من نظام المجلس، مما سيفضح الدول المصدرة للارهاب والارهابيين مثل مملكة السعوديين الوهابية، ومن المتوقع أن يبلغ التعويض المالي المفروض على الحكومة السعودية مليارات الدولارات سنوياً. يحقق هذا المقترح الفوائد التالية: · تقديم تعويض عادل لضحايا الارهاب وإرسال رسالة واضحة للعراقيين الخيرين الملتزمين بالقانون وكذلك الارهابيين وأعوانهم بأن أرواح العراقيين وسلامتهم ثمينة جداً لدى الحكومة العراقية لذا ينبغي أن لا يقل تعويض شهيد العملية الارهابية عن مائة ألف دولار أمريكي تدفع من دون تأخير، كما يعوض المصابون والمتضررون مادياً ومعنوياً بما يتناسب مع ذلك. · تحفيز ودفع الجهات الأمنية في الحكومة العراقية المركزية وإدارات الأقاليم والمحافظات لبذل أقصى الجهود لمحاربة الارهاب لكي تتجنب دفع التعويضات الضخمة لضحايا الارهاب من حصصها من عوائد النفط. · الكيد للارهابيين الذين سيدركون بأن عملياتهم وما ينتج عنها من ضحايا ستؤدي لدفع تعويضات كبيرة لأعدائهم، قد يستفيدون منها في تحسين أحوالهم المعيشية وفي تحصين أنفسهم وأهليهم من العمليات الارهابية. ولو اعتمدنا النسب التي أوردتها المصادر العراقية مؤخراً حول ضحايا الارهاب للعام المنصرم على وجه المثال ( 75% من الشيعة و12% لكل من السنة العرب والكورد) وباعتماد تقديرات الأمم المتحدة لعدد شهداء العمليات الارهابية، اي حوالي 40 ألف ضحية سنوياً، يكون التعويض المستحق لضحايا العمليات الارهابية من الشيعة للعام الماضي (30 ألف شهيداً) ثلاثة مليارات من الدولارات، ولو طبق بأثر رجعي ولأربع سنوات لكان مجموع تعويضات شهداء الشيعة فقط 12 مليار دولار، ولكم أن تتصوروا مدى غيظ وحسرات الارهابيين وحماتهم لدى علمهم بأن مثل هذا المبلغ الجسيم سيدفع لأعدائهم. إن الحرب على الارهابيين أعداء العراق والعراقيين والإنسانية جمعاء مقدسة، والواجب استنفاذ كل الوسائل المشروعة في هذه الحرب، وقد جربنا وسيلتي التنازلات السياسية والعمليات الأمنية وحان وقت استعمال سلاح المال، وصدقوني إنه الأقوى في عالمنا، لذا أرجو من الأخوة المؤيدين لهذا المقترح توجيه خطابات إلى أعضاء البرلمان والحكومة ، مباشرة أوعبر المواقع الإلكترونية، ، تحثهم على تشريع قانون خاص بذلك.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |