|
ضاع المِسك بسوق البصل* ... !!! جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
يعتبر المسك ملك الأطياب والمسك كلمة عربية هي اسم لطيب من الأطياب القليلة التي مصادرها حيوانية, وقد ورد ذكر المسك في القرآن الكريم في وصف الأبرار اذ يقول عز وجل تعرف في وجوههم نظرة النعيم, يسقون من رحيق مختوم, ختامه مسك, وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . المسك في التاريخ: ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "أطيب الطيب المسك" وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يحرم ويوم النحر، وقبل ان يطوف بالبيت بطيب فيه مسك. والمسك ملك انواع الطيب واشرفها واطيبها وهو الذي يضرب به المثل بين الاطياب جميعها لأنه يسر النفس ويقويها ويقوي الأعضاء، الباطنة جميعها شربا وشما والأعضاء الظاهرة اذا وضع عليها. والمسك الجيد كان يوضع في أنية خاصة به تسمى (النوافج) ومفردها نافجة مصنوعة من الذهب او الفضة او النحاس, ثم تملأ بمسحوق المسك وتوضع في ردهات قصور الخلفاء والأمراء فتعطرها بأريجها ورائحتها الزكية. ويتكون المسك في غدة كيسية يبلغ حجمها حجم البرتقالة في بطن نوع من الظباء يسمى غزال المسك وتوجد هذه الغدة بقرب الفتحة القلفية للذكر ولا يوجد المسك في الاناث وفي هذه الأكساي يفرز الغزال مسكه. يعرف غزال المسك علميا باسم Moschus moschi ferus وهو غزال طوله حوالي متر وارتفاعه من عند الاكتاف نصف المتر وشعره بني رمادي وطويل وخشن وسهل الكسر, وغزال المسك خواف, يسعى لطلب طعامه ليلا وهو سريع الهرب, لهذا يتعب الصيادون في اصطياده وعادة ينصبون له المصائد في الأماكن التي يعتقدون تواجده بها. وغزال المسك يسكن غابات الهملايا ويفضل أعاليها وتمتد مساكنه الى التبت والى سيبيريا والشمال الغربي من الصين وأواسط آسيا عامة. تعتبر انثى الغزال البري كنز في عالم العطور فهي المصدر الوحيدة للمسك الاسود حيث يقوم الصيادون المتخصصون بمراقبة انثي الغزال لفترة طويلة حتى يتأكدوا من حالتها الصحية ، وفي فصل مخصوص في السنه يقوم هؤلاء الصيادين بإصطياد انثى الغزال البري مستخرجين من صرتها المسك الاسود الذي يعتبر كتلة متجمدة من الدم. يقوم الصيادون بقتل غزال المسك الذكر أولا ثم فصل هذا الكيس, او الغدة, فصلا كاملا ثم تجفيفها في الشمس أو على الصخور أو تغطس في زيت ساخن جدا. ويمكن الحصول عليه دون صيد غزال المسك وقتله حيث يقوم الغزال عند نضج الكيس الذي يحتوي على المسك بحكه على صخور خشنة لأن الغزال يشعر بحكة شديدة في الكيس عند امتلائه فيقوم بحك الكيس على الصخور فينقشع الكيس بما فيه من مسك ويلصق بالصخور ويقوم خبراء المسك بجمعه من على الصخور ويسمى الكيس الجلدي بما فيه من مسك "فأرة المسك" ولون المسك داخل هذا الكيس أسود والذي قل ان يوجد في الوقت الحاضر وهو غال جدا واذا وجد يقوم تجار العطور بادخال بعض المواد عليه وخلطه بها. وأحسن انواع المسك هو الوارد من الصين أو التبت ويليه الوارد من أسام او نيبال واقلها الوارد من سيبريا. والمسك الجيد مادة جافة, قاتمة اللون, ارجوانية, ملساء مرة المذاق. أذن هذا هو المسك.. وبالمقابل ذكرنا البصل : البصل : البصل من فصيلة الزنبقيات ، وهو من النباتات الحولية المعمرة ، ويوجد منه نوعان: البصل الأبيض والبصل الأحمر، ولا فرق بين النوعين من الوجهة الطبية ولكنهما يختلفان في المذاق. للبصل فوائد كثيرة.. ولكن مع هذا وذاك للبصل رائحة غير محببة لذلك ترى الكثيرون بالأخص الذين تتطلب أعمالهم أن يكونوا بتماس مع الناس كالموظفون وغيرهم.. تراهم يتجنبون أكل البصل . لو نأتي أن نقارن مقارنة بسيطة بين ( المسك والبصل !! ) لنرى هنالك فرقاً شاسعاٌ بين ألأثنين . ــ المسك مادة غالية الثمن وثمينة السعر ونادرة جداً.. حيث لايمكن لأناس ذات دخل محدود أن يقتربوا من هذه المادة . ــ البصل مادة رخيصة ورخيصة جداٌ وموجودة بكثرة.. السعر برخص التراب !!. ــ رائحة المسك .... لاتعليق.. أنه المسك !!. ــ رائحة البصل ...... لاتعليق أنه البصل !!. ــ المسك صغير بالحجم.. قطرة من المسك..ممكن أن تظل على ألأنسان لأيام . ــ البصل كبير الحجم و بالعكس ممكن خلال نصف نهار وينتهي مفعوله !!. ــ فروقات أخرى !!. من هذه المقارنة البسيطة أستنتجنا الكثير .. وحتى لانذهب بعيداً ويقوم أحدهم ويقول : ثم ماذا ؟؟؟..المسك للبرجوازيين ، أما البصل للطبقة الكادحة والمعدومة ... الخ من الكلام الذي ( لايوكل خبزة ) ..!!. بعيداً عن المهاترات والسجالات : المسك مسك والبصل بصل .. وهنا حتى لا أصبح ( أعشابي أو صيدلي ) لابد من أن أدخل في صلب الموضوع وبأختصار : لنقوم بجولة بين شرائح المجتمع المختلفة .. وهنا أقصد بالدرجة ألأولى مجتمعنا وهو جزء من بقية المجتمعات الشرقية .. ولكن هنا أقصد بالتحديد العراقيون بالذات!!. لنأخذ بعض ألأمثلة الحية الموجودة من النوع الذي يعرفه الجميع سواء من داخل المؤسسات الحكومية أو القطاع الحر والخاص ـ سمها ماتشاء ـ : ــ على صعيد الحكومة ومجلس الوزراء .. هنا لابد من وجود متميز ومخلص ووطني وشريف ( الجميع جيدين أنشاءالله ) ولكن لابد من وجود الجيد وألأجود.. هنالك وزير يعمل ليل نهار.. شريف .. نزيه .. يعمل بجد ليرضي الله والناس والضمير.. لايفرق.. أنتاجه عال العال ..!!. ياترى ماذا يمكن أن يعمل بين عدد كبير من الحرامية واللصوص وفاقدي الضمير والوطنية والكرامة من منتسبي وزارته.. من الوكلاء الى المدراء العامين ، نزولاً الى أصغر موظف. ... الجميع يعملون عكس الوزير ويسبحون عكس التيار !!!. على صعيد أخر : ــ عامل في أحد المصانع... يعمل بما يرضي الله والمهنة والضمير.. ولكن أقرانه العكس !!! . ياترى ماذا بأمكانه أن يقدم ؟؟. ــ حزب معين.. يحمل شعارات عظيمة وحوله جماهيره.. ولكن يعمل ضمن أئتلاف من عدد من ألأحزاب كلهم بعكس الحزب ألأول !!!. ــ كاتب وصحفي .. متميز عالأخر.. يكتب.. يدافع.. يعمل بشرف ونزاهة وموضوعية ويحترم المهنة... بالمقابل أمامه العشرات من ( المنافقين والكذابين والمتملقين ) من الذين لايكتبون حرفاً الا لترضية السلطان !!!... ما العمل ؟؟. ــ عشرات الحالات ألأخرى !!. من هذه ألأمثلة نستنتج : ــ السيد الوزير النزيه . ــ العامل الدؤب والمخلص . ــ الحزب الذي نهجه صحيح عالأخر . ــ الكاتب والصحفي الشريف . كل هؤلاء ( الأربعة وغيرهم ) هم عبارة عن قطرة مسك.. وحولهم ( أكياس ) من البصل من النوع الممتاز...!! .. ياترى ماذا بأمكانه أن يفعل..؟؟ من يشمه أمام هذا الكم الهائل من أكياس البصل ؟؟؟. هل وصلت الفكرة ...؟؟؟. اللهم ياربي : أبعدنا من رائحة بصلهم..وقربنا من تلك القطرات من المسك... آمين يارب العالمين. ــــــــــــــــــــــــــــ
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |