|
من دفتر ذكرياتي في معتقل / أبو غريب ... (قصة أختطاف شاب مسيحي من يوغوسلافيا!!) (2) جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
من دفتر ذكرياتي في معتقل أبو غريب / سىء الصيت ... الحلقة الثانية / حول قيام المخابرات العراقية بأختطاف أحد الطلبة المسيحيون وأعادته مخدراً ...الى العراق ، المسألة تشبه فلم من أفلام / جميس بوند.. ولكن هذه حقيقية 100% !!!. * * * تطرقت في الحلقة السابقة الى أن معتقلوا / أبوغريب كانوا من كافة أنحاء العراق حيث : من زاخو وحتى الفاو .. ومن خانقين الى ( الحصيبة ) على الحدود السورية العراقية !! ، وكذلك من كافة ألأديان والمذاهب والقوميات .. بالتأكيد كانت هنالك حصة لأهلنا وأخواننا ـ الكلداني ألأشوري السرياني ـ ، منهم من كان من أهالي بغداد ومنهم من الموصل وسهل نينوى ومنهم من أربيل وعينكاوا وشقلاوة وديانا وحتى من أبعد نقطة ( قرية / شرانش ) !!!. من بين هؤلاء ألأخوة دونت في مذكراتي عدداً منهم.. ولكن للأسف لم أدون الباقي .. كنت على أمل أن أحفظ جميع ألأسماء ولاسيما كانت تربطني بهم علاقات قوية.. ولكنني لم أكن أعلم أن لخريف العمر تأثيره.. لذلك كان يجب أن أتذكر قول الشاعر الذي قال : كل ِسر جاوز ألأثنين شاع كل شىء ليس في القرطاس ضاع !!. نعم أعترف بأنني أرتكبت خطئاً جسيما.. ولكن مع ذلك هنالك عدداً منهم..لقد دونت عدد من ألأسماء وذلك لكونهم كانوا ألأقرب مني ومنهم : ــ ألأخ / بيرج بينابت كوركيدسيان ـ خريج أحدى كليات ـ المانيا الشرقية / سابقاً ـ فرع الموسيقى ،عاد الى العراق وعمل ضمن الفرقة السمفونية العراقية.. أعتقل وحكم عليه بعشرون عاماً.. بقى كل الفترة.. آلآن هو مدير عام في وزارة الثقافة . ــ ألأخ / فؤاد بشو / صاحب مطبعة كبيرة.. من أهالي بغداد .. محكوم بالمؤبد ( عشرون عاما ) كان مسؤل المكتبة في المعتقل . ــ ألأخ / نشأت فرج سموعي / طالب في يوغسلافيا سابقاً.. خطف من قبل المخابرات العراقية وأعادوه الى العراق.. كان شيوعياً صلباً كالفولاذ.. حكم عليه بالأعدام.. ثم خفف الى المؤبد / عشرون عاماً. ــ ألأخ / يوسف ميخائيل / أحد أبطال العراق في كرة المنضدة .. كان محكوم 15 سنة لنشاطه السياسي . ــ ألأخ / أبو زينا .. مهندس ، كان يعمل في الكويت.. طلب منه التعاون مع المخابرات العراقية في الكويت.. رفض الفكرة.. عند قيامه بزيارة أهله في بغداد أعتقل وحوكم بعشرون عاماً !!؟ ــ ألأخ / سليم بطرس .. طالب كلية ، كان محكوماً بخمسة عشرة عاماً لأنتمائه الى أحد التنظيمات المحذورة . ــ ألأخوة الشباب / ماهر عبد ألأحد ... و بطرس يوسف ... أبو نجاة ... وغيرهم ..!!. أعتذر من البقية.. في الحقيقة كانوا كثيرون.. ولكن نسيت أسمائهم !!!. الدخول في عنوان المقالة / ألأخ المناضل / نشأت فرج .. كان أحد ألأعضاء النشيطون في الحزب الشيوعي العراقي.. حصل على زمالة الى ( يوغسلافيا ) على ألأكثر لدراسة الهندسة.. كان نشطاً وله فعاليات عديدة.. أنذر أكثر من مرة أن يقلل من نشاطاته.. ولكن أستمرلابل أكثر!!. حاولوا أغتياله.. لكنه كان أشطر منهم.. وأخيرأ تمكنت المخابرات العراقية أن تضع خطة محكمة لخطفه وأعادته الى العراق !!. فعلاٌ تمكنوا من خطفه ومن ثم ( تخديره ) وأعادته على متن طائرة من طائرات / الخطوط الجوية العراقية الى بغداد !!. .. المسألة وكأنها فلم عربي.. سبق وإن شاهدنا فلماً من هذا النوع.. مع الفارق أن ألأخ / نشأت ، أنسان وطني شريف ، أما الفلم كان العكس .. لذلك وجب التنويه !!. فجأة يرى نفسه في بغداد.. وحصراً في ـ المخابرات ـ !!! ، تعرض الى تعذيب وحشي.. بعدها حكموا عليه بالأعدام !!. بعد فترة في قسم ألأعدام خفف الحكم الى المؤبد / عشرون عاماً .. قضى محكوميته بالكامل !!. بعد أن كشفت العملية ، طالبت عشرات المنظمات الدولية من ( طلبة وشبيبة ) ومنظمات أنسانية بأطلاق سراحه.. سمعنا حتى الرئيس / تيتو توسط من أجل ألأفراج عنه.. ولكن كل المحاولات ذهبت أدراج الرياح.. وعلى ما أعتقد أن سبب تخفيف الحكم كان أكرامأ للرئيس تيتو ..!!. الغريب في مسألة ألأخ نشأت مايلي : أنه كان أصغر أخوانه.. لذلك كان ألأقرب لوالدته.. كل تلك الفترة..لم يخبروا الوالدة بكونه معتقل.. ، المسكينة كانت تعتقد أنه أستقر في يوغسلافيا...!!. في كل مواجهة كان شقيقه وزوجته يحضران لمقابلته.. وكان بين فترة وأخرى يكتب رسائلاً لوالدته.. ويخبرها بأنه منشغل بالدراسات العليا وأنه بسبب المخاطر لايمكنه العودة الى العراق !!!. ألأخ نشأت كان : صلب كالفولاذ .. صبور .. حلو الكلام .. رياضي .. سياسي بكل المعاني .. يساعد الفقراء .. كان يقدم المزيد من المعلومات عن أي مصطلح سياسي .. كان بمثابة / موسوعة متنقلة ..لا أنسى كلامه ولطفه وأخلاقه وأدبه الجم .. هكذا هم الشيوعيون .. أنهم مثقفون في كل زمان ومكان !!. هكذا قضينا تلك السنوات بين القضبان.. صحيح أننا كنا في معتقل ومعتقل ـ رهيب ـ فيه عشرات النواقص ولكن مع تواجدنا مع هؤلاء البشر لم نكن نشعر بالوقت.. كانوا بمثابة ( صمام آمان وداينمو) لنا.. كنا نقتدي بهم ..أنهم أناس غير عاديون.. مع معاناتهم كانوا يحثوننا على الصبر والتحمل والتحدي !!. .. شخصياً تعلمت منهم الكثير الكثير !!. هنالك حلقات أخرى .. أنشاءالله تعالى . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ملاحظة مهمة / أعتذر من أهلنا ألأخوة ـ الكلداني ألأشوري السرياني ـ لأستعمالي مصطلح ـ مسيحي ـ بكثرة .. السبب للسهولة ولكون المصطلح قصير و مفهوم من ألأغلبية وإلا ليس هنالك قصد أخر ... يشهد على الله .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |