|
الأمبراطور الفنان جودت هوشيار الزعماء والقادة السياسيون لا يعيرون فى العادة اهتماما" يذكر بالفن، وان كانوا يتظاهررون بذلك من خلال رعاية المعارض والمهرجانات الفنية المختلفة، ونادرا" ما تجد بينهم من يفهم فى الفن حقا". وهم يبررون ذلك دائما" بأن أعباء الحكم لا تترك لهم مجالا" للأنشغال، الا بما هو آنى وعملى فى آن. و لا يذكر التأريخ سوى أسماء عدد ضئيل منهم، كرسوا بعض الوقت والجهد لممارسة لون من ألوان الفن كالرسم والنحت والموسيقى، لعل أشهرهم هو الأمبراطور الصينى ( سون هواى تسون ) الذى عاش فى القرن الحادى عشر. كان هذا الأمبراطور متعدد المواهب والأهتمامات، يشجع الفن ويرعى الفنانين، لذا كان عهده، عهد ازدهار للفن الصينى بكل فروعه والوانه وأشكاله.و كان يمارس هوايته الفنية المفضلة، وهى الرسم ويستمتع بها كثيرا". و قد ترك وراءه عددا" كبيرا" من اللوحات الفنية الرائعة التى تتميز بقيمتها الجمالية العالية وتعكس اسلوبه المتفرد كأى فنان موهوب وأصيل. ولكن معظم هذه اللوحات ضاعت وهربت الى خارج الصين فى مختلف العصور. و قد اكتشفت لحد الآن ( 19 ) لوحة من لوحاته التى لا يعرف عددها على وجه التحديد. وتبذل الحكومة الصينية جهودا" متواصلة وحثيثة من أجل استعادة لوحات الأمبراطور الفنان التى هربت الى خارج البلاد. وضمن هذا السياق اقيمت خلال السنوات الماضية عدة مزادات علنية لبيع لوحات الأمبراطور الفنان. وفى آخر مزاد علنى شهدته العاصمة الصينية ( بكين ) عرضت للبيع واحدة من أجمل لوحاته وهى لوحة ( الطيور ) التى رسمت على قطعة من الحرير الطبيعى. وكان صاحب اللوحة - وهو يابانى من هواة اللوحات الفنية - يعتقد أن أعلى سعر يمكن ان يدفع مقابل هذه اللوحة لا يتجاوز مليون دولار أميركى. ولكن خلافا" لتوقعاته وتوقعات الخبراء الفنيين المتخصصين، وصل سعر اللوحة الى ( 3 ) مليون دولار أميركى. وقد اشتراها مواطن صينى، لم يكشف عن اسمه.! حكم ( سون هواى تسون ) الصين فى فترة عصيبة من تأريخها بين عامى ( 1986- 1135 ). و يقول المؤرخون : ان الأمبراطور الفنان كان رقيقا" ومسالما" بطبعه، لا يحب العنف ولا القسوة. فالفن يهذب السلوك الأنسانى ويعمق التفكير الفلسفى وجسر تواصل ومحبة بين البشر. و حين عصفت الأزمات بمملكته ابان حكمه وسقطت العاصمة ( ليو ئويان ) بأيدى القبائل الرحل، فقد عرشه، ووقع هو نفسه أسيرا" بأيدى المغول. وتوفى فى عام( 1162) و هذه هى المرة الأولى فى التأريخ التى تباع فيها لوحة بالمزاد العلنى رسمها امبراطور فنان. لقد طوى النسيان أسماء عشرات الأباطرة الأقوياء الذين حكموا الصين عبر تأريخها العريق الممتد لآلاف السنين، فى حين ظل اسم ( سون هواى تسون ) خالدا" فى ذاكرة الشعب الصينى وفى نأريخ الفن العالمى.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |