|
مع قرب حلول الذكرى الرابعة للأطاحة بالنظام الدكتاتوري الفاشي (صور ومشاهد)
سناء صالح / هولندا المشهد الأول : ساعة الصفر :العالم يقطع الأنفاس ،وفود تروح وأخرى تجيء ،الترسانة العسكرية الأمريكية على أهبة الأستعداد أشكال وألوان من الطائرات الحديثة التي تبث الرعب في نفوس المشاهدين ترى مانوع الجحيم الذي ستلقيه على رؤوس المساكين العراقيين الذين أصبحوا فئران تجارب للأسلحة الفتاكة سواء سلاح العدو أو الأسلحة الصديقة ،الأحزاب في بلدان العالم والحكومات تجمع التأييد للمواقف فهذا مع وذلك ضد، أما أصحاب المشكلة الحقيقية الجماهير التي ملت الوعود وتواضعت أحلامها الى حد الأكتفاء بحفظ ماء الوجه ورغيف خبز ومكان آمن ليس مهما أن يكون بيتا بل حتى وأن كانت صريفة أو خيمة تأويه وعياله وتبعد عنهم شبح الموت .وفي المعسكر الآخر الدكتاتور بعنجهيته وطريقته الممجوجة في التعليق واسداء النصائح الى حد التدخل الشخصي في يوميات العراقيين محاولا تغطية جبنه من الأنباء المتواترة عن قرب نهايته ،وفود من العشائر، وأنواع من الجيوش،تحت مسميات تبعث على الهيبة وأعداد هائلة من البشر في استعراضات توحي بأن المعركة ستكون متكافئة وانبرى المحللون وخاصة العرب منهم بالتهويل والتضخيم ،العراقيون في الخارج منقسمون بين مؤيد ومعارض ولكل مبرراته وأسبابه،يتابعون يوميا نشرات الأخبار، في فجر يوم آذاري لم ينم المهجرون العراقيون ليلتهافأن اللحظة الحاسمة قريبة ووقتها أطل بوش الأبن على العالم بصوته الأخن الذي يشبه الى حد ما أبطال أفلام الكاوبوي التي كنا معجبين بها الى حد ما يخاطب صدام حسين وأبناءه وحاشيته أن يتركوا العراق ،هنا تعالى الصراخ وفي القلب تتنازع مشاعر غامضة من الخوف من القادم ومن حجم الكارثة التي ستقع ومقدار الخراب الذي سيلحق ماتبقى من الحروب ، الخوف من عدم مصداقية راعي البقر،ومن جانب آخر هاهي النهاية تقترب لدكتاتورصنع حوله هالات من المعجزات والرعب وصلت الى حد التسمية لمن يؤمن بالخرافة التي تقول أن القطة لها سبع أرواح ،وكان يوم 19 -20 آذار هو اليوم الحقيقي لسقوط الصنم الذي تحول هو وأزلامه الى ورق كوتشينة يتلهى بها الصغار المحظوظين .
الصورة الثانية : الفرهود : لقد فتح القمقم وأزيح الغطاء وأذا بالجموع الحبيسة منذ عقود تخرج كأعصار مدمر، وجوه شاحبة أضناها الخوف والظلمة هلاهيلا من القماش عفا عليها الزمن ، الشوارع تحولت الى دور للمجانين ، البيوت التي كانت محروسة بالعتاة هجروها منسحبين تحت جنح الظلام حاملين معهم ماخف حمله وغلا ثمنه من خيرات الوطن وخزائنه التي كانت مفتوحة أمامهم ،ومعهم أرقام حساباتهم السرية ليظلوا متنعمين هم وعوائلهم طيلة حياتهم تاركين للرعية الفتات من أثاث مستعمل ومشاكل لاحصر لها ابتداء من الديون التي ينبغي على المواطن أن يتحملها من التقليص في الخدمات التي ينبغي على الدولة ان توفرها له وتعويضه عن سنوات الحرمان ،الى الفوضى والفساد المستشري وتحمل خطط الأمريكان التجريبية في استدراج الأرهابيين الى البلد المحتل بغية القضاء عليهم وان كانت ضحايا فلابأس فهي من هذا الشعب الذي قدم كثيرا تحت اسم حراس البوابة الشرقية وأخرى فداء للقضية الكبرى ولاضير أن يكون للعراقي شرف التضحية بديلا عن شعوب الأرض وتحت اسم مكافحة الأرهاب . نقلت وسائل الأعلام بدقة متناهية أحداث الفرهود آلاف من النساء والرجال والأطفال مشيا على الأقدام أو بالعربات الخشبية يحملون الأثاث وكل ماتقع عليه أيديهم من سقط المتاع ، الصحفيون يهرلون وراء هذا الحشد الهائل ويقابلون الناس الذين لاوقت لهم ،استأثر اهتمامي من كل هذه المشاهد مشهد أمرأة تحمل أطارا لشباك من دون زجاج وضعته حول عنقها سئلت مافائدة هذا الأطار!! أجابت يفيد أحتاج اليه اغرورقت عيناي بالدموع أذ تذكرت أنه في أيام الحصار الجائر باع العراقيون كل مايملكونه حتى الأبواب والشبابيك ، مشهد آخر طفل لايتجاوز الثامنة من عمره يحمل علم اللجنة الأولمبية ويهرول ،أمرأة تحمل في يدها مجموعة من الأواني البلاستيكية وقد تدلت من معصمها حقيبة يد بيضاء اللون من النوع الكلاسيكي ومن المعصم الآخر يتدلى أبريق شاي علما بأنها كانت ترتدي عباءة رثة وتحتذي نعلا اسفنجيا واحد الصحفيين بعربية مشوشة يسألها من أين أتت بما تحمله فكان جوابها من بيت طارق عزيز!! هكذا صور الأعلام العراقيين وتناقل الناس هذه الموضوعة باستغراب واستهجان علما بأنه في كل أحوال الأنفلات وفي أي بلد كان يمكن أن يحدث مثل ما حدث أوربما أكثر ولا أريد أن أبرر الخطأ ولكن في الوقت نفسه كانت السرقة الكبرى للتاريخ والتراث والحضارة التي يختزنها العراق في متاحفه ومكتباته ونفطه وما زالت هذه السرقات الى يومنا هذا ابتداء من المليارات الضائعة في عهد بريمر الى المليارات الثمانية التي تحدث عنها رئيس مفوضية النزاهة الى الأتهامات التي وجهت سابقا الى مجموعة من الوزراء والمسؤولين ،دون أن تكلف وسائل الأعلام الشرقية والغربية نفسها في وضعها تحت دائرة الضوء . الساسة الجدد : أسقط الصنم ، الفرحة تعم الشارع ،كل بطريقته أبو تحسين ونعاله الشهير ،طفل يلحق بالرأس البرونزي للدكتاتور يوليه ضربا بحذائه الممزق ، تنفسنا الصعداء رغم أحساسنا بأن الفرحة كانت ناقصة يعوزها شيء ربما لأننا لم نرد النهاية بهذه الطريقة كنا نريدها عراقية خالصة ولكن ماحدث قد حدث وعلينا ان نفكر كيف سيكون عراقنا ،وبدأ كل منا يعد العدة ويرتب أوراقه وبدأ الصراع بين الآباء الذين يريدون العودة ليتواصلوا ويكملوا ما بدأوه والأبناء الذين لايمثل لهم الوطن سوى ذكريات مجتزءة قاصرة على الجدة والعم واحيانا كثيرة تختلط عليهم الأمور لكثرة ماتنقلوا في البلدان فيتوزع الشعور بالمواطنة على أوطان عاشوا فيها واحتضنتهم ،وأن حياتهم انما هي في مجتمعهم الجديد . أمّا القادة السياسيّون فقد أعدوا العدة للعودة واستلام زمام الأمور وأثبات الوجود فدخلوا من مختلف المنافذ الحدوديةفي مواكب استعراضية ، كل واحد منهم محاط بمجموعة كبيرة من الأتباع والمرافقين والحراس ،كل له برنامجه وعصاه السحرية التي ستحول الديار الخراب الى جنة الله في أرضه، في يوم تاريخي التأم الشمل ، أصحاب السيادة والفخامة والسماحة والمحافيظ يتوسطهم المستر !!! وفي احدى القاعات الكبرى في بغداد كان الجميع يصغي وينتظر والسكون مخيم وأذابأحد السادة من أكبر الساسة سنا وأكثرهم وقارا بلحيته وبزيه يخرج عن وقاره غير مصدق بأنه سيمتلك كرسيا ، مزّق الصمت والسكون بصرخته : يعيش بوش !!!! هذا السيد وآخرين ممن كانت تجمعهم المناسبة سجلوا كمجموعة من السياسيين الذين أفل نجمهم ...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |