يقطع عليّ الصمت هذا \"اليوربلوكري\"

شبعاد جبار / السويد

مرة اخرى أخرج من الصمت الذي يلفني بعميق احزانه ..فرايت ان تشاركوني الكلمة التي أخط..أنه\"اليوربلوكَري\" واظنه هو نفسه هذا القانون السويدي الذي لايسمح للمواطن ان يتسبب باي معاناة للحيوان قد جعلني مرة ً اخرى أصرخ عاليا وأطالب بقانون مثله يحمينا نحن العراقيين

تصّدر الصفحة الاولى في الجريدة المحلية خبر عن وقوف سيدة في الرابعة والستين من عمرها امام المحكمة متهمة بانها تتسبب في معاناة\" بني الحيوان\" أي انها تمارس او مارست \"يوربلوكَري\" على الحيوانات التي تملكها ومن هذه الحيوانات مجموعة من الخيول واغنام وبعض الخنازير.هذه \"الحاجّة\" وكما يقول الخبر, قد خرقت القانون لانها تحشر هذه الحيوانات البريئة بمساحة ضيقة \"شوية أكبر من حديقة فيللا\" كما انها تقدم لهم ماءا خابطا ...ولاادري ان كانت متهمة ايضا بعدم تقديمها \"الميلان مول \"التي هي عبارة عن وجبات خفيفة مابين الوجبات الرئيسية او اهمالها اعطاءهم \"الكَودِز\"أيام السبت حيث ان الاطفال هنا درجوا على اكل الحلوى \"الكَودز\"\" في يوم السبت فقط من كل اسبوع حفاظا على صحة اسنانهم وهذه عادة تعودوها وليس قانونا الامر الذي نجده نحن صعب التطبيق بعض الشئ

من المؤكد ان هناك مساحة مسموح بها لكل حيوان حتى \"يفرش وياخذ راحته وربما يحافظ على البرايفسي مالته\" كما هو حال الانسان هنا حيث من حق الطفل ان تكون له غرفته الخاصة ولااعرف بالضبط من أي عمر\" بصراحة لاننا ومنذ وطئنا السويد وفروا لاولادنا غرف خاصة بهم\" لكن من المؤكد ايضا انهم لن يسمحوا في اكتظاظ الغرف بالاولاد وحرمانهم من الاستقلالية كما حاصل لدينا في العراق ..المشكلة انني ولاادري لماذا أسلّم وأقبل بكل ماتشرعه الدولة لمواطنيها ونحن منهم ولم تمّن علينا او يذكرنا احد بمكرمة \"الدجاجة\"عندما تضاف الى الحصة التموينية او \"بالنعال\"الذي احتذيناه وماكنا لمحتذيه لولا القائد الضرورة وضرورة القائد ..أقول أسلم بكل هذا لانني مؤمنة بان الدولة التي أقيم فيها تحترم مواطنيها لابل تحترم كل أنسان يقف على أرضها ولكني اشعر بالالم والمعاناة والبلوكَري عندما أرى حتى الحيوان هنا وأقولها \"وفي فمي مرارة وقلبي ينزف ألما\" له من الحقوق أكثر مما للعراقيين في العراق ومن يعيش على ارض السواد وبحر التثس .. ولاادري لم تذكرت بحر التثس هذا واشعر انه المسؤول عن ألامنا ومصائبنا ..بحر التثـس هذا يعرفه الجيولوجين جيدا حيث كان يغطي العراق في العصور الغابرة ليمتلأ بعدها بمصيبتنا التي من المفروض ان تكون سبب سعدنا ولكنها لم تسبب لنا الا الآلام والتشرد والفقر.. انه النفط يااصدقائي الذي ملأ هذا البحر في غابر العصور وملأنا نحن المواطنين هما وقهرا وجعل من بلادنا الحلوة حلوى يتهافت عليها الذباب

كل هذا يدعوني للتفكير بالاجساد الغضة التي تتراص على ارض الغرفة الواحدة في عراق النفط قبل التغيير ومابعده اقصد بعد ان لبسونا\"النعال\" مرة اخرى والنعال الذي البسونا اياه, فلا يحق لنا بعد ذلك التكلم ,هو ازاحة صدام حسين اما ممارسات صدام حسين فباقية هي هي لا بل تـزيـد.. فاي نعال هذا ,عذرا, لبسناه و ياترى هل لبسناه ام اننـا,عذرا علسناه ,اتكلم عن نفسي انا كي لايغضب الاخرون

كم من البشر عندنا يشربون الماء الخابط! ..هل تعمل فعلا محطات تصفية المياه ! .. هل هناك من قانون يمنع الناس من القاء نفايتهم الى النهر!..هل هناك مراقبة للمعامل الحكومية او الاهلية تمنعها من ان ترمي مخلفاتها للنهر ! هل هناك اصلا من يهتم بمياهنا وتربتنا وهواءنا! ام ان الاهتمام فقط بما في جوف هذه التربة ! قد ياتيك الجواب كالعادة\"والله هاي بطرانة\" خلي نوفر الامن اولا! طيب, أينكم لا انتم توفرون الامن ..ولاانتم توفرون الخدمات.. حتى اصبحتم باهمالكم البنية التحتية والخدمات كأنكم الظهير القوي للارهاب.. فمن يفلت من السيارة المفـخخة والعبوة الناسفة وقذيفة الهاون ,تتلقفه الجراثيم والسموم والاشعاعات لتفتك به او تفتك بفلذة كبده وكلا الامرين واحد ينتج لنا شخص مريض عليل لايستطيع بناء الوطن الخربة الذي ربما يراد له ان يبقى خربة ويبقى عقل المواطن اكثر خرابا

كم من البشر منّا يعاني ويشعر بالالم وهو محروم من ماء الشرب الصافي ويشاهد اعضاء البرلمان يفتحون قنانيهم الخاصة من المياه النقيةولا نقاضيهم بقانون يشبه قانون البلوكري لكن لنا نحن البشر

انا شخصيا اعاني واعاني كلما وجدت ان القوانين تسن بلمحة البصر وتفعّل وتنفذ كلما كانت لصالح النوّاب او الحكومة .وتزحف ويصيبها الكساح وتفقد كل اطرافها عندما يراد بها صالح المواطن

..أنا شخصيا أشعر ببلوكَري ما بعده بلوكري كلما عرفت ان هناك المئات لا بل الالوف ممن خدموا العراق لاكثر من عشرين سنة ولم يحظوا بقانون تقاعد يشبه قانون تقاعد اعضاء البرلمان ..استغفر الله ليس يشبهه من ناحية المبلغ والا كفرت.. ولكن حق المواطن العراقي الذي خدم العراق عشرين عاما ثم اظطرته الظروف ليهاجر فيحرم في وقت صدام من التقاعد ليستمر الحرمان حتى الان وممن لديه هكذا سنين من الخدمة في الوطن فانه من المحتمل جدا الا يحصل على فرصة عمل في المهجر لظروف كثيرة كصعوبة تعلم اللغة او الاندماج في المجتمع فتراه خاسرا ملوما يتنتبذ ركنا قصيا في ساحة المدينة صباح كل يوم حتى مساءه ليكلم نفسه عن ماذا فعل بنفسه

أنا شخصيا اشعر بالبلوكري لحالات كثيرة بل ان حالة العراق تستوجب \"اللطم والعزاء\" ولكني على غير عادتي لن ادعوكم هذه المرة الى ممارسة هذه الفعالية لانكم اصلا مدعوون لممارستها كل يوم ومن جهات متسيدة.. بل اننا نمارسها منذ عقود..منذ سنوات الحرب التي رملت شاباتنا وخطفت شبابنا واثكلت امهاتنا حتى باتت نسائنا وامهاتنا يندبن ويصرخن \"من يحملنا الى قبورنا ..أنستأجر اولادا يدفنونا\" ونحن نسلم ابناءنا واحدا بعد الاخر لمحرقة الحرب

وحتى هذه اللحظة لم يجد اصحاب القرار والمسؤولية ومن تسيّد على العراق .. لم يجدوا شيئا يقدموه لنا بعد كل هذا\" البلوكَري والمعاناة\" وكل هذا الحزن والعزاء غير ان يوفروا لنا مواسم اخرى من العزاء واللطم لا بل يقدموا لنا سلاسل وقامات وصور وكل هذه كانت أدوات المقبور صدام حسين التي يستعملها لجلدنا بايدي رجالاته.. ماتغير في الامرشيئا سوى انهم هذه المرة يدعوننا نفعل ذلك بانفسنا والغريب في الامر انهم يحرسوننا ولايدعون ارهابيا يقترب منا على غير العادة.. والاغرب من ذلك انهم ينجحون في فرض وتوفير الامن لملايين من البشر لو فكر احدهم ان يرمي حجراَ لوقع على رؤوس العشرات .ولكنهم لا يدعون احدا يعكر علينا\" صفو\" سلخنا لجلودنا والاستمتاع بهذا المنظر حتى لو كان طفلا يشج رأسه وكله في سبيل اباعبدالله الذي يظنونه يستمتع بمنظر الدم الذي يراق من رأس طفل.. أو يرضى بمنظر شيخ يغرق بدمه متوهما انه ينصر الحسين بعد ان خذلناه منذ اربعة عشر قرنا.. ولو دعوا الى العبرِة لكان الله والنبي وكل آل البيت راضين فما خرج الحسين الا لازالة الظلم واقامة العدل فاي طريق نهتدي به ونحن في الظلم والجهالة غارقون ..بل لنقل أي جهل يغرقوننا به وهم في ملـذاتهم يعمهون

وحيث اتجهنا الى سلخ ذاتنا طيلة ايام السنة ..حتى المظاهرات والاحتجاجات لم نترك فيها للشرطي نصيب كي يلقي بهراوته علينا لاننا نبادر الى ضرب انفسنا قبل ان يفكر هو بذلك..تخليت عن فكرة دعوتكم الى التعبير بهذه الطريقة عن الحزن الذي يصيبنا ونحن نجد ان حيوانات الغرب لها من الحقوق في اوطانها ما نفتقد اليه نحن البشر في اوطاننا فلقد وجدت هذه الطريقة مجّة لكثر ما اغرقونا فيها حتى نسينا واجباتنا واعمالنا التي تصون كرامة الانسان

وحتى تسن لنا قوانين على شاكلة \"اليوربلوكري\" كي تحفظ لنا كرامتنا نحن البشر .. مدعوون انتم معي الى التفكير بطريقة اخرى غير سلخ الذات.. كي نتخلص من المعاناة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com