بغداد ... يا حبيبتي لك مني باقة ورد والف قـٌبلة وأعتذار.. ظلمتك يابغداد!!

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

مشتاك أنا البغداد كرخ ورصافة

والفرح والخير ووجه الترافة

يامسافر البغداد وصل سلامي

شارع أبو نواس شفتة بمنامي*!!

 **********

هل زعلتم في يوم من ألأيام على حبيباتكم ...؟؟.

بالتأكيد .. نعم .. عادة ، الزعل يحدث بين ألأحبة .. فتارة دلال وتارة ساعة غضب وتارة ( نصف زعل ) وتارة لتقترب أكثر من الحبيب ... الحب ـ داء ودواء ـ ولكن أحلى داء وأسرع والذ دواء .. أنه بلسم لايقبل النقاش.. أسألوا المجرب ..!!.

ــ وهل زعلتم على بغـداد ..؟؟.

شخصياً... نعم .. زعلت مرة واحدة وكانت أخر مرة ( عمت عيني ) صرخت بوجهها ولكنها لم ترد على عصبيتي بل التزمت الصمت.. وهل السكوت من الرضى ؟؟؟...أم من ألأدب الجم وألأحترام للمقابل ..؟؟.

فعلتها مرة حينما كنت في زنزانة من زنزانات المخابرات ( الحاكمية ) لم يطعموني لثلاثة ليال ، كدت أموت من الجوع ...!! رفعت رأسي ونظرت الى الشباك الوحيد العالي جداً في ذلك ( القبر ) وقلت :

ــ لو لم أكن في بغداد...هل كان بأمكانهم أن يضعونني هنا.. كل السبب من بغداد!!!.

قلتها وأنا في وضع غير طبيعي أطلاقاً.. ولكن بعد دقائق أعتذرت بشدة..لابل بكيت من كل قلبي وقلت :

ــ ويحك ياهذا ..؟؟ كيف تتجرأ وتزعل الحبيبة / بغداد ..؟؟.

بغداد... يا دار السلام .. ياقبلة العشاق والشعراء وألأدباء والعلماء .. أحببتك كما أحببت والدتي وحبيبتي وشقيقتي... أحببتك ولا زلت أحبك.. بالرغم من بعد المسافة بيننا ولكنني لازلت :

أشم هوائك .. وأشرب من مائك.. وأكحل عيناي بأشجارك وكأني في حدائق ومتنزهات وبساتين دار السلام الحبيبة ..نعم وكأنني أتمشى في :

حديقة ألأمة.. متنزه الوحدة ... متنزه الزوراء.. مدينة ألألعاب.. بساتين الكاظمية والكرادة والدورة والراشدية .. وبستان الجلبي وجزيرة أم الخنازير... أحبك يابغداد!!.

أعتذر يابغداد.. وهل تقبلين أعتذاري؟؟؟.

تركتك يابغداد وهربت بعيداً عنك لأعيش بسعادة...!! أية سعادة وأنا بعيد عنك وهوائك ومائك والنوم في سطوح منازلك ..؟؟؟.

نعم يا بغداد.. ضميري يؤنبني..لكوني كنت نرجسياً.. أنانياً.. لئيماً.. فضلت راحتي على فراقك... عمت عيني ......... يابغداد !!!.

من حقدهم الدفين أجتمع ألأشرار من ألأعراب وغير ألأعراب.. خططوا بعناية لينالوا من عظمتك.. جمالك .. زهوك.. كبريائك .... نعم لقد خططوا بعناية ولكنك يا حبيبتي بالرغم من كل جروحك لازلت أنت ألأجمل من عواصمهم..نعم أنت ألأجمل وألأزهى يادار السلام !!!.

أمريكا ( الله يلعن أمريكا ) زجت بجيوشها من البر والبحر والجو.. أحتلتكِ ، كانت دباباتها ومدرعاتها والياتها ومارينزها وهمراتها وشبحاتها و طائراتها الحربية تملأ البر والجو.. ولكنها ظلت واقفة تتفرج على دمارك ونهبك وسلبك وتحطيم كل شىء مفيد فيكِ.. نعم لقد كانت تقهقه وهي ترى العصابات المنظمة من داخل وخارج العراق ينهبون ويحطمون ويدمرون كل ثمين ومفيد.. والدليل مافعلوه بالمتحف العراقي ودار المخطوطات العراقية ودار ألأزياء العراقية والمكتبة الوطنية حتى التماثيل البرونزية لم تنجوا من عمليات التخريب والنهب والسلب وألأعتداء، نعم هذه وعشرات ألأماكن ألأخرى ... يشهد الله كانت الدبابات ألأمريكية واقفة عند بوابة المتحف العراقي في منطقة علاوي الحلة والُسراق والحرامية واللصوص ينهبون كنوز العراق... أسرع أحد الموظفين الغيارى وطلب النجدة منهم كان ردهم بأستهزاء :

ــ هذا شأن داخلي وليس واجبنا....!!.

ملعونة أمريكا .. وأبو أمريكا ...اليس من حقي أن أقول هكذا ؟؟؟.

كل الدول المجاورة لهم يد في عمليات ( النهب والسلب والدمار والتخريب ) .. نعم للجميع أدوار ولكن بنسب متفاوتة.. هل تدرين لماذا ..؟؟

لأنك كنت ولازلت ألأجمل من عواصمهم ومدنهم.. أين كانت عواصمهم حينما كنت قبلة العشاق والشعراء وألأدباء والعلماء!!؟؟. .. نعم حينما كنت الوحيدة في الساحة لم تكن قد ولدت عواصم الأعراب ..!! عدى القاهرة و الشام..عن أية عواصم تتحدثون؟؟... لذلك ظلموك وسرقوك وأعتدوا عليك!!.

قال ـ الخطيب البغدادي ـ في تأريخ بغداد القديم :

[ لم يكن لبغداد نظير في جلالة قدرها ، وفخامة أمرها ، وكثرة علمائها وأعلاقها ، تميز خواصها وعامها ، وعظم أقطارها ، وسعة أطرارها ، وكثرة دورها ومنازلها وروابيها وشوارعها ومحالها وأسواقها وسككها وأزقتها ومساجدها وحماماتها ومساجدها وطلاقاتها وخاناتها وطيب هوائها وعذوبة مائها وبرد ظلالها وأفيائها وأعتدال صيفها وشتائها وصحة ربيعها وخريفها ..].

نعم يابغداد ... هكذا كنت.. صفاتك من صفات الجنة يابغداد.. لذلك أرادوا بك شراً وفتكاً ودمارا !!.

 قرأت عشرات القصائد عن بغداد.. ولكن الشاعر الكبير / نزار قباني كتب هذه القصيدة أثناء زيارته لبغداد في 8 / آذار / 1963 :

مُدِّي بساطي ... وأملأي أكوابي...***نسي العتاب...فقد نسيت عتابي.
عيناك يا بغداد ؛ منذ طفولتي ***شمسان نائمان في أهدابي
لا تنكري وجهي...فأنت حبيبتي ***وورود مائدتي، وكأس شرابي
بغداد ... جئتك كالسفينة متعباً ***أخفي جراحاتي وراء ثيابي
ورميت راسي فوق صدر أميرتي ***وتلاقت الشفتان بعد غياب
أنا ذلك البحار انفق عمره ***في البحث عن حب وعن أحباب
بغداد ... طِرتُ على حرير عباءة ***وعلى ضفائر زينب ورباب
وهبطت كالعصفور يقصد عشه ***والفجر عرس مآذن وقباب
حتى رأيتك قطعة من جوهر ***ترتاح بين النخل والأعناب
حيث التفت أرى ملامح موطني ***واشم في هذا التراب ترابي
لم اغترب أبداً...فكل سحابة ***زرقاء... فيها كبرياء سحابي
إن النجوم الساكنات هضابكم ***ذات النجوم الساكنات هضابي
بغداد عشت الحسن في ألوانه ***لكن حسنك لم يكن بحسابي
ماذا سأكتب عنك في كتب الهوى ***فهواك لا يكفيه ألف كتاب
يغتالني شعري...فكل قصيدة ***تمتصني...تمتص زيت شبابي
الخنجر الذهبي...يشرب من دمي ***وينام في لحمي؛ وفي أعصابي
بغداد يا هزج الأساور والحلي ***يا مخزن الأضواء والأطياب
لا تظلمي وتر الربابة في يدي ***فالشوق أكبر من يدي و ربابي
قبل اللقاء الحلو.... كنتِ حبيبتي ***وحبيبتي تبقين بعد ذهابي

 أحبك يابغداد.. أعتذر منك يابغداد..لك مني الف الف قبلة وباقات ورود وأعتذار .......... بالله عليك يابغداد هل تقبلين أن أدفن في أراضيك ...؟؟؟.

ـــــــــــــــــــــــ

* مقطع من قصيدة للشارع المبدع / خضير هادي .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com