|
خفف الوطء انك في وادي المقابر الجماعية!!! إسراء القطبي قال فيلسوف الشعراء ابوالعلاء المعري: خفف الوطء مااظن اديم الارض الا من هذه الاجساد بيت جميل من الشعر عبر فيه شاعر المحبسين من رؤية شفافة لعلاقة الانسان بأديم الارض التي يعيش على ظهرها... وقد قال من اهتم بهذا الشأن ان الارض وبعد خلقها, استعمرها الانسان منذ القدم وقد انتج هذا الاستعمار على مدى التاريخ ان يكون اديم الارض او بعض عناصره على الاقل, دخلت في تكوينه, اجساد الانسانية التي توالت على سكانها. ولكن الحال في العراق مختلف تماماً, فاذا كان المعري أراد من الانسان ان يمشي الهوينا على الارض لظنه بان تكون مكونات اديمها من اعين ساحرة الاحورار او من خدّ كاعب الحسناء, فان قائد الضرورة في غير زمنه ... وراعي الحملة الدموية, فهم بيت الشعر هذا بشكل خاص وآل على نفسه إلا ان يطبقه سلباً وبابشع صورة عرفتها الانسانية منذ بدايتها. لقد قام هدية البعث للعراقيين... بجعل الوطن الصابر مقبرة كبيرة مترامية الاطراف, يطوقها من جميع اتجاهاتها جيش من الجلادين والسفاحينٍ, ابتداء ب (علي كمياوي) وانتهاء بالاستاذ... الناهب كل شيء في العراق (قصي) مروراً بالمقبورين حسين وصدام كامل اصحاب التاريخ الاسود في انتفاضة شعبان 1991م ومعهما الاستاذ الدكتور.. زين الشباب الشاذ (عدي)... ويرفرف فوقهما طغيان قائد الجمع المؤذي, وتهب عليها اعتى رياح الطائفية البغيضة. وتنقسم هذه المقبرة الكبيرة فيما بعد الى مجاميع من المقابر الجماعية التي ملئت اديم العراق شمالاً و وسطاً وجنوباً لتضم بين جنباتها ملايين الأعين الساحرة الاحورار والنحور الزواكي والصدور الطافحة بالحب والامل والمعاناة والنفوس التواقه للحرية والخلاص وفيها فلذات الاكباد ولم تسلم (الماجدات) ايضاً من هذا التكريم الرئاسي فاستقر بعضهن بين اطباق هذه المقابر . وعلى النقيض من الرئيس (الفار) كانت ارض العراق اماً رؤاما احتضنت ابنائها بخشوع الناسكين وبصبر العابدين ولتفتح صدرها الذي عاثت فيه رصاصات الغدر لتكون شاهد اثبات على جريمة الانسانية الكبرى التي لم يعرف لها حتى تاريخ ماقبل التدوين نظيراً. والمحزن المبكي في الامر ان هذه المقابر غير معلمة او معروفة فلا يمكن الاستدلال على الراقدين فيها, ليبقى السؤال يدور من هؤلاء؟ من المؤكد انهم عراقيون ولكن من هم؟ ومتى دفنوا؟ ولماذا؟ وكيف؟ اسئلة تدور تؤرق ضمير الانسانية. وحري بمن سيعمل في مجال الجغرافية في العراق الجديد, ان يضع لنا خارطة مفصلة للعراق يضيف الى تضاريسها الجغرافية الموجودة, تلك المقابر الجماعية ولنسميها شواهد التضحية... ولنؤمن بعدها ان العراق جزيرة عائمة على اجساد العراقيين وليس على النفط فحسب... ليكون علينا واجب الفاتحة والدعاء ولنخلع القلوب قربها ونسمح للدموع ان تحتضن ترابها ولننفذ قدر الامكان وصية ابي العلاء المعري من تخفيف الوطء على اجساد الاحبة. ان آهات ودموع ملايين العراقيين وهم يبحثون عن ملايين اخرين فقدوهم في الزمن البعثي المقيت... تملأ السماء حزناً وتقطع نياط القلب وتترك اثاراً لا حصر لها على مئات الالاف من العوائل العراقية الكريمة... التي تنتظر قدوم الغائب الغالي الذي غيب تحت اطباق الثرى. تباً لك يا(نكرة) ماذا فعلت بالعراق وبشعبه الصابر الممتحن؟ لعنك الله يوم ولدت جلاداً ويوم تموت سفاحاً ويوم تبعث ظالماً.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |