الشيعة – صينيوا الأصل

علاء مهدي - سدني

alamahdi@optushome.com.au

تكاد أن تكون –الطائفية- أقصى ما وصلته الثقافة العربية من تدنٍ في مستوياتها هذه الأيام. أقول ذلك والألم يعتصرني وأنا أراقب حالة الغباء العربي الذي أصاب شعوبنا هذه الأيام. ففي الوقت الذي كانت ستينيات وسبعينيات القرن الماضي قد حملت نهضة ثقافية وسياسية تقدمية تمثلت في نمو الإتجاه الوطني والتقدمي والثقافي فإننا اليوم نعيش حالة نادرة من التخلف الثقافي والإجتماعي الذي لا أشك مطلقاً في أن تأثيرات – ما – أدت إليه فأصابت شعوبنا بحالة من التخلف على كافة الأصعدة .

في محل تجاري في شارع طلعت حرب بالقاهرة، انتظرنا لمدة زادت عن عشرين دقيقة أو أكثر لأن المتجر كان أغلق لغرض الصلاة. سألت أحد عماله وهو واحد من سبعة عمال، عن سبب طول المدة فأخبرني بأن صلاة الظهر تتضمن صلاة التراويح وقراءة بعض الأدعية. لم يكن لدي من بد بعد أن لاحظت طول لحيته وقصر – دشداشته - سوى أن أتمنى أن تكون صلاتهم جميعاً مقبولة.

سيدة عراقية فاضلة مثقفة، أخبرتني بالأمس عما حدث معها في دولة عربية مؤخراً. قالت والألم ممزوج برغبة في الضحك، أنها استقلت سيارة أجرة قاصدة مسكنها. ويبدو أن سائق السيارة قد تعرف على عراقيتها من خلال لكنتها. فسألها: من أية عشيرة أنتِ؟ أجابته بعدم درايتها وأستفسرت في نفس الوقت عن سبب تساؤله؟ أهو للتعرف على الطائفة التي تنتمي إليها إن كانت شيعية أوسنية ؟ أجاب الرجل: سامحك الله، نحن لسنا بطائفيين ولا تهمنا مثل هذه الأمور فكلنا مسلمون . . لكنه عقب: هل أنتِ شيعية أم سنية؟!!

كان حدسها في مكانه، فأجابته على عكس حقيقتها بكونها سنية المذهب. أنفرجت أسارير الرجل، فكال لها آيات من الترحيب والتودد مباركاً لها إقامة بين أهلها وأحبتها في بلدها الثاني، ثم عقب متسائلاً: سيدتي، هل تعلمين ما هو أصل الشيعة؟ قالت لا، مستدركة : أهم أتباع الإمام عليٌ بن أبي طالب (ع)؟ . قال الرجل، لا، إن الفكر الشيعي يا سيدتي - صيني - الأصل، استخدمه البريطانيون أبان أحتلالهم للعراق وزرعوه في العراق لكي يفرقوا ما بين المسلمين العراقيين. أجاب الرجل بوثوق مؤكداً إنها الحقيقة.

ذكرتني هذه الحادثة بسائق سيارة أجرة عراقي، كتب عنه صحفي غربي في الستينيات من القرن الماضي ونشرت ترجمة مقالته الصحف العراقية في حينه. الصحفي الغربي استغرب مستوى ثقافة سائق سيارة الأجرة حيث قدم للصحفي تحليلاً سياسياً قيماً عن الحرب الأمريكية على فيتنام، ومن قبلها الحرب الكورية، أسبابها، غاياتها ونتائجها وبطريقة عجز الكثير من الصحافيين الغربيين عن الوصول إليها في حينه حسب ما ذهب إليه ذلك الصحفي.

في ستينيات القرن الماضي، كان سواق سيارات الأجرة في العراق يتربعون على قمة المعرفة. اليوم، هم لايملكون ما يقوت عوائلهم ولعلهم لا يعلمون أن كانوا سيعودون ليلاً أم أن مفخخة في طريقهم ستنهي الأمر.

في ستينيات القرن الماضي، كان سائق سيارة الأجرة العراقي يبث أشعاعات من الثقافة التقدمية والوطنية وبمستويات عالية بين زبائنهم يومياً فيساهمون بالبناء التقدمي. اليوم، سائقو سيارات الأجرة، يبثون عوامل قوامها التخلف في أسوأ مستوياته بين ركابهم.

في ستينيات القرن الماضي، كان الشيعة شيعة والسنة سنة، اليوم أصبح المذهب الشيعي صينيا، وربما السني، كورياً.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com