|
ثمن عودة الأمن للعراق ... المصادقة على قانون النفط والغاز..!! جواد السعيد لايخلو قانون النفط والغاز المقترح على مجلس النواب من ايجابيات عدة مثل انشاء المجلس الاتحادي للنفط والغاز وصندوق المستقبل واعطاء صلاحيات للأقاليم بابرام عقود مع الشركات الأستثمارية وتقنين الأنتاج وفق سياسة ترسمها وزارة النفط وفتح أبوابا للتنافس في العمل بين الشركات وقلل من سيطرة السلطة المركزية للتعامل مع هذه الثروة والتصرف يها في مجالات لا مصلحة للشعب فيها وغيرها من الأيجابيات. ولكن هذا القانون جاء مبها غامضا في أمور مهمة لا يمكن فهمها عن طريق هذه الصيغة المطروحة الآن اذ يجد القارئ لمشروع قانون النفط والغاز نفسه امام أفكارا يكتنفها الغموض في كثير من المواضع على الرغم من أن هكذا قانون يجب أن يكون في غاية الشفافية والوضوح لأنه يخص ثروة وطنية تشكل عصب الحياة لأقتصاد مدمر وشعب ينتظر المزيد من الأنجازات ويعاني أزمات خانقة تؤدي به الى مستقبل غير محمود العواقب، وقد يكون أحد اسباب هذا الغموض التدخل الخارجي لصياغة القانون أو خضوع السياسين لضغوط عدة ومن جهات عدة. وعليه يمكننا أن نورد الملاحظات التالية: أولا: لتشريع أية قانون لابد أن تكون هناك حاجة ملحة وراءه أو هدف تتطلع لتحقيقه جهة ما بغض النظرعن توجهات تلك الجهة ، وفي العراق الجديد هناك عدة جهات تسعى لتحقيق أهدافها عن طرق شتى أحدها هو المجلس التشريعي باعتباره السلطة العليا في البلاد وصاحبة الحق في التشريع أو المصادقة على مقترحات المشاريع القوانين التي تقدمها لها الحكومة. وقانون النفط والغاز المقترح من قبل الحكومة العراقية على مجلس النواب لغرض التصديق عليه لم تكن الأسباب التي جاءت في مقدمة القانون مقنعة الى درجة كبيرة على الرغم من تعددها ولكنها كانت أسباب إنشائية مضللة للرأي مهددة لمجلس النواب بمواد الدستور التي نصت على عائدية ملكية النفط وهذه المواد كانت مثار خلاف بين اعضاء لجنة كتابة الدستور منذ البداية سيما المادتين 111 و 112 . ولابد أن يكون السبب الرئيس لأصدار هذا التشريع هو بناء اقتصاد عراقي قوي يستند على أسس علمية حديثة يرفع المستوى المعاشي للفرد العراقي ويرقى به الى مصافي الفرد في الدول المتقدمة هذا هو الهدف أو الحاجة التي تدعو الى هذا التشريع الذي يجب أن يعلن وما عداه باطلا. ثانيا: جاء في المادة 3/ب أن الهدف هو تحديد اسس التعاون بين الحكومة الأتحادية وسلطات الأقاليم وهذا تجريد لصلاحيات الحكومة الأتحادية وتكبيلها كما يتناقض مع كثير مما جاء به القانون ولاينسجم مع الأهداف المعلنة في المقدمة. ثالثا: استغرقت المادة 4 في التعاريف استغراقا مملا بحيث أن القانون كأنما شرع لتعريف مصطلحاته وكان بالأمكان تفاديها واختصارها بشكل واضح ومبسط وبليغ ..... على الرغم أن هناك اصطلاحات كان الأجدر أن تعرف وتوضح منها ماجاء في المادة 5/ج/سادسا مثلا( الأصول الملموسة) أو المادة 6/أ( الشركة القابضة) أو المادة /11/ب مكافآت التوقيع ومكافآت الريع وهكذا.... رابعا: لابد من اعادة النظر في الفقرة ثالثا من المادة 10 /ث لأنها تعطي سلطة عليا الى الهيئات الأقليمية المشرفة على العقود أعلى من سلطة المجلس الأتحادي للنفط والغاز. خامسا: لم يحدد القانون ماهو أقصى عائد وطني اقتصادي كما في المادة 9 أو العائد المناسب على الأستثمار أو الحوافز المعقولة للمستثمر، وهل هذا ينسجم مع قانون الأستثما او له قانون خاص به؟ سادسا: لم يحدد القانون نسبة الأيدي العاملة العراقية ودرجاتهم الوظيفية وكيفية ضمان حقوقهم التقاعدية ومكافآتهم وماهو قانون الخدمة الخاضعين له. سابعا: لم يحدد القانون الغرامات أو الجزاءات القانونية على الشركات الأجنبية المستثمرة في حالة أخلالها بشروط العقد. ثامنا: حدد القانون بشكل مبهم في المادة / 34 حقوق الملكية بواقع 512% من الأنتالج المحلي وهذا هو بيت القصيد في القانون كله ولابد من فهم هذه الفقرة بشكل جلي لجميع أبناء الشعب العراقي، ماهي هذه النسبة المبهمة؟ كم من الأموال سوف تدخل الى الخزانة العراقية من الثروة النفطية بعد دفع حصة الشركات المستثمرة وتكاليف الأنتاج وغيرها من التكاليف؟ وهذه أخطر وأصعب مادة في هذا القانون!! تاسعا: لم يحدد القانون مقدارأو نسبة الضريبة المفروضة على الشركات المستثمرة والرسوم المستحقة فجاءت عائمة في المادة/ 35. ولكي يشرع هذا القانون بشكل متكامل لابد من تشكيل عدة لجان قبل كتابته أهم هذه اللجان هي: 1- لجان مسؤولة عن فرق المسح الجيولوجي لمعرفة الخزين النفطي في الأراصي العراقية ولو بشكل تقريبي ومعرفة الفترة الزمنية لعمر هذا الخزين. 2- لجان اقتصادية متخصصة باقتصاديات النفط ومعرفة تكاليف الأنتاج وتفاصيلها واختلافاتها فهناك تكاليف الأستخراج منخفضة كما هي عليه في حقول الجنوب لقرب النفط من سطح الأرض وعكسها في حقول الشمال والتي تكون التكاليف عالية لبعدها عن سطح الأرض كما هو في حقول كركوك مثلا وهذه اللجان لها خبرة في توقعات ارتفاع الأسعار وانخفاضها ومعرفة تامة بسوق النفط من خلال دراسات علمية دقيقة. 3- لجان فنية من المتخصصين في هندسة النفط لمعرفة كفاءة وسائل الأنتاج وتقييمها من الناحية الفنية فيما اذا كانت هذه الآليات والمعدات ذات كفاءة عالية أو رديئة أو تضر في الحقول أو تساعد على تطورها. 4- لجان من ذوي الأختصاص في البيئة كي لاتشكل عملية الأنتاج ضررا فادحا على البيئة العراقية والتي بدورها تؤثر على سلامة الأنسان. 5- لجان قانونية تعمل على دراسة القوانين المتعلقة بالنفط ابتداء من الأنتاج وحتى التسويق واصدار قوانين العمل والقوانين الأدارية الخاصة بادارة النفط. ثالثا: بعد أن تكتمل هذه اللجان تقوم بتقديم دراساتها الى رجال القانون والذين بدورهم يشرفون ويكتبون المواد القانونية بشكل محكم لايدع ثغرات يفهم منها أنها تخدم جانبا دون آخر أو يتم تأويلها بشكل مخالف. رابعا: يقدم المشروع الى مجلس النواب لمناقشته وبحضور لجان خبراء النفط والأقتصاد والقانون وبعد أن يقره مجلس النواب يطرح القانون للأستفتاء على الشعب ثم يكون نافذا اذا حصل على موافقة غالبية الشعب العراقي اذ لايمكن تمرير هكذا قانون يخص ثروة البلاد القومية بدون مشاركة ابناء الشعب كافة ، وقد ترقى درجة أهمية هذا القانون الى درجة الدستور فكما أن الدستور ضمن الحريات والحقوق لأبناء الشعب فلابد لهذا القانون أن يضمن حقوقهم في العيش بكرامة من خلال الحفاظ على ثرواتهم. ان تمرير قانون النفط والغاز بهذه الطريقة المبسطة سوف يدخل العراق بمشاكل اقتصادية معقدة وطويلة الأمد تمتد الى أجيال بعيدة وتبقى ترزح تحت رحمة الشركات الأجنبية سيما وأن هذه البلاد لم تتعافى بعد من وطئة تركة النظام السابق وقد تخضع القيادات السياسية في العراق الجديد الى الأبتزاز من قبل الأدارة الأمريكية. كما وأن الصحف البريطانية هاجمت نوعا ما صدور هذا القانون لأن الأدارة البريطانية تعلم بأساس اللعبة وأنها أوشكت أن تختلف مع حليفها الرئيسي ولأن شركاتها ستحصل على نسبة قليلة جدا من الأمتيازات التي تحصل عليها الشركات الأمريكية هذا اذا ما خرجت خالية الوفاض. كما أن الوضع الأمني المتفاقم في العراق عموما وفي بغداد خاصة يشكل هاجس قلق حقيقي لجميع العراقين وهذا ما يجعل ثمنه باهضا اذا أرادت الأدارة الأمريكية العمل على تحسينه بل القضاء على كل مظاهر العنف بالكامل وعودة الأمور الى طبيعتها وهي قادرة على ذلك بالفعل، كما أن أغلب القيادات السياسية العراقية الحالية ترغب باقامة نظام سياسي مستقر كي تتمكن من اداء مهماتها بشكل جيد وتنفيذ مشاريعها السياسية على أرض الواقع لتنجح مرة أخرى في العودة للسلطة وهذا ايضا يشكل نقطة ضغط أخرى عليها من قبل الأدارة الأمريكية فلا بد لها من الأستماع الى الخطاب الأمريكي وتحقيق الرغبة الأمريكية كي تكون المنفعة متبادلة بين الجانبين ولهذا تشكل المصادقة على قانون النفط والغاز دعامة أساسية في عودة الأمن الى العراق. واقعا أن بقاء حالة انتاج النفط بهذه الطريقة قد لايحقق المطلوب اقتصاديا ولكننا يمكن أن نكتفي باصلاح وسائل الأنتاج وتحسينها تدريجيا الى أن يبلغ المستوى المعقول لأن هذا الأجراء يبقي الثروة النفطية بيد أبناء العراق ولا يعطي سلطة الى الشركات الأستثمارية بالتحكم في مصير الشعب العراقي الذي قد يعود ثانية لتأميم النفط وطرد هذه الشركات. ولو استطعنا حساب ماينتج الآن وهو حوالي مليون وستمائة ألف برميل يوميا وهو المعلن لأستطعنا القول أن هذا الأنتاج قد يزيد على العائد الذي سوف تقدمه الشركات الأستثمارية للعراق خلال فترة تعاقدها مع الفارق المهم وهو بقاء الثروة النفطية كلها بيد الشعب العراقي ولا وجود للشركات الأجنبية في البلاد وما يجره وجودها من خلق مشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية وتحكم في مفاصل السياسة العراقية والمساس بالسيادة الوطنية. فإذا كان ولابد من السماح الى الشركات الأجنبية بالأستثمار في قطاع النفط فيجب التعاقد معها بشكل أفضل وشفاف وتحديد نسبة العوائد لفترة معينة على شرط تحسين وسائل الأنتاج بدرجة متطورة غاية التطور وضمان حقوق الشعب العراقي من خلال تحديد فترة بقاء تلكم الشركات بفترة زمنية محددة غير قابلة للتجديد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |