الشيوعيون العراقيون في عيدنا الثالث والسبعين، ألف تهنئة من القلب ... ولكن

نمضي معا نحو العمل المشترك

رزكار عقراوي

rezgar1@yahoo.com

تاريخ الشيوعيين واليسار في العراق تاريخ حافل ومجيد بايجابياته وسلبياته وكان لهم الدور المؤثر في المجتمع، و في المساهمة في توجيهه وتطويره نحو المدنية والعلمانية والعدالة الاجتماعية وترسيخ الكثير من القوانين والقيم الانسانية. مازال التاريخ العراقي شاهدا على بطولات وتضحيات الشيوعيين واليساريين بمختلف اتجاهاتهم وأحزابهم أمام قوى الدكتاتورية والاستبداد والظلام، حاكمة كانت ، أم خارج السلطة.
أعتقد أن 31 اذار ليس عيدا عزيزا فقط لرفاقنا في الحزب الشيوعي العراقي، و إنّما عيد مشترك، ومناسبة مهمة لكل الشيوعيين واليساريين في العراق . إنّها ذكرى تأسيس أول حزب ماركسي منظم في العراق رفع شعار" ياعمال العالم اتحدوا" , وقدم بديل الشيوعيين آنذاك لتغيير المجتمع في العراق.
و في ذكرى التأسيس الثالثة والسبعين أتقدم بالتهاني الحارة الى كافة الشيوعيين العراقيين، و في مقدمتهم رفاقي في الحزب الشيوعي العراقي الذين يحتفلون معي بهذه المناسبة العزيزة , كما احيي الدور النضالي للأحزاب والمنظمات الشيوعية واليسارية الأخرى، وخاصة الحزب الشيوعي العمالي العراقي ,واتحاد الشيوعيين ,و الحزب الشيوعي العمالي العراقي اليساري ,و مؤتمر حرية العراق , واتحاد اليسار الديمقراطي ، وسواها من القوى اليسارية المناضلة ،والتي نبني عليها جميعها، رغم التشتت والتشرذم السلبي الموجود السائد حاليا بينها ، الآمال الإنسانية الرئيسية لخلاص العراق من الواقع المأساوي الذي يمر به.
إن ّالوضع المعقد في العراق وفي المنطقة حيث آثار النظام البعثوفاشى ,والدكتاتوريات الحاكمة في دول الجوار , و الاحتلال , وسيادة اجواء الحرب الأهلية و الارهاب والعنف، واستفحال التعصب القومي والدينى و الطائفي، فرض على الأحزاب الشيوعية واليسار والقوى الديمقراطية تحديات صعبة، لابد من مواجهتها بطرق وسياسات مختلفة ، وهذا أمر طبيعي استنادا الى تعدد الاجتهادات وطرح الحلول المختلفة للكم الهائل من العقد والمشاكل التى تواجه المجتمع العراقي الآن . إنّ الحزب الشيوعي العراقي قطب مهم من اقطاب اليسار العراقي كانت له سياسته الخاصة فى هذه الأوضاع بعد اسقاط النظام البعثي عن طريق الإشتراك في مجلس الحكم ,و الانتخابات , والحكومة، وبشكل اختار ان يكون جزء من العملية السياسة تحت رعاية قوى الاحتلال . في حين عارضت باقي فصائل اليسار العراقي العملية السياسية الجارية بمواقف مختلفة.
كنت انا أحد المؤيدين للحزب الشيوعي العراقي في سياساته تلك، و على أساس ذلك صوتُّ له مرتين في الإنتخابات العراقية السابقة , مع تفهمي واحترامي لمواقف القوى اليسارية الاخرى من منطلق انه يمكننا كقوى يسارية ان نحقق نتائج افضل من خلال النضال في اطر مختلفة ومنها الاشتراك في البرلمان ,و الحكومة ,و صياغة الدستور والقرارات وخاصة بوجود - فضاء ديمقراطي - يسمح بالعمل السياسي العلني.
واعتقد انه كان للحزب الشيوعي العراقي بالتضامن مع القوي العلمانية والديمقراطية الاخرى دور ايجابي في مواجهة التعصب الديني والقومي وتعزيز الديمقرطية والعلمانية في مؤسسات الدولة العراقية في ظل الاحتلال، ولكن كان هذا الدور محدودا جدا لقوة المعسكر المعادي وتشتت التيار اليساري والديمقراطي ودعم و تركيز قوات الاحتلال على التقسيم الطائفي والقومي.
بعد التدهور الكبير في الأوضاع الأمنية ,و السياسية ,و الاجتماعية والاقتصادية وسيادة أجواء العنف والحرب الأهلية الطائفية والقومية نتيجة سياسات قوى الاحتلال والحكومة العراقية وقوي الميليشيات التابعة للأحزاب الحاكمة والمعادية لها , أعتقد أنه يتحتم على الحزب الشيوعى العراقي إعادة النظر في سياساته السابقة، وإعادة تقييمها نحو الانسحاب من الحكومة الطائقية والقومية بحيث لانكرر اخطاء - التحالفات الاستراتجية !- ونكرر التاريخ بتجربة التحالفية الفاشلة مع حزب البعث في السبعينات القرن الماضي. .
العمل المشترك التكتيكي الآن ضروري جدا مع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة في العراق حول نقاط التقاء في فترة معينة من أجل خدمة الجماهير وإعادة بناء الدولة وارساء الأمن والطمأنينة للمواطنين شرط اعادة النظر بها بشكل دوري مع تغييرالظروف وموازين القوى وسياسات القوى السياسية المتحالفة معها , حيث لايمكن الاستمرار بالتحالف مع القوى الدينية والقومية المتعصبة الى حد نصبح جزءا منها، ونضفي الشرعية على سياساتها المعادية لجماهير وكادحي العراق ، والاستمرار فى التأييد العملي للقوى تلك وحكومتها التى بسياساتها خلقت واقعا مأساويا مزريا في كل النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مختلف انحاء العراق.
و اعقد انه قد حان الوقت الآن لرفاقي في حزبنا الشيوعي العراقي ان يتخذوا قرار الانتقال ( بعد استفتاء حزبي داخلي ) الى المعارضة والانسحاب من حكومة المحاصصة المقيتة مع البقاء في البرلمان ولعب دور محوري واساسي في التنسيق والعمل المشترك مع القوى الشيوعية واليسارية والديمقراطية الأخرى لمواجهة قوى الاسلام السياسي والتعصب القومي والنضال مع الجماهير من أجل مطاليبها الانسانية ومجتمع مدني ديمقراطي علماني ,يضمن حقوق الإنسان والمراة ,و العمل على جدولة خروج قوات الاحتلال , وتعديل الدستور ... الخ .
إنّ قوى الشيوعيين واليسار العراقي كلها مطاَلبة الآن بشكل أكبر وعملي بتجاوز حالة التشتت والتعصب التنظيمي والصراعات النخبوية بين أحزابها و قياداتها , و يلاحظ حاليا تطور ايجابي كبير في خطاب أغلبية تلك الاتجاهات التى تطرح العمل المشترك بينها وتعزيز العلاقة النضالية وتوحيد الجهود ولكن لحد الآن لم يترجم الى واقع عملي ملموس و مؤثر، او مازال أسير تصور عقلية العمل المشترك - ولكن تحت خط ومشروع حزب سياسي معين ! - . الواقع الحالي يفرض بالحاح التركيز على نقاط التقاء والتى هي كثيرة جدا , وتجاوز الصراعات الفكرية وتوجيهها نحو الحوار البناء من اجل الاصلاح وتجاوز النواقص بين أحزاب ومنظمات جبهة قوى اليسار التى هي حركة سياسية واجتماعية واحدة ولكن متعددة الاجتهادات والمنابر.
مهمتنا الانية و المشتركة الان كقوى اليسار وبالتحالف مع عموم التيار الديمقراطي والعلماني هي التنسيق و العمل المشترك لحشد القوى والطاقات من اجل حكومة علمانية مدنية في العراق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com