|
بيانات القمة العربية توصيات لا ترقى للطموح رشاد الشلاه حرص أركان الحكم والحكومة العراقية على بذل الجهود الدبلوماسية خلال الأسبوع الماضي لتأكيد حضور فاعل ومؤثر في قمة الرياض العربية، ونجحت هذه الجهود باستصدار بيان من القمة متعلق بالعراق يمكن اعتباره بمجمله حصيلة ايجابية لتلك الجهود. القراءة الأولى لهذا البيان وتحديدا الفقرة الأولى منه تؤكد على ان التصور العربي للحل السياسي والأمني لما يواجهه العراق من تحديات، يستند إلى ثلاثة عشر عنصرا رئيسيا، سبعة من هذه العناصر تتطلب دعما عربيا ماديا وسياسيا وإجرائيا للعراق لغرض تحقيق المساهمة الملموسة المطلوبة في الحل المنشود. أما الفقرة الثانية من البيان فإنها تجمل أهم ما ورد في الفقرة الأولى، فنصت على: " ـ التأكيد على أهمية قيام دول الجوار للعراق بدور فاعل لمساعدته في تعزيز الأمن والاستقرار. ـ عدم التدخل في شؤونه الداخلية. ـ التصدي للإرهاب ووقف إعمال العنف، التي تهدد وحدته أرضا وشعباً. ـ دعم الجهود الرامية لتحقيق المصالحة والوفاق الوطني العراقي. ـ كذلك أهمية التنسيق والتعاون بين أجهزته الأمنية لتعزيز إجراءات ضبط الحدود ومنع المتسللين من عبور الحدود المشتركة مع العراق." وهنا يضع بيان قمة الرياض التزامات محددة على دول الجوار العربية منها وغير العربية لحقن الدم العراقي، التزامات لا تزال الحكومة العراقية تشكو من تنصل هذه الدول من الوفاء بها، بل والعمل بنقيضها. وبرغم الوصف العام للقمم العربية من قبل الجماهير العربية كونها قمما ذات صيغ مكررة و قرارات بمضامين غير قابلة للتنفيذ، قمما تستنزف فيها كلمات المجاملة و الشكر والعرفان على حسن الضيافة والاستقبال وبذل الجهود، وقتا أكثر من استثمار هذه الكلمات لتعميق المناقشات الجدية وإيجاد الحلول لمعضلات منها ما مرت عليها عقود وعقود، وأخرى آنية تتطلب مساعي جدية تتفق مع أهمية لقاءات بمثل هذا المستوى من التمثيل وبرفقة جمهرة من الخبراء السياسيين والمستشارين الإعلاميين، برغم ذلك يعتقد المتفائلون ان "رسالة" القمة كانت واضحة في دعم المسيرة السلمية السياسية العراقية واعترافا صريحا بالكيان العراقي الذي نشأ بعد التاسع من نيسان العام 2003 والتغيرات السياسية التي طرأت عليه، ودعما واضحا للحكومة العراقية في إجراءاتها لفرض الأمن، وإلغاء الديون المترتبة على العراق إبان الحكم السابق، والاستجابة الفورية لمطالب العراق في إعادة فتح البعثات الدبلوماسية العربية في العراق. لكن هذا التفاؤل لم يكن مبررا بما يكفي ، فقد تلقت الحكومة العراقية عشية انعقاد القمة وأثناء انعقاد جلساتها وبعد انتهائها رسائل دموية في كل من تلعفر والخالص ومدينتي الشعب والمحمودية راح ضحيتها أكثر من 600 عراقي بين قتيل وجريح غالبيتهم من الأطفال والنساء، لتؤكد ان الحوار بالدم العراقي هو الأسلوب الذي تتمسك بقايا النظام السابق ومنظمة القاعدة والقوى الطائفية المتطرفة متفقة ومدعومة من الأنظمة الإقليمية كل وفق أجندتها التي تجد مصلحة لها في استمرار حمامات الدم العراقية. إن التأكيد على حاجة العراق الى استتباب الأمن في المقام الأول، لم يعد مطلبا سياسيا واقتصاديا عراقيا بل هو مطلب إقليمي وعالمي رغم أهميته المباشرة على المواطن العراقي، وهذه بديهة لا يحتاج قادة الدول المجاورة الى التذكير بها، لكن الحسابات السياسية القصيرة النظر لهؤلاء القادة تحدو بهم الى الركون الى ان لهيب الحريق العراقي لن يطالهم، وهذا هو الخطل السياسي بعينه. و لقد كان واضحا من سياق التحضيرات لهذه القمة ان ما خرج منها بخصوص الحالة العراقية هو الحد الأدنى الذي تم الاتفاق عليه مع الوفد العراقي، وهو مستوى لا يقوى على مواجهة الصعوبات والتعقيدات الماثلة وفقا لما جاء في كلمة الرئيس جلال الطالباني أمام المؤتمر بقوله " من حقنا أن نطمح بتخطي الحالة التقليدية لاجتماعاتنا التي لم تكن تتجاوز التوصيات بصيغ لا ترقى الى مستوى الطموح و لا تقوى على مواجهة الصعوبات و التعقيدات التي تجهضها. "
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |