في السعودية أعلى جامع وهي أكبر مفرٌق للمسلمين

د. حامد العطية

hsatiyyah@hotmail.com

 تعاني السعودية من عقدة نقص حادة، أسبابها جلية للعيان، فهي في المرتبة الأخيرة من ركب التحضر، ولم يبق في العالم نظام ملكي تقليدي لادستوري غيرها، لا تعترف بحقوق الإنسان، وحتى الستينات من القرن الماضي كان الرقيق يباع ويشترى علناً في أسواق النخاسة في الرياض وجدة وغيرها من مدن المملكة الوهابية، ولم يسمح كهان الوهابية بافتتاح مدارس للبنات فيها إلا في الستينات أيضاً، وهي البلد الوحيد في العالم الذي تمنع فيها النساء من السياقة، ولقد انحدرت سمعتها إلى الدرك الأسفل بعد ثبوت تورطها في تصدير وتمويل الإرهاب العالمي.

 ولعل عقدة النقص الدافع الرئيس وراء محاولات السعودية المتواصلة والمضنية لتلميع صورتها في العالم، فيوماً تسمع عن رصد أحد أمرائها لمبلغ ضخم لإحدى الجامعات الأمريكية، وتارة يتبرع أمير بتكلفة إنشاء ساحة عامة في دولة أوروبية، والسعوديون في تسابق دائم مع الآخرين لاثبات وجودهم وتميزهم، ولا يزالون يتفاخرون بأن النافورة البحرية في جدة هي أعلى نافورة في العالم وبأن برج المملكة في الرياض الذي شيده الأمير الوليد بن طلال أعلى مبنى في العالم العربي، وبأنهم يمتلكون أكبر احتياطي نفطي في العالم، وقد ساقهم هوسهم بذاتهم المنكوبة بعقدة الدونية إلى طلب المستعصي وغير العقلاني فسعوا في الثمانينات من القرن الماضي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي، وبالفعل فقد أنتجوا كميات من القمح تزيد عن احتياجاتهم، وبتكلفة باهظة جداً، ولكن الخسران الأعظم كان في استهلاك مياههم الجوفية الثمينة جداً لشحتها، ولم يتعظوا من ذلك فلا يزالون يتبجحون بأن لديهم أكبر مزرعة أبقار في العالم، ومن المعروف علمياً بأن البقرة تستهلك أربعة أضعاف الماء الذي يشربه إنسان يومياً بالمعدل، لذا فإن أبقارهم تشرب نفس الكمية من الماء التي يستهلكها سكان السعودية جمعاء، وبسبب هذه السياسات غير الرشيدة يتوقع خبراء الماء في السعودية نضوب مياهها الجوفية خلال أقل من عشرة أعوام.

 أرجح أن مذهبهم الوهابي المنحرف والمتخلف هو أحد نتاجات هذه العقدة المستعصية، بل يبدو أن هذه العقدة متجذرة في نفوس أعراب وسط الجزيرة منذ القدم، ففي عصر الجاهلية لم يجدوا ما يتفاخرون به فاختلقوا لأنفسهم صفات وهمية مثل الشجاعة والبطولة والكرم والنخوة، وهم في الواقع على النقيض من ذلك، ولما جاء الإسلام تحالفوا في البدء مع كفار قريش ثم دخلوا الإسلام نفاقاً، فاستحقوا أن يوصفوا بالأشد كفراً ونفاقاً، وقد سولت لهم نفوسهم المرهقة بعقدة النقص والدونية ابتداع دين جديد، تكبراً ومنافسة لدين الحق، ولأن أكثرهم للحق كارهون ارتدوا عن دين الحق، ولحقوا بأدعياء النبوة مسيلمة الكذاب وسجاح التميمية.

 لا استبعد أن تكون عقدة الدونية وراء ابتداع الدجال محمد بن عبد الوهاب لملة الوهابية المضللة، فبعد أن ساح في البلاد الإسلامية واطلع على ما فيها من علوم إسلامية وتحضر تيقن من جهل وتفاهة نفسه وقومه الرازحين في درك التخلف والهمجية، وتحركت في نفسه نوازع وأهواء الجاهلية القديمة فخرج بأفكاره المريضة متهماً المسلمين من غير أتباعه بالكفر والجهل ليحط من مكانتهم، ويرفع من شأن قومه الهمج ويحلل لهم سفك دماء المسلمين وانتهاب أموالهم واغتصاب أعراضهم، واختار الشيعة بالذات هدفاً رئيساً لأحقاده لأنهم الأكثر علماً وتحضراً والأسمى أخلاقاً.

 يبدوا بأن علة عقدة النقص لدى الوهابيين لا يغيرها إلا الله أو الكفن، فقبل أيام معدودات تناقلت وسائل الإعلام خبر افتتاح أعلى جامع في العالم في السعودية، وموقعه في برج المملكة الذي شيده الأمير الوليد بن طلال، ومن المعروف بأن هذا الأمير السعودي شريك قديم وصديق حميم للصهاينة، وجدير بالذكر بأن تسمية مكان عبادة المسلمين بالجامع للدلالة على جمعه المسلمين لأداء الصلاة، ونتسائل هل سعى الوهابيون لجمع كلمة المسلمين ورص صفوفهم أم غير ذلك؟ إن إطلالة سريعة على السجلات التاريخية غير المنحازة تؤكد بما لايقبل الشك بأن آل سعود وأتباعهم كانوا ولا يزالون أكبر مفرقين للصف الإسلامي، وفيما يلي بعض الأدلة الدامغة على ذلك:

- ابتداع الملة الوهابية على افتراض أن المذاهب الإسلامية السنية والشيعية منحرفة وأن محمد بن عبد الوهاب هو الوحيد بين الأولين والآخرين الذي أدرك حقيقة الإسلام.

- تكفير معظم المسلمين وزرع العداوة والبغضاء بينهم وتأجيج الصراعات داخل البيت الإسلامي مما دفع بالعثمانيين إلى شن حرب شعواء عليهم والاستعانة بواليهم القوي في مصر محمد علي لتدمير إمارتهم الوهابية في القرن التاسع عشر.

- الاستخفاف بفقه وأحكام المسلمين بما فيهم السنة والشيعة وقد استمعت قبل حوالي عشرين عاماً لأحد القضاة الوهابيين في محكمة بالرياض وهو يسخر من فقه أبي حنيفة وبعض أحكام الزواج لدى الحنفية.

- اقصاء المذاهب السنية عن الحرم المكي والمسجد النبوي ومنع شيوخهم من إقامة الصلاة جماعة فيهما منذ ثمانينات القرن الماضي.

- زرع التفرقة الطائفية بين الشيعة والسنة، المكونين الرئيسين في الأمة الإسلامية، وإثارة الفتن وتأجيج الصراع بينهما من خلال المبادءة بالهجوم على المدن والمزارات الشيعية في العراق في الحقب الماضية ومواصلة إذكاء الصراع الطائفي في العراق والباكستان ولبنان وأفغانستان في زماننا الحاضر.

- إثارة الحروب بين الدول والجماعات الإسلامية بالقول والمال والفعل مثل الحرب العراقية الإيرانية والحرب الأهلية في اليمن والصراع الداخلي في العراق.

- اتباع سياسة زعزعة الاستقرار في الدول العربية والإسلامية المجاورة والتدخل السافر والمستتر في شؤونها الداخلية بهدف إضعافها ومنعها من التطور والتقدم لئلا تكون نماذج مضيئة تهفوا نفوس رعاياهم السعوديين لتقليدها.

 وبعد لا جدال بأن في السعودية أعلى جامع في العالم، ومن المؤكد بأن آل سعود وأتباعهم هم أشد تفريقاً وإيلاماً بالمسلمين من أصحاب مسجد ضرار، وجوامعهم ومساجدهم المرتفعة صنو برج بابل كلما ارتفعت كلما باعدت بينهم وبين الله وعباده المخلصين.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com