في ذكرى استشهاد الامام محمد باقر الصدر

سعد خيون البغدادي

saadkeion@hotmail.com

شغل فكر الامام الشهيد الصدر رضوان الله عليه  حيزا كبيرا لدى الاوساط الاسلامية وخاصة في العراق. فمنذ ستينيات القرن المنصرم كانت لافكاره صدى وسط المثقفين اولا ووسط الحوزة العلمية ثانيا لتعم بعد ذلك كل الساحة العراقية وعموم المتدينين. هذا الاهتمام كان نابعا بالاساس من  وعي كبير بالدور الذي لعبه وسيلعبه الشهيد الصدر في اعادة صياغة المشروع الاسلامي النهضوي قبال  مشاريع الاستغراب التي غزت الامة الاسلامية عن طريق الفلسفات المعاصرة التي كانت تجد لها ارضية خصبة مع تضاؤل وانحسار النفوذ الاسلامي .فمدرسة من الوجودية  يقف  في مقدمة منظريها سارتر وسيمون دي بفوار والبيركامو وماركس وانجلس  وديدر وافكار هوبز وسبينوزا كلها  كانت  تجد لها صوت في البلاد الاسلامية  .صوت المقلد والتابع والمعجب الى حد التخلي عن المعتقدات والشريعة .في ستينيات القرن المنصرم كاد يبقى من القران رسمه فقط ؟   وسط التحريفات لهذه الفلسفة او تلك واعتبارها هي المنقذ وهي الامل . وسط هذه الضلماء بزغ فجر محمد باقر الصدر  في فلسفتنا ليناقش بعمق اصول المدارس الفلسفية المادية بشكل عام والمادية الجدلية بشكل خاص وعلى نحو لم يسبق له نظير, كشف عما تنطوي عليه من ثغرات . ولاول مرة تعرض الفلسفة الاسلامية بهذا النحو الذي دوخ الخصم وجعل الاسلام هو الذي يتحدى وعلى المدارس الاخرى ان تدافع عن نفسها. ولم يكتفي بهذا بل كان يهدف الى ابعد منذلك في كتابته افتتاحية مجلة الاضواء والتي تتضمن اراءه السياسية الامر الذي ازعج حساده ؟ وكف عن الكتابة ليتفرغ لبحوثه الدينية كما عزف عن كتابة مجتمعنا بمقولته الشهيرة( ان مجتمعنا لايسمح بمجتمعنا) اي ان مستوى الوعي العام في المجتمع لايسمح بدراسة جادة تشخص مواضع الخلل وتاخذ بيد المجتمع الى مستوى ارفع.( صائب عبد الحميد تكامل المشروع).

 كما كان اصلاح الحوزة العلمية من اولويات السيد الشهيد ويتضمن ذلك دوره في اختيار وكلاءه وطلبته وتربيتهم تربية خاصة  . اساسها القران ثم وصوله الى المرحلة الاخيرة وهي مخاطبة الجماهير وتعريفها بدورها التاريخي من خلال دراساته  وبحوثه التاريخية من خلال ماعرف فقه المجتمع اي الانتقال من فقه الفرد الى فقه المجتمع فهو يصل الى تصور اجتماعي لاصول الدين  ومبادءي العقيدة الى ان الاسلام ثورة لاتنفصل فيها الحياة عن العقيدة ولاينفصل فيها الوجه الاجتماعي عن المحتوى الروحي.

 ولد الشهيد الصدر عام 1935 في مدينة الكاظمية المقدسة هو السيد محد باقر بن السيد حيدر بن السيد إسماعيل الصدر الكاظمي الموسوي، ويُكنى بأبي جعفر اسم ابنه الأكبر والده المجتهد الفقيه الورع السيد حيدر الصدر توفى  ولمايبلغ الصدر اربع سنين فكفله شقيقه الاكبر السيد اسماعيل الصدر واهتم بتربيته . والدته الفاضلة التقية بنت المرحوم آية الله الشيخ عبد الحسين آل ياسين، وهو من أعاظم العلماء  ومفاخرها. وهي أخت العلماء العظام الشيخ محمد رضا والشيخ مرتضى والشيخ راضي، وأسرة آل ياسين من الأسر العراقية المعروفة بالعلم والصلاح والفضيلة والتقى.   واسرة ال الصدرعائلة مشهورة في العلم والجهاد والتقوى، ويذكر لنا التاريخ طائفة منهم بإجلال وتقدير منهم: السيد هادي الصدر، والسيد حسن الصدر، والسيد إسماعيل الصدر، والسيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان في العهد الملكي ورئيس الوزراء، والسيد صدر الدين الصدر، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي صاحب كتاب المراجعات والفصول المهمة ابن عم أسرة آل الصدر. وأسرة آل الصدر من الأسر العربية الأصيلة الواضحة النسب الكريمة الحسب العريقة الأصول الزكية الفروع، بدأ بدراسة المنطق وهو في سن الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية.  منها كفاية الاصول كاظم الخرساني

في بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأصول عند أخيه السيد إسماعيل الصدر، وكان يعترض على صاحب المعالم ، فقال له أخوه: إن هذه الاعتراضات هي نفسها التي اعترض بها صاحب كفاية الأصول على صاحب المعالم.في سنة 1365 هـ هاجر سيدنا الشهيد المفدى من الكاظمية المقدسة إلى النجف الاشرف، لإكمال دراسته، وتتلمذ عند  عند المراجع العظام اية الله العظمى زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم قدس سره. كما حضر عند خاله الشيخ مرتضى آل ياسين تأييداً واحتراماً له، وكان خاله الشيخ كثير الاحترام والحب له. وقد درس السيد الصدر عند آية الله العظمى السيد الخوئي منذ سنة 1365هــ إلى سنة 1378هــ وله إجازة اجتهاد خطية منه ويطلق السيد الصدر عليه ــ في معرض ذكر نظرياته ــ السيد الاستاذ.

أنهى دراسته الفقهية عام 1379 هـ والأصولية عام 1378 هـ عند آية الله السيد الخوئي (رحمه الله). بالرغم من أن مدة دراسة السيد الصدر منذ الصبا وحتى إكمالها لم تتجاوز 17 أو 18 عاماً، إلا أنها من حيث نوعية الدراسة تعدّ فترة طويلة جداً، لأن السيد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفاً بكلّه لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكراً وإلى حين ساعة منامه ليلا كان يتابع البحث والتفكير، حتى عند قيامه وجلوسه ومشيه. بدأ السيد الصدر في إلقاء دروسه ولم يتجاوز عمره خمس وعشرون عاماً، فقد بدأ بتدريس الدورة الأولى في علم الأصول بتاريخ 12 / جمادى الآخرة / 1378 هـ وأنهاها بتاريخ 12 / ربيع الأول / 1391، وشرع بتدريس الدورة الثانية في 20 رجب من نفس السنة، كما بدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى في سنة 1381هـ. نال الشهيد درجة الاجتهاد وهو في أواخر العقد الثاني من عمره، وقد دعاه السيد عباس الرميثي إلى مساعدته في كتابة تعليقته العلمية، وفي ذلك الوقت بالذات كتب السيد الشهيد فتاواه على شكل تعليقة ولا تزال موجودة وتعتبر من نفائس الكتب.   وخلال هذه المدة استطاع سيدنا الأستاذ أن يربي طلاباً امتازوا عن الآخرين من حيث العلم والأخلاق والثقافة العامة، لأن تربية السيد الصدر لهم ليس منحصرة في الفقه والأصول، بل أنّه يلقي عليهم في أيام العطل والمناسبات الأخرى محاضراته في الأخلاق، وتحليل التأريخ، والفلسفة، والتفسير لذا أصبح طلابه معجبين بعلمه وأخلاقه، وكماله إلى مستوىً منقطع النظير، ولهذا حينما يجلس السيد بين طلابه يسود بينهم جو مليء بالصفاء والمعنوية.

 البعث  والصدر

   وصل البعثيون الى سدة الحكم في العراق بعد تامرهم مع  عبد الرزاق النايف وابراهيم الداود وسعدون غيدان  واطيح بعبد ارمن عارف وفي الحقيقية هو صراع بريطاني امريكي على  حقول النفط العراقي. ومنذ وصولهم الى السلطة اعلن البعثيون  ان هدفهم الاول هو القضاء على الرمجعية اتلدينية في النجف الاشرف فبعد اشهر من استلامهم الحكم حتى دبر وا الاعتداء على المرجعية الدينية بزعامة الامام محسن الحكيم حيث  اصدر البعثيون حكما بالاعدام على الشهيد مهدي الحكيم نجل الامام محسن الحكيم. في هذه ارمحلة وقف الشهيد الصدر ضد هذا الاستهداف وكشف زيف الادعاء وطلب من الامة الالتفاف حول مرجعية الامام الحكيم. ( يذكر حسن العلوي ان الكر خرج في موكبللمشاركة في تشيع الامام الراحل محسن الحكينم الذسي توفى بعد فترة قصيرة من ذلك الحادث وحينما  ترجل من سيارته حتى ارتفع صوت الجماهير (اسمع يالريس سيد مهدي مو جاسوس) وتقدمت الجماهير نحو موكب البكر وهي تردد شعارها حتى هرب البكر)

 هذا الوعي هو الذي خلقه السيد الصدر لدى ابناء الامة ثم جاء الاستفتاء بحرمة الانتماء الى حزب البعث ليقف بوجه تبعث المجتمع العراقي الذي مارسه البعثيون

كذلك فتواه بحرمة العمل بمزارع الخنازير في الكوت والتي يملكها المجرم صدام  ادرك البعثيون خطورة الوضع مع بقاء الشهيد الصدر الذي وقف بوجه المشروع البعثي  فلم يقتصر الاهتمام على اتباعه الشيعة بل تعداه الى ابناء السنة فعبد العزيز البدري وحزب التحرير كانا يعتمدان على الصدر في مواجته للبعث وللفكر القومي والماركسي واستطاع البعثيون يحصلوا على معلومات تفيد ان  من بين الكتب التثقيفية لحزب التحرير هي كتاب فلسفتنا واقتصادناللسيد محمد باقر الصدر

 اسباب اخرى اكثر تعقيدا ساهمت في استشهاد الصدر لعل الوثائق والسنين القادمة تكشف لنا عن تورط دولي او كما اسماه الباحث المصري محمد العباسي البعد الدولي في اغتيال محمد باقر الصدر.

 ملحق :

 نداءات الامام الشهيد الصدر التي وجهها الى الشعب العراقي في التصدي للبعث الكافر

.

النداء الاول للإمام الشهيد السيد الصدر «رض»

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الميامين.

أيها الشعب العراقي المسلم: اني اخاطبك أيها الشعب الحرّ الأبي الكريم، وأنا أشدُّ الناس ايماناً بك، وبروحك الكبيرة، وبتاريخك المجيد، وأكثرهم اعتزازاً لما طفحت به قلوب أبنائك البررة، من مشاعر الحب والولاء والبنوة للمرجعية اذ تدفقوا الى أبيهم يؤكدون ولائهم للاسلام بنفوس ملؤها الغيرة والحمية والتقوى يطلبون منّي أن أظل أواسيهم وأعيش آلامهم عن قرب لانها آلامي.

وأني أود ان أؤكد لك يا شعب ابائي وأجدادي اني معك وفي أعماقك ولن أتخلى عنك في محنتك، وسأبذل آخر قطرة من دمي في سبيل الله من أجلك.

وأود أن أؤكد للمسؤولين ان هذا الحكم الذي فرض بقوة الحديد والنار على الشعب العراقي وحرمه من أبسط حقوقه وحرياته من ممارسة شعائره الدينية لا يمكن ان يستمر، ولا يمكن ان يعالج دائماً بالقوة والقمع وان القوة ما كانت علاجاً حاسماً دائماً الاّ للفراعنة والجبابرة. اسقطوا الآذان الشريف من الاذاعة فصبرنا، أسقطوا صلاة الجمعة من الاذاعة فصبرنا وطوقوا شعائر الامام الحسين «ع» ومنعوا القسم الاعظم منها فصبرنا، وحاصروا المساجد وملؤوها امناً وعيوناً فصبرنا، وقاموا بحملات الإكراه على الانتماء الى حزبهم فصبرنا، وقالوا انها فترة انتقال يجب تجنيد الشعب فيها فصبرنا، ولكن الى متى، الى متى تستمر فترة الانتقال، اذا كانت فترة عشر سنين من الحكم لا تكفي لإيجاد الجو المناسب لكي يختار الشعب طريقه فأية فترة تنتظرون؟

واذا كانت فترة عشر سنين من الحكم المطلق لم تتح لكم أيها المسؤولون اقناع الناس بالإنتماء الى حزبكم إلاّ عن طريق الإكراه فماذا تأملون؟ واذا كانت السلطة تريد ان تعرف الوجه الحقيقي للشعب العراقي فلتجمد اجهزتها القمعية اسبوعاً واحداً فقط، ولتسمح للناس بأن يعبروا خلال اسبوع واحد كما يريدون!

انني أطالب بأسمكم جميعاً أطالب باطلاق حرية الشعائر الدينية وشعائر الامام أبي عبدالله الحسين «ع». كما وأطالب باعادة الآذان وصلاة الجمعة والشعائر الاسلامية الى الاذاعة وأطالب بأسمكم جميعاً بايقاف حملات الإكراه على الانتساب الى حزب البعث على كل المستويات وأطالب بأسم كرامة الإنسان بالإفراج عن المعتقلين بصورة تعسفية وإيقاف الاعتقال الكيفي الذي يجري بصورة منفصلة عن القضاء. وأخيراً أطالب بأسمكم جميعاً وبأسم القوى التي تمثلونها بفسح المجال للشعب ليمارس بصورة حقيقية حقه في توفير شؤون البلاد وذلك عن طريق اجراء انتخاب حرّ ينبثق عنه مجلس حرّ يمثل الأمّة تمثيلاً صادقاً، وأني أعلم ان هذه الطلبات سوف تكلفني غالياً وقد تكلّفني حياتي، ولكن هذه الطلبات هي مشاعر امة، وطلبات امة، وأرادة امة، ولا يمكن ان تموت امة تعيش في أعماقها روح محمد وعلي والصفوة من آل محمد واصحابه، واذا لم تستجب السلطة لهذه الطلبات فإني ادعو أبناء الشعب العراقي الأبي الى المواصلة في هذه الطلبات مهما كلفه ذلك من ثمن، لأن هذا دفاع عن النفس، دفاع عن الكرامة دفاع عن الإسلام، رسالة الله الخالدة والله ولي التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد باقر الصدر

النجف الاشرف ـ 20 رجب 1399 هـ

 

النداء الثاني للإمام الشهيد السيد الصدر «رض»

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين الميامين.

يا شعبي العراقي العزيز، يا جماهير العراق المسلمة التي غضبت لدينها، لكرامتها ولحريتها وعزتها ولكل ما آمنت به من قيم ومثل.

أيّها الشعب العظيم، إنّك تتعرض اليوم لمحنة هائلة على يد السفاكين والجزارين الذين هالهم غضب الشعب وتململ الجماهير بعد ان قيدوها بسلاسل من الحديد ومن الرعب، وخيل للسفاكين انهم بذلك انتزعوا من الجماهير شعورها بالعزة، والكرمة، وجردوها من صلتها بعقيدتها وبدينها وبمحمدها العظيم لكي يحوّلوا هذه الملايين الشجاعة المؤمنة من أبناء العراق الأبي الى دمى وآلات يحركونها كيف يشاؤون ويزقونها ولاء عفلق وأمثاله من عملاء التبشير والاستعمار بدلاً عن ولاء محمد وعلي «صلوات الله عليهما».

ولكن الجماهير دائماً هي أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة وقد تصبر ولكنها لا تستسلم.

وهكذا فوجىء الطغاة بأن الشعب لا يزال ينبض بالحياة وما تزال لديه القدرة على ان يقول كلمته.

وهذا هو الذي جعلهم يبادرون الى القيام بهذه الحملات الهائلة على عشرات الالاف من المؤمنين، والشرفاء من أبناء هذا البلد الكريم، حملات السجن، والاعتقال، والتعذيب، والإعدام وفي طليعتهم العلماء المجاهدون الذين يبلغني إنّهم يستشهدون الواحد بعد الآخر تحت سياط التعذيب وإنّي في الوقت الذي أدرك عمق هذه المحنة التي تمرّ بك ياشعبي وشعب آبائي وأجدادي أؤمن بأن استشهاد هؤلاء العلماء واستشهاد خيرة شبابك الطاهرين وأبنائك الغيارى تحت سياط العفالقة، لن يزيدك إلاّ صموداً وتصميماً على المضي في هذا الطريق حتى الشهادة أو النصر.

وأنا أعلن لكم يا أبنائي بأني صممت على الشهادة ولعل هذا هو آخر ما تسمعونه منّي، وأن أبواب الجنّة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء حتى يكتب الله لكم النصر. وما ألذّ الشهادة التي قال عنها رسول الله «ص» أنهاحسنة لا تضر معها سيئة والشهيد بشهادته يغسل كل ذنوبه مهما بلغت.

فعلى كل مسلم في العراق، وعلى كل عراقي في خارج العراق أن يعمل كل ما بوسعه ولو كلّفه ذلك حياته من أجل إدامة الجهاد والنضال لإزالة هذا الكابوس عن صدر العراق الحبيب، وتحريره من العصابة اللاإنسانية وتوفير حكم صالح فذّ شريف طيّب يقوم على أساس الإسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد باقر الصدر

شعبان ـ 1399 هـ

النداء الثالث للإمام الشهيد السيد الصدر «رض»

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وصحبه الميامين.

يا شعبي العراقي العزيز.. أيها الشعب العظيم.. اني اخاطبك في هذه اللحظة العصيبة من محنتك، وحياتك الجهادية بكل فئاتك، وطوائفك بعربك، وأكرادك بسنتك، وشيعتك، لان المحنة لا تخص مذهباً دون آخر، ولا قومية دون اخرى، وكما ان المحنة هي محنة كل الشعب العراقي فيجب ان يكون الموقف الجهادي، والرد البطولي، والتلاحم النضالي هو واقع كل الشعب العراقي.

واني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الامة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حيث دافعت عن الرسالة التي توحّدهم جميعاً وعن العقيدة التي تهمهم جميعا، ولم أعش بفكري وكياني الاّ للاسلام طريق الخلاص وهدف الجميع.

فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، انا معكما بقدر ما انتما مع الاسلام، وبقدر ما تحملون هذا المشعل العظيم لانقاذ العراق من كابوس التسلط والاضطهاد.

ان الطاغوت وأولياءه يحاولون ان يوحوا الى أبنائنا البررة من السنة ان المسألة مسألة شيعة وسنة وليفصلوا السنة عن معركتهم الحقيقية ضد العدو المشترك.

وأريد أن أقولها لكم يا أبناء علي والحسين وأبناء أبي بكر وعمر ان المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني، ان الحكم السني الذي مثّله الخلفاء الراشدون والذي كان يقوم على أساس الاسلام والعدل حمل عليّ السيف للدفاع عنه، اذ حارب جندياً في حروب الردة تحت لواء الخليفة الاول أبي بكر وكلنا نحارب تحت راية الاسلام مهما كان لونها المذهبي، ان الحكم السنّي الذي كان يحمل راية الاسلام قد أفتى علماء الشيعة قبل نصف قرن بوجوب الجهاد من أجله، وخرج الالاف من الشيعة وبذلوا دمهم رخيصاً من أجل الحفاظ على راية الاسلام ومن أجل حماية الحكم السني الذي كان يقوم على أساس الاسلام. ان الحكم الواقع ليس حكماً سنياً وان كانت الفئة المتسلطة تنتسب تاريخياً الى التسنن فان الحكم السنّي لا يعني حكم شخص ولد من ابوين سنيين بل يعني حكم أبي بكر وعمر الذي تحداه طواغيت الحكم في العراق اليوم في كل تصرفاتهم وهم ينتهكون حرمتهم للإسلام وحرمة علي وعمر معاً في كل يوم وفي كل خطوة من خطواتهم الاجرامية.

ألا ترون يا أولادي وأخواني انهم أسقطوا الشعائر الدينية التي دافع عنها علي وعمر معاً؟

ألا ترون انهم ملئوا البلاد بالخمور وحقول الخنازير وكل وسائل المجون والفساد التي حاربها علي وعمر معاً؟

ألا ترون انهم يمارسون أشد الوان الظلم، والطغيان تجاه كل فئات الشعب؟ ويزدادون يوماً بعد يوم حقداً على الشعب وتفنناً في امتهان كرامته والانفصال عنه والاعتصام ضده في قصورهم المحاطة بقوى الامن والمخابرات بينما كان علي وعمر يعيشان مع الناس وللناس وفي وسط الناس ومع آلامهم وآمالهم.

ألا ترون الى احتكار هؤلاء السلطة احتكاراً عشائرياً يضفون عليه طابع الحزب زوراً وبهتاناً؟ وسدّ هؤلاء ابواب التقدم امام كل جماهير الشعب سوى اولئك الذين رضوا لأنفسهم الذل والخضوع وباعوا كرامتهم وتحولوا الى عبيد أذلاء، ان هؤلاء المتسلطين قد امتهنوا حتى كرامة حزب البعث العربي الاشتراكي حيث عملوا من أجل تحويله من حزب عقائدي الى عصابة تفرض الإنضمام اليها والانتساب اليها بالقوة والإكراه. وإلاّ فأي حزب حقيقي يحترم نفسه في العالم يطلب الإنتساب اليه بالقوة؟ إنّهم أحسوا بالخوف حتى من الحزب نفسه الذي يدعون تمثيله، انهم أحسوا بالخوف منه اذا بقي حزباً حقيقياً له قواعده التي تبنيها، ولهذا أرادوا أن يدهموا قواعده بتحويله الى تجمع يقوم على اساس الإكراه والتعذيب ليفقد اي مضمون حقيقي له.

يا أخواني وأبنائي من أبناء الموصل والبصرة من أبناء بغداد وكربلاء والنجف من أبناء سامراء والكاظمية.. من أبناء العمارة والكوت والسليمانية.. من أبناء العراق في كل مكان:

إنّي أعاهدكم بأني لكم جميعاً ومن أجلكم جميعاً وإنّكم جميعاً هدفي في الحاضر والمستقبل، فلتتوحد كلمتكم ولتتلاحم صفوفكم تحت راية الاسلام ومن أجل انقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلطة وبناء عراق حرّ كريم تحكمه عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم اخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالتنا الإسلامية وفجر تاريخنا العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

النجف الاشرف

شعبان ـ 1399 هـ

  

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com