|
سقط النظام...وماذا بعد يا \" مستأجرون \"..؟
هادي فريد التكريتي / عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد قراءة مبسطة للتاريخ الإسلامي ـ العربي، منذ سقوط دولة الخلفاء الراشدين، الأربعة، مرورا بالدولة الأموية والعباسية، وحتى سقوط الدولة العثمانية، وريثة دولة الخلافة الإسلامية، يتبين لنا أن هذه الدول تشترك فيما بينها، بأكثر من سبب من الأسباب التي أودت بسقوطها، ودولة حزب البعث في العام 1968 ـ 2003، ليست استثناء من سمات السقوط المشتركة بين هذه الدول، فالصراع الداخلي على السلطة، وسلب حقوق الشعب، وقهر الشعوب والقوميات المطالبة بحقوقها، والتضييق على الحريات العامة والخاصة، ومحاولة التوسع عن طريق الحروب، وفرض أنظمة شمولية ودكتاتوريات باسم الدين والقومية، كلها عوامل من القواسم المشتركة لسقوط تلك الدول التي تعاقبت على حكم المنطقة العربية والإسلامية، وهذا ما ينطبق على الدولة العراقية حاليا، لأجل مؤجل. سقوط حكم النظام البعثي في العراق، بدأت \" تباشيره \" الأولى، في منتصف سبعينات القرن الماضي عندما شن النظام حربه على الشعب الكوردي، وعلى كل القوى السياسية العراقية، الوطنية والديموقراطية والقومية والدينية، التي كانت تقف موقفا معارضا لنهجه وسياساته المدمرة، الداخلية والخارجية، والتي هيأة لمساراتها تلك، طموحات قومية غير مشروعة، وأوهام تفوق عنصري، غذتها مصالح دول أجنبية ذات نفوذ في المنطقة، ساعدت نظام الحكم االبعثي العراقي، على تعميق نزعته القومية، وتعزيز نهجه الفاشي في مؤسسات الدولة، وإقامة نظام حكم ديكتاتوري يخدم توجهات المرحلة اللاحقة، للوقوف بوجه ما تحمله ثورة إيران الإسلامية في العام 1979 من شعارات دينية ـ طائفية، ُمعدة للتصدير، تهدد مصالح الدول الغربية وأمريكا في المنطقة. تعاونت كل الدول الغربية، وعلى رأسها، أمريكا، مع النظام الفاشي، على بناء أضخم جيش عراقي في المنطقة، لتقود النظام وقيادته، لاحقا، إلى حتفهما، عن طريق تنفيذ مهام عسكرية ـ لوجستية لصالح تلك الدول، أدت لإشعال حرب مع إيران دامت ثماني سنوات، لا مصلحة فيها للعراق ولا لشعبه، وما كان القائد الهمام \" صدام \" يجهل هذه الأسباب، بل كان يهدف، واهما، لأن يكون ندا لقادة هذه الدول الكبرى التي تدعم نظامه، لتُطلق يده وحزبه في المنطقة، إلا أن حساب السوق لم يتوازى مع محصول البيدر، ليحصد النظام خيبة مريرة، وفشلا قاتلا، بعد دخوله الكويت، بإشارة ملتبسة من أقوى وأكبر الحلفاء له \" أمريكا \"، وخروجه من الأرض الكويتية منهزما، تطارده قواتها، حيث بداية النهاية، وتزامنا مع مطاردة القوات الأمريكية لجيش الدكتاتورية، المهزوم، وبدخول أول دبابة عراقية سليمة، لأرض العراق، اندلع لهيب انتفاضة آذار ـ1991، من وميض أول قنبلة باتجاه صنم الطاغية في البصرة، لتعم العراق كله، وكادت الانتفاضة أن تحقق نصرها، لولا أن القوات الأمريكية، حليفة النظام، أيام حربه مع إيران، عز عليها أن ترى حليفها المهزوم، صدام حسين وهيئة حكمه، ينالون جزاءهم العادل، بأيدي ضحاياهم العراقيين، الذين أذاقهم النظام المر والعلقم، وجرعهم كؤوس الذل والهوان، فتعهدته إدارة بوش الأب وجيشه لتحميه، من غضب العراقيين وثورتهم الممتدة من أقصى الجنوب العراقي وحتى أبعد قرية في شماله، وبهذا حالت دون إسقاط نظام الطاغية، وأنقذته من مصيره المحتوم، مطلقة الحرية \" للقائد \" المهزوم وعساكره، عن قصد وإدراك متعمد، لأن يستخدم مروحياته في قمع الإنتفاضة، بعد أن حظرت، القوات الأمريكية، كل فعالية لطيران النظام، فحرية الطيران، بعد حظره معناه إباحة قتل المنتفضين من أبناء الشعب العراقي، أينما كانوا، ولم يسلم من القتل والملاحقة حتى أولئك الذين التجأوا إلى دور العبادة والعتبات المقدسة، من شيوخ وأطفال ونساء، فضحايا الانتفاضة، وقبورهم الجماعية لم تكن جريمة النظام الفاشي لوحده، بل ساهمت بها إدارة بوش الأب وقواته التي شارفت حدود العاصمة بغداد لتحمي قيادة النظام، وبذا حالت دون أن تحقق الانتفاضة أهدافها، مطيلة أمد عذابات العراقيين اثني عشر عاما... أمريكا بعد طرد صدام من الكويت كانت قادرة على فرض أية عقوبة عليه وعلى نظامه، نتيجة لجريمة غزوه للكويت، بما فيها اعتقاله وتنحيته عن الحكم، أو نقله إلى أي منفى مكانا لإقامته، كما كانت تفعل مع االكثير من عملائها، خونة أوطانهم، التي تطاردهم شعوبهم، إلا أنها لم تفعل، بسبب حقدها التاريخي على الشعب العراقي، أولا، وثانيا، أنها لم تكن قد هيأت بديل حكم ملائم يخدم مصالحها في العراق، وفي المنطقة، أكثر من صدام ونظامه، وحتى يحين الوقت الملائم لجولة قادمة، أبقته لتفرض على النظام، عقوبات اقتصادية، احتمل جريرتها الشعب العراقي، وليس رأس النظام وأركان حكمه، جراء الخراب الذي أحدثه بدولة الكويت، أرضا وشعبا، فنتائج العقوبات الإقتصادية، كانت تدميرا متعمدا لكل البنى التحتية للمجتمع، جراءها تدهور وانحطاط وسوء عيش، وتفشي جريمة، في كل مجالات الحياة، جعل غالبية الشعب العراقي يعيشون دون حافة الفقر، في حين أوغل النظام في حقده على الشعب، بعد انتفاضة آذار، بإهمال متعمد لكل الاحتياجات التي كان يعاني منها الشعب العراقي، وأنصرف لبناء قصور وجوامع تخلد ذكره، وهذا ما زاد في اتساع الهوة بين غالبية الشعب العراقي ونظام الحكم، الذي فقد كل شرعية لبقائه، استغلت أمريكا هذا الواقع عندما قررت غزو العراق، في العام 2003 متحدية مجلس الأمن، وقرارات المنظمة الدولية المعارضة للحرب، وبتعاون أمريكي ـ انكليزي تم غزو العراق، تحت شعارات أحلاها كان أكذبها، الديموقراطية للعراق والحرية لشعبه، إضافة لأسباب أخرى لم ينطلي زيفها وكذبها على العالم، فالحقيقة يملكها القوي، عندئذ قررت إنزال قواتها، في البصرة، تحت سمع وعلم العالم المتمدن..!. دخلت القوات الأمريكية العاصمة بغداد في التاسع من نيسان من العام 2003، لتسقط الصنم، رمز الذل والعار والهزيمة، وبذلك سقط النظام وسقط جبروته الكاذب، إلا أن فرحة العراقيين، بزوال النظام، لم تكتمل، فالذي \" حرر \" بغداد من الفاشية، سلط عليها مجرمون وقتلة من عصابات دولية منظمة، أحرقت ذاكرتها وثقافتها، ونهبت محتويات متاحفها، وتاريخ تراثها، الموغل في القدم آلاف السنين، وبعد أن أنها المجرمون الحاقدون مهامهم بعلم وتوجيه القوات الأمريكية، أسلمت بغداد، وكل العراق، للقوى الدينية ـ الطائفية والقومية العنصرية، لتكمل ما تبقى من حرق العراق، عن طريق تسعير حقد الطائفي، وعنف ديني وقومي عنصري، لم ينطفئ لهيبه حتى اللحظة، رغم مرور أربع سنوات، تعاقبت على الحكم فيه حكومات، محاصصة دينية ـ طائفية، وقومية ـ عنصرية، تأتمر بأمرها ميليشيات تسعر حمامات الدم، زارعة الحقد والكراهية في المجتمع، ومؤسسات دولة هزيلة، حكومة ومجلس نيابي، حتى اللحظة لم تحقق للعراقيين أمنا أو سلما أو لقمة عيش، مؤسسات هذه الدولة العتيدة، مشغولة بتشريع قوانين تجيز للشركات الأجنبية نهب ثروات العراق، وتشريع قوانين نهب أخرى تحقق للحكم ورجاله حقوقا وامتيازات، لهم ولعوائلهم، يتوارثونها مدى الحياة، لاحق لهم فيها سوى أنهم طائفيون وعنصريون يخدمون الأجنبي، ما كان يحلم بمثلها، في زمان ما ومكان ما، إنسان ما، ومهما كان في هذا الكون، دون أن يحقق هؤلاء الوزراء والنواب، أي إنجاز للشعب، بل على العكس، كثر وعم على عهدهم، وفي كل مرفق من مرافق الحياة في العراق، من شماله لجنوبه، النهب والفساد والجريمة والقتل والتهجير، دون أن يلوح في الأفق ضوء ما ينهي مأساة العراقيين، ورحم الله شاعرنا العظيم الجواهري ما كان سيفعل أو سيقول، لو كان بيننا اليوم، أكثر مما قاله عهد الحكم الملكي : مستأجرين يخربون ديارهم.......ويكافأون على الخراب رواتبا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |