وا صدراه ... إنهم يعيدون البعث

غفار العراقي

gaffar_1370@yahoo.com

الكل يمجده ، والكل يحترمه ، والجميع يكن له الحب على اختلاف الأيدلوجيات والرؤى والمناهج ، يستشهدون بكلماته ، ويشيرون بالفخر والإعجاب لمؤلفاته ، فهم يفخرون على سائر العرب انه عراقي ! وقد فعلت قبلهم قريش مع رسول الله(ص) ذلك ، حين كانت تفخر على سائر العرب والمسلمين انه منها ..!

ولكن ، هل أوفت قريش لمحمد ؟ وهل اتبعوا وصاياه ؟ وهل طبقوا ما كان يرمي ويهدف إلى تحقيقه ، الجواب معروف طبعا ، فقد انقلبوا على أعقابهم وتركوا وصايا الرسول ليحكّموا آرائهم الفاسدة التي لا يمكن أن تصيب الحقيقة مهما كانت لأنها قد خالفت ما أراده الرسول العظيم وما خطّط له وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ..

ونعود إلى أصحابنا الذين يرفعون اللافتات ويقيمون الندوات والتعزيات والمسيرات بمناسبة استشهاد المفكر الكبير السيد محمد باقر الصدر (رض) ونخص بالذكر من استطاع الوصول إلى قمة الهرم في السلطة عن طريق تلك المسيرات والندوات وبعض الصور المعلقة على اسطح بنايات أحزابهم !

ولنسأل هؤلاء ، هل تشعرون أنكم قد طبقتم ما أراده الصدر العظيم ، وهل سرتم على نفس النهج الذي اختطه بدمه وصبره وعذاباته ، أنا لا اعرف الجواب بصورة دقيقة ، ولكني اعلم ان هذا الإنسان الذي تخطّى بأخلاقه وعلمه وفقهه وصبره مرحلة الإنسان الاعتيادي فكان قاب قوسين أو أدنى من الإمامة أي بتعبير بعضهم انه لو كان هناك إمام غير من نعرف من المعصومين الأربعة عشر لعددنا إضافة لهم المعجزة الربانية السيد أبو جعفر (قدس سره) ، هذا الإنسان الذي لا يمكن تعويضه بسهولة بل انه لم يعوّض لحد الآن إلا بشخص واحد فقط .

لقد تم إعدام هذا الرجل من قبل عصابة استبدادية فاشية مجرمة ، عصابة لم تقم أي اعتبار لعدل أو مساواة أو حقوق أو رحمة أو رأفة ، فهي عصابة قمع شمولي وفتك جمعي وتسلّط دموي ، هذه العصابة كانت تدعى حزب البعث وهذا الحزب كما تعرفون – سادتي المجاهدين - ويعرف الجميع انه متورط بدماء الملايين من أبناء الشعب العراقي وبالأخص دماء أتباع هذا المرجع الرباني ، وكما تعلمون – يا من تفخرون به – ان قادة هذا الحزب كانوا قد مارسوا جميع أنواع الضغوطات النفسية منها والبدنية عليه وطالبوه أن يكفّ عن التعرض لحزبهم ولفكرهم السادي وطالبوه أن يسحب أجرأ فتوى وهي التي حرّمت الانتماء لهذا الحزب ، لاحظوا ، لقد حرمت فتواه مجرد الانتماء للبعث ولم تقف عند ( الملطخة أيديهم بالدماء) لأنه اعرف بتشخيص الأمور والمصالح فهو الصدر ..

وحين اصرّ سيدنا الأستاذ على موقفه الرافض لطلباتهم بدأوا معه بأسلوب آخر وهو اعتقال وتعذيب اقرب قادة ودعاة الحزب إلى نفس السيد وهؤلاء القادة كانوا يتمنون الشهادة ليل نهار وفعلا تحقق لهم ذلك حين اقدم البعث على إعدامهم لأنهم لم يساوموا ولم يهادنوا ولم ينتموا ( مجرد الانتماء ) لحزب البعث بل أنهم لم يتنازلوا عن تأييدهم لفتوى حبيبنا الصدر الإلهي العظيم ..

فعلت تلك الفعلة ما فعلت بسيدنا الأستاذ – كما تعلمون – حتى شارف رضوان الله عليه على الموت فقد كانت تلك الثلة من الدعاة هم اقرب الناس إلى تفكيره وعقله فقد استوعبوا وهضموا وفهموا جميع أفكاره الحالية والمستقبلية ...!

هل نسينا مقولة الصدر الكبير العظيمة والشهيرة التي لازال بعض ( ممن لم يصل إلى السلطة ) يرددها وهي لو كان إصبعي بعثيا لقطعته ، لاحظوا ، يا أولي الألباب ، وانتبهوا إلى كلماته الشريفة التي لا زيادة فيها ولا نقصان ولا تحتاج إلى تأويل وشرح مفصّل ، لقد قال بصريح العبارة لو كان إصبعي ، والإصبع – كما تعلمون - جزء من الجسم ومن الكف بالخصوص أي انه يقول لو ان البعثي إصبعي لقطعته أيا كان مادام بعثيا ولم يقل الملطخة يده بالدماء أو المجبور على الانتماء .

سبحان الله .. تخيلوا المنظر ، من يستطيع أن يفعل ذلك ؟ ومن يقدر على مقاومة الألم حين يقطع إصبعه ومن قبله شخصيا ، فهل تعتقدون ان الصدر العظيم لم يفكر بذلك ، وهل ان الصدر العظيم يتكلم مجازا وهو من كتب الأسس المنطقية للاستقراء بدون ( مسودة) !! الم يفكر مؤلف فلسفتنا بالألم ، الم يفكر كاتب اقتصادنا بالمضاعفات .

أنا أقول لقد فكر بكل ذلك ولكنه فكّر أيضا بما يقابل عدم فعل ذلك ، وهو التغاضي وبقاء هؤلاء وتركهم يتسلطون على رقاب العباد وكيف سيظلمون ويقتلون ويعذبون ، وكان ما توقع ، فقد رأينا ان المضاعفات التي أنتجها تسلط البعثيين اكبر بكثير جدا من مضاعفات استئصالهم واجتثاثهم من البداية فقد سالت الدماء انهارا ويتمت الأطفال واثكلت الأمهات ورملت الزوجات وكان ما كان ...

واليوم ، وبعد أن امتدت الألطاف الإلهية لتخلص الشعب العراقي من هذا النظام ، وبعد أن وصل من وصل إلى سدة الحكم حتى وصلها أخيرا أصحاب المسيرات والندوات وصور الشهيد ، فماذا فعلوا ؟ هل اتعظوا من الدروس ومن الدماء الغزيرة التي سالت على ارض العراق بسبب حزب البعث !

لا .. لقد قاموا بصياغة قوانين ومشروعات لحماية هؤلاء من قبضة الشعب وحمايتهم من قبضة القانون بل أنهم يفكرون الآن بإعادتهم إلى سدة الحكم والتسلط على رقاب العراقيين مرة أخرى .. ولا اعلم ما هي الصفقة هذه المرة ! وما هي الامتيازات المقدمة للحكومة( المجاهدة) من أمريكا مقابل عودة الفاشيين ؟ أسئلة كثيرة ، لن أتسرع وأجيب عليها الآن ، لكني سأنتظر الأيام القادمة التي اعتقد أنها ستكون حبلى بالكثير وستلد لنا العديد من المفاجآت والصدمات ..

إلا أنني أود في ختام مقالي أن اكرر مقولة طالما ختمت بها مقالاتي السابقة وهي لمرجعنا الشهيد الصدر الأول ان الجماهير أقوى من الطغاة دائما واحتراما لحكومتنا ولأنني لا أحب مقارنتها بالبعث أقول الجماهير أقوى من الحكومات دائما.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com