|
بعد أربعة أعوام من سقوط الصنم سناء صالح / هولندا إنّ الأعوام الأربعة التي مر بها العراقيون كانت ثقيلة بأحداثها فيها انتصارات وهزائم سالت فيها دماء. استطاع الناس فيها أن يدلوا بأصواتهم بشيء من الحرية، تفاؤل وتشاؤم، عروش انقلبت وجلادون نالوا عقابهم وأصبحوا خرقا بالية مستقرين في قعر مزبلة قذفتهم اليها أيادي شعوبهم التواقة للحياة الأنسانية، قادة جدد قدموا بقوة صوت العراقيين الذين أملوا أن تلملم جراحهم وأن تمسح دموعهم التي أثارت شفقة، القريب والبعيد، العدو والصديق جيوش بآلاف مؤلفة أعدوا بكلّ ما استطاعوه من قوة ليرهبوا عدو الشعب العراقي والأنسانية أو على الأقل ليقدموا الحرية والديمقراطية للشعب العراقي المحروم المكبل هذا على الأقل في المعلن وفي مبررات من أيّد التغيير بهذه الطريقة، تغيرات جوهرية مسّت الحياة, قوانين، مؤسسات أزيلت لتحلّ محلّها مؤسسات,أطلال الحروب المجنونة أصبحت أثرا بعد عين وأًًًًًًًًًًًًًجهز عليها، أود أن أصحبكم معي في مناقشة بعض المفاهيم والشعارات والأوضاع المعول على تغييرها بعد سقوط الصنم.
الوجود الأمريكي اليوم هل هو احتلال : اليوم ونحن قد أكملنا العام الرابع من حلول الضيف الأمريكي على وطننا يطل علينا من مؤتمر( الغمّة ) أحد السادة الملوك في افتتاحه كمّن أفاق من غيبوبة بكلمة تفيض ألما ووجعا على ماأصاب الشعب العراقي من جراء الأحتلال متناسيا أنّه ومن معه من أصحاب السيادة والسمو من فتح كل منافذه وأبواب بيته لأستقبال السيد بوش ولم يفطن الى أنّه هو الآخر لايملك من أمره شيئا وأن وطنه بالقواعد العسكرية الرابضة على ترابه ومائه هومستباح أيضا ويزيد الطين بلة أن السيد رئيسنا حفظه الله ورعاه يميل مع الرياح في تصريحاته فتارة يسمي الأمريكان بالأحباب وأخرى بالمحتلين حسب المزاج والموقف وكان المزاج في المؤتمر ثوريا وصنف بلدنا بالمحتل، وهذا ينطبق أيضا على التصريحات للسادة المسؤولين,وأنا شأني كأهلي تائهة حائرة في شأن الوجود الأمريكي الذي لم يحسم كل ما أعرفه أن السيد بوش وبابتسامة الثعالب يقول نحن محررون وسنخرج أذا طلبت الحكومةمنّا ذلك والكرة الآن في ملعب الحكومة المنتخبة وبعد أربع سنوات ألم تملّ من وجه رايس الكريه التي تفاجأهم في زيارات ثقيلة تشبه زيارات مفتش مديرية التربية لمدرس مهمل أو تهديدات بوش المتكررة وتلويحه بالعزل لدولة السيد رئيس الوزراء لعدم جدارته في حسم الأمورحسب وجهة نظر الرئيس الأمريكي.
معايير الأنخراط في أجهزة الدولة ومراكزصنع القرار كانت البداية أن يناط بالتكنوقراط في أدارة أجهزة الدولة، يومها تحسرت على نفسي وعلى أصدقاء لي قضوا الوقت في الأنتظار وفي مقارعة النظام وتربية الأبناء أو في الشكفتات وفي قمم الجبال أو بين الوديان كيف أننا تقاعسنا عن حيازة هذا اللقب الذي يبعث على الأجلال ناهيك عما سيوفره لك من عيش رغيد ومسكن فخم ومجموعة من المرافقين لكنني استبشرت خيرا أن تكون الكفاءة والخبرة هي المعيار وسيتحقق الأمل في بناء عراق ديمقراطي أساسه المساواة وتكافؤ الفرص. وسينتهي معيار الأنتماء الحزبي والولاء للمدينة والقبيلة والطائفة. الأمل يذوي منذ أول تشكيلة وتسمية لمسؤولين أذ لم يراعى التخصص أو الكفاءة أو الدرجة العلمية بل الحزبية الضيقة والوساطة والمحاصصة حيث ترى الرؤساء والمسؤولين تحيط بهم جحافل من المستشارين والمستشارات في كل الأمور وليس مهما إن كان قد مارس اختصاصه من أسفل السلم حتى وصل الى هذه الدرجة العليا واكتسب خبرة تؤهله ليسدي النصيحة الى السيد المسؤول إذن الحالة لم تتغير والوصول الى مكان رفيع لابد أن يأتي عبر حزب أو شخصية لها نفوذها أو محاصصة عرقية أو طائفية وإلاّ فمامعنى أن يهمل الكثير من الكوادر العلمية وذوي الكفاءات والمتخصصين المشهود لهم في كفاءتهم ووطنيتهم وإخلاصهم للعراق ليضعوا قدراتهم تحت تصرف شعبهم دون دوافع سوى الحب النبيل لوطنهم سوى كونهم غير محسوبين على جهة سياسية.
الخدمات الأجتماعية التي تقدمها الدولة والأوضاع المعاشية للمواطنين: منذ انشغال النظام الدكتاتوري الفاشي بحروبه وتكريس كل الجهود والثروات للتسلح أهملت المشاريع الخدمية وساء الوضع الأقتصادي بانخفاض قيمة الدينار العراقي وأصبح متوسط الراتب للموظف بضعة دولارات وارتفاع نسبة البطالة وتهدم البنية التحتية وشيوع الفساد الأداري والرشوة وأهملت المدن و تعميرها من شوارع ومدارس وغيرها من المرافق الخدمية التي تعكس مدى استقرار المجتمع ورخائه فكل شيء للمعركة والعسكرة وزاد الطين بلة أن الحروب التي خاضها النظام قد تركت آثارها خرابا ودماراوأكواما من الحجارة وحفر نتيجة القصف المجنون طيلة أعوام طويلة.
لقد ورثت الحكومة العراقية إرثا ثقيلا ومدنا مخربة واقتصادا مدمرا وشعبا أنهكته الدكتاتورية بعسفها وإذلالها له، لذا فالصعوبات جمة والأمر يستدعي فطنة وقدرة على استيعاب هذه المعضلات والوصول الى حلها بشكل تدريجي وعقلاني لذا فمن يدير العملية السياسية ينبغي أن تتوافر فيه صفة نكران الذات والنضج و المرونة والنزاهة والولاء للوطن وان يكون مستعدا للعمل المشترك بتفتح للوصول الى الهدف المرجو في تخليص العراق من المشكلات التي أوقعها النظام فيه بسياساته الطائشة. خلال الأربع سنوات الماضية توضحت الأمور وتكشفت عن بعض الحقائق التي أثبتت أن الكثير من القوى التي لها شأن وتأثير في العملية السياسية إنّما جاءت طلبا للسلطة وبسط النفوذ والأستحواذ وتطبيق خططها التي هي بعيدة عما يحتاجه العراقيون وأصبح التباعد والتقارب والتحالف والأتفاق على أسس ومعايير المصلحة الذاتية والأهداف الخاصة بذلك الحزب أو التيارإ وأصبح تعليق المساهمة في العملية السياسية مصدرا للأبتزاز وشاع نفس انتهاز الفرصة لتحقيق أكبر المكاسب،موغلين في أضعاف الجسم المريض المسمى (العراق ). أما الخدمات التي كنا نطمح اليها بعد سقوط النظام واستغلال قضية إعادة الأعمار الذي نزل بقوة كشعار بعد سقوط الصنم فقد بددتها رياح التعصب والتناحر العرقي والطائفي والأرهاب، وبقي هم تطوير التسلح لمقاومة وتصد التخريب هو الهاجس الأول للحكومة المنتخبة وهنا لاأريد تهميش الأحداث وأقلل من قيمة الخطر المحدق ولكنني أشعر أنه في أحيان كثيرة أنه عذر ينتحل لسد عجز الدولة من السيطرة على استشراء الفساد الأداري وانشغال المسؤولين في الأثراء غير المشروع وبناء أمجاد شخصية فعلى سبيل المثال: إذا استبعدنا المدن الساخنة بأحداثها فإن هناك مدنا تتمتع باستقرار نسبي على حد مانسمعه ونقرأه فلماذا تبقى هذه المدن في وضعها المزري بانعدام الخدمات وغياب النظافة وسوء الأدارة إذا كان هناك حقا نية صادقة لأعادة الأعماركان يجب الأبتداء من هذه المد ن لبناء الثقة بالحكومة إذ ينبغي أن نبتديء من نقطة ما،في خطوة مهما كانت بسيطة كأن نرفع القمامة ونعيد مهنة الكناسة والزبالة الى البلديات وسيارات رش الماء والمبيدات الحشرية التي كنا نركض وراءها أيام كنا صغارا أي في الخمسينات من القرن الماضي،إن هذه الخطوات وإن كانت بسيطة فإنّها ستعطي أملا لدى العراقيين بأنّ التغيير قادم وأنّ الخطوات البسيطة ستلحقها خطوات أوسع وأكبر، أما إذا استمر الأهمال واكتفى سياسيونا( بالجعجعة التي لاتنتج طحينا )وكثرة المؤتمرات للمصالحة وغيرها من الأمور التي تبعث على الغثيان فأن الحال سيتطور الى ماهو أسوء وسيترك آثارا وخيمة على علاقة الشارع العراقي بحكامه الذين انتخبهم. أمّا الوضع الأقتصادي المزري للمواطن العراقي وارتفاع نسبة البطالة والغلاء الفاحش في الأسعار فعلى الرغم من رفع الرواتب للموظفين بنسب جيدة الاّأنّ الغلاء وارتفاع الأسعار الجنوني وتعثر وصول الحصة التموينية الى المواطنين أو غياب بعض مفرداتها الرئيسيةقد قلل من أهمية رفع الرواتب إذ يأكلها وحش الجشع من المنتفعين أضف الى ذلك تزايد الفوارق بين فئة قليلة ثرية وبين فئات واسعة من أبناء الشعب تصل الى مستوى تحت خط الفقر الى حد وجود أعداد هائلة من المتسولين والمعتاشين على المزابل في وضع لم يصل اليه العراقي الاّ في النظام السابق والعهد الجديد، ناهيك عن تفاقم مشكلة البطالة بين العراقيين أذ تفوق نسبتهم الخمسين بالمائة من مجموع القادرين عن العمل والنسبة العليا بين أوساط النساء وحصر فرص العمل على أساس الولاء الحزبي أو الرشوة في الختام ما أرجوه أن يرتفع المسؤولون الى مستوى مايمر به العراق وأن يعيدوا النظر ويراجعوا ويقفوا بشفافية وشجاعة على مواطن الضعف في أدائهم واضعين نصب أعينهم الأمانة التي أودعها أياهم الشعب العراقي في صيانة الوطن وأعادة بنائه والحفاظ على كرامة أبنائه ودمائه التي تهرق بدون وجه حق،أن يعتمدوا مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص دون التقيد بالمعايير العرقية والطائفية معتمدين على مبدأ الدين لله والوطن للجميع فأن استطاعوا تحقيق ذلك فسيكون الشعب العراقي خلفهم سندا أمّا إذا استمر الأمر على ماهو عليه فستكون العاقبة وخيمة والتاريخ مليء بالعبر فالحاكم مهما طال حكمه زائل !!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |