صانع التوابيت ...!!

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

مساء الخميس المصادف 29 / آذار / 2007 ومن على قناة ( WDR) ألألمانية شاهدت برنامجاً منوعاً ، يتنقل في العديد من العواصم العالمية.. توقف في دولة أفريقية / غانا.. وحصراً في العاصمة ( أكرا ) ، حيث وجود نجار ( فنان ) بمعنى الكلمة ، فالرجل لم يكن نجاراً تقليدياً .. بل كان نجاراً ورساماً بشكل يلفت ألأنظار.. فكان أختصاصه صنع ( التوابيت ) ولكن أية توابيت؟؟.

كان يصنع التوابيت على شكل ـ سيارات وقناني مشروبات و بواخر ـ الخ من ألأشكال المختلفة !!.

النجار كان منهمك بصناعة تابوت على شكل ( سيارة باص) من نوع بيدفورد ، لقد كان قد تفنن في صناعتها.. يجلب ألأنظار.. كان حريصاً أن يجعل منها سيارة حقيقية.. من أطارات ومقود ومقاعد وأضوية..الخ من التفاصيل المملة !!.

وفي حديثه عن مهنته وأختياره لهذا ألأشكال قال :

أنه يصنع هذه ألأشكال حتى يحقق أماني الذين تمنوا الكثير ولم يحصلوا عليها.. على سبيل المثتال :

أمنية شقيقه المتوفي أنه لو كان بالأمكان أن يمتلك سيارة ( بيدفورد ) ولكن ، نظراً لحالته المادية ،فأنه لم يستطع أن يحقق حلمه..!!.

ولكن بعد الوفاة قرر أن يحقق حلم شقيقه ويصنع له تابوت على شكل تلك السيارة التي تمناها.. وضعوها هناك وأدفنوه هو والسيارة!!!.

والعامل الثاني الذي دفعه لهذه الفكرة.. أنه كل شخص يموت بحادثة معينة وبسبب من ألأسباب ..يقوم بصنع ذلك الشىء الذي مات بسببه.. على سبيل المثال من مات بسبب أفراطه في الشرب.. يصنع له قنينة مشروبات..وهكذا!!.

هنالك من هو كان يحب المشروبات بشكل غير طبيعي.. ولكن بما أنه لم يكن يملك المال الكافي.. لذلك كان يشرب القليل .. ولكن بعد وفاته.. يقوم ذلك الفنان بتحقيق حلمه وكالأتي :

يصنع له تابوت (عبارة عن قنينة بيرة ) .. ولكن بشكل متقن وجميل.. يضعه داخل القنينة ( المصنوعة من الخشب ) طبعاً.. يدفنه هو والقنينة ... كأنما يريد أن يقول له : أشبع في التراب وأنت مدفون داخل القنينة !!.

كنت أتمنى لو أستطيع أن أوجه دعوة لذلك الفنان ( الغاني) أن يزور العراق ويبقى ضيفاً علينا ويفتح دورة لعدد من الشباب ليتعلموا تلك المهنة.. وحينها.. كنا نطلب منه أن يعمل لنا العديد من النماذج وكل نموذج يلائم حالة من حالات ألأستشهاد والوفاة والقتل ولكن كما يريد الشعب العراقي .. وكمايلي :

ــ عمل تابوت على شكل ( وردة حمراء ) لكل طفل وطفلة يستشهدون على أيد ألأرهابيون القتلة ، على شرط أن تفوح منها رائحة طيبة .

ــ عمل تابوت على شكل ( حديقة ) لكل عراقي يستشهد بسبب أعمال العنف والتفجيرات .

ــ عمل تابوت على شكل ( خنزير بري) لكل أرهابي فجر نفسه وسبب في جرح وقتل العراقيين ، على أن يملأ التابوت برائحة نتنة!!.

ــ عمل تابوت على شكل ( قنبلة يدوية ) لكل تاجر يتاجر بالأسلحة ويدخلها الى الوطن ويبيعها الى المليشيات المسلحة !!.

ــ عمل تابوت على شكل ( ناقلة بترول ) لكل من هرب وسرق قطرة بترول.. على أن تملأ الناقلة بالقير والنفط ألأسود!!.

ــ عمل تابوت على شكل ( علبة ساردين ) لكل تاجر أدخل أغذية مغشوشة ومنتهية الصلاحية الى العراق.. على شرط أن يعمل التابوت من صفيح ـ تنك ـ !!.

ــ عمل تابوت على شكل حذاء ( قندرة ) لكل شخص كذاب ومفتري على الناس الشرفاء من جماعة (غوار الطوشي / أبو القبعة ألأمريكية ) على شرط أن يكون لون التابوت أسود قاتم وعلى أن يدفن هو وبدلته وربطة عنقه وقبعته !!.

ــ عمل تابوت على شكل ( قنينة غاز) لكل مسؤل في حقل النفط سبب ويسبب أرتفاع أو فقدان المنتجات النفطية !!!.

ــ عمل تابوت على شكل ( خزان حديدي لحفظ ألأوراق النقدية / قاصة ) لكل الحرامية الذين سرقوا المليارات والملايين من قوة الشعب .. على أن يصنع الخزان من الفولاذ...........ليشبع!!.

ــ بأختصار لكل حالة تابوت يلائم الشخص المتوفي أو المقتول !!.

هنا طبعاً سنقدم أكثر من خدمة في المقدمة :

ــ نظرة الناس الى كل قبر.. حيث توضع علامة صغيرة على كل قبر.. الشهداء والشرفاء الذين خدموا البلد.. يستحقون الف رحمة وعشرات الفاتحة.. أما العكس.. فالبشر أحرار في تصرفاتهم وأقوالهم.. يستحقون كل ماهو سىء!!.

ــ سنسهل عمل الملائكة الصالحون.. من خلال التابوت.. نرجو من الباري أن يحاسبه من دون أسئلة وأجوبة !!.

ملاحظة مهمة ومهمة جداً :

هنا أقصد كل شخص يشك بنفسه.. إذا كان صالحاً.. وخدم شعبه ووطنه يستحق الوردة والحديقة!!.

أما العكس.. فليختار .. الخنزير .. القندرة ...  قنينة الغاز.. القنبلة...!!!.

نعم نعطيهم كل الحرية.. هذه عدالة.. لازعل على تطبيق العدالة وألأهم.. السنا في زمن الحرية والديمقراطية المستوردة والمعلبة ..!!!